مسألة الحرب على هذا التنظيم ربما تكون ايضاً مخرجاً وحجة ومبرراً لتغيير استراتيجيات في ملفات ساخنة بعد ان فشل العديد من هذه الاستراتيجيات الاميركية والغربية.
أحمد شعيتو
رغم استفادة واشنطن من تنظيمات كداعش كما استفادت من ارهاب القاعدة لتحقيق مصالح وتدخلات في المنطقة وتحريكها لها او على الاقل اجزاء منها، فإنها فعلا قد تكون قلقة من ان يكبر التنظيم الذي دعمته لعبتها الاستخبارية، بشكل يصبح فيه ضبطه صعبا ويربك المصالح الاميركية ..
ومسألة الحرب على هذا التنظيم ربما تكون ايضاً مخرجاً وحجة ومبرراً لتغيير استراتيجيات في ملفات ساخنة بعد ان فشل العديد من هذه الاستراتيجيات الاميركية والغربية.
تحالف ضد الإرهاب.. وتلقّف
الخوف من تمدد هذا التنظيم والسعي لمخرج لبعض الملفات في المنطقة دفع الى التحرك الاميركي في العراق وايفاد اوباما كيري الى المنطقة منذ أيام للبحث في تشكيل "تحالف ضد الارهاب". تلقفت اطراف اقليمية هذه المسألة وبدأت ملامح تغيير سياسات تجاه سوريا.
وقد اغتنم الايرانيون فرصة هذه الملامح فبرز تحرك ايراني تجاه السعودية في الايام الاخيرة ويبدو ان نتائجه كانت ايجابية على صعيد ملفات المنطقة.
لقد زار نائب وزير الخارجية الايرانية عبد اللهيان السعودية ومنها عاد الى سوريا بحسب معلومات صحفية. كما كان كلام سفير إيران الدائم لدى منظمة التعاون الاسلامي حميد رضا دهقاني بأن اللقاء الايراني ـ السعودي الأخير في جدة تجاوز ما كنا نتوقعه ذا دلالات كبيرة لتغيرات محتملة مقبلة على المنطقة.
قبل ذلك بأيام كانت دمشق تتحدث عن عدم ممانعة ضرب داعش لكن بتنسيق مسبق معها. وأعلن وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال السورية وليد المعلم، استعداد دمشق للتعاون مع أي جهة دولية ومنها واشنطن لمكافحة الإرهاب، إلا انه أكد أن أي ضربة عسكرية في بلاده لا يمكن أن تتم من دون تنسيق مسبق مع السلطات السورية خوفا من مآرب مريبة وتحقيق مصالح خطيرة.
ماذا بعد؟؟
استراتيجية الحرب الاميركية ضد داعش من العراق الى سوريا وحتى الى لبنان والحديث عن حلف مقبل ضد الارهاب، قد تكون مدخلا لتحضير اجواء مسارات سياسية جديدة لصالح الحلف الممانع او تسويات في ملفات شائكة، وهذا بعد ان عرف الاميركي ان اسقاط النظام في سوريا بات من الماضي، في الوقت الذي اقتربت فيه اجواء الملف النووي بين ايران والغرب من الايجابية.
في اطار هذه الاستراتيجية تندرج غارات اميركا في العراق والحديث عن غارات محتملة في سوريا وكذلك ما تحدث عنه مسؤولون اميركيون ان الولايات المتحدة بدأت تسليم شحنة أسلحة تشمل بنادق هجومية وصواريخ مضادة للدبابات وقذائف مورتر بقيمة 20 مليون دولار إلى الحكومة اللبنانية لتعزيز قدرات الجيش ضد المسلحين.
تغطية على الفشل
بعد ان اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما انه قرر ايفاد وزير الخارجية جون كيري الى الشرق الاوسط لاقامة تحالف لمحاربة تنظيم داعش اعتبر اثر اجتماع مع كبار المسؤولين الامنيين في الإدارة الاميركية، انه ليس على واشنطن ان تختار بين الرئيس السوري بشار الاسد وتنظيم داعش، وهذا كلام يعتبر تغطية على بدايات الالتفاف والتغير في الاستراتيجية الاميركية تجاه سوريا.
كما شارك في هذه التغطية فرنسا فقال الرئيس الفرنسي هولاند في خطاب "نحتاج إلى تحالف كبير. لكن دعونا نكون واضحين. الأسد ليس شريكا في الحرب ضد الإرهاب". لكن كل هذه التصريحات الاعلامية شيء والواقع امر اخر.
لقد دخلت اميركا مرحلة سياسات جديدة وبعض الدول الاقليمية إما تسير في ركب هذه السياسة وإما هي فعلا خائفة من توسع الارهاب نحو اراضيها.
الاعلام السعودي يركز.. بعد الملك
نرى ان الاجواء السعودية والخليجية باتت تتحدث كثيرا ضد خطر الارهاب والملك السعودي كان له كلام اليوم في هذا الاطار يكرر كلاما قاله منذ فترة وجيزة . والاعلام السعودي يركز على ما يسمى التحالف ضد الارهاب كما يلاحظ المتابع.
في هذا الاطار فإن صحيفة المدينة السعودية قالت اليوم تحت عنوان "تحالف ضد الإرهاب" تواجه منطقة الشرق الأوسط الآن العديد من المخاطر القادمة من بوابة الإرهاب المسلح والذي يتمثل في "داعش" أيًا كانت تسمياتها الأخرى.. وهي كتنظيم إرهابي إجرامي يجمع الكل على خطورته لأنه واجهة للقتل والعنف والذبح باسم الاسلام ويستند في إستراتيجيته على ترويع الكل لإحداث صدمات تسهل له الطريق لاحتلال مناطق جديدة سواء في سوريا أو العراق والتمدد بعد ذلك.
وكذلك تحت عنوان :"تحالف دولي ضد الإرهاب" قالت صحيفة اليوم السعودية : الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة في العالم التي عانت الأمرين من ظاهرة الإرهاب، بل عانت منه دول أخرى مثل المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة وغيرهما من دول في الشرق والغرب، وإزاء ذلك فإن الأخطار المحدقة الناجمة عن الارهاب ليست موجهة الى دولة بعينها، ولعل هذه الحقيقة هي التي دفعت واشنطن للدعوة لتحالف دولي ضد ظاهرة الارهاب، وهي دعوة عقلانية تحشد الجهود الدولية لمواجهة أخطار تلك الظاهرة وويلاتها على المجتمعات البشرية كلها، فالتعاون الدولي لمكافحة الارهاب يبدو أنه تحول الى ضرورة ملحة في ضوء تنامي التمدد الارهابي ووصوله الى أخطر مراحله، فالأسرة الدولية انطلاقا من سريان تمدد الظاهرة وانتشارها الأخطبوطي، مطالبة بتحرك عسكري فاعل لمواجهتها واحتوائها وتحجيم تمددها، ولا شك أن الدعوة الأمريكية تبدو وجيهة للغاية في ظل الوضع الدولي البالغ الخطورة مع التصاعد الواضح لنفوذ المتطرفين وأهمية ايقاف عملياتهم الاجرامية ضد المجتمعات البشرية.