أبو حسن الفلسطيني، اسمٌ حديث التداول، برز في الأسابيع القليلة الفائتة باعتباره «أمير داعش في القلمون»، وأمس الأول تداولت وسائل الإعلام خبر مقتله من دون أن يتأكد ذلك حتى الآن
أحمد طه المسؤول عن السيارات المفخخة في لبنان
أبو حسن الفلسطيني، اسمٌ حديث التداول، برز في الأسابيع القليلة الفائتة باعتباره «أمير داعش في القلمون»، وأمس الأول تداولت وسائل الإعلام خبر مقتله من دون أن يتأكد ذلك حتى الآن. أخطر ما يُنسب إليه ارتكابه جرائم قتل وخطف وابتزاز وقع معظمها خلال الأشهر الماضية في بلدة عرسال، لكن على ما يبدو فإن ما نُسب إليه حتى الآن لا يشكل إلا نسبة صغيرة من خطورته الحقيقية.
يكاد يمضي عام كامل على اختفائه منذ آب الماضي. انتشرت خلال هذا العام الكثير من الشائعات حوله، فمرةً اعتقل وأخرى اختطف من قبل هذه الجهة أو تلك، ليتبين أن الرجل الذي يوصف بشدة ذكائه ودقة احتياطاته الأمنية، لم يقتل ولم يخطف، بل على العكس انتقل اسمه من محاضر تحقيقات مخابرات الجيش اللبناني كأحد أبرز المطلوبين لديها، إلى قائمة أمراء «داعش» البارزين.
هو «أحمد طه» مواليد العام 1983 الذي ذاع صيته كأحد أبرز قادة المجموعات الإرهابية المسؤولة عن تفجير السيارات المفخخة في الضاحية الجنوبية خلال العام الماضي، بعدما ورد اسمه في الاعترافات التي أدلى بها أمام مخابرات الجيش اللبناني أبرز المعتقلين الذين ألقي القبض عليهم على خلفية تلك التفجيرات مثل نعيم عباس. ونتيجة هذه الاعترافات أصبح طه من أبرز المطلوبين لدى مخابرات الجيش اللبناني، الأمر الذي دفعه إلى الهرب والاختفاء عن الأنظار منذ 20 آب الماضي بعدما شعر بأن إلقاء القبض عليه أصبح مسألة وقت فقط، حيث سابق الزمن لينجو من مصير شركائه الذين تساقطوا واحداً تلو آخر بين يدي الأجهزة الأمنية.
وكان طه على علاقة جيدة مع معظم الفصائل الإسلامية المتشددة في سوريا، حيث كان يقوم مع شركائه بالتنسيق مع هذه الفصائل لإدخال السيارات المفخخة إلى لبنان انطلاقاً من مكان تجهيزها في بلدات القلمون. وبحسب اعترافات نعيم عباس، جرى التنسيق لتنفيذ تفجيرات الضاحية الجنوبية في بئر العبد والرويس، مع كل من القيادي في حركة «أحرار الشام» أبو خالد السوري (قُتل) وأمير «داعش السابق في القلمون» أبو عبدالله العراقي وأمير «جبهة النصرة في القلمون» أبو مالك الشامي. كما اعترف عباس بأنه اشترك مع أحمد طه عام 2013 في إطلاق صواريخ على قصر الشعب في دمشق.
ولم تمنع هذه العلاقة الجيدة مع «النصرة» أحمد طه من الانضمام رسمياً إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» ومبايعة أميره أبي بكر البغدادي. ومن المتوقع أن تكون البيعة قد حصلت في أوائل العام الحالي بعد أسابيع فقط من اندلاع الشرارة الأولى لحرب الفصائل الجهادية ضد بعضها البعض. ولكن من المؤكد أنها حصلت قبل شهر آذار الماضي لأن أحمد طه، رغم هروبه واختفائه، ظهر في بيان مصور صادر عن «ولاية دمشق» بخصوص تبني «داعش» عملية إطلاق صواريخ غراد على منطقة طلية في 28 آذار الماضي، ونشرت صورة لأحمد طه في البيان من دون تسميته، وهو ما يؤكد انتماءه إلى التنظيم قبل ذلك التاريخ.
وبرغم أن صورة أحمد طه التي نشرت من دون أي محاولة لإخفاء ملامحه، لم تلفت الانتباه إليه، من قبل الإعلام على الأقل، إلا أنها كانت إشارة واضحة التقطتها جهات عديدة معنية بمراقبة نشاطات «داعش» على أن التنظيم قد حسم خياراته بخصوص التمدد باتجاه الدولة اللبنانية.
وتشير المعطيات إلى أن علاقة أحمد طه مع تنظيم «داعش» قديمة وتعود إلى السنوات الأولى لنشأة هذا التنظيم، حيث يؤكد مصدر جهادي على معرفة بأحمد طه، أن الأخير سبق له أن قام بتهريب عدة صفقات سلاح إلى أبي مصعب الزرقاوي في العراق الذي يعتبر الأب الروحي لتنظيم «داعش».
وسرعان ما كسب أحمد طه ثقة قيادة التنظيم المتشدد، حيث اختير لقيادة جبهة القلمون بعد استدعاء أميرها السابق أبو عبدالله العراقي بسبب الظروف الأمنية التي كانت سائدة آنذاك، سواء بسبب احتدام حدة الصراع بين «داعش» وخصومها أو بسبب الحملة العسكرية الضخمة التي كان يشنها الجيش السوري لاستعادة السيطرة على منطقة القلمون، الأمر الذي رأت فيه قيادة «داعش» خطراً على حياة أبي عبدالله العراقي الذي يعتبر من أبرز المقربين من البغدادي. ومن بعد هذا التكليف تخلى أحمد طه عن لقبه السابق «أبو الوليد» واختار لقباً جديداً هو «أبو حسن الفلسطيني».
ومع أنه ما زال من غير الواضح ماهية المنصب الحقيقي الذي يتولاه «أبو حسن الفلسطيني» في تنظيم «داعش»، هل هو أمير القلمون أم أمير عرسال، لا سيما بعد بروز اسم أبو أحمد جمعة كأمير لـ«داعش» في القلمون بعد اعتقاله على أحد حواجز الجيش اللبناني في المنطقة. إلا أن استلام أحمد طه لقيادة جبهة القلمون أو إمارة عرسال، هو ما يفسر «حالة اللاتصادم» التي تربط بين «الدولة الإسلامية» هناك و«جبهة النصرة»، ويعود ذلك إلى العلاقة الوطيدة التي طالما جمعت أحمد طه مع أمير «جبهة النصرة» في القلمون أبو مالك الشامي والتي كان من ثمارها تنفيذ التفجيرات ضد ما يسمونه «معاقل حزب الله». وقد منعت هذه العلاقة انتقال القتال بين الطرفين، «داعش» و«النصرة»، إلى القلمون رغم اشتعاله في مناطق أخرى مثل ريف حلب وريف ديرالزور.
وربما تفسر هذه العلاقة أيضاً الموقف الملتبس الذي يتخذه أبو مالك الشامي من معركة عرسال التي تدور رحاها منذ عدة أيام، مخالفاً بذلك توجهات قيادته العامة التي رفضت التورط في هذه المعركة والوقوف إلى جانب من سفكوا دماء «مجاهديها» في المنطقة الشرقية. فمن غير المستبعد أن تكون علاقته الجيدة مع أحمد طه أحد العوامل التي دفعته إلى عدم منع مقاتليه من القتال إلى جانب مقاتلي «داعش» في عرسال.
http://www.assafir.com/Article/2/365429
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه