23-11-2024 06:32 PM بتوقيت القدس المحتلة

خطر "داعش"..الرياض تتحسب..الرباط تتهيأ...ولندن تتخوف

خطر

"لا إفراط ولا تفريط" قاعدة قد تكون الامثل لتوصيف خطر الفكر التكفيري المتمثل بتنظيم "داعش" على مجتمعات وشعوب المنطقة التي زُجت في أتون فوضى مدبرة هدفها تدمير النفوس والعقول.



حسين ملاح

"لا إفراط ولا تفريط" قاعدة قد تكون الامثل لتوصيف خطر الفكر التكفيري المتمثل بتنظيم "داعش" على مجتمعات وشعوب المنطقة التي زُجت في أتون فوضى مدبرة هدفها تدمير النفوس والعقول.


الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته الاخيرة "وضع الاصبع على الجرح" حين أكد أنَّ المنطقة امام مخطط تدميري وخطر وجودي مشدداً في الوقت نفسه على إمكانية إلحاق الهزيمة في "المشروع الداعشي".لكن النقطة البارزة في كلمة سماحة السيد هو توفر بيئة حاضنة لفكر "داعش" التكفيري في العديد من المجتمعات العربية وحتى الغربية ، حيث يقول السيد نصرالله "الأخطر أنه (داعش) له أرضية، لماذا يجب أن نختبئ وراء أصبعنا، له أرضية في العديد من الدول العربية، ليست أرضيته أهل السنة والجماعة كلا، أرضيته هم أتباع هذا الفكر الذي يكفّر كل من سواه ويستبيح دماء كل من سواه ويسبي أعراض كل من سواه ويقول بالذبح جئناكم".

بيئة "داعش" الحاضنة أضحت واقعاً يُؤرق حكام المنطقة وبالاخص الدول الخليجية وهو ما ترجمته الصحافة في تلك البلدان وتحديداً السعودية التي تشن حملة واسعة ضد "داعش" محذرة من خطورة الفكر التكفيري أو ممن تصفهم السلطات السعودية "بالفئة الضالة".

حملةٌ بلغت ذروتها مع الهجوم غير المسبوق الذي شنه الملك عبد الله بن عبد العزيز مطلع الشهر الحالي على دور علماء الدين في محاربة الفكر التكفيري حين قال "أرى فيكم (علماء الدين) كسلا وصمتا وأمر ما هو واجب عليكم".مهاجمة الملك عبدالله لدور علماء بلاده بهذا الشكل العلني ما كان ليحصل لولا إستشعار الحكم السعودي الخطر الذي ينمو داخل المملكة حيث تتوفر للتنظيمات الارهابية أرضية خصبة آخذة بالتنامي ، وأكبر دلالاتها الارتفاع المستمر في اعداد السعوديين الذين ينضمون لتلك الجماعات ، في وقت تؤكد دراسات وتقارير اعلامية ان اغلبية الهجمات الانتحارية في العراق وسوريا ينفذها سعوديون.

خطر "البيئة الحاضنة للارهاب" عكسته صحيفة الحياة السعودية في عددها الصادر يوم الاحد 17 – 8 – 2014 .وكشفت الصحيفة ان سعوديين منضمين لـ"الجماعات الإرهابية" يبيعون ممتلكاتهم لدعمها، وتنقل الصحيفة عن أُسر سعوديين انضموا أخيراً إلى صفوف التنظيمات الإرهابية قولها "ان أبناءهم حملوا معهم مبالغ كبيرة، بعد بيعهم ممتلكاتهم الشخصية، من سيارات وممتلكات عقارية ومبالغ نهاية خدمة من أعمالهم، قبل التحاقهم بساحات القتال من طريق تركيا".

مخاوف الرياض من تغلغل "النفوذ الداعشي" وغيره أكدته الصحف ومعاهد الدراسات الغربية .ففي دراسة للباحث (أندرو جيه. تابلر) نشرها في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى حذَّر الكاتب من تهديد مسلحي "داعش" للأنظمة الملكية في منطقة الخليج وبالاخص السعودية. وفي إشارة الى عزف بعض حكام المنطقة على لعبة استخدام الجماعات المسلحة في الساحة السورية ، يوضح الكاتب ان هؤلاء "الحكام استغلوا النفوذ السلفي والتعاطف العام مع المعارضة السورية كذريعة لعدم التصدي في وقت سابق للشبكات المالية الجهادية" ، وذلك في تكرار للحالة الافغانية أبان ثمانيات القرن الماضي.

الخشية من تمدد تنظيمات "داعش" و"النصرة" طرقت ابواب المغرب المغربي التي باشرت دوله في اتخاذ خطوات عملاتية "لمنع تسلل الاخطار الارهابية" ، ونقلت صحيفة الشرق الاوسط السعودية عن مصادر مغربية في عددها الصادر بتاريخ 17 – 8 – 2014 قولها ان الرباط نشرت صواريخ مضادة للطائرات في الدار البيضاء لمواجهة تهديد "الإرهاب" بعد تمكن منظمات "إرهابية" ليبية من الحصول على طائرات مدنية وحربية، وتلفت المصادر الى "أن مغاربة تلقوا تدريباً على الطيران في العراق وليبيا، وهو ما جعل السلطات المغربية تأخذ التهديدات محمل الجد".

دول القارة العجوز لا تبدو أشفى حالاً وها هو دافيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا (الدولة المستعمرة السابقة للعراق) ينبه من ان تنظيم "داعش" قد يستهدف شوارع لندن اذا لم يتم ايقافه. وفي معرض تحذيره من مخاطر وجود ما يسميه "دولة الخلافة الارهابية" على سواحل البحر الابيض المتوسط ، يقول كاميرون في مقالة له بصحيفة الصنداي تلغراف إن "الغرب متورط في صراع ممتد على مدار اجيال متعددة ضد نوع من التطرف الخطير والذي سيجلب الارهاب الى شوارع بريطانيا اذا لم يتم اتخاذ اجراءات عاجلة لمواجهته ودحره".

"خشية" كاميرون تأتي بعد ساعات من الاستفاقة المتأخرة لمجلس الامن الدولي الذي أصدر قراراً قضى بقطع التمويل عن التنظميات الارهابية كـ"داعش" و"النصرة" ، بعد مرور نحو ثلاث سنوات ونصف على اندلاع الازمة السورية وما رافقها من تحذيرات حول خطورة الاستمرار في دعم الجماعات المسلحة من قبل تركيا والسعودية وقطر والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة.

طبعاً خشية عربية وغربية من "داعش" لها مبرراتها ولكن السؤال البديهي لماذا صمتت تلك الدول وتورط بعضها في تمويل وتدريب وتهريب الجماعات المسلحة الى العراق وسورية؟ ولماذا يكرر هؤلاء أخطاء الثمانينات حين ساهموا في انشاء تنظيم القاعدة ومتفرعاته؟ والأهم هل ستُترجم الخشية من "داعش" بمساهمة فعالة لإنقاذ مجتمعات المنطقة من الابادة أم يقتصر الامر على الوقوف على التل والنظر الى حرائق الشرق الاوسط المدبرة في غرف واشنطن السوداء...؟؟؟