23-11-2024 02:44 AM بتوقيت القدس المحتلة

غزّة 2014 .. انتصار الإعلام البديل

غزّة 2014 .. انتصار الإعلام البديل

أكثر من 250 خبراً يومياً. وتحوز الأخبار جميعها متابعة عالية نسبياً، كما يتمّ تداولها والتعليق عليها بكثافة، مما يعني أنّ هذه الصفحة وغيرها تحوَّلت إلى مصادر أساسيَّة للخبر الفلسطيني، وفي حالات عدّة إلى مصدر وحيد.

غزّة 2014 .. انتصار الإعلام البديلتنشغل وسائل الإعلام التقليديّة بتغطية الحدث الفلسطيني الراهن بشكل يومي، فتفرد له مساحات زمنيّة واسعة نسبياً ضمن برامجها وتقاريرها ونشراتها الإخبارية، ورغم ذلك فإنها تجتزئ الأحداث الجارية على الأرض، فتختار ما تراه أساسياً وتغيب الباقي...

مأمون الحاج/ جريدة السفير

وضمن هذا «الأساسي» تركز على ما هو «أكثر أساسية» من وجهة نظرها. على ضفة موازية تعمل صفحات وحسابات على «فايسبوك» و«تويتر» على نشر الخبر الفلسطيني بطريقة مختلفة ومن وجهة نظر أخرى.

تبرز في هذا السياق صفحة «شبكة قدس الإخبارية» التي تحوز ما يقرب مليوني متابع، إضافة إلى صفحتي «غزة الآن»، و«غزة اليوم»، وغيرهما. تنشر شبكة «قدس» أخباراً بمعدّل (خبر/ بوست) كل خمس إلى عشر دقائق، ما يعني أكثر من 250 خبراً يومياً. وتحوز الأخبار جميعها متابعة عالية نسبياً، كما يتمّ تداولها والتعليق عليها بكثافة، مما يعني أنّ هذه الصفحة وغيرها تحوَّلت إلى مصادر أساسيَّة للخبر الفلسطيني، وفي حالات عدّة إلى مصدر وحيد.

تعمل تلك الصفحات على مبدأ الأخبار العاجلة، فكل أخبارها عاجلة وآنية، ومن الواضح أنّ شبكة (مراسليها/ الأدمينز) واسعة وتغطّي مناطق متعدّدة وواسعة ضمن فلسطين المحتلّة وخارجها، فتتحول بذلك إلى الوجهة الأساسية للباحثين عن الخبر، حتى بين وسائل الإعلام التقليديّة، والصحافيين. كثافة «الأخبار/البوستات» المنشورة في تلك الصفحات هي وسيلتها الأساسية للانتشار (أسوة بصفحات «فايسبوك» الأخرى)، ما يتيح تحرّر المتابع من التأطير والاختزال المفروض عليه، ضمن شبكات الإعلام التقليديّة المختلفة، إذ انّ الصورة الإعلاميّة هنا غنيّة بالوقائع، و«فقيرة» بالتحليلات الجاهزة، والإسقاطات.

تحوز هذه الصفحات مصداقية أعلى نابعة من كون إعلامييها أبناء القضية وأبناء الحدث بشكل مباشر، وليسوا «شهود عيان» يتم اختيارهم بعناية لإسباغ شيء من المصداقية على الخبر المختزل والمؤطّر الذي تقدمه الشبكات التقليديّة. رغم وجود صفحات عدّة ذات الاتجاه الفصائلي الواضح، لكنها غير قادرة على اختزال الحدث وتأطيره بحدودها، فالساحة الالكترونية مفتوحة للجميع.

تلك الساحة، رغم اتساعها فهي حارة ضيقة واحدة، ما يجبر تلك الصفحات المتحيزة مسبقاً، على بذل جهد أكبر لإثبات مصداقيتها وانحيازها للشعب الفلسطيني ككل. وبالنتيجة فإنّ «تأليف الأخبار» الذي تقوم به الفضائيات، يكاد يكون معدوماً في حالة الإعلام البديل، تماماً كما يتراجع حجم الاختزال والتأطير هو الآخر يتراجع بحدّة. كما أنّ أبرز ما يميّز تلك الصفحات، هو تخصّصها بأخبار الحدث الفلسطيني لمدّة 24 ساعة على 24، طوال أيّام الأسبوع، مقابل عجز الإعلام الرسمي عن فعل ذلك لاتساع نطاق الأحداث التي يغطيها.

بالمقابل، يستطيع متابع الخبر الفلسطيني عبر الإعلام البديل تبيّن إشكالات عدّة، والإشكالات تدلّ على نقص في الخبرة، بينها مثلاً عدم معالجة الصور بالطريقة والقدر المناسبين. فقد نشرت إحدى الصفحات صورة أحد جنود الاحتلال المقتولين وقد ركّبت شمعة حداد داخل الصورة على برنامج «فوتوشوب» وبقيت الشمعة من دون أيّة معالجة، ما يشير إلى استعجال غير مبرّر. توجد أيضاً أخطاء قاتلة كاستسهال نشر أسماء الشهداء من المقاومين، مع ذكر العمليات التي قاموا بها ما يتسبّب باستهداف العدو لبيوت الشهداء وعوائلهم، وقد تكرّرت هذه الحادثة عدة مرات.

بالمجمل وأمام التجربة المميزة للإعلام البديل في الحدث الغزاوي الراهن، ورغم الهفوات والأخطاء وربما بعض الاختراقات هنا وهناك، إلا انه من الممكن أن نتوقع أنّ واحداً من الانتصارات التي ستثبّتها غزة، إضافة إلى جملة الانتصارت السياسية والعسكرية، انتصار من نوع آخر، انتصار للإعلام البديل، لإعلام الناس في وجه إعلام الشركات والحكومات.