منذ بداية العدوان على غزّة قبل 24 يوماً، استهدف جيش الاحتلال «إسرائيل» مقرات لإذاعات محلية عدّة، وصحافيين في الميدان، ليسقط منهم حتى الآن عشرة
تعرّضت «شبكة الأقصى الإعلاميّة» للقصف والتدمير من قبل طائرات الاحتلال أربع مرّات، في الأعوام 2004، و2008، و2012، وفي العام 2014.
وفي كلّ مرّة، تنفض الغبار عن مقرّاتها وأجهزتها، وتواصل البثّ. خلال الأيّام الماضية، تمّ قصف مقرّين تابعين لفضائية وإذاعة الأقصى، ومنذ بداية العدوان، استشهد اثنان من فريقها وهما مهندس البثّ سامح العريان، ومقدّم برامج الأطفال محمد العرعير. تواصل «الأقصى» بثّها رغم ذلك، لتنقل ما يتعرّض له الفلسطينيون في قطاع غزّة، وبطولات المقاومة ورسائلها وخطابات قادتها. ويؤكّد القيّمون عليها على مواصلة المواكبة اليوميّة للأحداث، «حتى لو تعرضنا للقصف مرَّة جديدة».
منذ بداية العدوان على غزّة قبل 24 يوماً، استهدف جيش الاحتلال «إسرائيل» مقرات لإذاعات محلية عدّة، وصحافيين في الميدان، ليسقط منهم حتى الآن عشرة، كان آخرهم محمد ضاهر. كما تعرّضت 12 مؤسسة إعلامية للقصف الإسرائيلي، ونتج عن ذلك أكثر من 20 إصابة إلى جانب الشهداء. تضمّ «شبكة الأقصى الإعلاميّة» إلى جانب الفضائيّة، قناة أرضيّة (سراج الأقصى)، وموقعاً إلكترونياً، ومركز تدريب، وإذاعة. علماً أنّ هناك أكثر من إذاعة تابعة لـ«حماس» تبثّ في غزّة على موجات مختلفة، إلى جانب إشراف الحركة على عدّة وكالات أنباء.
يعمل في القناة 300 موظّف، بين إداريين وتقنيين وصحافيين ومذيعين ومخرجين، في حين يعمل في الإذاعة نحو 80 موظفاً. وقد أوقفت الفضائيّة والإذاعة دورتيهما البرامجيّة منذ اندلاع العدوان، لتقتصر برامجها على تغطية مفتوحة للحرب، والتحليل السياسي مع المختصين، وتصريحات المسؤولين، إلى جانب بثّ عمليات «كتائب القسام» الخاصة، وأناشيد المقاومة. علماً أنّ القناة كانت أنتجت عدّة مسلسلات وبرامج للعرض في رمضان، لكنّ العدوان غيّر كلّ خططها.
إلى جانب القصف، تقوم قوّات الاحتلال بالتشويش على بثّ الإذاعة والقناة. ويقول مدير «إذاعة صوت الأقصى» ابراهيم ضاهر لـ«السفير»: «ليس غريباً على الاحتلال استهداف وسائل الإعلام التي تفضح جرائمه على الأرض، بالصورة والكلمة والصوت، وتثبّت الشارع الغزّي، وترفع من معنويات المواطنين، وتحمي الجبهة الداخلية من الانكسار أمام غطرسته، إضافةً إلى أنّها توجّه رسائل تبين كذب جيش العدوّ، لناحية أنّه يحارب المقاومة ويقضي عليها، في حين أنّه لا يقتل إلا الأطفال». ويضيف ضاهر: «هذه ليست المرة الأولى التي يتمّ فيها استهداف القناة، وتدمير المبنى.
ورغم قصف جميع مؤسسات الشبكة، لم ننقطع عن العمل لا عبر أثير الإذاعة ولا عبر بثّ «فضائية الأقصى»، سنواصل عملنا، حتى لو تمّ استهداف العاملين جميعاً». إلى جانب الشهيدين الذين سقطا من طاقم القناة خلال هذه الحرب، خسرت القناة الشهيدان المصوّران حسام سلامة، ومحمود الكومي في العام 2012. وفي العام 2008، خسرت الشهيدان عمر السيلاوي، وحمزة شاهين.
وبحسب القيّمين على القناة، فإنّها جهّزت مقرات بديلة تحسباً للقصف أو التدمير، بناءً على تجارب الحربين الماضيتين. وقد أعدّت الشبكة خطة طوارئ لمواجهة أيّ احتمال بالقصف، خصوصاً أنّها تحظى بمتابعة واسعة في القطاع، وتحديداً الإذاعة. كما أنّها باتت مصدراً رئيسياً لأخبار المقاومة وخطابات قادتها خلال الحرب الحالية، ما يجعلها أيضاً محطّ اهتمام المتابع العربي، ووسائل الإعلام الأخرى.
ويقول مدير البرامج في «فضائية الأقصى» سمير أبو محسن لـ«السفير» إنّ الاستهداف المستمر للقناة، «محاولة بائسة من الاحتلال لطمس الحقيقية وإسكات الصوت الفلسطيني الحر الذي يقوم بنشر بطولات الشعب الفلسطيني، ويبث جرائم الاحتلال بحق الأطفال والمؤسسات والمساجد وكل البنية التحتية الفلسطينية». ويضيف: «لن يسكت هذا الصوت طالما بقي فينا عرق ينبض. قدمنا شهداء في الحربين الماضيتين، ومستعدّون لتقديم أنفسنا، كي لا يشعر المحتلّ أنه انتصر. فالمعركة اليوم هي إعلامية وعسكرية، ونحن جزء من معادلة الصراع، المقاومة من جهة والشعب الفلسطيني الذي يحتضنها من جهة».