المسلمون الذين يعيشون في ظل الربيع الوهابي منذ اربع سنوات ، لم يعانوا طوال قرون كما عانوا خلال هذه السنوات الاربع، حيث تفتت خلالها دول وانهارت جيوش وتشتت شعوب وتشرذمت مناطق
يبدو أن المسلمين لن يتحرروا قريبا من الموجة الوهابية التي تجتاح ديارهم بالتزامن مع ما بات يعرف بالربيع العربي!!، الذي تحول الى ربيع وهابي بامتياز، بفضل زمر الارهاب والتكفير التي تتقاسم الفكر الوهابي، والتي حرمت العديد من الشعوب العربية والاسلامية المنكوبة بها، من الامن والامان والسلام والاستقرار والعيش الكريم، ونشرت في ربوعها الدمار والفوضى.
المسلمون الذين يعيشون في ظل الربيع الوهابي منذ اربع سنوات ، لم يعانوا طوال قرون كما عانوا خلال هذه السنوات الاربع، حيث تفتت خلالها دول وانهارت جيوش وتشتت شعوب وتشرذمت مناطق باكملها وتلاشت اقتصاديات، وتجاوزت اعداد القتلى والجرحى والمشردين واللاجئين والنازحين الملايين من البشر.
فاستحق الواقع العربي والاسلامي ان يدرس كظاهرة اجتماعية فريدة وغريبة لم تمر بها الانسانية من قبل، والادهى هو ان المتهم الاول والاخير من وراء كل ما يحدث هو الاسلام العظيم الذي نقل العرب والمسلمين يوما من امم جاهلة متخلفة الى خير امة اخرجت للناس تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
ان مشكلة العرب والمسلمين ليس فقط مع الوهابية، التي اصابت اجزاء واسعة من الجسد الاسلامي بشلل خطير ، وعطلت قدرته على الحركة والتفكير ، فاصبحت آفات الطائفية والتكفير تأكل من هذا الجسد شيئا فشيئا ، فهناك آفة لا تقل خطورة عن الوهابية، اصابت كالوهابية الجسد الاسلامي اصابة خطيرة افقدته جانبا كبيرا من قدرته على الحركة والانطلاق، الا وهي الصهيونية ، التي اصابت الجسد العربي الاسلامي في ذات الوقت الذي اصابة الوهابية هذا الجسد ، لذلك نرى هناك ما يشبة التنسيق بين هاتين الافتين لجعل الجسد العربي الاسلامي يبقى يترنح تحت هاتين الافتين الى ان ينهار كليا.
التاريخ العربي الاسلامي شهد منذ بدايات القرن العشرين ، تنسيقا في غاية الدقة بين الوهابية التي زرعتها بريطانيا في جزيرة العرب وبين الصهيونية التي زرعتها بريطانيا ايضا ولكن في ارض فلسطين ، فكانتا تعملان كحليفتين وثيقتين لضرب كل حركات التحرر العربي والاسلامي الرامية لانقاذ الامة من هاتين الافتين الخطيرتين ، فاذا ما تجاوزنا كل هذا التاريخ الطويل من العلاقات الاستراتيجية بين الصهيونية والوهابية ، وانتقلنا الى ما يشهده العالم العربي والاسلامي اليوم من تطورات متلاحقة، فاننا سنتلمس باليد حقيقة التحالف الوهابي الصهيوني، وخاصة على وقع المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني ضد اطفال ونساء غزة بدعم واضح وصريح من الوهابية التي نفذت الجزء المنوط بها، وهو شل قدرة الجيوش العربية والاسلامية واخرجها من معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني واشغلها بحروب جانبية عبثية طائفية لا ناقة للعرب والمسلمين فيها ولا جملا.
الملفت ان الوهابية كثيرا ما تسارع لنجدة الصهيونية عندما تواجه الاخيرة ظروفا صعبة كعدوانها على الفلسطينيين ولبنان وباقي الدول العربية، عبر تجنيدها لامبراطورياتها الاعلامية التي تتقدمها اليوم القناة الفضيحة "العربية" واخواتها وجيوش من الاعلاميين المرتزقة وقبل هؤلاء جميعا يأتي دهاقنة الوهابية ممن يعرفون بالدعاة، اصحاب الفتاوى السخيفة والمضحكة، وزمر التكفير من امثال "القاعدة" و "داعش" وجبهة النصرة" ومن لف لفها.
اخر اطواق النجاة الوهابية للصهيونية ، والتي تزامنت مع العدوان الوحشي الصهيوني على غزة ، الذي اسفر حتى الان عن استشهاد نحو الفي فلسطيني اغلبهم من الاطفال والنساء واكثر من عشرة الاف جريح ، هي الحيلة الشرعية الوهابية المتمثلة بالفتوى التي اصدرها صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء!! ، أعلى هيئة دينية في السعودية ، واعلن فيها حرمة لعن "إسرائيل" لأنها تعني اسم نبي الله يعقوب عليه السلام والأصح هو لعن اليهود!!.
ان فتوى الفوزان هذه تأتي بالضبط من اشتعال شوارع العديد من مدن العالم بالتظاهرات الحاشدة والمنددة بالجرائم التي ترتكبها "اسرائيل" ضد اهالى غزة منذ اربعة اسابيع ، والتي كانت ترفع شعارا موحدا وهو الموت ل"اسرائيل"، "اسرائيل" التي يقصدها المتظاهرون هي الكيان الصهيوني الغاصب لاقدس مقدسات المسلمين ، هذه هي "اسرائيل" التي يتمنى كل انسان حر شريف موتها وزوالها اليوم قبل الغد ، وليس نبي الله يعقوب عليه السلام ، فاذا ما سالت حتى الطفل الصغير عن "اسرائيل" التي يلعنها ويتمنى لها الموت في كل لحظة ، سيقول لك انها "الكيان الصهيوني " وحاشا ان يكون قصده النبي يعقوب (ع) ، وهذا امر لا يستحق حتى الاسهاب فيه لوضوحه ، الا انها الوهابية التي تطل براسها كلما وجدت ربيبتها في خطر.
الادهى ان الفوزان واتساقا مع رسالة الوهابية في بث الفوضى والصراع بين الاديان والمذاهب في كل عصر ومصر بهدف زرع الفوضى، واخراج قضية الصراع مع الصهيونية من قضية احتلال للارض والمقدسات ومن اطارها السياسي والايديولوجي، الى قضية صراع بين اتباع الاديان الالهية، يدعو الى استبدال "اسرائيل" ب"اليهود" ، وشتان بين الاثنين ف"اسرائيل " فكرة صهيونية استعمارية استيطانية عنصرية ، واليهود هم اتباع ديانة الهية ، وهناك الكثير من اليهود يرفضون ممارسات الصهيونية وحتى وجود الكيان الصهيوني ذاته ، وهذا ايضا موضوع لا يستحق الاسهاب لوضوحه.
اخيرا كان الاولى بالفوزان ودهاقنة الوهابية ان يلذوا بالصمت في مثل هذه الظروف ، ولا ينكأوا جراح العرب والمسلمين بفتاواهم السخفية ، التي لا تعشعش الا في رؤوس اصابتها الوهابية فذرتها قاعا صفصفا ، الا من الافكار السوداء المريضة ، التي تصبُ من الفها الى يائها في صالح الصهيونية عدوة العرب والمسلمين
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه