إطلالة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم القدس شغلت وسائل الإعلام أكثر من سابقاتها
أمين أبوراشد
إطلالة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم القدس شغلت وسائل الإعلام أكثر من سابقاتها، كون هذه الإطلالة أرادها السيد حضوراً مباشراً بين الجماهير، وكثُرَت تساؤلات هذه الوسائل حول مغزاها، واعتبرت بعضها أن رمزية تموز مناسبة للقاء مباشر لقائد المقاومة مع "أهله وناسه"، واعتبرت وسائل أخرى أن يوم القدس خلال معمودية الحياة التي تعيشها المقاومة في فلسطين يستحق هذه الإطلالة المباشرة من السيِّد الحريص دائماً على إحياء يوم القدس، والمشهدية هي نفسها للقبضات التي تعلو على وقع "لبَّيك يا نصرالله"، سواء أطلّ السيِّد مباشرة أو عبر الشاشة العملاقة وملايين الشاشات في لبنان والإقليم والعالم، وبات الشعب الإسرائيلي يُنافسنا في الترقُّب والمتابعة ليقرأ الواقع كما هو ويكشف على الأقل أكاذيب وأضاليل قياداته.
ونتوقَّف عند إحدى الفضائيات اللبنانية التي بدأت نشرة أخبارها بعبارة: خرج السيد نصرالله من "المخبأ الطوعي"، وتساءلت عن المغزى وتوصّلت الى استنتاج أن خطوة السيِّد تبدو وكأنها تحدٍّ لإسرائيل واستهزاء بها، وهنا نرغب أن نذكِّر هذه القناة ومثيلاتها، أن السيِّد منذ سنوات استهزأ وسخِر من إسرائيل عندما ردَّ على أحد قادة الصهاينة الذي اعتبر اختيار السيِّد لمكان آمن لا يغادره نصرٌ لـ"جيش الدفاع الإسرائيلي"، وقال بما معناه: "إذا كانت كل قدرات هذا الجيش مشغولة بتقييد حركة شخص وتعتبر هذا إنجازاً فـ" خير انشالله"، لكن حتى هذا الهدف، إسرائيل فشِلت في تحقيقه لأني بكل حرية أتمشّى مع الشباب في أي مكان من بيروت ونتناول البوظة والعصائر ساعة أشاء".
من أمام منصَّة "يوم القدس" في بيروت، وعلى وقع منصَّات الصواريخ الفلسطينية التي تقضُّ مضاجع الإسرائيليين من غزَّة نقول: إنها المرَّة الثانية التي ينصر فيها السيِّد نصرالله غزَّة في حربها وتنتصر، وصواريخ فصائل المقاومة عام 2012 كانت نسخة عن ثقافة المقاومة اللبنانية في محاكاة المجتمع الإسرائيلي باللغة التي يفهمها ولم يفهمها العرب طيلة عقود، وهي اللغة نفسها التي غيَّرت وتغيِّر كل يوم بنك الأهداف لدى حكومة العدو خلال العدوان الحالي لأنها باتت تحكم مجتمعه بالنار في عُقر الدار، ونقتطف جزئيتين من كلمة السيِّد في يوم القدس، الأولى تتعلق بمسؤولية العرب في ما يتعلَّق بالقضية الفلسطينية، والثانية مسؤولية العرب عن ربيعٍ لم يُزهر سوى الخيبة ولن يُثمر سوى الهوان.
على جثامين عشرة أطفالٍ شهداء في منتزه الشاطىء بغزَّة، مزَّقهم الحقد الصهيوني على أراجيحهم بلا رحمة في أول أيام العيد، ومن بين المصلِّين الغزّاويين في باحات مساجدهم المدمَّرة وأضرحة أحبائهم المُنتهكة حُرمتها، ومع أنين الشيوخ والنساء المشلوحين في المستشفيات المنكوبة، ومع العائلات التي تفترش العراء نُطالب بما طالب به السيِّد: إعداد لائحتي مقارنة بين محور دول ما يُسمَّى بالإعتدال العربي ودول المحور المقاوم، ولنقرأ ماذا قدَّمت دول كل محور للقضية الفلسطينية، وبماذا ساهمت في حماية المقدّسات على مستوى الدعم بعيداً عن بيانات المؤتمرات والقِمم العربية ونداءات الثغاء الى الأمم المتَّحدة، وعلى الشعب الفلسطيني بكافة شرائح شعبه وفصائل مقاومته التمييز بين المحورين، إستناداً الى تاريخ كلٍّ من المحاور الإقليمية الثلاثة: المحور الأميركي الإسرائيلي السعودي، والمحور القطري التركي، والمحور الإيراني السوري اللبناني المقاوم.
وإستناداً الى الجزئية الأولى، كأننا بالسيِّد أراد رابطاً موضوعياً بينها وبين الجزئية الثانية المرتبطة بالربيع العربي القاحل القاحط الماحل ونتساءل، كيف لبوادي من كُثبان التخاذل أن تُنبِت ربيعاً في فلسطين وهي أعجز من أن تكون واحة حياة كريمة لأهلها ومواطنيها؟!
من تونس المتعثِّرة الى ليبيا المشتعلة الى اليمن الممزّق، وصولاً الى مصر الواقفة ضمن رمادية القرار بالعودة الى لعِب دورها الإقليمي مع عدم وضوح في التَمَحوُر، الى سوريا التي تستمر في دفع أثمان المؤمرات الأممية، الى العراق الذي حُرم فيه سُنَّة الموصل في أول أيام فِطرِهِم بأداء الصلوات في مساجدهم وزيارة أضرحة ذويهم، وسط مشاهد الإجرام لتفجير المعالم الدينية والتاريخية والحضارية، لا فرق بين كنيسةٍ ومسجدٍ وحسينيةٍ وضريح، لننتهي بما انتهى إليه واقع العرب عند أقدام "داعش" التكفيروالشيطنة والجنَّة الموعودة، ولنقول مع نهاية رمضان الصلاة والصيام، أن المحور الصائم عن ممارسة حقِّه بالكرامة لن يفطر سوى على ما زرع من أشلاءٍ ودماء، ولا نصر سوى للحقِّ رغم الغمام، بعد أن يزول هذا الغمام عن عقولِ بعض الشعوب العربية التي اختارت أن تكون وقود حياة للملوك والأمراء والسلاطين، وانتهت رماداً أمام أعداء الله والإنسانية وعَبَدة الشياطين ...