لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني بعد المئة على التوالي. جلسة الانتخاب الحادية عشرة أمس طارت كسابقاتها، ولا يُعتقد أن مصير الجلسة المقبلة
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني بعد المئة على التوالي.
جلسة الانتخاب الحادية عشرة أمس طارت كسابقاتها، ولا يُعتقد أن مصير الجلسة المقبلة التي حُدد موعدها في 23 ايلول الحالي سيكون أفضل حالا، خصوصا أن المبادرة التي أطلقتها قوى «14 آذار» أمس وُلدت ميتة.
وبينما خصصت الحكومة جلسة أمس للبحث في الوضع المالي النازف، ظلت قضية المخطوفين العسكريين تتأرجح بين ضغط الشارع الملتهب، وضغط الخاطفين الذين هددوا أمس بقتل مخطوف إضافي، كما جاء في بيان منسوب لـ«داعش»، وسط غموض يلف التفاوض المفترض.
ويناقش مجلس الوزراء في جلسته غدا ملف العسكريين، في وقت بدا ان «مغامرة» المقايضة لا تملك الوقود السياسي والقانوني الكافي لمواصلة مشوارها حتى سجن رومية.
وعلمت «السفير» ان وزراء «8 آذار» و«التيار الوطني الحر» والنائب وليد جنبلاط سينطلقون في النقاش من سقف نهائي غير قابل للمساومة، وهو رفض أي تبادل بين المخطوفين وموقوفين إسلاميين في سجن رومية.
وأكدت مصادر واسعة الاطلاع في «8 آذار» لـ«السفير» ان المقايضة غير واردة بتاتا، قياسا على مخاطرها الكثيرة، وبالتالي ليس هناك أي استعداد للموافقة عليها، مشيرة الى ان ما يمكن القبول به هو تسريع المحاكمات.
وفيما أبلغ مصدر عسكري «السفير» أن الجيش عند قراره، وهو أنه ليس له علاقة بالتفاوض الذي لا يزال مستترا، نقل زوار مرجع رسمي عنه قوله ان ملف المخطوفين العسكريين خطير ويحتاج الى عناية دقيقة، منبّهاً الى التداعيات التي قد تترتب على أي تطور سلبي في هذا الملف، ومتسائلا: لو جرى التعرض لمخطوف شيعي على سبيل المثال، فكيف يمكن ان يكون رد الفعل؟ وأي انعكاس يمكن ان يتركه ذلك على الارض؟
وأبدى المرجع قلقه من حالة الاحتقان التي ترافق التعاطي مع هذه القضية، ملاحظا أن البعض يحمّل أطرافا في الداخل المسؤولية عن خطف العسكريين أكثر مما يحمّلها لـ«النصرة» و«داعش».
وأوضح المرجع أن شروط الخاطفين في «النصرة» و«داعش» واسعة، وتشمل الإفراج عن موقوفين خطيرين ومطالب مالية وتعهدا من «حزب الله» بالانسحاب من منطقة القلمون.
وشدد المرجع على ضرورة اعتماد أقصى درجات الحذر في التعاطي مع ملف المخطوفين، معتبرا ان القناتين القطرية والتركية هما الأكثر ملاءمة للوساطة، والحكومة يجب ان تستمر في التواصل والتنسيق معهما.
وفي سياق متصل، أبلغت أوساط قضائية «السفير» ان الهامش القانوني الذي يمكن ان تتحرك الاحتمالات بين حدّيه ضيق، لافتة الانتباه الى ان إطلاق سراح موقوفين محكوم عليهم يحتاج الى أحد عفوين: إما عفو عام يصدر عن مجلس النواب، وهذا الخيار غير ممكن أصلا لان المجلس مقفل، وإما عفو خاص يصدر عن رئيس الجمهورية، ونظرا الى الشغور، فإن الحكومة مجتمعة هي التي يمكن ان تعلن عن هذا العفو، وهذا يعني ان اعتراض وزير واحد عليه كفيل بإسقاطه.
وتعليقا على ما يُطرح حول إمكان الإفراج عن موقوفين لم تصدر أحكام بحقهم، لفتت الأوساط الانتباه الى ان العفو يحصل عادة بعد صدور الحكم، لا قبل صدوره.
وأشارت الأوساط الى ان الممكن والواقعي هو تسريع المحاكمات لأن هذا مطلب مشروع بمعزل عن عملية الخطف، إضافة الى إطلاق سراح من أتموا العقوبة التي أنزلت بهم، مع إمكان إبداء مرونة في إيجاد مخارج لمن لا يتسنى له تسديد قيمة الغرامة المالية.
