هذا الضخ المذهبي زاد من السعار الطائفي والمذهبي العراقي، وتجلى ذلك على وسائل التواصل الإجتماعي التي تحولّت الى متاريس حرب ضروس تستخدم فيها كل الأسلحة التحريضية والكارهة للآخر، واخذت تكرر ببغائياً ما تورده محطات التلفزة.
قد تُعذر «المؤسسة اللبنانية للإرسال» حين أمطرت المشتركين على خدمة اخبارها العاجلة يوم الجمعة الفائت بأنّ «ميليشيات شيعية» اقتحمت «مسجداً للسنة» في محافظة ديالى (شمال شرق العراق).
خبر صادم لا شك في هذه الفقاعة التي أوردتها المحطة ومن خلال اختبائها وراء «رويترز» وسياستها التحريرية. بعد ذلك، توالت الأخبار عن ارتفاع ارقام الضحايا في صفوف المصلين في «مسجد مصعب بن عُمير» مثلاً: «ارتفاع محصلة هجوم ميليشيا شيعية على مسجد للسّنة (..) الى 68 قتيلاً».
وما أن انتهى الإتكاء على الوكالة العالمية حتى بادرت المحطة نفسها باستنساخ ما أوردته «رويترز». فقد عنونت في خبر عاجل على موقعها «مقتل 65 شخصاً في هجوم ميليشيا شيعية على مسجد للسّنة في العراق». الخبر الذي استكمل في النشرة المسائية أتى تحريره مغايراً لما أوردته المحطة طوال نهار المجزرة.
فقد وقفت lbci على الحياد ولم تطيّف الجهات التي اقترفت هذه الجريمة، بل اكتفت بوصفهم بـ «المسلحين» وبالقول بأنّ «70 مصلياً قد قتلوا وجرح أكثر من 30» ناقلة عن النائبة العراقية ناهدة الدايني بأنّ «ميلشيات شيعية شنت الهجوم على المسجد»، وعن الجيش العراقي بأن من ارتكب هذه المجزرة هم «مسلحون من داعش انتقاماً من سكان القرية الذين رفضوا مبايعتهم». وأوردت في ما بعد بأنّ هناك تضارباً في المعلومات «حول الجهة التي تقف وراء الحادث».
والحقيقة بأن تضارباً في السياسة التحريرية وانتقاء المصطلحات وقعت فيه lbci، في تبنيها بداية لما أوردته «رويترز» ولعبة الحياد في ما بعد، «ليتّوج» هذا التخبط بتمرير القناة خبر عن مجزرة «مسجد مصعب بن عمير» في نشرتها المسائية يوم الجمعة حيث أسقطت جميع أقنعتها. إذ أوردت: «إطلاق ميليشيا شيعية النار على 70 مصلياً سنياً». لعبة القناة لم تكن موفقة بين فقاعة المصطلحات والإتهامات وتداعيات ذلك على الأرض العراقية وبالتالي ارتفاع الحقن الطائفي في البلاد، وبين لعبة الحياد التي فشلت فيها بالتأكيد.
العراق الأرض التي لطالما شهدت صراعات طائفية، تقف اليوم على أبواب تشكيل حكومة جديدة بعد تعيين حيدر العبادي رئيساً للوزراء فيها، لكن تم تعليق هذه الجهود نتيجة لما حصل في ديالى. وما لبثت القناة اللبنانية أن لبست تغطيتها اللبوس الطائفي بخلاف ما تمارسه إجمالاً في سياستها وآخرها حملة التضامن مع مسيحيي العراق والدعوة الى التسامح بين الأديان ودمغ اللوغو الخاص بها بحرف «ن».
تغطية lbci لم تبتعد كثيراً عن مسار الفضائيات العربية لا سيما الخليجية التي تبنت الخطاب عينه في المقاربة والإتهام. على سبيل المثال، اتكأت «الجزيرة» على الصحافي العراقي عمار الزبيدي لتقول بأنّ «ميليشيات عصائب أهل الحق (شيعية) هي التي هاجمت المسجد واعدمت من كان فيه». طبعاً، هذا الضخ المذهبي زاد من السعار الطائفي والمذهبي العراقي، وتجلى ذلك على وسائل التواصل الإجتماعي التي تحولّت الى متاريس حرب ضروس تستخدم فيها كل الأسلحة التحريضية والكارهة للآخر، واخذت تكرر ببغائياً ما تورده محطات التلفزة.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه