وكان يمكن لانتخاب دريان أن يكون بالتزكية نتيجة الإجماع الواسع حوله، لو لم يكن لهيئة العلماء المسلمين والجماعة الإسلامية رأي آخر
تبدو كل الطرق سالكة الى دار الفتوى أمام رئيس المحاكم الشرعية السنّية في لبنان القاضي عبد اللطيف دريان، لينتخب، في ما يشبه حفل تنصيب، مفتياً جديداً للجمهورية اللبنانية.
عبد الكافي الصمد/ جريدة الأخبار
وكان يمكن لانتخاب دريان أن يكون بالتزكية نتيجة الإجماع الواسع حوله، لو لم يكن لهيئة العلماء المسلمين والجماعة الإسلامية رأي آخر، بوقوفهما خلف الشيخ أحمد درويش الكردي مرشحاً منافساً، ما فرض، شكلاً، الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
لكن ذلك لا يلغي توقع الأغلبية الساحقة من المعنيين بانتخابات غد أن يحقق دريان فوزاً مريحاً، بعدما توافق تيار المستقبل والفريق السنّي المعارض له على دريان خلفاً للمفتي محمد رشيد قباني في منصبه. وتشير مصادر دار الفتوى إلى أن قباني سيستقبل غداً في مكتبه رؤساء الحكومة السابقين ويلتقط صورة جامعة معهم، كبرهان على المصالحة بينه وبين خصوم الأمس.
وكشفت مصادر متابعة لـ«الأخبار» أن المصريين الذين دخلوا على خط الوساطة من أجل تجاوز دار الفتوى انقساماً وشيكاً، كان سينعكس فرزاً سياسياً ودينياً حاداً داخل الطائفة السنية، «أنجزوا كل شيء، وما يحصل هو إخراج هذا الإنجاز وترجمته على الأرض، وأن أحداً من الأطراف الداخلية والخارجية الفاعلة والمؤثرة في لبنان لا يريد، لأسباب مختلفة، عرقلة الوساطة المصرية».
وأضافت أن عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان أمس «أعطت التوافق حول دريان زخماً إضافياً، ليس لأن دريان من المقربين منه والمحسوبين عليه فقط، بل لأن عودة الحريري قطعت الطريق على إمكانية عدم التزام بعض أفراد الهيئة الناخبة، التي يبلغ عدد أعضائها 105، خصوصاً من الموالين للحريري، بالتصويت لدريان لحسابات وأسباب مختلفة، إما بانتخاب الكردي أو بالاقتراع بورقة بيضاء أو بالتغيب عن جلسة الانتخاب».
وأشارت المصادر إلى أن هذه التطورات، وتحديداً إجماع تيار المستقبل ومعارضيه داخل الطائفة السّنية على دريان وعودة الحريري أمس، «أسقطت أغلب رهانات هيئة العلماء والجماعة على إمكانية أن يحصل الكردي على أصوات وازنة، لا تؤهله للفوز بطبيعة الحال، لكون الانتخابات محسومة نتائجها سلفاً، ولأن أصواتهما ضمن الهيئة الناخبة تتراوح بين 5 و7 في المئة في أحسن الاحوال، بل لإثبات حضورهما وفعالية دورهما في مؤسسات الطائفة، ولإيصال دريان إلى منصب المفتي ضعيفاً.
لكن هذه الحسابات ستجد أمامها واقعاً مستجداً يصعب عليهما في ظله تحقيقها، وهو أن المفتي المقبل سيكون إلى جانب مهمته الأولى، في إعادة توحيد الطائفة حوله وترتيب بيتها الداخلي، مساهماً في الحرب على الإرهاب التي بات لبنان شريكاً رئيسياً فيها.
وعليه، تؤكد المصادر أن «لا مجال للتساهل أبداً في هذا الموضوع، وأن مساعي جدّية بدأت في الساعات الماضية من أجل سدّ كل الثغر ضمن الهيئة الناخبة، بهدف حصول دريان على أعلى عدد ممكن من الأصوات لتحقيق ما يشبه الإجماع حوله، لأن المرحلة المقبلة، بما تحمل من استحقاقات ومخاطر، تتطلب إجماعاً واسعاً حول المفتي ودار الفتوى، نظراً إلى الدور الكبير والمهمات المنوطة بهما».