24-11-2024 09:58 PM بتوقيت القدس المحتلة

قاعدة الشرق ... تفتيت وتقسيم وماذا عن تدمير الأقصى في فلسطين

قاعدة الشرق ... تفتيت وتقسيم وماذا عن تدمير الأقصى في فلسطين

هل من دمر بفكره وفتاويه مراقد الأنبياء في العراق، سيسمح ببقاء المكان الذي عرج منه نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم إلى السماء في "الاسراء والمعراج" أي مسجد قبة الصخرة في فلسطين المحتلة..

احمد فرحات

شهر وأيام على إعلان المدعو ابراهيم البدري والملقب بـ "أبو بكر البغدادي" دولته المزعومة بين العراق وسوريا، ليستحوذ على مساحات شاسعة غنية بالموارد الطبيعية، لكنها لا تصلح لإقامة دولة حقيقية وفق المفاهيم الحديثة.

وعلى الرغم من أن المفاهيم الحديثة في الحكم والتشريعات والحقوق والواجبات لا تنطبق على حكم البدري، فإن هذا التنظيم حقق ما كان بمثابة حلم لدى تنظيم القاعدة، ولدى تفريعات ما يسمى بـ "السلفية الجهادية"، بإقامة "دولة تطبق حدود الله وشرعه"، وفق أدبياتهم.

وفيما غاب زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري عن مجريات الأحداث، تكشف المتابعات الميدانية مزيداً من الإستقطاب الحاد بين "جنوده"، كما أن تنظيم البغدادي بات قبلة المقاتلين الأجانب، الذين تخلفوا عن جبهة النصرة المنافسة على كرسي الإمارة في الشام، إلا اللهم من بعض المسلحين العرب خصوصاً الأردنيين منهم، وبعض اللبنانيين والخليجيين.

إلا أن داعش تمكن من الحاق الهزيمة بصنيعته وهي جبهة النصرة، التي انتهجت مساراً جديداً بعد خروجها من دير الزور، واعتمدت خطاب الإمارة مقابل الدولة، في محاولة منها لشحذ الهمم، ولإستدراج المقاتلين الأجانب بعدما فقدت مددهم بالإعلان عن خلافة البغدادي.

جبهة النصرة حاولت إعادة تصويب خطاب الجولاني الذي فسر على أنه مزايدة في غير محلها، غير أن العديد من المراقبين رأوا أن ما جرى هو جس نبض الفصائل الأخرى المسلحة في سوريا، بتقبلهم فكرة الإمارة بعد الدولة، فجاء رد صاعق رافض لهذا الأمر من قبل العديد من الجماعات، وداخل الجبهة الإسلامية التي تقودها حركة احرار الشام، التي أسسها رفيق أسامة بن لادن أبو خالد السوري.

وفي خضم هذه الأحداث، أعادت الجماعات المسلحة التابعة للقاعدة ترتيب صفوفها في سوريا، وأعادت تموضع قواتها في المناطق المتواجدة فيها، حيث شهدت مناطق ريف ادلب وحلب عمليات طرد لفصائل وإخلاء الساحة لأخرى، فيما يشبه تقسيم المناطق، وإعطائها لفصيل بعينه.

وهنا كلمة السر، التقسيم ...

قاعدة الجهاد ليست واحدة، بل قاعدات شتة، مختلفة فيما بينها على الزعامة والسيطرة، ومتفقة في تكفير الآخرين. هذا التنظيم يحمل في طيات ذاته وسائل تدميره عند أول مفترق، كما حصل مع البغدادي والجولاني.

ويتبنى تنظيم القاعدة فكراً مركزياً في قرارته، غير أنه وفي نفس الوقت أنشاً نسخاً إقليمية لا مركزية، "قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي"، "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، والذي انبثقت منه دولة العراق الإسلامية وبعدها داعش، "تنظيم القاعدة في أرض الكنانة"، وغيرها ...

لكن الأحداث العربية الأخيرة، انعكست هي الأخرى على هذا التنظيم، وطغت لا مركزيته على قراراته العليا، وفقد الظواهري زعامته، ما أدى إلى انكشاف فكره، المعتمد على قوة الأمير وليس على منهجه، بغض النظر عن ممارساته، فالغاية تبرر الوسيلة دائماً لدى أتباع القاعدة من دون استثناء.

ومن هنا، متى سيطر هذا التنظيم على بقعة من الأرض، حتى تتقسم تلقائياً، اثر الصراعات الداخلية، وهذا ما حصل فعلاً، ويحصل في سوريا.

ويدخل تنظيم القاعدة في إطار مشروع أوسع، يعود إلى فترة نشأته، فالقاعدة وطالبان تأسست لمواجهة المد الشيوعي في أفغانستان بمباركة ودعم أميركيين، وفي الشرق الأوسط يراد تكرار لهذا السيناريو بأدوات مختلفة، وذلك لمواجهة صعود محور المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي، وتقسيم المنطقة العربية إلى إمارات ودويلات وربما ممالك، لتسود دولة الإحتلال، ويتم التعامل معها " في تبادل السفراء والبيع والشراء، وغير ذلك من المعاملات"، خصوصاً وأن فتوى الصلح مع الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين موجودة، وقد يتم إعادة إحيائها والعمل بها بعد تفتيت المنطقة.

وفي طريق التقسيم، تدميرٌ للمرتكزات الحضارية الجامعة، فكانت الحرب على الآثار والقلاع التاريخية والمقامات والأضرحة التي تحوي رجالاً يتوافق المسلمون على صلاحهم، في عملية محو ممنهجة للسجلات التاريخية الإسلامية للمنطقة، وإفراغها من تاريخها المشرق.

وللتذكير، فإن الأماكن الدينية (الإسلامية والمسيحية وغيرها من الأديان والمذاهب) كان معظمها موجوداً في عهد الخلفاء بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله، وفي أيام الدولتين العباسية والأموية وحتى أيام حكم المماليك والعثمانيين للمنطقة العربية، ولم يجر تدميرهم أو التعرض لهم، خصوصاً الاماكن المقدسة لدى المسيحيين.

والأخطر من هذا، في مرحلة دمرت فيها مراقد رسل رب العالمين، (يونس وشيت وجرجيس ودانيال عليهم السلام) وهدمت فيه مساجد أخرى في العراق وسوريا، ونبشت قبور الصحابة ودمرت مراقدهم، وسرقت كنائس وهدمت، وبات مشهد دمار هذه الاماكن المقدسة أمراً اعتيادياً على شاشات التلفزة ووسائل التواصل الإجتماعي، ماذا إن أقدم الكيان الإسرائيلي على تدمير المسجد الأقصى في فلسطين المحتلة؟، هل سيكون لتدميره ردة فعل لدى الدول والشعوب العربية والإسلامية الغارقة في مشاكلها الداخلية المتنوعة.

فهل من دمر بفكره وفتاويه مراقد الأنبياء في العراق، سيسمح ببقاء المكان الذي عرج منه نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم إلى السماء في "الاسراء والمعراج" أي مسجد قبة الصخرة في فلسطين المحتلة، أو ببقاء المسجد الأقصى، وغيرهما من الأماكن المقدسة في فلسطين، أو هل سيدافع عنها بحال تعرضت للخطر.