القرار الاممي الجديد والمعروف بـ "2170" هل هو مسار جديد من مسارات او حلقات مسلسل التآمر على سوريا بنسخته الجديدة.
ابراهيم عبدالله
القرار الأممي الجديد والمعروف بـ "2170" هل هو مسار جديد من مسارات او حلقات مسلسل التآمر على سوريا بنسخته الجديدة، ولكن بلبوس مكافحة الارهاب، بعد ان استُنفد لباس الطائفية والمذهبية ونصرة الشعب السوري المظلوم على مستوى "جبهة النصرة" واخواتها بداية الى كرنفالات "اصدقاء الشعب السوري" على مستوى التنسيقيات والإئتلافات المتنوعة تحت عناوين فضفاضة لا تعد ولا تحصى وصولا الى ورقة "داعش" .
كان لسوريا كلامها رداً على الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية حينما رحبت بالقرار الاممي بعكس كل التوقعات، مضيقةً الخناق على الاميركي الذي اعتاد المكر والخداع والالتفاف على نصوص قرارات مجلس الامن ، فردت سوريا بضربة معلم بعبارة "نحن لدينا دفاع جوي سيسقط طائرات التحالف الدولي في حال عدم التنسيق مع الدولة السورية لان سوريا لديها سيادة"، فالقرار واضح والرسالة وصلت ...
هذا يعني بالديبلوماسية اننا لن نسمح لكم بتحوير قرار مجلس الامن وفقاً لمصالحكم والجنوح الى تدمير الدولة السورية خداعاً كما فعلتم بليبيا حين حولتم قرار مجلس الامن القاضي بفرض حظر جوي وتأمين ممرات انسانية آمنة الى عدوان على ليبيا من اجل الاطاحة بنظام معمر القذافي.
قرأ الاميركي الرسالة السورية وبعد انتهاء المؤتمر الصحفي للوزير وليد المعلم بعشر دقائق جاء الرد الاميركي على لسان الموقف الالماني والقاضي برفض الادارة الاميركية للشروط السورية من اجل التعاون معاً بضرب " داعش".
فالايام الاخيرة شهدت بحسب الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور امين حطيط في حديث لموقع المنار موقفين للغرب من التنظيم الارهابي "داعش "، تمثل القرار الاول باقدام الادارة الاميركية على توجيه بعض الضربات الجوية والمحدودة لـ "داعش" في شمال العراق على حدود كردستان، و الموقف الثاني بالقرار الذي اصدره مجلس الامن رقم 2170 تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة ضد "داعش " و جبهة النصرة ، مواقف قد يفسره البعض بان الغرب قرر اخيرا ان يعترف بالحقيقة و يواجه بشكل جدي الارهاب الذي يمارسه هذين التنظيمين.
ورأى حطيط من خلال قراءته للقرار الاممي بان الاجابة يجب ان تبدأ من حقيقة بات الكل يعترف بها مؤداها ان نشأة "داعش " او "جبهة النصرة" لم يكن بمنأى عن الغرب او حلفائه او ادواته من الكيانات الاقليمية ، حيث ان "تركيا و السعودية و قطر، هي الدول التي رعت و مولت و احتضنت بشكل اكيد و موثق هذين التنظيمين الارهابيين معولة عليهما لاسقاط الدولة السورية و اقتلاع القلعة الوسطى من محور المقاومة تمهيدا للاجهاز على هذا المحور بكليته وفقا للمشروع الصهيواميركي"، بحيث لم تعد هذه الامور خافية او محجوبة حتى عن البسطاء والعاديين، وبات واضحاً وبالادلة والقرائن القاطعة ان اندفاعة "داعش" الاخيرة في سورية ومنها الى العراق جاءت في سياق ما يمكن تسميته "استراتيجية توحيد البندقية المناهضة لمحور المقاومة "، تنفيذاً للخطة الاميركية الجديدة القائمة على "مشاغلة محور المقاومة و استنزافه وقطع الحبل الذي يصله ماديا بالقضية والمقاومة الفلسطنية في غزة ، وهي الخطة التي تولت اسرائيل امر تنفيذها في غزة وتولت داعش امرها في العراق و سورية ولبنان" .
وفيما خص الضربات الجوية الموجهة ضد " داعش" لا يرى العميد حطيط في حديثه لموقعنا ان "الضربات الاميركية جاءت خدمة لامن العراق وسيادته على ارضه او عملا بالاتفاقية الامنية العراقية الاميركية المسماة اتفاقية الاطار الاستراتيجي للعلاقات العراقية الاميركية "، مشيراً الى ان "الادارة الاميركية لو كانت جادة بالفعل في ذلك لكانت استجابت للطلبات العراقية التي وجهت اليها غداة مسرحية الموصل الداعشية".
واوضح العميد حطيط انه على ضوء ذلك يجب ان تفسر الضربات الجوية الاميركية في العراق، بان "اميركا لا تدافع الا عن مصالحها"، ولجوؤها الى اسلوب الضربات الجوية مرده انها رأت ان شيئا من هذه المصالح تم المس به من قبل "عناصر غير منضبطة" في داعش فتوجهت طائراتها لحمايته لتأديب الشاذين ولتذكر "داعش" بـ "السقف المرسوم لها في حركتها السياسية والميدانية من جهة ومن جهة اخرى لتتنصل اميركا من اي مسؤولية عن ارهاب داعش التي ينسبها كثير من الباحثين اليها، ولتؤكد حمايتها لحدود كردستان العراق الذي شاءته خنجرا بيدها تستعمله في المنطقة وتبقيه وسطا بين منزلتين، فلا يصل الى الاستقلال والانفصال التام الناجز عن العراق ولا يعود الى الارتباط العضوي الكامل بالدولة المركزية"، بل يصح فيه مصطلح جديد في العلم الدستوري "شبه الدولة المستقلة".
ولفت الى ان الادارة الاميركية قد تكون في ضرباتها الجوية المحدودة الفعالية العملانية والاستراتيجية في العراق، ارادت ان "تنشئ سابقة تبني عليها لاحقا في العمل داخل سورية تحت ستار ضرب داعش ثم تطور الامر في اتجاه يناسبها دون ان تصطدم بعقبات من اي طبيعة كانت ولهذا جاء مجلس الامن بقراره الاخير ليزيل من امامها بعض العقبات في هذا السياق".
اما بالنسبة لقرار مجلس الامن والذي صدر على اساس مشروع غربي قدم الى المجلس في ظل رئاسة بريطانيا الشهرية له، ومع ما تضمنه من مواد تدين "داعش" و "النصرة " و تمنع التعامل معهما ، فانه على اهميته من حيث المبدأ لا يشكل العلاج الحقيقي للمسألة برأي العميد حطيط ، حيث اعتبر ان الدراسة المفصلة والمعمقة لهذا القرار تقودنا الى ربطه بالمثل السائد " تمخض الجبل فولد فأرا " فهذا القرار وعلى اهميته القانونية الوثائقية ، جاء خاليا من اي آلية تنفيذية ، وفارغا من اي محتوى يقود الى محاسبة الدول التي تدعم "داعش" وتسهل لها اعمالها الاجرامية ، متوقفاً عند السلوك البريطاني داخل جلسة مجلس الامن ضد مندوبي سورية والعراق اثناء مداخلتهما تعليقا على القرار بما يُفسر على انه "رفض لاي سلوك للاضاءة على ثغرات القرار وفضح خلفيته".
وعلى الرغم من النظرة التشاؤمية، الايجابية الوحيدة لهذا القرار بحسب حطيط هو"اقرار اممي وباجماع من مجلس الامن بان ما قالته سورية في وصفها للتنظيمين بانهما ارهابيين، وما يستتبعه هذا الوصف من ان سورية تشهد عدوانا ارهابيا خارجيا وليس ثورة شعبية".
بدوره، يعتبر الدكتور في القانون الدولي في الجامعة اللبنانية حسن جوني في تصريح لموقعنا ان القرار الاممي مهم جداً وخاصة انه جاء اولاً بعد وقت طويل من التعطيل وعدم تجانس المواقف في مجلس الامن فيما خص الملف السوري، وثانياً يأتي هذا القرار بعد مرور مدة طويلة من الطلب السوري من الامم المتحدة اعتبار ما يجري على اراضيها ارهاب وليس ثورة داخلية خصوصاً ان معظم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية لا تعتبر ان ما يحصل تدخلا خارجيا بل ثورة شعبية من اجل الاصلاح، ويشير الدكتور جوني الى انه "مجرد اعلان القرار هو تغيير بالموقف الدولي من الازمة السورية" واعتراف من هذه الدول ان ما يسمى بـ " جبهة النصرة" و" داعش" حركتان ارهابيتان.
