27-11-2024 10:49 AM بتوقيت القدس المحتلة

بين الانتخابات والتمديد... فتش عن السياسة!

بين الانتخابات والتمديد... فتش عن السياسة!

دخل الحديث عن إجراء الانتخابات النيابية مرحلة الجد أقله من الناحية السياسية والقانونية، حيث وقع مجلس الوزراء اللبناني مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.

دخل الحديث عن إجراء الانتخابات النيابية مرحلة الجد أقله من الناحية السياسية والقانونية، حيث وقع مجلس الوزراء اللبناني مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، بعد انقضاء المهلة القانونية لتوقيع المرسوم المذكور في منتصف ليل الاثنين في 18-8-2014.

وسبق لموضوع اجراء الانتخابات أن دخل البازار السياسي والاعلامي، بعد أن جرى التشكيك في نية البعض من الطبقة السياسية في لبنان في إجراء الانتخابات، وبعد أن طرحت العديد من التساؤلات عن امكانية ذلك فيما لو وجدت فعلا النية لاجرائها، فوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق كان واضحا في اعتقاده أنّ الاوضاع الامنية لا تسمح بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، رغم أن الوزير المشنوق قام بما يفرضه عليه القانون وقدم مشروع مرسوم "دعوة الهيئات الناخبة" الى مجلس الوزراء. 

هل ستجري الانتخابات النيابية في لبنان؟

ولكن في الحقيقة ماذا تعني واقعًا دعوة الهيئات الناخبة؟ هل هذا يعني ان الانتخابات تسير نحو تنظيمها أم أنّ هذا الامر لا يعدو كونه إجراءً بروتوكولياً شكلياً يفرضه القانون، باعتبار أنّ الانتخابات تحتاج الى ظروف واوضاع ملائمة تسمح باجرائها؟ وهل الظروف في لبنان -لا سيما الامنية منها- تسمح بتنظيم مثل هذه الانتخابات؟ وهل هناك فعلاً قرار سياسي باجراء الانتخابات؟ وان حصلت الانتخابات فعلى أساس أيّ قانون انتخابي؟ وهل سنعود من جديد لنرى النقاش والمزايدات حول القانون المحتمل أن تجري الانتخابات على أساسه أم أننا لن ندخل في كل هذا النفق ويعمد المجلس النيابي الى التمديد لنفسه؟ وهنا تطرح التساؤلات أيضًا عن قانونية هذا التمديد ومدى صوابيته.

برأي الوزير السابق عصام نعمان، فإنّ "الحكومة التي أهملت في دعوة الناخبين ضمن المهلة القانونية أصدرت مرسوم دعوة الهيئات الناخبة خارج هذه المهلة لتظهر أو لتبدو أمام الرأي العام أنها تريد ولا تعارض اجراء الانتخابات النيابية"، ولكنه يعرب عن اعتقاده بأنّ "هذا العمل هو مجرد عمل شكلي للايحاء بالجدية لكن في الواقع لا يبدو أنّ أحدًا من الاطراف المشاركين بالحكومة جاد في مسألة الانتخابات".

وفي حديث لموقع قناة "المنار"، يقول نعمان "لن يمر وقت طويل قبل ان تصدر التصريحات من قادة هذا الطرف السياسي او ذاك والتي ستعتبر أنّ الظروف التي تمر بها البلاد تمنع اجراء الانتخابات وبالتالي تعالوا لنستدرك الامور بالتمديد لمجلس النواب كي لا نقع في فراغ تشريعي كما وقعنا في فراغ رئاسي"، ويضيف: "إن لم يحصل أي شيء استثنائي فلن تحصل الانتخابات كما لو اتفق الاطراف على اسم محدد لرئاسة الجمهورية مثلا، ربما وقتذاك تصبح الانتخابات النيابية ممكنة لكن حتى اللحظة لا شيء يشير الى حصول توافق بين الاطراف المختلفة على اجرائها وليس هناك من ارادة حقيقية لاجراء الانتخابات".

