يجري ممثلو الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي مشاورات مكثفة فيما بينهم للتوصل إلى اتفاق بشأن مشروع قرار "توافقي" حول غزة، بحسب مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة.
يجري ممثلو الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي مشاورات مكثفة فيما بينهم للتوصل إلى اتفاق بشأن مشروع قرار "توافقي" حول غزة، بحسب مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة.
وذكرت المصادر لوكالة الأناضول مفضلة عدم الكشف عن هويتها، أن مشروع القرار المرتقب بشأن غزة سيكون "منتجا توافقيا" بين مشروع القرار الذي طرحه الأردن على طاولة المجلس في الخامس من الشهر الجاري، وبين مشروع القرار الأوروبي الذي وزعته ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في الأسبوع الثالث من الشهر نفسه، وبين عناصر مشروع قرار قدمته واشنطن إلى ممثلي الدول الأعضاء الدائمين بالمجلس الأسبوع الماضي.
وتسعى الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا) في مشاوراتها التي تتم بشكل منفصل، بحسب رئيس مجلس الأمن البريطاني مارك ليال غرانت، إلى التوصل إلى قرار يستجيب ويتفاعل مع اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، وأعلن كل منهما التزامه بهدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، بحسب المصادر.
السفير البريطاني غرانت، الذي تنتهي رئاسة بلاده الدورية لأعمال مجلس الأمن، غدا الأحد، حدد في تصريحات للصحفيين خلال الأسبوع الماضي في نيويورك، عدة عناصر اعتبرها "ضرورية" لأي قرار يصدره المجلس بشأن غزة.
ووفقا لرؤية رئيس المجلس، تتمثل أهم تلك العناصر، في "النص بوضوح على تقديم ضمانات أمنية لإسرائيل، وأيضا ضمانات اقتصادية للفلسطينيين مثل فتح المعابر، والسماح بحرية حركة السلع والبضائع من وإلى القطاع، علي أن تكون هناك بعثة مراقبة دولية (قد تكون أوروبية بالأساس) تراقب تنفيذ بنود القرار المقترح، وتشرف علي إدارة الحركة بالمعابر، إضافة إلى عودة إخضاع القطاع لسيطرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس".
وخلال اللقاءات التي عقدها رئيس مجلس الأمن مع الصحفيين بمقر الأمم المتحدة على مدار هذا الأسبوع، تجنب "غرانت" الحديث بشكل مباشر عن مطالب الحكومة الإسرائيلية المتكررة بضرورة نزع سلاح حركة حماس في القطاع، لكن مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة ذكرت للأناضول أن إشارة السفير البريطاني إلى تقديم "ضمانات أمنية لإسرائيل" تعني في حقيقة الأمر أن السلاح سيكون مقصورا على رجال السلطة الفلسطينية في غزة، ووفقا للاتفاقات السابقة الموقعة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية.
وتثير هذه النقطة خلافات عميقة بين ممثلي المجموعة العربية من ناحية ومندوبي الدول الغربية من ناحية أخرى.
ممثل فلسطين بالأمم المتحدة رياض منصور قال لوكالة الأناضول، إن "غزة لا تزال وفقا للقانون الدولي أرضا محتلة، وأنه وفقا للقانون الدولي تعد المقاومة عملا مشروعا في وجه السلطة القائمة بالاحتلال (في إشارة لإسرائيل)".
في المقابل، ترى واشنطن وباريس ولندن أن أي قرار سيصدره المجلس بشأن غزة "يجب أن يلبي المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل"، وهو ما يعني إيجاد وسائل للتحقق من خلو القطاع من أي أسلحة أو صواريخ قد يتم إطلاقها من غزة مستقبلا.
فيما لم يتحدث مشروع القرار الأردني عن هذه النقطة، وإنما ركز على الدعوة إلى "وقف إطلاق نار دائم، وحماية المدنيين، واحترام حصانة منشآت الأمم المتحدة في القطاع، وإعادة فتح المعابر الحدودية بشكل دائم".
أما مشروع القرار الأوروبي فيتحدث عن ضرورة التعامل مع جذور الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وعن استحالة العودة إلى الوضع القائم قبل بدء العدوان العسكري الإسرائيلي ضد غزة في السابع من يوليو/ تموز الماضي.
ويركز مشروع القرار الأوروبي على أربع نقاط رئيسية هي وقف إطلاق نار مستدام، وفتح جميع معابر غزة، وإنشاء بعثة دولية للتحقق من حركة المعابر، وإعادة خضوع القطاع إلى السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس.
وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، إلى هدنة طويلة الأمد، برعاية مصرية، وهي الهدنة التي اعتبرتها الفصائل الفلسطينية انتصار في معركتها مع العدو الإسرائيلي، ورحبت بها أطراف دولية وإقليمية.
وجاءت هذه الهدنة، بعد حرب شنتها الحكومة الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من الشهر الماضي، واستمرت 51 يوماً، أسفرت عن استشهاد 2147 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، فضلاً عن تدمير الآلاف من المنازل، بحسب إحصاءات فلسطينية رسمية.