اختير ثلاثة لبنانيين من ضمن قائمة سنوية تضم ٣٥ مبتكراً يطلقها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (ام آي تي) من بين المبتكرين الواعدين الذين لا يتجاوز سنّهم الخامسة والثلاثين. واللبنانيون هم فاضل أديب (٢٥ عاماً) وآية بدير (٣١ عاماً)
لم يعد صيت لبنان عالمياً مرتبط فقط باكبر صحن تبولة او حمص! قبل اسبوع برز اسماء ثلاثة شباب لبنانيين في قائمة تضم ٣٥ مبتكرا تحت سن الـ ٣٥ يطلقها سنوياً معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. اللبنايون الثلاثة الذين هاجروا الى الولايات المتحدة واوروبا يمثلون الترجمة الحرفية لمصطلح «هجرة الادمغة» من بلد لا يقدم لابنائه اي فرصة للبحث العلمي والابتكار.
اختير ثلاثة لبنانيين من ضمن قائمة سنوية تضم ٣٥ مبتكراً يطلقها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (ام آي تي) من بين المبتكرين الواعدين الذين لا يتجاوز سنّهم الخامسة والثلاثين. واللبنانيون هم فاضل أديب (٢٥ عاماً) وآية بدير (٣١ عاماً) وراند هندي (٢٩ عاماً). وقد ظهرت قائمة الأسماء في مجلة Technology Review التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وتهدف هذه الجائزة إلى تكريم «الإنجازات التي يتوقع أن يكون لها تأثير كبير على العالم كما نعرفه».
وقد بدأت هذه الجائزة في عام 1999 مع 100 فائز، ولكنها عُدِّلت لتضم 35 فائزاً في عام 2005. وستُقدَّم الجوائز في مؤتمر Emtech السنوي للتكنولوجيات الناشئة، الذي سيقام في ٢٣ أيلول المقبل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وهناك قوائم إقليمية تنتجها المجلة، مثل قائمة أعلى 35 مبتكراً تحت سن الـ35 في الهند، إسبانيا، إيطاليا، وفرنسا. وعادة ما يُرشَّح الفائزون الإقليميون للقائمة العالمية.
وتتغير الفئات الفرعية للجوائز سنوياً، لكن التركيز هو عموماً على الطب الحيوي والحوسبة والاتصالات، والأعمال التجارية، والطاقة، والمواد، وشبكة الإنترنت. وترسل الترشيحات من جميع أنحاء العالم، وتقوّمها لجنة من القضاة الخبراء. وفي عام ٢٠١٤ ضمت الترشيحات ٥٠٠ طلب اختير ٨٠ منها للتصفيات النهائية، حيث اختار القضاة قائمة الـ٣٥ مبتكراً بالاستناد إلى مجموعة من المؤشرات، أبرزها الدور الذي قام به أصحاب هذه الابتكارات في تغير العالم الذي نعيش فيه.
وقد ضمت القائمة السنوية على امتداد السنوات الماضية العديد من أصحاب الأسماء العالمية، بينهم مؤسسو شركات فيسبوك وتويتر وتمبلر وغوغل وغيرها.
وبحسب السيرة الذاتية المنشورة في موقع الجائزة، اخترع فاضل أديب وهو من مدينة طرابلس جهازاً يتيح تقفي تحركات الأشخاص في غرفة أخرى، باستخدام إشارات الواي فاي (الإنترنت اللاسلكي). وقال المعهد إن أبحاث أديب قد تغير وجه التكنولوجيا في هذا المضمار.
وكان فاضل أديب قد نال البكالوريوس في هندسة الكومبيوتر مع تخصص ثانوي في الرياضيات من الجامعة الأميركية في بيروت في عام 2011، وانتقل إلى معهد أم آي تي لتحصيل شهادة الماجستير في علوم الكومبيوتر، وهو الآن في عامه الثالث من برنامجها. ويسعى أديب إلى تحسين تقنيات الواي فاي وابتكار منتجات جديدة تستعملها. وقد اجتذب عمله اهتمام الجامعات الأميركية العلمية. وكان أديب قد حل أول خلال كل سنوات دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت ومعدل علاماته هو الأعلى في التاريخ المسجل إلكترونياً لكبريات الجامعات في لبنان.
أديب أكد في حديث لـ«الأخبار» أنه سعيد جداً لاختياره ضمن القائمة. ولفت إلى أنه كباحث ومخترع يسعى دائماً إلى أن يكون عمله ذا تأثير إيجابي في الناس، وأن تكريمه على هذا المستوى العالمي يشكل حافزاً مهماً له لإكمال العمل الذي يقوم به. وأضاف أديب: «على المستوى الشخصي لطالما كنت متحمساً حيال الاختراعات العلمية، وكشخص ترعرع في لبنان كنت أشعر دائماً بأن التقدم على المستوى البحثي وفي مجال الابتكارات أمر بعيد المنال لعدة أسباب. وحالياً نشهد العديد من المواهب اللبنانية الواعدة في المجال البحث العلمي، وآمل أن يشكل الإنجاز الذي حققته دافعاً للشباب اللبناني للعمل بجهد أكبر، ولتأكيد أننا نستطيع أن نسهم في تغيير العالم الذي نعيش فيه».