ويلفت الى ان "اهمية هذا القرار تندرج ضمن التاكيد على مكافحة الارهاب" بحيث لم يعد بامكان الادارة الاميركية ان تحتكر الحرب على الارهاب، فهذا الارهاب ليس فقط ضدها بل يستهدف دولا اخرى غير سوريا والعراق. في الشكل يعتبر الدكتور جوني ان هناك تغييرا في الموقف وشبه اعتراف من الدول بان سوريا تحارب الارهاب.
لكن لا يخفى على احد برأي جوني ان الاميركيين يستعملون مجاميع القاعدة بما يتناسب مصالحهم واهدافهم وبالتالي تلقى هذه المجاميع كل الدعم والرعاية باشراف اميركي من قبل بعض دول الخليج، ويجب ان لا يخفى انه لولا تركيا لما وجد كل هذا الارهاب من خلال فتح حدودها على مصراعيها، وعندما نقول تركيا يعني الحلف الاطلسي، وان هناك غرفة عمليات تديرها اجهزة الاستخبارات الاطلسية في اسطنبول.
هذا القرار باعتقاد جوني صدر بعد التصريحات التي اطلقت في فرنسا على لسان الرئيس فرنسوا هولاند او من بريطانيا او من اميركا بانهم سيساعدون الجيش الاميركي في حال اتخذ قرارا بقصف المناطق التي تسيطر عليها داعش والنصرة، وبالتالي هناك غطرسة جديدة تتحضر بحجة محاربة الارهاب ، ولا يعتقد ان الدول الغربية تخاف ولو لحظة من الارهاب لانها هي صانعة هذا الارهاب حتى لو قامت " داعش" او النصرة باعمال ارهابية داخل اوروبا او في الولايات المتحدة الاميركية، لان العالم الراسمالي بحسب الدكتور جوني بحاجة اليوم لازمة راسمالية عالمية من اجل بيع السلاح في المنطقة وتأمين عقود الاعمار لشركاتهم بعد الانتهاء من تدمير الاوطان وتأجيل ازمة العالم الرأسمالي الى الامام .
اما الباحث والخبير الاستراتيجي السوري تركي الحسن فيرى أن القرار ايجابي على الرغم من وجود بعض السلبيات بالمجمل، فالقرار يشكل تغيرا في الموقف الدولي لصالح الموقف السوري الذي يحارب الارهاب منذ اكثر من ثلاث سنوات ونصف، سوريا قاتلت هذا الارهاب المستورد نيابة عن كل العالم، ودفعت من دمائها ومن اقتصادها ومن جيشها ومؤسساتها من أجل مقارعة هذا الارهاب والقضاء عليه، واعتبر ان المجتمع الدولي بتقدمه بـ "اتجاه الموقف السوري بدأ بالخطوى الاولى الصحيحة".
واعتبر ان هذا القرار يعني اعتراف هذا المجتمع "بحقك بمقاتلة هؤلاء"، وبالتالي هذه الايجابية فرضتها الظروف دولياً واقليمياً وعربياً، الا انه اشار في الوقت نفسه الى ان هذا القرار"بدون انياب ولا مخالب وبدون اليات تطبيق لانه في اي خطوة منه يتم العودة الى مجلس الامن لاتخاذ قرار بناء عليه".
ولا يخفي الخبير الاستراتيجي مخاوفه من القرار. ويرى ان هناك عاملين اساسيين لم يتبلورا حتى الان، اولهما عجز المنظومة العالمية عن تحديد الا ستة أسماء من تنظيم داعش، ثانيهماً ان لا يصار الى الالتفاف على القرار ، كما حصل مع ملف ليبيا حيث تمت الاطاحة بنظام معمر القذافي بالخديعة والالتفاف، فسوريا تطالب بتنفيذ كامل القرار الذي يتكلم عن التمويل والدعم والتحشيد ، وبالتالي دمشق توافق على تشكيل تحالف دولي اقليمي عربي محلي في سبيل ضرب الارهاب، وهذا لا يتم الا عبر التنسيق والاتصالات والاتفاق على آلية التعاون بين اركان هذا التحالف الدولي، وتقيد الدول بمضمون القرار بعدم ادخال ارهابيين وتقديم التسهيلات اللوجستية لهم ومنع استقبالهم وايوائهم وتجفيف المنابع المالية.