في هذا الوقت، اتشحت بلدة فنيدق في عكار بالسواد حزنا على ابنها الرقيب علي السيد، الذي نعته قيادة الجيش رسميا امس، بعدما أثبتت فحوص الحمض النووي ان الجثة التي تسلمها الجيش امس الاول تعود الى السيد.
الوضع المالي: مؤشرات سلبية
وعلى وقع الأزمة السياسية والتحديات الامنية، قدم وزير المال علي حسن خليل إلى مجلس الوزراء في جلسته أمس، عرضاً شاملاً حول الأوضاع المالية والاقتصادية لجهة تراجع العديد من المؤشرات، وصعوبة تمويل عجز الموازنة من دون وجود موازنة عامة أولاً، وإصدار تشريع يسمح للمالية بإصدار جديد لسندات «اليوروبوند» بما يؤمن احتياجات الدولة من النفقات العامة، وهو ما يتطلب قانوناً في المجلس النيابي.
وأكد خليل خلال الجلسة أن الناتج المحلي قارب على مدى ثلاث سنوات، أي منذ عام 2011 حتى اليوم حوالي 70 ألف مليار ليرة، بينما بلغ في العام 2010 حوالي 56 الف مليار ليرة، مشيراً إلى أن النمو الاقتصادي كان بحدود 8 في المئة في ذلك الوقت، وبلغ اليوم حوالي واحد في المئة، كاشفاً عن خسارة لبنان حوالي 500 ألف سائح سنوياً.
وأشار خليل إلى أن الإنفاق العام زاد حوالي 21 في المئة خلال سنتين من دون احتساب كلفة زيادة الرواتب ومن دون احتساب كلفة «سلسلة الرتب والرواتب» في حال إقرارها.
ولاحظ أن عجز الكهرباء ينمو نمواً كبيراً، وهو كان بحدود المليار دولار في العام 2011 وارتفع إلى حوالي 2.1 مليار دولار اليوم نتيجة استخدام المازوت وأغلى أنواع الفيول والمحروقات، مبرزاً أهمية اعتماد الغاز لتوفير كلفة عجز الكهرباء التي تشكل القسم الأكبر من عجز الموازنة.
وتطرق خليل إلى موضوع كلفة الدين العام، مشددا على أهمية إصدار سندات «اليوروبوند» لسداد المستحقات، معتبراً أن الإصدار بالليرة ومن استبدال السندات بالعملات، سيزيد كلفة الدين العام نتيجة فروقات أسعار الفوائد، مع الإشارة إلى أن كلفة الدين العام تشكل حوالي 5800 مليار ليرة على الرغم من تراجع أسعار الفوائد على سندات الليرة.
وأشار خليل إلى انعكاسات عدم وجود موازنة منذ العام 2005، مؤكداً أن وجود موازنة أفضل من عدم وجودها، لا سيما بالنسبة لنظرة الجهات المانحة والمؤسسات الدولية إلى وضع لبنان.
عناوين الورقة
وأكد خليل لـ«السفير» أن عرضه أمام مجلس الوزراء تضمن المؤشرات الاقتصادية العامة في البلاد والنمو الاقتصادي وحجم الناتج المحلي (حوالي 70 الف مليار ليرة).
ثم انتقل إلى الوضع المالي، مشددا على عناصر أساسية، لا سيما خدمة الدين العام الذي سيزيد خلال العام 2015 حوالي 690 مليار ليرة نتيجة تزايد الدين والنفقات. وقال إن الحجم الأكبر من الاستحقاقات ستواجهه الدولة في العام 2015.
وعرض خليل في ورقته تقسيم الموازنة بين نفقات الرواتب والأجور والتعويضات والتقديمات الاجتماعية التي باتت تشكل كتلة هائلة مع المساهمات لكهرباء لبنان وغيرها من المؤسسات العامة وصندوق الضمان، وكيف تضخمت هذه المساهمات منذ العام 2010، بما فيها النفقات الاستثمارية في الموازنة العامة، حيث تطورت النفقات بينما حافظت ايرادات الدولة على معدلات معينة من دون تطورات ملحوظة.
كما تناول العرض مجموعة جداول جديدة حول الاستحقاقات حتى العام 2018، وتناول في ملاحظاته ما ورد في تقرير صندوق النقد الدولي حول أداء القطاع المالي وتوزع سندات الخزينة والدين العام بين المصارف ومصرف لبنان والمؤسسات العامة (صندوق الضمان ومؤسسة ضمان الودائع والجمهور). ثم تناول موضوع قطع الحسابات في الموازنات، ليخلص بعد ذلك إلى جملة اقتراحات.
http://www.assafir.com/Article/1/369962
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه