26-11-2024 04:32 AM بتوقيت القدس المحتلة

نائب الجماعة الإسلامية: التكفيريون خطر وجودي

نائب الجماعة الإسلامية: التكفيريون خطر وجودي

لم تنأ الجماعة الإسلامية بنفسها عن الحراك المذهبي الذي أنتجته الأزمة السورية، بل شكلت خطاً دفاعياً أو إسناداً خلفياً لتلك النتائج، منها حالة الشيخ الفار أحمد الأسير

لم تنأ الجماعة الإسلامية بنفسها عن الحراك المذهبي الذي أنتجته الأزمة السورية، بل شكلت خطاً دفاعياً أو إسناداً خلفياً لتلك النتائج، منها حالة الشيخ الفار أحمد الأسير. مع ذلك، كانت تصر على أنها تمثل الإعتدال السني. فهل يجعلها اعتدالها أحد ضحايا المد التكفيري؟

آمال خليل


منذ خلع نظام الرئيس محمد مرسي في مصر، تعيش «الجماعة الإسلامية» قلقاً دائماً، بعد «عصر ذهبي» لم يستمر أكثر من عام! انتصار المقاومة الفلسطينية في غزة أخيراً، بدّد بعضاً من هذا القلق. لكن كثيرين من أبناء «الجماعة» باتوا على يقين، اليوم، بأنهم في مواجهة ليس مع خصومهم وأعدائهم التقليديين فحسب، بل مع المجموعات التكفيرية أيضاً.
لا يستطيع نائب الجماعة عماد الحوت إخفاء ملامح التعب والأرق البادية على وجهه. يقول جرّاح العظام إن الإضطراب المحلي والإقليمي يؤثر على يومياته ويوميات جماعته.
السحر الذي انقلب سابقاً على الولايات المتحدة والغرب، والآن على بعض دول الخليج، هل ينقلب أيضاً على «الجماعة الإسلامية» في لبنان كما انقلب على تيار المستقبل من جماعة الأسير في صيدا التي حاولت أن ترثه بعد أن سحبت منه جزءاً من قاعدته؟
لا يجد الحوت أن خطف العسكريين سيدفع «أهل السنة لإعادة النظر في الجماعات التكفيرية لأنهم يدينونها منذ البداية».

أما الشبان الذين انضووا فيها أو نفذوا عمليات انتحارية «فحجمهم محدود بالمقارنة مع واقع أهل السنة، وليست هناك ظاهرة تشكل خطراً على الواقع اللبناني» يقول الحوت الذي حذر من «محاولات إدخال لبنان بحالة تخويف البعض من البعض الآخر».
بالنسبة للجماعة، يقر الحوت بأننا «أمام خطر وجودي». يذكّر بأن «التكفيريين قتلوا من قيادات الحركة الإسلامية في العراق ومن يمثل مدرسة الإخوان المسلمين أضعاف من قُتل على أيدي الميليشيات الشيعية. وهذا ما حصل أيضاً في سوريا». لكن في لبنان «يختلف الأمر، لأننا في حال استهدفنا، وهو أمر وارد، سنستهدف كلبنانيين»، قال الحوت الذي يستشعر الخطر «من التكفيريين ومن تدخل حزب الله في سوريا». حتى الآن، الهجوم على تيار المستقبل وسواه «لا يزال ضمن الخلاف السياسي، ولم يتحول إلى الإطار العنفي». لكن في حال تحوّل، «نرفض أن نتعامل مع الخطر كقضية سنية، بل كقضية تهدد الأمن في لبنان»، مؤكّداً «رفضنا لمنطق الأمن الذاتي، بل من الخطأ أن تلجأ كل طائفة كالدروز والمسيحيين إلى ممارسة الأمن الذاتي الذي سيؤدي الى تفكيك الكيان وتدخلنا، كما سابقاً، في الحرب الأهلية». واعتبر أن الواجب حالياً «يقتضي أن نفتش على آلية لحماية لبنان في إطار الدولة»، مؤكّداً جهوزية الجماعة للتواصل مع كل الأطراف إزاء المأزق الطائفي «لأننا نشكل حاجة في زمن التطرف».
خلال أحداث عرسال، عرضت الجماعة على الرئيس نبيه بري مبادرة لإنهاء المعركة، شبيهة بمبادرة هيئة العلماء المسلمين التي تملك فيها نفوذاً كبيراً. وعندما سادت أجواء من القلق والحذر في البلدات الدرزية والمسيحية في العرقوب وحاصبيا وراشيا، متسببة بشائعات وإشكالات مع شبان من بلدات سنية، جالت الجماعة على فعاليات المنطقة والتنسيق الأمني مع الحزب التقدمي الإشتراكي في القرى المتاخمة للحدود في حاصبيا وراشيا «لأن الخطر يشملنا جميعاً». أما بالنسبة للتنسيق مع حزب الله، فيشير الحوت إلى أن التواصل معه حالياً في الحد الأدنى، «لكن في حال وجدنا حاجة للتعاون معه من دون استثماره في دعم النظام السوري، بل لمصلحة لبنان حصراً، فنحن جاهزون».
يقر الحوت بالقلق الذي ينبع من «الحدود اللبنانية المشتركة مع سوريا حيث جرائم النظام السوري بحق شعبه تجعلني أخاف وغير قادر على ضمان سلامة لبنان وعدم انتقال النار السورية إليه». لكن ما الذي استجد بعد ثلاث سنوات متواصلة من اندلاع النيران السورية؟. المستجد هو «معركة القلمون»، برأي الحوت، حيث «النظام وحزب الله يستنزفان في معركتهما ضد الجيش السوري الحر والجبهة الإسلامية الموحدة ثم النصرة وداعش، ما يجعلهما في حاجة الى تخفيف الضغط وفتح معارك في لبنان». يحاول إقناعنا بأن الحزب يولي مصلحة النظام بالبقاء على مصلحة قاعدته الشعبية في مسقط رأسه!


