يخشى شعبان أن يكون الميثاق الذي طالبت به دار الإفتاء بداية لقوانين جديدة، تريد الدولة أن تضعها للتحكم بمواقع التواصل، بحجة دينية.
في سابقة هي الأولى من نوعها أصدرت دار الإفتاء المصرية تقريراً خاصا بوسائل التواصل في مصر، طالبت من خلاله بوضع ميثاق شرف لوضع ما أسمته «ضوابط وأخلاقيات لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي».
ذلك ما يعتبره معنيّون بحرية التعبير، مؤشراً سلبياً إلى رغبة النظام المصري بفرض رقابة بخلفية دينية.
يعد «مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة» جزءاً من دار الإفتاء المصرية، ويعمل بشكل أساسي على رصد أي دعوات تكفيرية أو شاذة، ويضع آلية للردّ عليها من الناحية الدينية.
أطلق المرصد السبت الماضي ما أسماه «دراسة حول الاستخدام غير المنضبط لشبكات التواصل الاجتماعي»، تناولت «انتشار الشائعات والفضائح، والتنابذ بالألقاب البذيئة والسباب بين الناس»، ما اعتبرته الدراسة «محرّماً شرعاً، ولا يجوز في أي حال من الأحوال، بل هو من باب نشر الفاحشة».
طالبت الدراسة بميثاق شرف يضع ضوابط للسوشل ميديا، يتضمَّن مبادئ دينية يجب أن يراعيها رواد مواقع التواصل في نقاشاتهم أو كتاباتهم، حتى لا تصبح مواقع التواصل مساحة لنشر الشائعات والفضائح والشتائم، على حد تعبير الدراسة. وطالبت الدراسة بأن تكون «أخلاقيات التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي مستمدّة من قواعد الدين الصحيحة».
من دون صلاحيات
يرفض الباحث الإعلامي في «شبكة المدافعين عن حرية الإعلام» هشام شعبان وجود «رقابة من أي نوع على كل وسائل الإعلام، خصوصاً وسائل التواصل». يخشى شعبان أن يكون الميثاق الذي طالبت به دار الإفتاء بداية لقوانين جديدة، تريد الدولة أن تضعها للتحكم بمواقع التواصل، بحجة دينية. يقول لـ«السفير»: «لماذا تركت دار الإفتاء الخطباء في المساجد ينشرون خطابات تحريض وكراهية وتفرغت لدراسة حول وسائل التواصل الاجتماعي؟ وما علاقة حرية التعبير على الإنترنت بدار الإفتاء المصرية؟». البديل من وجهة نظر هشام هو تقديم ورش عمل للشباب في التفكير النقدي والتحقق من المعلومات وكيفية التأكد من صحة أي أخبار، يتمّ تناقلها على مواقع التواصل.
يقول «مدير منتدى الإسكندرية للإعلام» أحمد عصمت لـ«السفير» إنّ وسائل الإعلام الاجتماعي وصحافة الانترنت، «لعبت دورا كبيراً في مصر خلال السنوات الأخيرة، لكنها بصفتها جزءا من منظومة الإعلام المصري بحاجة إلى تطوير، هناك حاجة حقيقية لظهور الهيئة المستقلة التي نص عليها الدستور المصري لإدارة شؤون الإعلام في مصر».
يرفض عصمت تدخل دار الإفتاء في وضع قوانين لإعادة تنظيم الإعلام بشكل عام أو وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، فلا علاقة لها بالأمر، لكنه يرى أنّ هنــاك حلولا أخــرى مثــل إقرار قانون حرية تداول المعلومات، كوسيلة لإلغاء فكرة نشر الشائعات على السوشل ميديا. ويرى عصمت أنّ «إصلاح منظومة التعليم، ونشر ثقافة الحوار والاختلاف في المدارس كلها ستؤدي بشكل غير مبــاشر لترشيد وتحسين التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي».
الهدف «تحرّي الصدق»
من جهته، يقول مستشار مفتي الجمهوريّة الدكتور ابراهيم نجم لـ«السفير»: «لا نهدف من خلال الدراسة التي أصدرناها، للرقابة على حرية التعبير على الإنترنت. ما أطلقه المرصد هو مجرد دراسة تطالب بأن يكون هناك ميثاق شرف من أهم بنوده تحري الصدق وعدم ترويج شائعات أو أكاذيب وعدم الخوض في الأعراض أو الحريات الشخصية واحترام الملكية الفكرية». ويضيف: «دور الدراسة أكاديمي وليس سياسياً، الهدف طرح أهمية أن يكون هناك ميثاق شرف، لا أن نفرض الأمر فالمرصد جهة بحث، لا جهة تنفيذ».
وسط سيل الأخبار في مصر، تجاهل كثيرون التعليق على دراسة دار الإفتاء.. أو ربما تجاهلوها لمعرفتهم بأنّ فرض رقابة على مواقع التواصل أمر يستحيل تنفيذه على أرض الواقع.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه