طارت أمس الجلسة 11 لمجلس النواب المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية، وحطّت مكانها «مبادرة إنقاذية» لـ14 آذار، لا تحمل أي جديد
طارت أمس الجلسة 11 لمجلس النواب المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية، وحطّت مكانها «مبادرة إنقاذية» لـ14 آذار، لا تحمل أي جديد. من جهته، اكد الرئيس نبيه برّي أنه أوقف والنائب وليد جنبلاط مبادرتهما الرئاسية، ولـ«نرَ ماذا سيفعلون»
في الوقت الذي حوّل فيه فريق 14 آذار الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية، مناسبة لإطلاق ما سمّاه «مبادرة» لحلّ أزمة الاستحقاق الرئاسي، أكد الرئيس نبيه برّي أمام زواره أمس، أنه أوقف والنائب وليد جنبلاط مبادرتهما الرئاسية. وقال: «قامت القيامة ولم تقعد عندما قال جنبلاط إنه يجري اتصالات معي ومع السيد حسن نصر الله، وأشاعوا جواً بأن المسلمين يقررون الرئيس المسيحي. الآن توقفنا عن هذا التحرك كي نرى ماذا سيفعلون».
وعلى مقلب 14 آذار، أُعلن عن نيّة آذارية للذهاب نحو التسوية قبل موعد انعقاد الجلسة، ما دفع إلى التساؤل عن الجديد الذي يحمله هذا الفريق. بعد إرجاء الجلسة إلى تاريخ 23 أيلول، تبيّن أن هؤلاء يكرّرون أنفسهم. مبادرتهم التي تضمنت بنوداً أربعة، بدت موجهة أساساً لإحراج رئيس تكتل التغيير والإصلاح الجنرال ميشال عون، أكثر منها خطوة لإنقاذ البلد من الشغور الذي تعدّت أيامه المئة. كما في كلّ مرة، لم تبد أجواء مجلس النواب أجواء انتخاب ولا توافق، لولا الحركة التي أحدثها فريق الرابع عشر من آذار، لما كان لأحد أن يتنبّه إلى وجود جلسة.
وقد حرِص رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، فور اعتلائه منبر غرفة الصحافة في مجلس النواب، على أن ترصُد كادرات الكاميرات إلى جانبه النواب من مختلف المكونات الآذارية أثناء قراءته للمبادرة. نادى كل نائب باسمه: جورج عدوان. إيلي ماروني. بطرس حرب. سمير الجسر وآخرين. خطواته كانت مدروسة وهادفة. كشفها في ما بعد عدوان بقوله إن «14 آذار ستذهب إلى التسوية مجتمعةً، من دون تجاهل أي مكوّن فيها، ولن يعمل أي طرف على صياغة التفاهمات منفرداً». كان واضحاً أن السنيورة وجناحه الآذاري يرغبان في تأكيد المعلومات التي تحدثت عن أن الأبواب بين تياري المستقبل والوطني الحر قد أُقفلت. لم يعُد هذا المطلب حلماً، بل واقعاً كما أرادوه.
أبدى فريق 14 آذار
نيته التواصل مع
حزب الله مباشرة لا عبر برّي وجنبلاط
فوجئ الحاضرون ببنود المبادرة التي لم تحمل جديداً عن التصريحات اليومية لنواب فريق الرابع عشر من آذار، ولا حتى عمّا كان قد أعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أخيراً، عن استعداده للتنازل عن ترشّحه في مقابل التوافق على اسم توافقي بين 8 و14 آذار. لكنها حملت الكثير من التناقضات، التي استطاع السنيورة تجميلها بحنكته المعهودة، في معرض توسّعه في مناقشة ما تضمنته. من قرأ المبادرة جيداً، وسمع شرح التفاصيل على لسان النواب، أدرك الهوة الكبيرة بين النقاط الأربع الفضفاضة كما صيغت، وتفسيراتها الشفهية. على الورقة، لخّص الآذاريون مبادرتهم على الشكل التالي: «تأكيد احترام المهل الدستورية كافة ومبدأ تداول السلطات. تمسّك قوى الرابع عشر من آذار بترشيح سمير جعجع مع استعدادها التام للتشاور مع كل الأطراف حول اسم يتوافق عليه اللبنانيون. القيام بالاتصالات اللازمة مع كل القوى السياسية من أجل السعي إلى التوافق على تسوية وطنية. البقاء على الموقف الحالي في حال فشل مساعي التسوية».
تشير هذه البنود إلى أن فريق 14 آذار تخندق وراء رؤية تفسيرية خاصة به، يرغب من خلالها في إخضاع فريق الثامن من آذار، وحشر الجنرال عون في خانة اليك أمام حلفائه، وإظهاره بصفته المعرقل الوحيد للاستحقاق، في حين أن مرشّح 14 آذار سمير جعجع تنازل في سبيل المصلحة الوطنية. لكن لم يُفهم بعد كيف لفريق لبناني الإعلان عن قبوله بالتسوية، وهو لا يزال يتمسّك بمرشحه الرئاسي؟ سؤال نزل على رأس النواب كالصاعقة، قبل أن يسعفهم البند الرابع في المبادرة «إما التسوية وإما البقاء على سمير جعجع». وماذا عن الاتصالات مع جميع القوى، هل ستكون مباشرة أم من خلال برّي وجنبلاط؟ يمكن القول إن الإيجابية الوحيدة في المبادرة، هي استعداد فريق الرابع عشر من آذار، وتحديداً تيار المستقبل، للجلوس إلى طاولة واحدة مع حزب الله كما أشار السنيورة. ومن المتوقّع أن يبدأ وفد من هذا الفريق جولته على المعنيين، الأسبوع المقبل كحد أقصى «لمناقشة مواصفات الرئيس التوافقي لا الدخول في الأسماء».
وفيما اعتبرت مصادر 14 آذار المبادرة «استكمالاً لجولة جنبلاط على الفرقاء السياسيين، وحراكه المشترك مع الرئيس برّي، لإحداث ثغرة في جدار الاستحقاق الرئاسي»، رفض نواب في فريق الثامن من آذار التعليق عليها، واكتفوا بالقول إنها «لا تحمل جديداً، لا في الشكل ولا في المضمون». لكن فيها ما استدعى بعضهم الرد عليه، وهو ما يتعلق بالكلام عن احترام المهل الدستورية، معتبرين أن من «يريد احترام المهل الدستورية عليه أن يتذكّر أن ولاية المجلس النيابي تنتهي في 16 تشرين الثاني المقبل، ما يستدعي التحرّك لعدم الوقوع في الفراغ البرلماني»! وحده عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم، الذي حضر أمس واستمع إلى المؤتمر الصحافي، صرّح بـ«أننا لا نرى شيئاً جديداً في المبادرة»، معتبراً أن «ما يحتاجه هذا الاستحقاق هو السعي الجدي من قبل الفرقاء لإتمامه». فيما أكّد جعجع بعيد إعلان المبادرة، أنه من اللحظة الأولى لترشّحه أعلن أنه «ليس مرشح أنا أو لا أحد». وأشار إلى أنه «إذا قبل الفريق الآخر المبادرة وتلقفها، نبدأ حينها المفاوضات بشأن الأسماء».
من جهته، علق بري على عدم انعقاد الجلسة بقوله: «دعَونا إلى الجلسة الـ12 وربما سندعو إلى الجلسة الـ13، لكن لا جديد حتى الآن على الصعيد الرئاسي». وسئل عن رأيه في مبادرة قوى 14 آذار، فأجاب: «ليست جديدة، بعدما سبق أن طرحها جعجع، في حزيران الماضي. اللهم سوى تأليف لجنة اتصالات. وسنرى». وعمّا إذا استُمزِج رأيه في هذه المبادرة قبل إطلاقها؟ رد بري: «لا. اطلعت عليها من الإعلام، لكن المطلوب أن يقنعوا العماد عون بها. على كل حال. لم يتأخر جوابه». وعمّا إذا آن أوان البحث في مرشح تسوية؟ أجاب: «في أي وقت يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية، امس، قبل اليوم».