تعكس حركة النائب وليد جنبلاط هذه الايام مدى تحسسه بالقلق إزاء هبوب رياح الارهاب والتطرف على لبنان، عبر نقاط الضعف في الجسم اللبناني
رئيس "التقدمي" مرتاح لعودة "الكيمياء" مع نصرالله
عماد مرمل
تعكس حركة النائب وليد جنبلاط هذه الايام مدى تحسسه بالقلق إزاء هبوب رياح الارهاب والتطرف على لبنان، عبر نقاط الضعف في الجسم اللبناني.
في العادة، يتخلى جنبلاط امام المنعطفات الكبرى عن الكثير من الاعتبارات والتفاصيل التي قد يأخذها بالحسبان في الايام العادية، وهذا ما يتسم به سلوكه منذ تسرب "داعش" و"النصرة" الى الجغرافيا اللبنانية.
وهكذا، لم يتردد الرجل في المبادرة الى لقاء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد قطيعة شخصية طويلة، وهو أسرّ لبعض من التقاهم لاحقا ان الكيمياء عادت تسري بينه وبين نصرالله، وانه مرتاح لعودة العلاقة الثنائية الى طبيعتها.
ولعل تبرئة جنبلاط للحزب - من قلب الشويفات المعروفة برمزيتها البليغة - من تهمة استدراج "داعش" الى لبنان، إنما تترجم المناخ الذي ساد اجتماعه مع "السيد"، علما ان أوساط زعيم المختارة تؤكد ان التطورات المتسارعة في المنطقة وصولا الى عرسال أفرغت هذه التهمة من أي محتوى، والاصرار عليها أصبح لا يتناسب مع تحديات المرحلة، وما تستوجبه من خطاب جديد.
ولان المرحلة تتطلب مقاربة مغايرة، شق جنبلاط طريقه الى الرابية للاجتماع بالعماد ميشال عون بعدما تعثر التواصل بينهما طيلة الفترة الماضية. وما بين الضاحية والرابية، كانت له محطة مصارحة مع محازبيه وأنصاره في الشويفات، لم تكن سوى بداية جولة على الارض ستقوده الاحد المقبل الى منطقة الشحار في عاليه.
هذه المرة، لا يبدو جنبلاط صاحب حسابات قد يخطئ او يصيب فيها، بل هو مثقل بالهواجس التي ترخي بكل ثقلها عليه وتشاركه في صوغ خياراته وقراراته.
وإذا كانت كل المكونات اللبنانية هي في مرمى الخطر الزاحف، فان الطائفة الدرزية قد تكون الاكثر حساسية حياله، انطلاقا من واقعها الديموغرافي وطابعها الأقلوي، لا سيما ان جنبلاط يعرف جيدا ان الفكر التكفيري يضع الشيعة والدروز والعلويين والاسماعيلية على لوائح الإعدام.
وعلى قاعدة ان أولوية التصدي لهذا التهديد الوجودي تتقدم على ما عداها، يعتبر جنبلاط، وفق العارفين، انه ينبغي الاسراع في تحسين شروط المواجهة، عبر التحرك على المسارات الآتية:
- إيجاد شبكة أمان سياسية، من خلال تغليب المصلحة المشتركة للجميع متمثلة في تغليب الاستقرار على الانقسامات التي ترتبها الملفات الخلافية. وفي هذا السياق، طلب جنبلاط من المعنيين في حزبه تفعيل قنوات الاتصال المناطقية مع الاحزاب الاخرى.
- تحصين الشارع ورفع منسوب مناعته، في لحظة مؤاتية لتجاوز الحساسيات الضيقة، بعدما وحد الخطر التكفيري الناس في كل المناطق، على اختلاف انتماءاتهم، وجعلهم يتشاركون الهمّ ذاته.
- عدم تحويل المعركة ضد "داعش" الى تحريض على السّنة.
- عودة الحريري الى بيروت في اسرع وقت ممكن، لانه كلما تأخر أكثر، كلما فقد جزءا من الارض واتسع في المقابل نفوذ التطرف. ويعتقد جنبلاط ان الطرف الآخر في لبنان مُطالب بان يساعد رئيس تيار المستقبل ويلاقيه في منتصف الطريق، من خلال الانفتاح عليه، لان الاعتدال الذي يمثله الحريري يحتاج الى احتضان.
وانطلاقا من الهواجس المتنامية، استحوذ الوضع الدرزي في لبنان، ومدى جهوزيته لمواجهة المدّ التكفيري، على جزء من النقاش خلال اللقاء الذي عقد قبل أيام بين جنبلاط والوزير السابق وئام وهاب، غداة تحذير رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" من ان الدروز والمسيحيين الى انقراض.
تداول جنبلاط مع ضيفه في كيفية الاستعداد لملاقاة المخاطر الداهمة وطبيعة الخيارات المتاحة للتصدي لها في حال اقتربت من المناطق الدرزية. طرح وهاب، من جهته، رفع مستوى الجهوزية العملانية والذهاب نحو خيار التسلح في القرى والبلدات، تحسبا لأسوأ الاحتمالات، خصوصا ان الجيش لا يستطيع لوحده تحمل أعباء هذا التحدي، على ان تقف المجموعات الشعبية المسلحة الى جانب الجيش وخلفه، من دون ان تتخذ وضعية الميليشيا.
لم يتحمس جنبلاط لهذه الفكرة، وأكد رفضه معادلة "الامن الذاتي"، داعيا في المقابل الى اعتماد نوع آخر من الاحتياطات من قبيل رفع مستوى اليقظة والتنبه لدى البلديات، والتدقيق في هويات المقيمين، وتعزيز المراقبة والاجراءات اللوجستية الوقائية.
http://www.assafir.com/Article/2/365433
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه