بُعيد ساعات من إعلان الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني إرساء معادلة الردع الإيرانية،أعلن الحرس الثوري الإيراني عن إسقاط طائرة تجسس إسرائيلية تسللت إلى الأجواء الإيرانية.
حسن حيدر – طهران
بُعيد ساعات من إعلان الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني إرساء معادلة الردع الإيرانية، بتطوير السلاح بهدف تعزيز القدرة الدفاعية والجاهزية لصد أي عدوان، أعلن الحرس الثوري الإيراني عن إسقاط طائرة تجسس إسرائيلية تسللت إلى الأجواء الإيرانية.
طائرة الإستطلاع الإسرائيلية تسللت إلى الأجواء الإيرانية متجهة نحو و سط البلاد، بهدف جمع معلومات عن منشأة "نظنز" لتخصيب اليورانيوم، المنشأة التي يحلم كيان العدو الصهيوني بإقفالها. وحدات الدفاع الجوي التابعة للحرس الثوري الإسلامي رصدت الطائرة، وتتبعت مسيرها إلى أن بات الهدف واضحاً، واستهدفتها بصاروخ أرض- جو. ولم تُعرف المنظومة التي أُطلق منها الصاروخ، أو طراز الصاروخ الذي أسقط الطائرة قبل وصولها إلى الهدف.
وما يُطرح اليوم ليس السؤال عن كيفية إكتشاف الطائرة و إسقاطها، بل هناك سلسلة من الاسئلة ستفتح الباب واسعاً على حجم الحرب الخفية بين "إسرائيل" والجمهورية الاسلامية الايرانية . فالواضح بحسب المعطيات المتوفرة أن الطائرة الصهيونية اعتمدت إلى حد كبير على التمويه، وأن ثقة مصنعيها بقدرتها على التخفي كانت عالية، حتى يتم استخدامها في انتهاك الأجواء الإيرانية، لكن حسابات العدو أتت خاسرة كما في كل مواجهاتها الخفية والعلنية مع محور المقاومة. طائرة التجسس الاسرائيلي وقعت في شرك الرادارات الإيرانية فتم اكتشافها وإسقاطها قبل وصولها إلى الشعاع الأمني المخصص لمنشأة "نطنز"، كما أن القوات المسلحة حصلت على حطام هذه الطائرة. وتم التعرف على هوية تصنيعها والجهة المستخدمة، ربما من خلال الكتابات العبرية المدرجة عليها.
و من هنا يمكن تفنيد عدة نقاط وتساؤلات، وأهمها:
1- من أين دخلت هذه الطائرة وصولاً إلى الأراضي الإيرانية؟ هل عبرت أجواء صديقة كأذربيجان؟ مع العلم ان حرب جورجيا كشفت للإيرانيين عبر الروس عن قواعد عسكرية إسرائيلية في جورجيا، تم إعدادها و تدريب الطياريين الاسرائيليين فيها، لشن هجوم على إيران اختصاراً للمسافة عبر أذربيجان.
وقد تكون الطائرة قد سلكت الحدود بمساعدة أميركية أو شرقاً عبر أفغانستان وباكستان الخاضعتين للسيطرة الجوية الأميركية، وهي احتمالات نظراً للتحالفات والعلاقات الاسرائيلية مع دول مجاورة للجمهورية الإسلامية. السؤال الأخطر هو: هل عبرت الطائرة الأجواء العربية وصولاً إلى إيران؟ - لأن الحدود الشرقية الإيرانية هي النقطة الأقرب إلى "نطنز" من باقي الجهات- وفيما لو صدق ذلك، فإنه يستدعي رد فعل إيراني غير علني في حال تم الامر بمعرفة هذه الدول؟ أما في حال عدمه فسيترتب على ذلك إحراجاً لهذه الدول لعدم سيطرتها على أجوائها رغم المليارات التي تصرف على التسلح العسكري فيها.
2- الموضوع الأخطر و الأهم، و الذي يشكل برميل البارود الذي قد ينفجر في المنطقة في حال اشتعال حرب ايرانية - اسرائيلية، لا يريدها أحد إلا أن الجميع يتحسب لها، هو أنه مع امتلاك "إسرائيل" لتكنولوجيا الأقمار الصناعية والمساعدة الأميركية التي توضع في خدمة الكيان، والقدرة المفترضة لهذه التكنولوجيا لرصد أدق التفاصيل حول المفاعل، لأنه حتى طائرات الاستطلاع لا يمكنها جمع الكم الكافي من المعطيات كون المنشأة تقع تحت الارض بعشرات الامتار، لماذا خاطر كيان الاحتلال بإرسال هذه الطائرة؟ فهل كانت هذه الطائرة في رحلة استكشافية لمسير محتمل لأسراب من الطائرات الحربية الصهيونية المعدة لمهاجمة ايران؟ وبهدف جمع معلومات حول الامكانات الدفاعية والجاهزية العسكرية الايرانية؟ ولهدف رسم سيناريوهات لحركة الطائرات وتنفيذ عمليات تمويه تجنب سقوط الطائرات في الاشراك الايرانية الجوية؟
"إسرائيل" لن تعترف ابداً بالطائرة المُسقطة، ولو كانت مختومة بالكتابات العبرية. وإيران لا تكشف عن أساليب دفاعها الجوي، بل اكتفت برصد الطائرة بمنظومة دفاعية تحركت ضد الهدف، لتبقي على كافة أجهزتها و بطاريات صواريخها غير فعالة كي لا تكشف أماكن إنتشارها، و ليس من المعلوم ما إن كانت الطائرة -التي قد تكون "فأرة" الاختبار بالنسبة للصهاينة- قد حققت هدفها في ظل أزمات يواجهها الكيان الاسرائيلي تهدد وجوده.
3- لعل الإختراق الإسرائيلي يمثل رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي تتفاوض مع إيران حول البرنامج النووي، وورقة ضغط عليها للتأكيد بأن تل أبيب لن ترض بأي اتفاق نووي محتمل مع طهران، وأنها جاهزة للتحرك ضد الجمهورية الاسلامية ولن تتعايش أبداُ مع فكرة ايران النووية، وهي على استعداد لشن هجوم أحادي على إيران في محاولة لخلط الأوراق قبيل عقد المباحثات النووية مع السداسية الدولية في نيويورك الشهر المقبل.