"لقد ساءت حالته منذ أسبوعين، وصار وضعه صعبا منذ عدة أيام، وهو الآن يغفو ويصحو. يحاول الحديث لكن بصعوبة"، مشيراً إلى أنه "يعاني من سرطان الكبد منذ 3 سنوات
"لن يموت القسام والظلم حي/ كل طفل من شعبنا قسام"، هذا البيت الشعري ليس من قصيدة مدحٍ في إنجازات المقاومة الفلسطينية الأخيرة وصواريخها التي أرعبت الإسرائيليين، بل هو بيت ألقاه الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم، في العام 1979، في النادي الأرثوذكسي العربي في القدس.
والقاسم، "شاعر المقاومة الفلسطينية" كما يصفه الراحل الكبير محمد دكروب، يعاني منذ 3 سنوات من مرض السرطان. وقد تدهورت حالته، في الآونة الأخيرة، وهو كان قد توجّه إلى مرضه، لدى إبلاغه بوجود ورم في جسده: "اشرب فنجان القهوة يا مرض السرطان كي أقرأ بختك بالفنجان".
ويصلّي العالم العربي على نيّة "الشاعر القديس"، كما وصفه الكاتب لطفي بولعابة.. هو الذي "منتصب القامة يمشي مرفوع الهامة يمشي.. في كفه قصفة زيتون وعلى كتفي نعشه".. هو "قيثارة فلسطين"، "متنبي فلسطين"، كما تصفه الشاعرة والباحثة الدكتورة رقية زيدان.. وهو "شاعر العرب الأكبر" كما يراه الناقد الدكتور المتوكل طه.. هو "سيّد الأبجدية"، بحسب الكاتب عبد المجيد دقنيش.. هو من اعتبره الكاتب محمد علي طه "شاعر العروبة بلا منازع وبلا نقاش وبلا جدل" ورأى فيه الناقد حبيب "فرادة النبوّة".
وقد كتب فيه رئيس تحرير جريدة "السفير" الأستاذ طلال سلمان في أيلول الماضي، "لقد سكن سميح القاسم وجدان الأمة منذ أول قصيدة، خصوصاً أنها كانت فتحاً جديداً في عالم الشعر المرتبط بالأرض وأهلها، والذي لا يتوجه إلى إثارة حماستك بقدر ما يتوجه إلى ضميرك الوطني وإلى انتمائك القومي فيزيد من شعورك بالتقصير".
"أنا لا أحبك يا موتْ/ لكني لا أخافك./ واعلم أني تضيق عليَّ ضفافك/ واعلم أن سريري جسمي/ وروحي لحافك/ أنا لا أحبك يا موتْ/ لكني لا أخافك"، كتب القاسم أيضاً في ظل معاناته. هو الذي رثى صديقه محمود درويش في 10 آب 2008، في قصيدة بعنوان "خذني معك".
ويمرّ الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم بأوضاع صحية صعبة بعد أن تدهورت حالته في الأيام القليلة الماضية، جراء معاناته من مرض السرطان الذي ألم به منذ سنوات، إذ يعالج منه في مستشفى صفد شمال فلسطين.
وقال صديقه وصديق عائلته الكاتب، عصام خوري، مدير مؤسسة محمود درويش لوكالة "فرانس برس"، إن "شاعرنا الكبير، سميح القاسم، يمر بأوضاع صحية صعبة ونتمنى له الشفاء".
وأضاف: "لقد ساءت حالته منذ أسبوعين، وصار وضعه صعبا منذ عدة أيام، وهو الآن يغفو ويصحو. يحاول الحديث لكن بصعوبة"، مشيراً إلى أنه "يعاني من سرطان الكبد منذ 3 سنوات، ولم يشف نهائيا منه. كان يخضع للعلاج باستمرار في مستشفى صفد".
ومن جهته أعلن وزير الثقافة الفلسطيني السابق، يحيى يخلف، عبر صفحته الرسمية على "فايسبوك"، أن "شاعر فلسطين وتاريخها ومقاومتها وكرامتها وعنفوانها وألقها سميح القاسم في وضع حرج بالمستشفى، فهو يعاني من مرض السرطان منذ 3 سنوات، وضعه حرج للغاية، الخبر صدمني، فجيعة أحسست بها يوم رحيل محمود درويش".
يشار إلى أن القاسم ولد في 11 أيار العام 1939 في بلدة الرامة شمال فلسطين، ودرس في الرامة والناصرة، واعتقل عدة مرات، وفرضت عليه الإقامة الجبرية من القوات الإسرائيلية لمواقفه الوطنية والقومية، وقاوم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها. وتنوعت أعماله بين الشعر والنثر والمسرحيات ووصلت لأكثر من 70 عملا. وقد نشر أكثر من 6 مجموعات شعرية، مع بلوغه سن الثلاثين.
وكان والده ضابطاً برتبة رئيس (كابتن) في قوّة حدود شرق الأردن وكانَ الضباط يقيمونَ هناك مع عائلاتهم. حينَ كانت العائلة في طريق العودة إلى فلسطين في القطار، في غمرة الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعرَ الركَّاب وخافوا أنْ تهتدي إليهم الطائرات الألمانية!..
وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى آن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحينَ رُوِيَت الحكاية لسميح فيما بعد تركَتْ أثراً عميقاً في نفسه: "حسناً لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لنْ يقوى أحدٌ على إسكاتي".
وقد أسهَمَ في تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم" العام 1966. ثم عاد للعمل محرراً أدبياً في "الاتحاد" وآمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها. وأسَّسَ منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري العام 1973، وأدار فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا.
رَئِسَ اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما. ورئس تحرير الفصلية الثقافية "إضاءات" التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم. وهو اليوم رئيس التحرير الفخري لصحيفة "كل العرب" الصادرة في الناصرة.
صدر له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة.
تُرجِمَ عددٌ كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى. كما حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات.