على موقع التدوينات القصيرة، نشر بعض الجهاديين تغريدات احتفالاً بموت ويليامز، في حين نشر آخرون صوراً له أثناء زيارته أفغانستان لدعم الجنود الأميركيين
لن تكفي ساعات طويلة لقراءة تغريدات المعزّين على «تويتر»، بعد كل فاجعة تصيب الكوكب. بات موقع التدوينات القصيرة، أشبه بورقة نعي مفتوحة، إذ يأخذ الحزن عليه أشكالاً مختلفة، تصل حدّ الغرابة في بعض المناسبات. آخر تلك المناسبات كانت رحيل الممثل الكوميديّ الأميركي روبن ويليامز في 11 آب/ أغسطس الحالي منتحراً، بعد معاناته من مرض الاكتئاب.
وبين الرحيل والانتحار، يختلف المعنى لدى المتلقّي، الذي يجد مناسبة للاستفاضة بمكنوناته، تعبيراً عن عجبه لموت كوميديّ «انتحاراً بسبب الاكتئاب». ولكنّ السيرة الأكثر غرابة، تجلّت لدى بعض المغرّدين الجهاديين الذين اكتشفوا فيديو للراحل تمّ تصويره في العام 2002. يسخر ويليامز في الفيديو (1:55 د.) من «أولئك الجهاديين الذين يفجّرون أنفسهم لينالوا الجنة وحورياتها».
أبرز المعلّقين على ذلك الفيديو، كان عبدالله، «19 عاماً، ناشط جهادي»، كما يحب أن يعرفنا عن نفسه عبر حسابه على «تويتر»، حيث يغرّد بالإنكليزيّة. يشدّد عبدالله على أنّه طالبٌ للعلم، ومعادٍ للديموقراطية، ومبايع لدولة الخلافة، وخليفتها إبراهيم. تحوّل عبدالله في الأيام التي أعقبت رحيل ويليامز إلى نجم الإعلام الأميركي ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشره لتغريدة يعبّر فيها عن حبّه لفيلم «جومانجي» من بطولة ويليامز (1995). مجاهد آخر اسمه «ابن فلان» ردّ على عبدالله مبدياً إعجابه بالفيلم أيضاً، وغرّد قائلاً: «كنت أتابعه دائماً، وأحتفظ بأفلامه».
يستغرب «عبدالله» الذي يكره الكفار، كما يقول، موت روبن ويليامز، لأنّه كبر وهو يشاهد أفلامه، بحسب تعبيره. لكنّه يعود ليستدرك في تغريدة أخرى، أنّ الممثل الكوميديّ «شنق نفسه (سبحان الله). كم الإسلام رحيم، أحمد الله على نعمة الإسلام الذي يحمي من الاكتئاب». وفي تغريدة ثالثة، يعلّق على مقطع الفيديو قائلاً: «اسمعوا ما قاله عن الإسلام والمجاهدين. فليحرقه الله. هو لم يهن الجهاد فحسب، لكنه أهان القرآن. هذا هو الكفر بعينه».
وجدت كل من «بي بي سي»، و«اندبندنت آي 100»، في تغريدات عبدالله، مادة دسمة لتحليلها والتعليق عليها. على سبيل المثال، غرّد محرّر الأخبار في خدمة «آي 100» ماثيو شامبيون على «تويتر»، طالباً من عبدالله إجراء مقابلة معه، للحديث عن رأيه بفيلم «جومانجي»، ليردّ المجاهد الصغير: «إذا كان مستقبلي كناشط جهادي لن يتأثر، فلا مانع لديّ أن أصبح ناقداً سينمائياً». حظي هذا الردّ باهتمام بالغ على مواقع التواصل، ونقلته أكثر من وسيلة إعلاميّة، ما دفع بعبدالله للتعليق قائلاً: «لقد تفشيت على الإنترنت، الجميع يتبعونني الآن، ويريدون معرفة الأفلام المفضلة لديّ. حسناً، أنا أدعم الدولة الإسلامية والجهاد، وأشاهد الأفلام أيضاً».
على موقع التدوينات القصيرة، نشر بعض الجهاديين تغريدات احتفالاً بموت ويليامز، في حين نشر آخرون صوراً له أثناء زيارته أفغانستان لدعم الجنود الأميركيين. ولم ينتهِ الأمر هنا، فالناشط الجهادي «أبو بكر الجنبي»، عبّر عن استيائه من حزن المغرّدين المسلمين على روبن ويليامز، ودعاهم إلى مراجعة عقيدة «الولاء والبراء». من جهته، علّق مراسل «نيويورك تايمز» ليام ستاك على تدوينات الجهاديين قائلاً «إنّ تعليقاتهم الغريبة من الأسباب التي تجعلك تحبّ الانترنت».
عندما تموت شخصية معروفة، تعيد مواقع التواصل الاجتماعي تذكيرنا بأن الموت أصبح عاماً لدرجة لا تُطاق أحياناً. كما تذكّرنا المنصات الاجتماعية بالإساءة والأذى التي قد تصدر عن بعض المعلّقين، في مناسبات حزينة مماثلة. فـ«تويتر»، عدا عن وظائفه الكثيرة، بات يستقطب بعضاً من أسوأ ردود الفعل، وذلك ما دفع بزيلدا ويليامز ابنة الراحل، إلى ترك مواقع التواصل إلى أجل غير مسمّى، بعد تلقيها صوراً ورسائل قاسية عقب انتحار والدها.