وفي هذا الإطار، تندرج معركة عرسال، التي اعتبرها «عملية استدراج للجيش اللبناني، لكنه نجا منها وحقق إنجازات من الحفاظ على أمن المواطنين واستعادة مواقعه وعودته إلى البلدة». يستغرب الحوت الإنتقادات الموجهة للجيش بسبب تراجعه عن استكمال المعركة، متسائلاً: «إلى أين كان عليه أن يكمل؟. إلى جرود مساحتها ربع مساحة لبنان؟ وإلى معركة أكبر منه؟». ودعا المنتقدين إلى المطالبة بأن «يتفضل حزب الله ويعطي سلاحه وعناصره إلى الجيش ليصبح أكثر قدرة وجهوزية». يتمسك نائب «الجماعة» باتهام النظام السوري باختراع معركة عرسال. وتحسباً لوقوع معارك أخرى، يقدم حل الجماعة القاضي «بإقفال الحدود بالإتجاهين، لأن أي مسلح يدخل إلى سوريا سيستدرج ردة فعل داخل لبنان. وبما أننا نرفض وجود أي مسلح سوري على أرضنا، ماذا ننتظر من الثائر السوري الذي يرى عناصر الحزب يقاتلون إلى جانب النظام؟. من المنطقي والمبرر أن يقوم بردة فعل»، قال الحوت. .

ماذا عن الجماعة؟. خلال معركة عرسال، تعامل عناصر «الجماعة» الذين «يعملون في الأساس في إطار الدعوة والخدمات الإجتماعية»، بحسب الحوت، مع الأمر الواقع لأن البلدة كانت محتلة. سيارات الإسعاف في مركز الدفاع المدني التابع لـ «الجماعة» تحركت لنقل الجرحى، لكن بالتنسيق مع الجيش «لكي لا تستخدم للهجوم عليه». المستشفى الميداني والمستوصف كانا يستقبلان قتلى المسلحين وجرحاهم لأن «من واجب الطبيب إسعاف الجريح أياً كان». لكن «أياً من مراكز الجماعة لم يستخدم منطلقاً لهجوم او اعتداء على الجيش»، يؤكد الحوت. وفي حال تكرر المشهد في شبعا ومحيطها، تنحاز الجماعة للجيش ضد المسلحين. «فهذا أمر لا نقبل التساؤل فيه أو النقاش».

الحوت لا يتهم النظام السوري بمعركة عرسال فحسب، بل بتسريب شريط الفيديو الذي قيل إنه للجندي في الجيش علي السيد. فما الرابط؟. موقع «لواء أحرار السنة» الذي من المفترض أن شعبة المعلومات أعلنت اجتثاثه بتوقيف مشغله. ينطلق الحوت من اعتراف مشغّله أنه «يعمل لصالح النظام السوري». الموقع بحسب الحوت بث قبل حوالي عشرة أيام شريط فيديو للجندي نفسه يعلن فيه انشقاقه عن الجيش، الأمر الذي يجد فيه «تلازماً منطقياً» بين الشريطين ومصدرهما المرتبط سورياً. والمصلحة منهما «الإيقاع بين الجيش والحاضنة السنية. فلماذا اختير جندي سني يتحدر من عكار التي هي أكبر حاضنة للجيش؟». يسهل على الحوت، اتهام سوريا في كل صغيرة وكبيرة من الرقة إلى عرسال، لأن «داعش في الأساس هي صنيعته». وهو مقتنع بأن النظام السوري له وحده المصلحة بتخريب الوضع اللبناني. ماذا عن «الأعداء» الآخرين؟ برغم الإختراقات المتعددة على الساحة السورية، يرى الحوت أن اسرائيل «ليست في حاجة الى جبهة حدودية غير مستقرة في ظل ما تعانيه في غزة والجولان ولا مصلحة لديها في عدم استقرار لبنان». في المقابل، لا يملك دليلاً على تمويلهما الجماعات التكفيرية. «ربما كانتا تفعلان في السابق، أما الآن فلا لأن السحر ينقلب على الساحر وباتت المجموعات تهدد السعودية بكيانها الوجودي. لكن إذا ثبت أنهما تمولانها، فهذا أمر مدان».

http://www.al-akhbar.com/node/214593

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه