26-11-2024 08:43 AM بتوقيت القدس المحتلة

أردوغان سيواجه وضعا اقتصاديا صعبا خلال رئاسته المقبلة لتركيا

أردوغان سيواجه وضعا اقتصاديا صعبا خلال رئاسته المقبلة لتركيا

بدأت الشكوك تتزايد بشأن جدوى التفكير الاقتصادي لأردوغان بعد ان تحدى استقلالية البنك المركزي ودفعه لخفض معدلات الفائدة في وقت تعاني فيه البلاد من ارتفاع معدلات التضخم

أردوغان سيواجه وضعا اقتصاديا صعبا خلال رئاسته المقبلة لتركياكان الاقتصاد التركي القوي أساسا للنجاح السياسي الذي حققه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الا ان البيئة الخارجية الخادعة، والمخاوف بشأن بعض السياسات غير الحكيمة، تعني ان أمامه رحلة صعبة بالنسبة للاقتصاد.

ولقد قامت هيمنة حزب العدالة والتنمية التركي بزعامة أردوغان، والذي تولى السلطة في 2002، على أنقاض أزمة اقتصادية اجتاحت تركيا في 2001 عندما انهار السوق المالي وارتفع التضخم بصورة كبيرة. ومنذ 2003 تمكن الحزب من تحقيق معدل نمو سنوي للاقتصاد بنسبة 5%، ورفع مستوى معيشة العديد من الأتراك العاديين إلى مستوى الأوروبيين من حيث الازدهار والأنجازات، وهو ما ساعد أردوغان على الفوز في سبع انتخابات واستفتاءين خلال عقد تقريبا.

والسؤال الآن هو ما اذا كان أردوغان سيكون قادرا على مواصلة ذلك والبناء على الإنجازات الاقتصادية السابقة عندما ينتقل من رئاسة الوزراء إلى رئاسة الدولة الخميس المقبل. فقد أصبحت البيئة الخارجية أصعب بالنسبة لتركيا خلال السنوات الأخيرة، بعد ان خفض بنك الإحتياطي الفدرالي (المركزي الأمريكي) برنامجه للتحفيز الاقتصادي والذي استفادت منه الاقتصادات الناشئة، إضافة إلى النزاع في العراق الذي تسبب في فقدان تركيا إحدى اكبر أسواق التصدير.

كما بدأت الشكوك تتزايد بشأن جدوى التفكير الاقتصادي لأردوغان بعد ان تحدى استقلالية البنك المركزي ودفعه لخفض معدلات الفائدة في وقت تعاني فيه البلاد من ارتفاع معدلات التضخم.ولا تزال تركيا تعاني من مشاكل هيكلية كبيرة، حيث انها ترزح تحت عبء العجز المرتفع في الحساب الجاري، ومعدلات التوفير المنخفضة بشكل مزمن، وارتفاع التضخم إلى اعلى من هدف البنك المركزي وهو 5%، وتوقف النمو.

ومن ناحية اُخرى يمكن ان تواجه تركيا عدم استقرار سياسي قبل الانتخابات التشريعية في 2015، والتي يرغب أردوغان ان يفوز فيها حزب العدالة والتنمية بأغلبية ساحقة ليتمكن من تغيير الدستور ومنح الرئاسة مزيدا من السلطات.
وقالت شركة «كابيتال إيكونوميكس» للاستشارات التي مقرها لندن ان «إنعدام التوازن الاقتصادي والذي سمح له بالتراكم خلال السنوات الأخيرة من تولي أردوغان رئاسة الوزراء، سيستمر على الأرجح خلال رئاسته». وأضافت ان «حماسة حزب العدالة والتنمية للإصلاح تضاءلت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة».

وحذرت أكبر وكالتي تصنيف إئتماني هما «موديز» و»فيتش» من ان غياب الاستقرار السياسي عقب الانتخابات الرئاسية قد يضر بالاقتصاد التركي.وذكرت «موديز» في تقرير ان «المشهد السياسي في تركيا لم يصل بعد إلى حالة الاستقرار» مشيرة إلى مخاطر التنازع السياسي داخل الحزب الحاكم نفسه. ورغم انها أشارت إلى ان اجمالي الناتج المحلي لكل نسمة تضاعف تقريبا منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم، إلا ان «الحفاظ على هذا الزخم سيكون صعبا».

من ناحيتها قالت وكالة «فيتش» انه رغم ان تركيا اظهرت «قوة كبيرة» خلال الصدمات الاقتصادية الكبيرة التي شهدها العالم مؤخرا «الا ان المخاطر الاقتصادية ستؤثر على تصنيفات تركيا».

ولم تتقبل الحكومة التركية تلك التقييمات بصدر رحب، وشكك وزير الاقتصاد نهاد زيبيجي في حياد هاتين المؤسستين، وقال بعد تقرير «فيتش» منتقدا «لا يمكن لنا ان نصف بالموضوعية مؤسسة تحذر من المخاطر السياسية بعد أهم انتخابات ديموقراطية شفافة في التاريخ».

وتاثرت الأسواق كذلك بسبب علاقة الحكومة بالبنك المركزي الذي يعتبر مستقلا شكليا، ولكنه تعرض لضغوط ضخمة من أردوغان لخفض معدلات الفائدة بشكل كبير.

ورفع البنك معدلات الفائدة بشكل كبير في كانون الثاني/يناير لتجنب حدوث أزمة في قيمة العملة التركية، ويرغب أردوغان في خفض تلك المعدلات إلى مستواها السابق خشية منه على النمو الاقتصادي. ويرفض البنك القيام بذلك حتى الآن، ولم يقم سوى بخفض طفيف. ولم يخف أردوغان نفاد صبره تجاه البنك المركزي خلال التجمعات الانتخابية اثناء حملته للرئاسة التي فاز فيها في 10 آب/اُغسطس.

وذكرت شركة «كابيتال ايكونوميكس» انه «من المرجح ان يتسبب التباطؤ الاقتصادي في مزيد من الضغوط من الحكومة على البنك المركزي ليقدم الدعم للاقتصاد.» الا انها أضافت ان «خفض معدلات الفائدة بشكل اكبر يسبب القلق .. وسيضر بمصداقية البنك المركزي».

وبالمصادفة فان البنك المركزي سيعقد اجتماعا في سلسلة اجتماعاته حول السياسة النقدية قبل يوم من تنصيب أردوغان.وسيكون الاختبار الأهم خلال الاُسبوع المقبل عندما يتبين شكل الحكومة الجديدة في ظل رئيس الوزراء المقبل أحمد داود اُوغلو ، حيث سيتضح من سيكونون اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد.

ويعتبر مصير نائب رئيس الوزراء، علي باباجان، مستشار الحكومة في الاقتصاد، ووزير المالية محمد سيمسيك مهما بالنسبة للأسواق، لانهما يعتبران ضامنين لتبني الحكومة سياسة اقتصادية عاقلة في ظل حزب العدالة والتنمية.واشارت تقارير الاُسبوع الماضي إلى ان باباجان يمكن ان يخرج من الحكومة، الا ان ظهوره مؤخرا إلى جانب أردوغان يشير إلى عكس ذلك.

وقال مصرف «فاينانسباك» في اشعار لعملائه» إن الأخبار الأخيرة تشير إلى ترجيح ان يحتفظ علي باباجان ومحمد سيمسيك، الوزيران المفضلان لدى الأسواق، بمنصبيهما في الحكومة الجديدة».