يكفي أن يدور الجدال في إسرائيل حول من انتصر في عدوانها على قطاع غزة، للتأكد من انتصار المقاومة الفلسطينية. أن يبحث مسؤولو تل أبيب وخبراؤها ومحللوها في أصل الانتصار أو «هل استطعنا أن نحقق التعادل»
يحيى دبوق
يكفي أن يدور الجدال في إسرائيل حول من انتصر في عدوانها على قطاع غزة، للتأكد من انتصار المقاومة الفلسطينية. أن يبحث مسؤولو تل أبيب وخبراؤها ومحللوها في أصل الانتصار أو «هل استطعنا أن نحقق التعادل»، بحسب تعبير احد الخبراء، ومع لحاظ قوة وإمكانات جيش العدو الإسرائيلي قياسا بما لدى الفصائل الفلسطينية، لهو دليل كامل على هزيمة تل أبيب.
مع ذلك، وكما بات معروفا، أيدي إسرائيل العسكرية تعمل في غزة، وعيونها شمالا، باتجاه لبنان وحزب الله. ومع كل التقدير لأداء المقاومة الفلسطينية ميدانيا، وتحديدا ما يتعلق بالمواجهة البرية الذي فاق كل التوقعات، إلا أن الحرب مع حزب الله ستكون حربا مغايرة تماما، وفيها ما تدركه تل أبيب مسبقا، وبات راسخا في وعيها، وفيها ما لا تدركه. وإذا كانت المقاومة قد افتقدت في الماضي القدرة على التدمير شبه الموازي لقدرة إسرائيل نفسها، إلا أنها الآن في موقع آخر تماما. وسيان إن جاء التدمير بسلاح الجو أم بسلاح آخر.
قد يدور جدال لا ينتهي، حول إمكان نشوب حرب جديدة، تكون تكملة لحرب عام 2006، مع الوعد بأنها ستكون أقسى وأكثر شراسة وتدميرا، لكن يوجد ما يكفي من الأسباب، في مقابل هذا الجدال، تدفع الطرفين للامتناع عن خوضها، بل وأيضا الامتناع عن فعل ما من شأنه أن يتسبب بها، إلا أنه بين الامتناع عن الحرب والحديث عنها، فارق كبير، وخاصة أن إحدى وسائل منعها، إسرائيليا، هي بالحديث عنها. وهذا أحد أسباب إصرار تل أبيب على إثارة الحرب مع حزب الله على نحو دوري، والتذكير بأثمانها وأهوالها. وبعيدا عن حروب التصريحات والمواقف والتهديدات، يخوض الطرفان، إسرائيل وحزب الله، عدة مواجهات وفي طبقات ومستويات مختلفة، منذ حرب عام 2006: الاستعداد لخوض الحرب المقبلة إن وقعت، مقابل العمل الحثيث على منعها. أما في الزمن الفاصل وفترة اللاقتال، فيختبر كل طرف إرادة عدوه وما لديه من هامش للمناورة، وتحديدا ما يتعلق بالخطوط الحمراء للطرفين. وهما في ذلك يسيران على حد السيف، وأي خطأ في الحساب والتقدير، قد يدفع إلى مواجهة لا يريدانها في هذه المرحلة، وإن كانا يعلنان أنهما مستعدان لخوضها.
ضمن تقارير الحرب المقبلة، التي كثر الحديث عنها اخيرا في اسرائيل، اشار موقع (NFC) الإخباري العبري على الانترنت، في تقرير موسع عن الحرب مع حزب الله، وعلى خلفية الحرب القائمة حاليا ضد غزة، إلى «عينة افتراضية» مما قد ينتج عنها. يسأل الموقع، ماذا لو استطاع احد صواريخ حزب الله، من مئة ألف صاروخ، ومنها ما هو دقيق ومدمر وقادر على الوصول إلى الهدف بسهولة، إصابة هدف استراتيجي، مثل محطات توليد الطاقة في حيفا والخضيرة، أو إصابة هدف استراتيجي آخر في مرفأ حيفا، حيث مصافي النفط ومستودعات الغاز، الذي سيتسبب تفجيره بزيادة حجم الخسائر البشرية والمادية، إلى حد لا يمكن تصوره؟
صحيح أن هذه فرضية من الفرضيات ترتبط بالحرب نفسها، ولا ترتبط بفترة اللاحرب، لكنها جزء لا يتجزأ من تقديرات الطرفين وأفعالهما في زمن اللاقتال، ومع العلم أن الخطأ في الحسابات قد يوصل إلى أكثر بكثير من ذلك. ففي فترة الحرب لا يمكن لوم المقاومة على افعالها، وخاصة إن اقدمت اسرائيل على تنفيذ ما تهدد به دائما، من قتل المدنيين في لبنان بلا هوادة ولا رادع، اضافة الى تدمير البنى التحتية اللبنانية على اختلافها. عندها لن يكون بمقدور المقاومة أن تقف مكتوفة الأيدي.
في هذا السياق، يشير موقع (NFC) أيضا، إلى أن حزب الله سيطلق على الحرب المقبلة تسمية «نصر الله»، ليس على أساس اسم أمينه العام، بل على أساس المعنى الحرفي للكلمتين باللغة العربية: «النصر من عند الله». هي حرب، يضيف التقرير العبري، «لا أحد يمكنه أن يعرف متى تنشب، إلا أن الوسائل القتالية الموجودة لدى العدو (حزب الله)، المتطورة والكثيرة، تتلاءم كثيرا مع الحرب الموعودة لدينا في التوراة: حرب ياجوج وماجوج»، وهي حرب قاسية وخطرة جدا على اليهود... وللكلام صلة.
http://www.al-akhbar.com/node/213553
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه