جورج مالبرونو الصحافي في جريدة "لو فيغارو" الفرنسية كان اول من كتب عن ان عناصر من حزب الله تورطت باغتيال الحريري مستنداً في ذلك على معلومات حصل عليها من احد المقربين من سعد الحريري
كتب نضال حمادة
بتاريخ 22 أب عام 2006، أي بعد أقل من عشرة أيام على توقف العدوان الإسرائيلي على لبنان كتب (جورج مالبرونو) الصحافي في جريدة "لو فيغارو" الفرنسية تقريرا بعنوان (ظل حزب الله في اغتيال الحريري ) أورد فيه معلومات نسبها الى مصادر لبنانية مقربة من آل الحريري تفيد بمسؤولية عناصر من حزب الله في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكان تقرير مالبرونو هو نقطة الانطلاق لعجلة الاتهام ضد حزب الله بعد أن استنفذت مسألة اتهام سورية.
وقد أعادت مجلة دير شبيغل الألمانية نشر تقرير مالبرونو في "لو فيغارو" بعد سنتين ونصف من نشره ومن ثم أعادت نشره مرات عديدة وتكرر نشر هذا التقرير الذي تبين منذ فترة أنه حرفيا نص القرار الإتهامي للمحكمة الدولية في هذه القضية.
في تلك الفترة وبعد عودتي من بيروت الى باريس التقيت جورج مالبرونو على هامش مؤتمر صحافي في نادي الصحافة الأجنبية في باريس وكان يومها يحتل الطابق الثاني في مبنى راديو فرنسا الدولي، ودار بيني وبينه حديث كشف فيه مالبرونو الجهة التي صاغت وصنعت القرار الإتهامي الذي صدر منذ يومين.
ماذا يقول جورج مالبرونو عن هذا الموضوع؟
في رده عن ملاحظاتي حول تقريره الشهير في جريدة "لوفيغارو" وحول توقيت نشر التقرير بالتزامن مع وقف العمليات العسكرية في لبنان وفلسطين وما رأيته من محاولة للضغط على حزب الله من باب الفتنة خصوصا أن المشادات الدبلوماسية كانت في أوجها في قضية دخول قوات طوارىء دولية جديدة الى الجنوب اللبناني مؤلفة بغالبيتها من دول أوروبية بما فيها فرنسا، وقولي له بالحرف إنه تقرير غير بريء وغير موثوق، انتفض الصحافي الفرنسي اليميني والمقرب من المحافظين الجدد في أميركا بأفكاره، انتفض محتجا على نعتي للتقرير بغير الموثوق وقال لي: "أوأكد لك أن هذا الكلام نقله لي مسؤول لبناني مقرب من عائلة الحريري، كما أزيدك أن المخابرات الفرنسية على علم باللقاء الذي جرى بيني وبين الرجل في باريس خلال الحرب". وعندما سألته عن هوية المقرب من العائلة الحريرية رفض الإفصاح عن الإسم، غير أن الوسط الصحفي الفرنسي تحدث يومها عن المقدم وسام الحسن، رئيس فرع المعلومات، أنه الشخص الذي زود مالبرونو بالخبر الذي تبين أنه ليس سوى القرار الإتهامي الذي سوف يصدر بعد خمس سنوات من تاريخ مقالة لوفيغارو.
غير أن المقال - القرار لم يعطي النتيجة المرجوة من نشره في (لوفيغارو) بسبب انخراط فرنسا الكلي كطرف في قضية محكمة الحريري وبسبب شخصية الصحافي مالبرونو في لوفيغارو، وهو الذي وجه كل مقالاته باتجاه سورية ومن ثم غيّر فجأة، وهذا ما افقد الجريدة الفرنسية والصحافي المذكور المصداقية وبالتالي لم يعط المقال الحراك المرجو منه وغاب لمدة سنتين ونيف عن المشهد ليعاد نشره ولكن هذه المرة في مجلة دير شبيغل الألمانية، في إعادة رسم لخريطة التعامل مع المحكمة وطريقة التسويق الإعلامي.
ويعود هذا التغيير في آلية العمل الإعلامي بخصوص التركيز على حزب الله ومسؤوليته الى عدة أسباب خارجية وفرنسية بالتحديد وهي:
أ – بروز فرنسا كطرف مباشر في قضة الحريري بعد مساعي شيراك في هذه القضية واستقبال الشاهد الملك الزور محمد زهير الصديق ما أسقط فرنسا كمصدر صدق في القضية
ب - أدت موافقة حزب الله حينها على وجود قوات فرنسية ضمن قوات اليونيفل في جنوب لبنان الى إعادة فرنسا النظر بتحملها عبىء توجيه الاتهام لحزب الله حتى ولو إعلاميا.
ج – رغبت فرنسا في بقاء ألمانيا في واجهة الحدث في هذه القضية خصوصا بعد فضائح القاضي ديتليف ميليس وبيان كذبه وفساده.
غير أن كلام مالبرونو عن علم المخابرات الفرنسية بهذا اللقاء بينه وبين وسام الحسن والذي حصل في أحد المطاعم الباريسية حسب ما قاله لي يومها يدل بشكل وضح على أن العمل الاستخباراتي في هذه القضية وفي توجيه الاتهام لعناصر من حزب الله كان هو الأساس بعيدا عن كل الأغاني الحزينة لنزاهة المحكمة وقضاتها وعن حيادية القانون الدولي الذي لا يتحرك إلا وفقا لرغبات الدول الكبرى وأجهزة استخباراتها وللحديث تتمة...