هيمن إعلان الحكومة اللبنانية رفضها مبدأ المقايضة في ملف العسكريين المخطوفين لدى الجماعات المسلحة في جرود عرسال (داعش والنصرة التابعة لتنظيم القاعدة)، حيث نقلت الصحف الصادرة في بيروت توافقاً وزارياً حول هذا الموضوع.
هيمن على اجواء الصحف إعلان الحكومة اللبنانية رفضها مبدأ المقايضة في ملف العسكريين المخطوفين لدى الجماعات المسلحة في جرود عرسال (داعش والنصرة التابعة لتنظيم القاعدة)، حيث نقلت الصحف الصادرة في بيروت توافقاً وزارياً حول هذا الموضوع، وكان حديث عن موضوع النازحين السوريين في لبنان.
وعلى الشكل التالي، جاءت افتتاحيات الصحف الصادرة في بيروت نهار الجمعة في 5-9-2014.
أهالي المخطوفين يلوّحون بخطوات تصعيدية
تكليف متأخر للجيش بمحاصرة مسلحي جرود عرسال!
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع بعد المئة على التوالي.
انتصرت الحكومة لهيبتها وكرامتها ولو متأخرة، وقررت، بعد ثلاثة وثلاثين يوماً على خطف العسكريين على يد مجموعات إرهابية، أن تحزم أمرها وتغادر الارتباك الذي حكم تعاطيها مع هذا الملف.
وبدا واضحاً أن الجريمة الجديدة التي ارتكبها تنظيم «داعش» بإعدام أحد أبناء بلدة عرسال كايد غدادة بعد اسبوع من خطفه، وضع مجلس الوزراء أمام مسؤولياته في ضرورة ضبط الوضع في عرسال، خصوصاً أن غدادة خطف قبل أسبوع من البلدة، وهو احتمال قائم في كل لحظة يريد فيها المسلحون أن يختاروا أية رهينة من أبناء البلدة، وبالتالي، صار لزاماً أن يتقدم موضوع إبعاد المسلحين المتواجدين في جرود عرسال وتلالها ومنعهم من التواصل مع البلدة ومخيمات اللاجئين فيها، حماية للأهالي ولضيوفهم من النازحين السوريين.
وبالتوازي مع ما يتردد من شروط للمجموعات الإرهابية وآخرها اعلان «النصرة» انها لن تفرج عن أي عسكري جديد الا في اطار عملية تبادل، وانها تطالب بالافراج عن 15 موقوفاً اسلامياً (في رومية) مقابل كل جندي لديها (عندها 13 عسكرياً ودركياً)، جاء قرار الحكومة حاسماً بطي فكرة المقايضة مع المجموعات الإرهابية نهائياً، وكذلك رفض التفاوض معها، وحصر الأمر بدول لها علاقة وتأثير على تلك المجموعات، كما حصل في قضيتي أعزاز والراهبات.
وتسللت الى أرجاء قاعة مجلس الوزراء صرخات ذوي العسكريين المخطوفين الذين كانوا معتصمين امام السرايا الحكومية للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم، حيث دعوا الزعماء السياسيين ونواب الأمة الى اتخاذ القرار الجريء بالإفراج عن المخطوفين، محذرين من حصول «فتنة كبيرة» إذا ما حصل أي شيء لأولادهم، وأمهلوا الحكومة 24 ساعة لهذه الغاية.
وفيما أفيد أن رئيس الحكومة تمام سلام سيلتقي اليوم وفداً من الأهالي، بحضور وزير الداخلية نهاد المشنوق، فضلاً عن دعوة خلية الازمة للبحث في الخطوات التي يمكن سلوكها في هذا الملف، اعلنت لجنة المتابعة لأهالي العسكريين المخطوفين عقب اجتماع عقدته، ليل امس، قرارها بعدم النزول الى السرايا الحكومية وبرفض الاجتماع برئيس الحكومة واللجنة الوزارية المكلفة متابعة موضوع العسكريين، «لأن لا ثقة ولا فائدة من هذا الاجتماع»، كما أورد مراسل «السفير» في البقاع نقلاً عن أحد أعضاء اللجنة التي اعطت الدولة اللبنانية مهلة يوم مفتوحة على احتمال القيام بخطوات تصعيدية ستشمل المناطق اللبنانية كافة وتحديداً بيروت.
وإذا كانت الحكومة في جلستها الأمنية، أمس، أكدت تضامنها ووحدة موقفها حيال أمن العسكريين المخطوفين وذويهم، فإن اللافت للانتباه هو تأكيدها قرار تكليف الجيش اللبناني والقوى الأمنية اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضبط الوضع في عرسال ومحيطها وتحرير العسكريين.
وبرزت في مستهلّ الجلسة مداخلة مطوّلة قدّمها رئيس الحكومة تمام سلام، وعرض فيها كل الجهود المبذولة من قبله بالتنسيق مع وزير الداخلية لتحرير العسكريين، قبل أن يطلب الوزير محمد فنيش الكلام فقدم مداخلة دعا فيها الحكومة الى أن تحزم أمرها، داعياً الى توفير الدعم الكلي والجدي للجيش اللبناني وتمكينه من أداء دوره والقيام بمهامه، وأكد أن منطق المقايضة او التبادل مرفوض، وبالتالي لا بد من القيام بكل ما يلزم لاسترداد العسكريين من أيدي المجموعات الإرهابية، وهذه مسؤولية الجميع من دون استثناء.
وأضاف فنيش: «الدولة اللبنانية ليست في موقع ضعف بل تملك الكثير من أوراق القوة التي يمكن أن تستخدمها في مواجهة المجموعات الإرهابية، وصولاً الى اتخاذ القرارات الحاسمة».
ووصف فنيش الوضع القائم في عرسال بأنه «ليس طبيعياً، وصار من الضروري معالجته بما يحفظ البلدة واهلها، ويمنع المجموعات الارهابية من استباحتها واستخدامها كملاذٍ لها، فالمسلحون يدخلون ويخرجون ساعة يشاؤون (عقب أحد الوزراء بالقول إن الارهابيين يعتبرون عرسال «إمارة» قائمة بذاتها ولكن من دون إعلان).
وأكد فنيش أن العلاج الحقيقي «يكمن في فصل عرسال عن الجرود التي ينتشر فيها المسلحون، لأن استمرار التواصل بعناوين إنسانية معناه بقاء الأمور مفتوحة على التوترات.
وطلب وزير الداخلية نهاد المشنوق من مجلس الوزراء الإجابة على ثلاثة اسئلة: هل تريدون المقايضة؟ هل تريدون التفاوض؟ اذا قررنا الفصل بين عرسال والجرد فيجب أن يتم اخراج النازحين من البلدة، فما هو موقف مكوّنات الحكومة وإلى اين يتم نقل النازحين؟
وستشكل الزيارة التي يقوم بها وزير الداخلية الى الدوحة نهاية الاسبوع الحالي، ويرافقه فيها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم مناسبة لإثارة قضية العسكريين. وقال المشنوق لـ«السفير»: إن مؤتمر وزراء الداخلية العرب الذي انعقد مطلع السنة في مراكش شكل لجنة وزارية مهمتها وضع الأسس لجائزة الامير نايف بن عبد العزيز، ولبنان عضو فيها والزيارة تأتي في هذا السياق، لكن من الطبيعي أن يكون موضوع العسكريين المخطوفين محور متابعة، فنحن لن نترك باباً إلا وسنطرقه مع الدول التي يمكن أن تؤثر إيجاباً على الخاطفين.
على صعيد آخر، ينتظر أن يصل الى بيروت الاسبوع المقبل مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية د.حسين امير عبد اللهيان. وقال مصدر ديبلوماسي معني لـ«السفير» إن عبد اللهيان سيلتقي قيادات لبنانية ويضعها في أجواء المحادثات الايرانية ـ السعودية، وسيركز على تحصين الوضع الداخلي والتشجيع على الحوار والتواصل للتفاهم حول الاستحقاقات الداخلية مع إبداء كل الاستعداد لمساعدة لبنان في كل ما يطلبه لا سيما على صعيد مواجهة الإرهاب.
النهار
الحكومة تُجمع على سقف ملف المخطوفين رفض المقايضة والافساح لمفاوضات الدول
بدا واضحا امس ان حكومة الرئيس تمام سلام خطت خطوة متقدمة مبدئيا لوضع حد للارتباك الذي أصابها وسط أحد أخطر المآزق الذي اعترضها والذي يتمثل في مسألة المخطوفين العسكريين لدى التنظيمات الارهابية، الامر الذي يؤمل منه على الاقل ان تمضي الحكومة في مسار رسمته باجماع مكوناتها على قاعدة "رفض المقايضة او المساومة على حياة المخطوفين العسكريين" والقبول بمفاوضات عبر دول لاستردادهم.
والواقع ان جلسة مجلس الوزراء انعقدت وسط أجواء محمومة اضفاها اعتصام اهالي المخطوفين العسكريين في البقاع ولا سيما منه البقاع الشمالي الذين اطلقوا مواقف تصعيدية ضد الحكومة قبيل انعقاد الجلسة وخلال انعقادها ومن ثم بعد انتهائها. وراوحت هذه المواقف بين التحذير من "فتنة لا يستطيع أحد تحملها "والتلويح" بتصرف عشائري في البقاع "وصولا الى "نداء الى قائد الجيش العماد جان قهوجي لاعتقال جميع الوزراء ومبادلتهم بالجنود المخطوفين "وامهال الدولة 24 ساعة للاستجابة لمطالبهم باعادة المخطوفين "بمقايضة او بغير مقايضة".
النازحون والمخطوفون
وعلمت "النهار" أن الجلسة العادية لمجلس الوزراء التي امتدت أكثر من ست ساعات أرادت من خلالها الحكومة توجيه رسالة قوية ومباشرة الى أهالي المخطوفين العسكريين بأنها تتابع قضيتهم بكل فاعلية وتخصص لها ما لديها من امكانات على كل المستويات. وأبلغ الوزراء ان العدد الكامل للمخطوفين هو 28 عسكريا ورجل أمن وهم يتوزعون بالتساوي بين "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، أي 14 مخطوفا عند كل من الجهتين. واقترح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق معالجة وضع اللاجئين السوريين في عرسال والبالغ عددهم نحو ثلاثة أضعاف عدد سكان البلدة وهم يعيشون الآن في ظروف مأسوية بعد إحتراق خيمهم في المعارك الاخيرة.
وخلال النقاش طرح مشروع نقل هؤلاء اللاجئين الى مناطق جديدة برعاية دولية للاهتمام بحاجات لجوئهم. وفي الوقت نفسه كان تأكيد ان الصلاحيات الممنوحة للجيش للعمل هي كاملة و"كل الاضواء الخضراء مضاءة أمامه" على حد تعبير أحد الوزراء. وكان لافتا في ضوء مداخلة رئيس الوزراء في مستهل الجلسة أن يصار الى توسيع عضوية لجنة "خلية الازمة"التي يرأسها الرئيس سلام والمكلفة إدارة ملف المخطوفين لتضم المكوّن الشيعي، فكان أن أضيف الى عضويتها وزير المال علي حسن خليل الى جانب وزراء الدفاع والداخلية والعدل والخارجية، وتقرر أن تعقد اللجنة إجتماعها الاول بعد ظهر اليوم في السرايا، على أن تستقبل وفدا مصغرا من أهالي المخطوفين لاطلاعهم على الجهود التي تبذل لتحرير أبنائهم.