نعمان: إجراء الانتخابات او التمديد للمجلس النيابي بحاجة للتوافق بين السياسيين

وحول إمكانية إجراء الانتخابات في ظلّ ظروف البلد، يرى نعمان أنّ "الأمن عاملٌ أساسيٌ في الدعوة للانتخابات وفي حماية إجرائها على نحو صحيح"، لكنه يستدرك أنّ "الامن تصنعه السياسة لذلك إذا ما اتفقت الاطراف المتصارعة على اجراء الانتخابات فهذا ينعكس ايجابا على الحال الامنية فالسياسة تأتي اولا وهي التي تصنع الامن او الاضطراب الامني"، ويؤكد أنّ "لا جديد في الافق على هذا الصعيد بانتظار السياسة وأهلها".


ويربط نعمان "إجراء الانتخابات النيابية او التمديد للمجلس بحاجة للتوافق بين السياسيين في لبنان"، ويلفت في هذا السياق إلى أنّ "التوافق في لبنان اليوم بات حدثا بحد ذاته وسيكون له تداعياته الايجابية في أكثر من اتجاه وفي العديد من الملفات منها الاستحقاق الرئاسي والانتخابات النيابية"، ويضيف: "تردد في بعض الاوساط انه بعد عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج ستعود مروحة الحوار للعمل على اكثر من ملف وعندها بالتأكيد ستكون الانتخابات الرئاسية والنيابية على طاولة البحث".


ولكن هل من مشروعية للتمديد للبرلمان؟ "من الناحية الدستورية ومبادئ القانون الاساسية لا مشروعية للمجلس النيابي في التمديد لنفسه مرارا وتكرارا"، يجزم نعمان، لكنه يتوقع أن "يتذرّع الداعون للتمديد بنظرية الظروف الاستثنائية ويقولوا أنّ الظرف الراهن لا يسمح باجراء الانتخابات"، ويردف قائلاً: "يمكن بعد إقرار التمديد للمجلس النيابي أن يطعن عشرة نواب ممّن لا يوافقون على هذا التمديد أمام المجلس الدستوري الذي يمكنه أيضًا إبطال قانون التمديد إن رأى أنّ لذلك أسبابًا موجبة ما يوجب على الحكومة اجراء الانتخابات".

ويعتبر نعمان أنّ "المجلس الدستوري بتركيبته الراهنة يعكس الوضع السياسي الراهن في البلد حيث الاطراف منقسمة ومتصارعة ما قد يمنع توفر النصاب في المجلس الدستوري او يتم تعطيل عمله"، ومع ذلك يشير إلى أنّ العكس قد يحصل "ويترك المجلس الدستوري يقوم بمهامه بدون أية ضغوط ما قد ينتج رأيًا قانونيًا سليمًا بمشروعية قانون التمديد إن حصل".

وماذا لو امتنع وزير أو أكثر عن توقيع مشروع قانون التمديد لمجلس النواب الذي يفترض أن تعده الحكومة؟ هنا يلفت نعمان إلى انه "بحسب ما اتفق الوزراء فيما بينهم على طريقة اصدار المراسيم والقرارات يجب ان تصدر هذه المراسيم بالاجماع لانها نتيجة التوافق فيما بينهم، ولذلك فإن امتناع وزير او أكثر عن التوقيع على أيّ مرسوم أو مشروع قانون فهذا سيمنع اصداره"، ويضيف: "في الحالة الراهنة ان امتنع وزير او اكثر عن الموافقة والتوقيع على مشروع قانون التمديد فهذا يعني عدم اقراره من قبل الحكومة"، ويلفت الى انه "في هذه الحالة يمكن إيجاد مخرج لهذه المعضلة تتمثل بان يتقدم نائب او اكثر باقتراح قانون للتمديد لمجلس النواب ويتقدم به الى المجلس لطرحه عل المناقشة ومن التصويت فالاقرار".

بالتأكيد إنّ الانتخابات النيابية تشكل مفصلا مهمًا في الحياة السياسية في أيّ دولة، إلا أنّ هذه الانتخابات تحتاج إلى ظروف ضرورية وأساسية تجري خلالها، وفي لبنان لا تتوقف هذه الظروف على المسائل الامنية أو اللوجستية أو التقنية بل في مقدمتها ستكون الامور السياسية، والعبرة بما ستنتجه الايام المقبلة من توافق او لا توافق بين السياسيين للبت في الكثير من الملفات العالقة...