23-11-2024 01:19 AM بتوقيت القدس المحتلة

التلفزيون يسحق نجوم الإنترنت السعودي

التلفزيون يسحق نجوم الإنترنت السعودي

اعتبر البعض البرنامج «سخيفاً وسامجاً وغير هادف». ولم يستغرب قاضي وأبو عمرة ردود الفعل السلبيّة كما صرّحا لتلفزيون «العربيّة» خلال رمضان، كون العمل «جديدا على جمهور التلفزيون».

التلفزيون يسحق نجوم الإنترنت السعودييستوطن السعوديّون «يوتيوب»، كملاذٍ افتراضيّ، بعيداً عما يقدّمه الإعلام التقليديّ من محتوى لم يعد يستهوي الشباب السعوديّ، الشريحة التي تشكّل أكثر من نصف سكّان المملكة. 

رنا داود/ جريدة السفير

وأصبحت السوق السعوديّة، وهي الأضخم على «يوتيوب» بعد سوق الولايات المتّحدة، مَعبَراً لكثير من الشباب السعوديّين، لتحقيق الانتشار والربح، ونيل فرص لم يكونوا ليحظوا بها عبر منصّات تقليديّة. إلّا انّ بعض نجوم «يوتيوب» السعوديين، قرّروا مؤخّراً خوض تجربة التلفزيون. لكنّ التجربة كانت برأي الكثيرين نقطة سوداء في سجلّهم.

أطلّت هتون قاضي نجمة «نون النسوة» على «يوتيوب» خلال رمضان عبر شاشة «أم بي سي» في برنامج «كلمتين وبس» الكوميديّ اليوميّ، وتناوبت على تقديمه مع صالح أبو عمرة نجم «روايا» القادم من «يوتيوب» أيضاً. وفي الحلقات التي لا تتجاوز مدّتها العشر دقائق، تناول كلّ من أبو عمرة وقاضي بعض ظواهر المجتمع السعوديّ بأسلوب ساخر. لكنّ المعدّين استوردوا البرنامج من «يوتيوب» ووضعوه في قالب تلفزيونيّ لا يتّسع له.

فلم يضيفوا إلى أسلوب «الستاند أب» المستنسخ من برنامجَي قاضي وأبو عمرة إلّا ديكور غرفة الجلوس، والكاميرات الضخمة. وهذا ما دفع الكثيرين من جمهور التلفزيون إلى عدم تقبّل الفكرة البسيطة عند مخاطبتها جميع أفراد الأسرة. في حين اعتبر البعض البرنامج «سخيفاً وسامجاً وغير هادف». ولم يستغرب قاضي وأبو عمرة ردود الفعل السلبيّة كما صرّحا لتلفزيون «العربيّة» خلال رمضان، كون العمل «جديدا على جمهور التلفزيون».

وقد طالت الانتقادات أيضاً الممثّل ياسر بكر، أحد مؤسّسي «نادي جدّة للكوميديا»، لمشاركته في تقديم برنامج «دوت شباب» على «أم بي سي» مع ياسر الشمراني. «دوت شباب» برنامج تفاعليّ شبابيّ يبثّ مباشرةً على الهواء، ويتناول أبرز صيحات الإنترنت السعوديّ. بعد انتهاء الحلقة الأولى، أعلن بكر عن تقديمه الأسبوع الأوّل فقط من البرنامج، لينسحب بعد الحلقة السادسة ويحلّ مكانه صاحب برنامج «يطبعون» على «يوتيوب» هادي الشيباني، مع أنّ «برومو» البرنامج الأساسيّ لم يذكر ذلك. وعلّق بعضهم على انسحاب بكر من البرنامج، بأنّه تصحيح لخطأ ظهوره على التلفزيون، بينما شكّك البعض في خلفيّات توقّفه بالرغم من تصريح سابق له، أعرب فيه عن فرحه بالمشاركة في التجربة.

تصدير المواهب والأفكار من «يوتيوب» إلى الشاشة الصغيرة مردّه إلى ضعف المردود المادّي للإعلانات عبر الموقع، مقارنةً بالعروض السخيّة التي يقدّمها منتجو التلفزيون الذي يستقطب شريحة أوسع من الجمهور، من مختلف الفئات العمريّة والاجتماعية.

في استديو التلفزيون السعودييرى عبد العزيز شعلان، مطوّر الأعمال في «تلفاز ١١»، الشركة المنتجة لسلسلة من قنوات «يوتيوب» منها «لا يكثر»، و«خمبلة»، وقناة علاء وردي، أنّ القائمين على التلفزيون يعانون ضعفا في التخطيط، لكنّهم سيسلّمون بذلك النقص، عاجلاً أم آجلاً، ويرضخون للتعاون مع منتجي محتوى الإنترنت الذين راكموا خبرات واسعة في إنتاج محتوى هائل للشبكة، بتكاليف إنتاجيّة بسيطة، مقارنة بالاستثمارات في التلفزيون.

كما يرى شعلان أنّ انتقال مقدّمي برامج «يوتيوب» إلى التلفزيون سيكون محكوماً بالفشل دوماً، ما دام التلفزيون ينتقي التعاون مع وجه البرنامج فقط، من دون فريق الإعداد، «فنجاح موهبة ما ليس منوطاً بجهد فرديّ، بل هناك فريق عمل متكامل مسؤول عن ذلك النجاح». ويضيف: «دورة حياة برامج التلفزيون قصيرة جدّاً، أي أنّ صلاحيتها تنتهي بسرعة من دون تحقيق استقطاب واسع، ويعود ذلك إلى تغيّر ذائقة المشاهد الذي انفتح على أسلوب جديد وحيويّ وبسيط عبر «يوتيوب» والمنصّات الأخرى مثل «إنستغرام»، و«كيك»، و«فاين».

ويتوقّع شعلان فورة في محتوى «يوتيوب» قريباً: «سيموت 80 في المئة من المحتوى بصيغته القديمة في غضون عامين، وسندخل مرحلة جديدة من تقديم المحتوى العالي الجودة (premium content)».

تضيق شاشة التلفزيون بالمواهب السعوديّة بينما يحتضنها «يوتيوب». لذا لا بدّ من أن يحدّد نجوم «يوتيوب» ولاءهم لشاشة واحدة، وإلّا فتحوا على أنفسهم أبواب الرفض، أو «جابوا العيد»(&) كما يقول السعوديّون.

(&) مصطلح سعودي يعبّر عن هول المصيبة