كما علمت "النهار" ان الاجواء التي سبقت الجلسة والمتعلّقة بتشتت الموقف الحكومي من موضوع معالجة قضية المخطوفين، تبددت خلال الجلسة امس عندما جرى التأكيد بالاجماع أن المفاوضات ليست عيبا بل هي اسلوب تعتمده حتى الدول الكبرى عندما يكون لديها مخطوفون. وقد ثبت أن إدارة هذا الملف برئاسة الرئيس سلام كانت أنزه وأفضل مفاوضات عرفتها دولة مرّت بهذه التجربة. فقد تمسك لبنان بمبادئ عدم المقايضة أو المبادلة أو الخضوع لشروط إطلاق إرهابيين محكوم عليهم. كما أن لبنان لا يخوض مفاوضات مباشرة بل يقوم بها بطريقة غير مباشرة من طريق دول وهيئات معنية. وفي هذا الاطار عرض مجلس الوزراء نقاط القوة ونقاط الضعف على هذا الصعيد.
وأظهرت مداخلات وزراء "حزب الله" وحركة "أمل" أنهم ضمن الاجماع في الرؤية الشاملة للملف. بعد ذلك توقفت مداخلات عدد من الوزراء عند تحرك أهالي المخطوفين، فأبدت تعاطفا مع واقعهم وفي الوقت نفسه حذرت من تحويلهم ورقة في يد البعض للضغط على الحكومة بدل توجيه الجهود لتحرير أبنائهم من خاطفيهم من "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش".
وقالت أوساط وزارية لـ"النهار" ان سلام عرض لكل مراحل المفاوضات وما انجزته من تحرير عشرة مخطوفين، كما ان وزير الداخلية طرح اسئلة عدة انطلاقا من واقع عرسال الذي يشبه وضعا احتلاليا تحت ضغط اللاجئين السوريين. ولفتت الى انه حين تبلغ مجلس الوزراء مقتل مواطن عرسالي على يد "داعش" تبدلت كل الاجواء في اتجاه الموقف الذي اتخذه مجلس الوزراء من رفض المقايضة او المساومة.
وأعلن مجلس الوزراء رسميا انه قرر بالاجماع ان "سلامة العسكريين لا يمكن ان تكون موضع مساومة او مقايضة لان الدولة بمؤسساتها ستتصدى بحزم لكل ما يهدد حياتهم". وأبرز "ضرورة عدم الانجرار الى محاولة تحوير المعركة بين المواطنين والدولة فيما يجب ان تكون الجهود مشتركة معا لمكافحة الارهاب". كما طلب من قيادتي الجيش وقوى الامن الداخلي اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لضبط الوضع وتحرير العسكريين.
مواقف وزارية
وصرح الوزير نهاد المشنوق لـ"النهار" بأنه "يجب تحرير عرسال بكل الوسائل المتاحة سياسيا وانمائيا واجتماعيا وعند الضرورة امنيا من خلال الصلاحيات الممنوحة للجيش والقوى الامنية وانا كنت اول من نبه الى خطورة موضوع عرسال قبل كل هذه المراحل".
وقال وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" إنه اقترح خلال الجلسة مقاربة جديدة لموضوع اللاجئين السوريين. وأعتبر ان فكرة إنشاء مخيمات لإيواء هؤلاء أصبح من الماضي. واعتبر ان ما هو مطروح حاليا هو إعادتهم الى سوريا، فيعاد اللاجئون الذين يأمنون النظام الى مناطقه ويعاد اللاجئون الذين يأمنون "جبهة النصرة" و"داعش" الى مناطق تسيطر عليها الجهتان.
وسأل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس عبر "النهار": "ما بال بعض أهالي المخطوفين يتوعدون بحرب أهلية وأبناؤهم سالمون؟ لماذا لا يأخذون من موقف والد الشهيد علي السيد قدوة في التعالي على الجروح واضعا ثقته بالجهود التي تبذلها الحكومة لتحرير أبنائهم؟".
في المقابل، أشارت معلومات الى ان "جبهة النصرة" أبلغت وسطاء انها لن تفرج عن عسكريين جدد إلا في اطار عملية تبادل وانها تطالب باطلاق 15 سجينا اسلاميا في مقابل كل عسكري مخطوف. وتحدثت معلومات اخرى عن اعدام تنظيم "داعش" اللبناني كايد غدادة من بلدة عرسال بعدما خطف قبل اسبوع بحجة ارتباطه بـ"حزب الله".
الاخبار
الحكومة: لفصل عرسال عن جرودها
أفضت جلسة مجلس الوزراء أمس إلى سلسلة قرارات أهمها رفض مقايضة الجنود المخطوفين بموقوفين إسلاميين، وإطلاق يد الجيش لفصل عرسال عن جرودها. أكثر من ذلك، ردّد بعض الوزراء بأن أحكام الإعدام الصادرة بحق الإسلاميين قد تنفّذ ردّاً على ابتزاز الخاطفين.
بعد طول انتظار وشبه استقالة من دورها، قررت السلطة السياسية التحرك حيال ملف العسكريين الرهائن. وبعد أكثر من شهر، خرج رقم رسمي للمخطوفين والمفقودين: 28 مخطوفاً (لدى «داعش» و«جبهة النصرة» معاً )، ومفقودان. هذا هو الرقم الذي سمعه الوزراء أمس من رئيس الحكومة ووزير الداخلية اللذين عرضا ما توصلت إليه المفاوضات غير المباشرة مع الخاطفين.
وبنتيجة نقاشات في الجلسة التي دامت 6 ساعات، خرج مجلس الوزراء بالخلاصات الآتية:
أولاً، رفض مبادلة الرهائن بموقوفين ومحكومين «إسلاميين»، علماً بأن أحداً لم يطرح فكرة المقايضة رسمياً.
ثانياً، توافق الوزراء على كون بلدة عرسال محتلة من قبل الجماعات التكفيرية، وكذلك جرودها. وقال عدد من الوزراء إن انتشار المسلحين في الجرود وفي البلدة وفي محيطها، أوسع مما كان عليه قبل المعركة التي بدأت في 2 آب الماضي.
ثالثاً، أجمع أعضاء مجلس الوزراء على الرأي القائل بأن الدولة ليست ضعيفة في مفاوضاتها مع الخاطفين. أحد الوزراء قال بعد الجلسة ما يردّده كثيرون في مجالس خاصة: «نستطيع تنفيذ حكم الإعدام بحق من صدرت بحقهم أحكام الإعدام». أما في قاعة مجلس الوزراء، فجرى الحديث عن عدة خيارات يمكن اللجوء إليها للضغط على الخاطفين، ومنها: فصل عرسال عن جرودها بهدف قطع طرق الإمداد التي يستفيد منها الإرهابيون الذين يخطفون الرهائن. التقدم عسكرياً وتوسيع رقعة انتشار الجيش في المنطقة. عدم التهاون مع المسلحين الذين يتحركون في المنطقة.
رابعاً، بدا واضحاً من كلام رئيس الحكومة تمام سلام أنه يريد أن يرفع عن نفسه مسؤولية أي فشل أو إخفاق حصل في إدارة معركة عرسال. خلال النقاش، طرح بعض الوزراء أسئلة واستفسارات عمّا جرى في المعركة. قالوا إنه بدا أن الجيش مكبّل وممنوع من تنفيذ مهمته، وأن المعركة توقفت فجأة. وعندما بدا من كلامهم أن ثمة اتهاماً لفريق رئيس الحكومة بمنع الجيش من استكمال عملية عسكرية في عرسال، ردّ سلام بالقول: «لم يمنع أحد الجيش من القيام بما يراه مناسباً. الجيش يحظى بغطاء للقيام بكل ما يجب القيام به». وأضاف سلام ما معناه أن الحكومة أعلنت موقفها في البيان الذي تلاه مباشرة بعد بدء المعارك في عرسال، وهي تكرر اليوم الموقف نفسه: الجيش يحظى بالغطاء الكامل للقيام بما يراه مناسباً.
في المحصلة، لا تجِد الحكومة اللبنانية نفسها حتى الآن مجبرة على التعاطي بمرونة مع مطالب «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، مقابل إطلاق سراح العسكريين المخطوفين لديهما. هكذا كانت أجواء مجلس الوزراء. لكن بدلاً من أن يغضب مجلس الوزراء مجتمعاً من عدم القدرة على تحرير المخطوفين، انزعج بعض الوزراء ممّا صدر على لسان بعض أهالي المخطوفين الذين تظاهروا أمام السراي الكبير، لأنه «يثير الفتنة، بعدما دعوا قائد الجيش إلى اعتقال الوزراء ومبادلتهم بالأسرى من العسكريين» ، كما قالت مصادر وزارية لـ«الأخبار»، من دون التنبّه إلى أن الأهالي المعتصمين يفقدون أعصابهم بسبب الخوف من أن يلقى أولادهم مصير العسكري الشهيد علي السيد. ويمكن القول إن التعاطي مع ملف العسكريين حصل على الطريقة اللبنانية بامتياز، وكأنه ملف اقتصادي أو اجتماعي عادي. فأُخضع للتوافق السياسي، ونتج منه انضمام وزير المالية علي حسن خليل إلى لجنة الأزمة التي تتولى هذا الملف برئاسة سلام، من أجل «إعطاء اللجنة تغطية شاملة من قبل جميع الأطراف السياسية». علماً بأن «خليل كان معارضاً في البداية».
وقد عمّمت أغلبية الوزراء جوّاً إيجابياً بعد الجلسة. وأكد الوزراء الذين تواصلت «الأخبار» معهم، أن ما صدر في بيان الحكومة بعد الجلسة هو اقتناع «جميع القوى السياسية، وأن لا خلاف في وجهات النظر حول عدم التفاوض المباشر مع الإرهابيين ورفض مبدأ المقايضة، ما يعني أن الخيار سقط». وفي خطوة وصفتها مصادر وزارية بـ«الدليل على التوافق»، أن البيان صاغه الوزراء محمد فنيش، علي حسن خليل، جبران باسيل، رمزي جريج ونهاد المشنوق. ولم تخفِ المصادر أجواء القلق التي سيطرت على الجلسة، إذ أشارت إلى «قلق من الأجواء المشحونة للغاية في الشارع، وكيفية التعاطي مع هذا الأمر». وأبدى الوزراء تكتماً حول القرارات العملية التي تم نقاشها في جلسة الحكومة، بينما توافرت لـ«الأخبار» معطيات عن تأكيد الجميع خلال الجلسة على أن الجيش يملك مطلق الصلاحيات في التصرف، و«وافق الوزراء على ضرورة التحرك والعمل على ردع أي تطوّر عسكري مستقبلي في عرسال، مع اقتراب فصل الشتاء». كذلك تمّ التأكيد على ضرورة فصل الجيش لجرود عرسال عن بيوت البلدة، «لأن عرسال محتلة ويجب على الجيش حماية الأهالي فيها»، على ما أكدت المصادر . وعلمت «الأخبار» أيضاً أنه تمّ الاتفاق على تحرّك واسع تقوم به اللجنة باتجاه «الدول التي تمون على المسلحين، يعني السعودية وقطر وتركيا».
وفي الوقت الذي أكد فيه مصدر وزاري في فريق الثامن من آذار أن «لا معطيات جديدة طرأت على ملف المخطوفين، بسبب عدم وجود قناة رسمية تعمل بشكل واضح ونتفاوض معها»، لفت إلى أن «الحكومة أكدت خلال الجلسة على ضرورة أن لا تظهر بصورة المدافع عن نفسه وكأنها مخطئة، وعدم السماح لأي طرف بابتزازها». وإذ أكد المصدر أن «الدولة اللبنانية لا تزال تملك أوراق قوّة في يدها»، يمكنها «اللجوء إليها في أي وقت»، ولم يعُد التضييق على النازحين السوريين هو ورقة الضغط الوحيدة على الجهات الخاطفة، فقد لمّح المصدر إلى «خيار آخر يتعلّق بالموقوفين في سجن رومية، والذين تطالب الجهة الخاطفة بإطلاق سراحهم»، إذ أشار إلى أن «البعض منهم صدر بحقه حكم إعدام، وإن كان هذا الحكم لا ينفّذ عادة، لكن الدولة اللبنانية يُمكن أن تهدّد بتنفيذه»، مؤكداً أن «لا خيمة فوق رأس أحد منهم»! في المقابل، لفت مصدر وزاري آخر الى أن «السؤال الرئيسي الذي تمحورت حوله الجلسة هو: هل هناك قبول بمبدأ التفاوض الذي أثمر في السابق تحرير 10 مخطوفين، أم أن الحكومة قادرة على أن تتحمّل مسؤولية ما يُمكن أن يحصل»؟ مؤكّداً أن «لا حديث عن آلية للتفاوض حتى الآن، بل عن المبدأ فقط»، مؤكّداً أن «الوزراء اتفقوا على عدم ممانعة التفاوض غير المباشر، لكنهم في المقابل أكدوا رفضهم للمقايضة، لأن الدولة لا يُمكن أن تتحمّل عواقبها، علماً بأن كل الاحتمالات السلبية واردة مع تنظيمات مثل داعش والنصرة».
من جهته، عبّر الوزير رشيد درباس لـ«الأخبار» عن امتعاض بالغ في الحكومة من تصريحات أهالي العسكريين.
وأشار درباس إلى أن «المتظاهرين في القلمون اتهموا الحكومة بالتشدّد وطالبوها بالتفاوض، فيما طالب المتظاهرون أمام السراي بالحسم العسكري واتهموا الحكومة بالتخاذل. هذا المشهد مخيف». وكان درباس قد أعلن أن «لبنان لن يستطيع استقبال نازح بعد اليوم»، موضحاً أن «هذا الكلام غير عنصري، لأن جرس الخطر يدق في أي دولة عندما تبلغ نسبة الأجانب أكثر من 10 في المئة، فكيف لو وصلت إلى 35%»؟ في حين علمت «الأخبار» أنه «تم الاتفاق أيضاً خلال الجلسة على ضرورة أن تكون هناك مقاربة مختلفة لموضوع النازحين الذين تحوّل البعض منهم فجأة إلى مسلحين أو بيئة حاضنة للمجموعات الإرهابية». بدروه، عبّر الوزير سجعان القزي عن القلق عينه من التحريض في الشارع، مشيراً إلى «خلفيات أمنية تدفع بالمحرضين على ردود الفعل الطائفية».
وبحسب البيان الذي صدر عن الجلسة، فإن «الرئيس سلام أعلن أنه أجرى اتصالات سرية مع دول أخرى يُمكن أن تكون لها قدرة على تحرير العسكريين، والمسؤولية تكمن في أن المفاوضات تتم مع التهديد بتصفية العسكريين، ولا بد أن تؤخذ معاناة الأهالي في الاعتبار». وطلب البيان من «وسائل الإعلام التزام الدقة والموضوعية في تغطية أخبار المخطوفين»، مشيراً إلى أن «المجلس قرر تكليف وزير الإعلام أخذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين».
وأكد أهالي العسكريين المخطوفين في عرسال رفضهم الاجتماع مع سلام الذي كان قد دعاهم إليه مساء يوم أمس، وكان من المفترض أن يعقد اللقاء الخامسة من عصر اليوم. أهالي العسكريين، وبعد اجتماعهم مساء أمس في البقاع، شددوا على «مقاطعتهم الحكومة اللبنانية، ورفض الاجتماع معها»، إلى أن «نلحظ تطوراً واضحاً في طريقة معالجة قضية اختطاف أبنائنا، وإيجاد السبل الكفيلة بتبديد معاناتنا اليومية». ولفتوا إلى أنهم سيتابعون تحركاتهم التصعيدية، بعيداً عن الإعلام، ووفق الطرق والخطوات التي يرونها مناسبة لإطلاق وتحرير أبنائهم.
على صعيد آخر، غادر رئيس مجلس النواب نبيه برّي لبنان في زيارة خاصة، بعدما تقدم بطلب ترشّحه للانتخابات النيابية.
المستقبل
الأهالي يضغطون.. وتحذيرات وزارية من تلازم الإرهاب والفتنة لأنهما «داعشان يتكاملان»
الحكومة ملتزمة قضية العسكريين: تواصل لا تبادل
مع تعاظم قلق أهالي العسكريين المخطوفين من تنفيذ المجموعات الإرهابية تهديداتها المتلاحقة بحقهم، تفاقمت الخشية وطنياً من منزلقات خطرة تتربص بمسار هذا الملف على وقع طبول «الفتنة» التي قرعها البعض أمام السرايا الحكومية أمس. وحيال مشهدية كهذه تنذر بسحب فتنوية آخذة بالتجمع في فضاء البلد، سرعان ما تعالت الأصوات الحكومية المحذّرة من مغبة الانجرار وراء ما تحمله من نذر شر مستطير يتماهى مع الإرهاب ويحقق مراميه، باعتبار أنّ الفتنة والإرهاب «داعشان يتكاملان» وفق تعبير وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في معرض تطرقه أمام مجلس الوزراء إلى خطورة التطورات الحاصلة في ملف العسكريين المحتجزين. بينما خلصت الحكومة بحسب ما أوضحت مصادرها لـ«المستقبل» إلى التوافق بالإجماع على «استكمال التواصل مع دول قادرة على المساعدة في هذا الملف، بالتوازي مع رفض مبدأ التبادل والمقايضة بين العسكريين وعدد من سجناء رومية».
وتحت وطأة ما تردد على مسامع الحكومة خلال التئامها أمس من تحذيرات باندلاع «فتنة مذهبية» حسبما جاء على لسان علي الحاج حسن المتحدث باسم وفد البقاع من أهالي العسكريين المخطوفين وتحميله مسؤولية سلامة هؤلاء العسكريين لأهالي عرسال، نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ درباس سأل خلال جلسة مجلس الوزراء أمس وزير الصناعة حسين الحاج حسن إبداء رأيه بهذا الكلام فأجاب الحاج حسن: «الذين تحدثوا بهذا المعنى لا ينتمون إلى خطنا السياسي وأنا أستنكر كلامهم أمامكم»، مشيرةً في السياق عينه إلى استنكار مماثل أبداه جميع الوزراء.
