إلا إن المفاجأة الأكبر يفجرها مراسل حربي صهيوني سابق، "ألون بن دافيد" حين يتساءل عن جدوى الاستمرار في صنع الميركافا بعد هزيمتها ويقول :"كيف بنا بصاروخ قيمته نصف مليون دولار يدمر دبابة تصل قيمتها إلى 10 أو 15 مليون دولار؟".
منذ عدوان الكيان الصهيوني في العام 2006 على لبنان، والذي سمي بـ "حرب لبنان الثانية"، سلطت الأضواء على هزيمة ما كان رمز اعتزازه في تاريخه العسكري وهو "دبابة الميركافا".
ولكن معرفياً لم يُشفَ غليل المواطن العربي واللبناني في التعرف على تاريخ هذه الدبابة "الأسطورة" وما هي الامتيازات العسكرية الاستثنائية التي كانت تتمتع بها، ليقدّر تالياً عظمة تفوق مجاهدي المقاومة اللبنانية في قهر هذه "الأسطورة" لدرجة أنه تمّ سحب تسويقها من السوق العالمية.
يشهد للكيان الصهيوني قدرته الكبيرة على التصنيع المحلي لمجموعة من الأسلحة والذخائر، والتي تذكر الوثائق التاريخية أن اليهود خلال هجراتهم الأولى إلى فلسطين منذ بدايات القرن العشرين بدأوا في هذه العملية بمحاولات فردية كان يدعمها الإحتلال البريطاني. من هنا بدأت عملية التطور العسكري تدريجياً حتى قررت دولة الكيان في العام 1970 البدء في صناعة دبابة محلية، ومضت في خططها واستفادت من حروبها السابقة في صنع ميركافا توائم احتياجات جنودها فيما يختص بالسرعة والقدرة النيرانية. ولكن أكثر ما ركزت عليه الصناعة العسكرية الإسرائيلية هو تأمين سلامة طاقم الدبابة نظرا لحرصهم على حياة الجنود.
خرجت أول ميركافا-1 في العام 1979، وصممت لتناسب الطبيعة الوعرة لشمال فلسطين ومرتفعات الجولان السورية ، وشاركت في غزو لبنان في العام 1982. بعدها جاءت ميركافا-2 في العام 1983، وركز مصمموها على ملاءمتها لحروب المدن بعد خبرة حرب لبنان، وإدخال بعض التحسينات على تدريعها ونظام السيطرة على النيران. تلتها ميركافا -3 في العام 1990، مع بعض التحسينات الأخرى على تدريعها وبرجها، لتخرج ميركافا -3 باز" (أي الصقر). الاستخدام العسكري الأبرز للطراز الثالث يتمثل في اقتحام المدن الخاضعة للحكم الذاتي الفلسطيني والمخيمات الفلسطينية.
وفي العام 2004 دخلت الدبابة ميركافا -4 الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي مع المزيد من التحسينات على نظام السيطرة على النيران والتدريع وبعض المساعدات الدفاعية. ورغم الدعايات الإسرائيلية عن قوة هذه الدبابة ومنعتها، تمكّن رجال حزب الله من تحييد ميركافا-4 في إثبات عم جدواها في المعركة في حرب تموز 2006 مع لبنان، ما أثبت للآن عدم صحة الدعاية العسكرية الإسرائيلية.
"سقوط الأسطورة" فيلم وثائقي يقدّم بتميز عال تاريخ حكاية "دبابة الميركافا" في جزئين، كيف تمّ ابتكارها مع الجنرال يسرائيل طال، وصولا إلى حرب تموز 2006 حيث ذاقت في وادي الحجير الجنوبي الشهير مجزرة جعلت اللواء النخبوي المدرع "401" يخسر عددا كبيرا من طاقمه ولم تقدم له هذه الدبابات "الأسطورة" الحماية التي كانوا يتغنون بها. وكانت هذه الهزيمة سبباً مهماً في إيقاف الحرب.
يتميّز الوثائقي باستضافة نخبة من الجنرالات المتقاعدين من روسيا وسوريا ولبنان إضافة إلى الاستفادة عملياً من تصريحات لشخصيات عسكرية إسرائيلية بارزة. الجنرال الروسي ليونيد أفاشوف، رئيس المركز الدولي للتحليل الجيوسياسي، يؤكد أن لا أحد تمكّن من معاقبة إسرائيل، حتى حرب تموز في لبنان حيث عوقبت على أرض المعركة في وادي الحجير.
ولكن المفاجأة الكبرى تتقدم على لسان رئيس أكاديمية المشاكل الجيوسياسية في روسيا الجنرال قسطنين سيفكوف، إذ يقول :" إن التدريب على استخدام صواريخ الكورنيت التي ضربت دبابة الميركافا يتطلب تدريبا قاسيا على مدى عام كامل، إلا إن شبان حزب الله تدربوا عليه في أيام قليلة حيث أنشأوا نقاط دفاعية في وادي الحجير استطاعت تعطيل حركة الجيش الاسرائيلي بفضل هذا التكتيك الحزبي وتوجيه ضربات قاسية وموجعة له..".
إلا إن المفاجأة الأكبر يفجرها مراسل حربي صهيوني سابق، "ألون بن دافيد" حين يتساءل عن جدوى الاستمرار في صنع الميركافا بعد هزيمتها ويقول :"كيف بنا بصاروخ قيمته نصف مليون دولار يدمر دبابة تصل قيمتها إلى 10 أو 15 مليون دولار؟".
"سقوط الأسطورة"، إنتاج تلفزيون المنار، من إعداد وإخراج الزميل مهدي قانصو، شاركته في الإعداد شيراز حايك.
"سقوط الأسطورة" يعرض يومي الاربعاء والخميس المقبلين في تمام الساعة 22:30 على قناة المنار.