وأعلن فاضل أن بحثه العلمي في مجال الواي فاي قد أسهم في رصد الأشخاص عن بعد (الحركة، التنفس، دقات القلب... إلخ) دون الحاجة إلى جهاز متصل بنحو مباشر، وحتى في حال وجود جدار أو حاجز. ولفت إلى أنه يركز في أبحاثه المستقبلية على المزيد من الجهد التكنولوجي للتعرف إلى دقات قلب الجنين في بطن أمه. كذلك يركز فاضل في أبحاثه على رسم صورة ظلية للشخص، حتى لو كان موجوداً في غرفة مجاورة، وسيُطوَّر العمل البحثي المرتبط بمراقبة المرضى عن بعد، للاستفادة منه في المستشفيات.
أما آية بدير، فقد درست في الجامعة الأميركية في بيروت وأسست شركة تدعى «ليتل بتس» في مدينة نيويورك قبل عدة أعوام. وتقوم فكرة الشركة على إنشاء مكتبة مفتوحة المصدر تحتوي على وحدات إلكترونية مدمجة مع المغناطيس.
وتنتج «ليتل بتس» ألعاباً تربوية إلكترونية أشبه بألعاب ليغو كهربائية يلتصق بعضها ببعض مغناطيسياً. وهذه الألعاب تباع في سبعين بلداً، وهي سهلة الاستعمال وتتيح صنع أشخاص آليين أو منظومات إلكترونية معقدة. وقد ناصرت بدير دائماً مبدأ استعمال الإلكترونيات مجاناً لتسهيل التربية والابتكار حول العالم. وهي متخرجة في مختبر معهد ام آي تي للإعلام، واختيرت كإحدى مئة شخصية هي الأكثر إبداعاً في قطاع الأعمال. وصنفت محطة التلفزة «سي.ان.ان» شركتها كإحدى أهم عشر شركات ناشئة.
وبدير من روّاد Open Hardware Movement، وسمّيت عام 2013 إحدى أكثر الأشخاص ابتكاراً في مجال الأعمال. وعام 2010 شاركت بدير بالبرنامج الواقعي «نجوم العلوم» كمشرفة على المشتركين.
وأسست بدير مشروع Karaj، وهو أوّل مختبر لا يهدف إلى الربح، مخصّص للاختبارات العلميّة والهندسيّة والتكنولوجيّة، في منطقة الجميزة في بيروت.
اخترع فاضل أديب تقنية عبر الواي فاي ترصد الأشخاص عن بعد
بدوره يعمل راند هندي على رسم دليل جديد للعيش من خلال الاستفادة من قاعدة البيانات. صمم هندي برنامجاً لخسارة الوزن وسجل كل تفاصيل العملية، الكمية التي يأكلها ويشربها والوقت الذي يستغرقه في النوم، وحلّل البيانات من خلال برنامج إلكتروني، حيث استطاع أن يعرف أياً من العادات السيئة التي تؤثر في حياته اليومية ونظامه الغذائي. وبعد أن التزم التعليمات التي قدمها البرنامج، استطاع أن يخفض وزنه دراماتيكياً. وحالياً يعمل هندي على التخفيف من خشونة العيش في المدن، وقد أسس في باريس شركة Snips، التي تعمل على تحليل البيانات لجعل العيش في المدينة الفرنسية أكثر سهولة وفائدة. ومن ضمن البرامج التي ابتكرتها الشركة، تطبيق للهواتف الذكية يستطيع التنبؤ بحركة القطارات في المدينة لمدة ثلاثة أيام مقبلة، وبالتالي تفادي الازدحام والتوفير في الوقت والمال. ومن خلال تحليل قاعدة بيانات المشتركين عن حال الطقس وتوقيت الدخول إلى القطار، أصبح بالإمكان معرفة أي القطارات التي تشهد ازدحاماً أقل من غيرها.
هندي أكد في حديث لـ«الأخبار» أن اختياره ضمن ٣٥35 مبتكراً تحت سن الـ٣٥ في فرنسا كان أمراً مثيراً ومشوقاً بالنسبة إليه، وأنه سعيد باختياره أيضاً ضمن القائمة العالمية. ولفت هندي إلى أن هذا التكريم يشكل حافزاً له لتعريف الناس بنحو أوسع بأهمية قاعدة البيانات وتحليلها للاستفادة منها في حياتنا اليومية.
هندي الذي عاش لفترة من حياته في مدينته بيروت، يمضي حالياً الجزء الأكبر من وقته بين لندن وباريس، وهو يخطط للإقامة في سيلكون فالي في الولايات المتحدة الأميركية لفترة تزيد على ستة أشهر في عام ٢٠١٥، وذلك للاستفادة من تطوير البحث العلمي المرتبط بالشركة التي أسسها. ويعمل هندي حالياً على توسيع مبادرته، وهو سيطلق قريباً حملة لجمع التبرعات لزيادة فريق العمل وقائمة المنتجات التي يجري تطويرها في الشركة، وشعاره الأساسي هو «تحسين كل شيء نقوم به في حياتنا اليومية من خلال تحليل البيانات والاستفادة من النتائج التي نحصل عليها».