مجلس الوزراء
وكان رئيس الحكومة تمام سلام قد استهل الجلسة بالتشديد على كون اختطاف العسكريين «قضية وطنية وإنسانية كبرى»، وأبلغ مجلس الوزراء وفق ما نقلت المصادر بأنه «يجري اتصالات حثيثة مع دول للمساعدة في حل هذه القضية»، مؤكداً العمل على بلورة «صيغ تحفظ هيبة الدولة وتفضي إلى الإفراج عن العسكريين المخطوفين». وأشارت المصادر إلى أنّ وزير الخارجية جبران باسيل بادر متوجهاً في المقابل إلى رئيس الحكومة بالقول: «نحن منذ اللحظة الأولى لاندلاع هذه الأزمة كنا ولا نزال ضد التفاوض والتبادل في سبيل إطلاق العسكريين»، فعلّق الوزير محمد فنيش مصوّباً ومؤكداً «جواز التواصل في مثل هذه الحالات لضمان سلامة العسكريين بينما مبدأ التبادل هو المرفوض».
وفي ما يتصل بمسألة تعليق «هيئة علماء المسلمين» وساطتها في هذا الملف، لفت سلام انتباه الوزراء إلى أنّ «الهيئة هي من تطوّعت بدايةً بلعب دور الوسيط وهي من قررت لاحقاً التوقف عن لعب هذا الدور من دون أي طلب رسمي منها لا بالدخول على خط الوساطة ولا بالخروج منه»، مذكّراً في إطار تشديده على أنّ «القضية تحتاج إلى الصبر» بأنّ هناك «36 مخطوفاً تركياً منذ مدة في الموصل، بينهم ديبلوماسيون، والدولة التركية لم تتمكن من تحريرهم بعد».
وفي سياق تطرقها إلى حصول «إجماع وزاري على رفض المقايضة مع خاطفي العسكريين»، نقلت المصادر الوزارية أنّ «مجمل الوزراء تقاطعوا في المواقف عند التأكيد على أنّ كل ما هو متصل بملف السجناء إنما هو خارج عن نطاق سلطة الحكومة ويقع حصراً ضمن اختصاص وسلطة القضاء».
إلى ذلك، أوضحت المصادر الوزارية أنّه «حين طُرحت مسألة توسيع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة أزمة العسكريين المخطوفين، من خماسية إلى سداسية برئاسة سلام، آثر الوزير فنيش النأي بـ«حزب الله» عن اللجنة رافضاً الانضمام إلى عضويتها، وأمام إلحاح وزير العدل أشرف ريفي على ضرورة تمثل «حزب الله» في لجنة الأزمة عاد فاستقرّ الرأي على أن ينضمّ وزير المالية علي حسن خليل إليها» إلى جانب كل من وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل.
وأكد مجلس الوزراء في ختام الجلسة أنّ سلامة العسكريين المخطوفين «لا يمكن أن تكون موضع مساومة أو تخاذل أو مقايضة لأنّ الدولة بمؤسساتها وقواها الأمنية ستتصدى بحزم لكل ما يهدد حياتهم»، منبهاً في الوقت عينه إلى وجوب «عدم الانجرار وراء محاولات تحوير مسار المعركة ونقلها فيما بين المواطنين والدولة، في حين ينبغي أن تكون الجهود مشتركة في مكافحة الإرهابيين»، مع تأكيد المجلس «متابعة الاتصالات اللازمة مع الدول التي يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في عملية إطلاق سراح العسكريين».
عائلة الحاج حسن
وفي ضوء الهواجس المرتبطة بتحذيرات من فتنة مذهبية وشيكة في البقاع على لسان أحد أفراد العائلة، أصدرت عائلة الجندي المخطوف علي الحاج حسن بياناً أوضحت فيه أنها «غير مسؤولة عن أي تصريح أو كلام يصدر خارج إطار العائلة، ولا تتبنى في هذه القضية الوطنية سوى ما يصدر حصراً عن والد الجندي المخطوف يوسف الحاج حسن أو عن شقيقه الشيخ محمد الحاج حسن، حرصاً على دقة المتابعة ومنعاً للتشويش والوقوع في مواقف غير مسؤولة».
اللواء
الحكومة تتضامن مع نفسها: لا مقايضة ولا مفاوضات مباشرة مع الخاطفين
داعش والنصرة ترفعان سقف شروطهما .. توسيع خلية الأزمة واتصالات خارجية
خرجت الحكومة من «معضلة» العسكريين المحتجزين، لدى المجموعات السورية المسلحة في جرود عرسال متماسكة ومتباهية في الوقت عينه بالتضامن بين اطيافها، وهذا امر «جيد» بحسب وصف احد الوزراء، نظراً للانقسامات التي عصفت في صفوفها ازاء سبل معالجة هذه القضية الداهمة، لكنها لم تكن على قدر الخطر الذي يواجه لبنان (والتعبير للوزير نفسه)، على اعتبار ان الخطر يتجاوز صعوبة مواجهته للإرهاب وتثبيت استقراره الامني والسياسي، الى الخوف على الكيان وعلى سلمه الاهلي وتماسك نسيجه الاجتماعي، نتيجة للتداعيات التي ما يزال يتسبب بها استمرار النزوح السكاني الكثيف من سوريا وغيرها من الدول المجاورة.
ولم تحتاج الحكومة الى اكثر من ست ساعات من النقاش المستفيض بين الوزراء، لتؤكد باجماع اعضائها على التضامن الحكومي، وعلى التأكيد بأن سلامة العسكريين لا يمكن ان تكون موضع مساومة او مقايضة، داعية اللبنانيين الى «عدم الانجرار لمحاولة تحويل مسار المعركة كي تصبح مع الدولة، وكأن الدولة هي خاطفة العسكريين، في حين ان الجهود يجب ان تكون مشتركة بين الدولة والمواطنين معاً في مكافحة الارهابيين، في وقت اشارت معلومات الى ان جبهة «النصرة» التي تحتجز 14 عسكرياً ابلغت وسطاء انها لن تفرج عن عسكريين جدد الا في اطار موافقة الحكومة على عملية تبادل تتضمن الافراج عن 15 موقوفاً اسلامياً، مقابل كل عسكري مخطوف.
وفي تقدير مصادر وزارية، ان صرخات اهالي العسكريين الذين اعتصموا لساعات في ساحة رياض الصلح وعلى قدر ساعات الجلسة الماراتونية للحكومة، وصلت اصداؤها فعلاً الى السراي الحكومي، ولا سيما اتهام الحكومة بمنع الجيش من تحرير العسكريين المخطوفين، وهو اتهام فعل فعله داخل جدران القاعة الكبرى، مما دفع الوزراء الى وضع خلافاتهم السياسية في قضية العسكريين جانباً، والانتقال الى المواجهة والتصدي لهذا الاتهام غير الصحيح بالمطلق، انطلاقاً من ان الدولة ليست عاجزة، وليست في موقع ضعف، وبالتالي فانها لن تتخلى عن مسؤوليتها باتجاه مواطنيها، ولا باتجاه العسكريين الذين هم ابناء مؤسسة حامية للوطن، على حد تعبير الرئيس تمام سلام، في كلمته تعقيباً علىمداخلات الوزراء، وصرخة اهالي العسكريين.
وبحسب المصادر الوزارية، فان النقاش في الجلسة بشأن ملف العسكريين المخطوفين، تركز على كيفية تظهير الموقف الجامع للحكومة، مؤكدة ان ما من احد من الوزراء طرح موضوع المقايضة ومبادلة العسكريين بالموقوفين الاسلاميين في سجن رومية، وان الكل ابدى رفضه لهذا الموضوع وابرزهم وزير العدل اللواء اشرف ريفي الذي شدد على ان القضية يجب ان تعالج من بابها الوطني العريض وليس السياسي او الطائفي، مؤكداً ان التضامن له انعكاس ايجابي على المصلحة الوطنية.
وقالت المصادر ان الحكومة على لسان الرئيس سلام، كشفت صراحة عن حصول مفاوضات او اتصالات جرت مع دول، على غرار ما حصل بالنسبة الى مخطوفي اعزاز، مؤكدة ان المداولات داخل الجلسة لم تظهر انقساماً في الآراء، وان النقاش دار حول كيفية تحرير المخطوفين، حتى ان وزراء اثاروا مطالب الجهات الخاطفة، مشيرين الى ان الحديث عن فتح باب السجون لاخراج موقوفين سيكون مكلفاً، كما ان هناك انعكاساً له على الامن القومي، وكيف بالامكان اخراجهم، هل من خلال عفو او ماذا؟ كما ان هناك اشخاصاً عليهم احكام معينة، واصفة الامر بالمعقد.
وفي المقابل كان هناك من توقف عند ضرورة تفهم مشاعر الاهالي والعائلات، لكن في المقابل يجب التأكيد لهؤلاء الاهالي ان الدولة ليست الجهة الخاطفة، مشيرة الى ان مسار الاحداث اظهر وكأن المواجهة تحولت بين الاهالي والحكومة، وان وسائل الاعلام ساهمت بنقل مواقف تحريضية ضد الحكومة.
واشارت المصادر الى ان معظم الوزراء الذين كانت لهم مداخلات شددوا على اهمية الحزم وعدم حصول اي مشكلة بين الحكومة والاهالي، مؤكدة ان البيان الذي صدر عن الاهالي وفيه اتهام للحكومة بأنها منعت الجيش من مواصلة تحركه في موضوع المخطوفين في عرسال ليس صحيحاً ابداً.
ونفت وجود مهلة لعمل الخلية الوزارية المكلفة ملف العسكريين بعد توسيعها بضم الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل، مشيرة الى ان عمليات الخطف تحصل في اعرق دول العالم والمسألة تأخذ وقتاً، ولذلك لا بد من ان يتفهم الاهالي هذا الامر، لا سيما وان الجهات الخاطفة تنتمي الى منظمات لا فكر لها ولا دين.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس سلام هو الذي اقترح ضم وزيري المال والخارجية الى خلية الازمة، نظراً لطبيعة موقع الاول، وللاتصالات التي ستجري مع دول خارجية للسعي لاطلاق المخطوفين.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» ان الموضوع يتابع بجدية، وان هناك خطراً على لبنان، لافتاً الى ان تنظيم «داعش» يصدّر الازمة لنا، في حين انه هو من خطف ويدفع في اتجاه خلق ازمة بين الحكومة واهالي المخطوفين.
ورأى الوزير درباس أن بعض الخطابات التي صدرت مؤخراً يقصد بها إحداث فتنة، وقال: «لانفهم لماذا يجب تضييع البوصلة فعدو الأهالي هو عدو كل لبنان، ونحن نتفهم مشاعرهم وقطعهم للطرق والتجمّع أمام السراي، لكننا نقوم بكل ما في وسعنا لتحرير العسكريين وهذه مسألة لها أولوية مطلقة وسنتواصل مع كل دول العالم تحقيقاً لهذه لغاية.
المشنوق
وفي المعلومات الخاصة بـ «اللواء» أن وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كانت له مداخلة عرض فيها للمراحل التي مرت فيها الاتصالات لتحرير العسكريين، والتي بدأت بتفاوض تطوعي مشكور من قبل «هيئة العلماء المسلمين» أسفر عن إطلاق عشرة من العسكريين من دون مبادلة أو تنازل، وجّه حديثه الى مجلس الوزراء، طالباً بأن يأخذ قرارات واضحة ومحددة حول ثلاثة مواضيع وثلاثة أسئلة وهي:
- إقرار مبدأ التفاوض نعم أم لا؟
- إقرار مبدأ المبادلة نعم أم لا؟
- وضع النازحين في عرسال ومحيطها.
وأوضحت مصادر وزارية، أنه استناداً الى هذه التساؤلات اتخذ مجلس الوزراء قراره بأن سلامة العسكريين لن تكون موضع مساومة أو تخاذل أومقايضة، مشيرة الى أن النقاش كان هادئاً وميّالاً نحو تساهلات معينة، الى أن أتى الى المجلس خبر إعدام «داعش» للمواطن العرسالي كايد غدادة الذي كان خطف من البلدة منذ أقل من أسبوع، بتهمة التعامل مع «حزب الله»، فتغيّر جو الجلسة في اتجاه منطق المواجهة.
وبحسب المعلومات أيضاً، فقد أقر المجلس مبدأ التفاوض مع الدول وليس مع أطراف، والتي تؤثر على الخاطفين، من دون تحديد هذه الدول، كما أقر مبدأ ما يمكن تسميته بالتساهل ضمن الأصول والقوانين بالنسبة للموقوفين، وتحديداً تسريع المحاكمات، فيما ترك موضوع كيفية استرداد عرسال للمناقشة في مرحلة لاحقة، خصوصاً وأن «التيار الوطني الحر» ما زال مصرّاً على إقامة مخيمات للنازحين في المناطق العازلة بين سوريا ولبنان.
وأوضح مصدر وزاري أن قرار الحكومة بالطلب من قيادتي الجيش والقوى الأمنية اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لضبط الوضع الأمني في عرسال وتحرير العسكريين المخطوفين، لا يعني قيام الجيش بعملية عسكرية، لكنه يعني دعم الجيش في أي خيار يأخذه شرط ضمان سلامة العسكريين، مشيراً الى أن تحرك أهالي العسكريين وتمكنهم من إقفال مجموعة طرق في وقت واحد وتنظيم اعتصامات وتجمعات في أماكن عدة، ليس نتيجة جهود مجموعة عائلات، بل لا بد أن تكون هناك أجهزة تساعدهم على هذا الأمر وتشجعهم.
وكشف المصدر أن أكثر من4 أو 5 وزراء كانت لهم مداخلات في هذا السياق، ولا سيّما اتهام الأجهزة بتشجيع الأهالي على مواصلة تحركاتهم، واعتبر هؤلاء الوزراء أن البيان الذي أصدره المعتصمون في ساحة رياض الصلح كان سياسياً بامتياز، وأن الوزير الوحيد الذي قال كلمة طيبة برفض الاستعجال باتهام الأجهزة كان الوزير المشنوق.
قزي
أما وزير العمل سجعان قزي، فقد أكد في مداخلته على ضرورة أن تترجم الحكومة مواقفها الى اجراءات، لأن الشعب يريد تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وليس فقط الاستماع الى آراء تتكرر يومياً، طالباً أن يعلن موقف يجسد وحدة الحكومة وتضامنها في ما بين مكوناتها، لأن مثل هذا الموقف يضع حداً للأقاويل والأخبار الملفقة، مشدداً على أن مساعي الافراج عن المخطوفين يجب ألا تتم في إطار أية مقايضة، وأن ملف النازحين السوريين يجب أن يحسم بشكل واضح، ويجب أن تبدأ عملية إعادة النازحين الى سوريا، على أن يختار النازح العائد المنطقة التي يرتاح إليها في سوريا، أما إذا انتظرنا نصائح المنظمات الدولية فسيتحولون الى مستوطنين.
وأطلع وزير العمل المجلس على اللقاء الذي جمعه ووزير العمل الفلسطيني السابق أحمد مجدلاني الذي نقل إليه رسالة من القيادة الفلسطينية تؤكد دعم القوى الفلسطينية في لبنان للدولة اللبنانية، وبأن الفلسطينيين في لبنان لن يقوموا بأي عمل يضر بأمن لبنان، وان هناك توافقاً بين مختلف المنظمات الفلسطينية على تأييد أي تدبير تقوم به الدولة من خلال الجيش لضبط الأمن في المخيمات.
بري: الانتخابات النيابية أولاً
وسط هذا المناخ الملبد، ولا سيما اذا ما تأكد أن أهالي العسكريين البقاعيين المخطوفين يرفضون الاجتماع برئيس الحكومة وخلية الأزمة اليوم، كان لافتاً للاهتمام تقديم رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب ترشحه للانتخابات النيابية، قبل سفره إلى الخارج في زيارة خاصة لم يعلن وجهتها، كما تقدم عضو كتلته النائب علي بزي بطلب ترشحه، على أن يلحق بهما باقي أعضاء كتلة «التنمية والتحرير» الأسبوع المقبل، وكذلك نواب «التغيير والاصلاح» والوفاء للمقاومة».
وفي حين حرصت مصادر بري على التأكيد بأن خطوته طبيعية ضمن المهلة الدستورية والتي سبق ان حددتها وزارة الداخلية بفتح قبول الترشيحات حتى 16 أيلول الحالي، والدلالة أيضاً على رفضه التمديد لمجلس معطل، لاحظت مصادر في 8 آذار ان الخطوة من شأنها أن تحرج فريق 14 آذار، متهمة اياه بالسعي إلى التمديد.
إلا أن مصدراً في كتلة «المستقبل» أبلغ «اللــواء» ان عملية تقديم الترشيحات لن تقتصر علی 8 آذار، بل ان معظم نواب 14 آذار سيبدأون اعتباراً من الاسبوع المقبل بتقديم أوراق ترشحهم إلى الداخلية، من دون أن يعني ذلك حصراً، ان الانتخابات النيابية ستتم في المواعيد المؤجلة إلى تشرين ثاني، لاعتبارات قانونية ودستورية وأخرى أمنية، وخصوصاً ان هذه الانتخابات تحتاج إلى قانون لتعديل أو تقصير المهل غير متيسر إصداره من المجلس النيابي المعطل، بسبب استمرار شغور منصب رئاسة الجمهورية، وإلى قرار من مجلس الوزراء وتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات.
الموضوعات المدرجة تعرض أبرز ما جاء في الصحف، وموقع المنار لا يتبنى مضمونها