روسيا قد فرضت «حظرا كاملا» على معظم المنتجات الغذائية المستوردة من دول أوروبية والولايات المتحدة ردا على العقوبات الغربية بحقها كما أعلن رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف أمس.
ستحرم روسيا نفسها من الكثير من المنتجات الطازجة بتعليق إستيراد المنتجات الغذائية من أوروبا، لكن العقوبات هذه قد تغرق أسواق الإتحاد الأوروبي الذي يخسر بذلك سوقا مهمة للفاكهة والخضار على الأخص.
وكانت روسيا قد فرضت «حظرا كاملا» على معظم المنتجات الغذائية المستوردة من دول أوروبية والولايات المتحدة ردا على العقوبات الغربية بحقها كما أعلن رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف أمس.
كما هدد مدفيديف بمنع شركات طيران من التحليق فوق الأراضي الروسية اثناء قيامها برحلات بين أوروبا وآسيا عبر سيبيريا وهي الطريق الاقصر، ردا على العقوبات الغربية. وقال في مقابلة متلفزة ان منع استيراد منتجات غذائية يمكن ان يرفع «اذا اعتمد شركاؤنا موقفا بناء».
واضاف «كل هذه الاجراءات ليست سوى رد (على العقوبات الغربية). لم نكن نريد مثل هذا التطور في الوضع. ليس هناك اي شيء ايجابي في العقوبات». وتابع «آمل بصدق ان تتغلب البراغماتية الإقتصادية على الاعتبارات السياسية السخيفة لدى شركائنا والا يفكروا في عزل او اخافة روسيا».
يذكر ان اُوكرانيا (قبل الأزمة) والبرازيل كانت ألمانيا وهولندا كانت في 2013 من أهم مزودي روسيا التي تستورد 35٪ من إستهلاكها الغذائي.بالتالي فإن روسيا تستوعب 10٪ من الصادرات الزراعية والزراعية الغذائية من الإتحاد الأوروبي بقيمة 12 مليار يورو سنويا بحسب مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات». وذكر كزافييه بولان، رئيس أكبر نقابة زراعية فرنسية، ان «روسيا تصدر الحبوب لكنها تستورد الكثير من الخضار والفاكهة والمنتجات المحولة على غرار اللحوم ومنتجات الحليب».
وتشكل الفاكهة الطازجة والأجبان ولحم الخنزير وغيرها واردات بقيمة مليار يورو تقريبا. وهي، إضافة إلى الخضار (770 مليونا)، ستكون البضائع الأكثر غيابا عن الموائد الروسية، إضافة إلى النبيذ والمشروبات الروحية (1,5 مليار يورو). ويتزود الروس على الأخص بالتفاح والطماطم والدراق من الأوروبيين الذين يشهدون حاليا أزمة كبيرة في تصريف محصول هذا الموسم بسبب إنتاج وفير وقابل للتلف بسهولة يتكدس على رفوف المتاجر.
وبالتالي يخشى المنتجون اثرا مزدوجا مرجحا بحسب بولان الذي أكد ان «روسيا تغلق أبوابها امام الواردات، وبالتالي فإن المنتجات التي لن تصدر ستعود إلى الدول الأوروبية وستخلق أزمة». أما لوك باربييه، رئيس إتحاد منتجي الفاكهة الفرنسيين، فقد قال ان «الإسبان صدروا (عام 2012) حوالي 100 الف طن من الفاكهة إلى اُوكرانيا وروسيا. هذه الكميات ستعود إلى سوق الإتحاد الأوروبي». وتخوض إيطاليا وإسبانيا وفرنسا حرب خوخ النكتارين الذي إنهارت أسعاره فيما بدأت «كارثة» تتشكل بخصوص التفاح.
وصدر الفرنسيون فاكهة بقيمة 26 مليون يورو تقريبا إلى روسيا في 2012 بحسب باربييه «لكن هذا العام تتوقع بولندا التي كانت تصدر الكثير إلى روسيا محاصيل وفيرة ستعود بالطبع إلى السوق الداخلية» في الإتحاد الأوروبي.
واشارت الجمعية الدولية لمنتجي التفاح والأجاص (الكمثرى) إلى ان بولندا هي أكبر منتج للتفاح في الإتحاد (3.5 مليون طن متوقعة هذا العام) مع إيطاليا (2.3 مليون طن) وفرنسا (1.5 مليون طن).
بالإجمال صدرت فرنسا في العام الفائت منتجات زراعية غذائية بقيمة 1.17 مليار يورو إلى روسيا، من بينها 450 مليونا من المشروبات الروحية. وجاءت الإشارة الأولى أمس من النروج حيث تراجعت اسهم شركات تربية سمك السلمون، وعلى رأسهم شركة «مارين هارفست» بنسبة 8 إلى 10٪ في بورصة اُوسلو. والنروج ليست عضوا في الإتحاد الأوروبي ولكنها رغبت في الانضمام إلى العقوبات المفروضة على موسكو. وكانت روسيا في مقدم زبائنها واشترت منها بنحو 380 مليون يورو من المنتجات السمكية منذ كانون الثاني/يناير.
على مستوى لحم البقر تبقى البرازيل أول مصدر إلى روسيا، متقدمة كثيرا أمام بقية دول اميركا اللاتينية الاُخرى وأميركا الشمالية (الخاضعة هي الاُخرى لحظر روسيا الإستيراد منها).اما حصة الإتحاد الأوروبي من صادرات اللحم البقري إلى روسيا فكانت تشهد تراجعا منذ 2013 (اقل من 50 الف طن مقابل 100 الف عام 2011 بحسب معهد تربية المواشي) بسبب قيود صحية روسية غالبا ما إعتبرت «اعذارا سياسية» بحسب غي هيرمويه نائب رئيس الإتحاد الوطني لمربي البقر في فرنسا المكلف شؤون التصدير.
واعتبر ان الدول التي ستعاني اكثر من غيرها من القرار الروسي هي بلجيكا وهولندا وألمانيا.و على مستوى منتجات الحليب فإن اكثر المتضررين هما الدنمارك وهولندا. اما الخنزير فقد كانت صادراته الأوروبية قد علقت بالكامل بعد قرار روسي صادر في 29 كانون الثاني/يناير يحظر إستيراد خنازير من الإتحاد الأوروبي بعد التأكد من رصد اصابات بحمى الخنازير في خنازير برية.
وصدر ذلك الحظر الروسي على خلفية توتر قائم أصلا بخصوص اُوكرانيا واعتبرته فرنسا « تبريرا ضعيفا» وقدمت في نيسان/ابريل شكوى بهذا الخصوص امام منظمة التجارة العالمية. ويأمل المنتجون الفرنسيون ان تنظر المنظمة في العقوبات التي فرضتها موسكو بحسب بولان. ويراهن بولان كذلك على رد فعل المستهلكين الروس امام رفوف متاجر ستبقى فارغة.
لكن باربييه الذي يمثل منتجي الفاكهة فقد إعتبر ان «الخطر على الأوروبيين يكمن كذلك في ان تسحب منهم حصص من السوق لصالح آسيا او أميركا اللاتينية، سيكون من الصعب جدا إستعادتها لاحقا».من جهته توقع إتحاد المزارعين الألمان أن يترك قرار روسيا الخاص بحظر استيراد المنتجات الزراعية من الدول التى فرضت عقوبات على بلاده آثارا سلبية على المزارعين الألمان أيضا.
وقال أودو هيمرلينج، نائب الأمين العام للإتحاد أمس الأول «من المتوقع أن يزداد ضغط العرض داخل أسواق الإتحاد الأوروبي.. روسيا تمثل سوقا هامة بالنسبة لمنتجاتنا الرئيسية خاصة فيما يتعلق باللحوم ومنتجات الألبان».وأضاف «غير أننا نشهد وقفا للواردات الروسية منذ الخريف الماضي لأن روسيا ترى وجود مخاطر فيما يتعلق بأمنها الغذائي، ولكننا نرى أن ذلك بمثابة إجراءات سياسية أيضا».
وأوضح هيمرلينج أن روسيا لم تكن تستورد أصلا منتجات لحوم الأبقار و الطيور و منتجات الحبوب.وأصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأول أوامره بحظر الواردات الزراعية لمدة عام من الدول التي فرضت عقوبات على بلاده في ضوء الأزمة الاُوكرانية الجارية .
ورأى هيمرلينغ أن هناك من الروس من سيتضرر أيضا من هذا الحظر، وقال «روسيا تضر نفسها أيضا في بعض الجوانب، لقد ارتفعت أسعار لحوم الخنزير بالفعل في روسيا بشكل هائل، المستهلك الروسي يدفع ثمن هذه العقوبات التي فرضتها حكومته».