شهران إضافيان للصفقة الفرنسية ـ السعودية لتسليح الجيش اللبناني، قبل احتمال العودة إلى إبرامها في تشرين الثاني المقبل.
محمد بلوط
شهران إضافيان للصفقة الفرنسية ـ السعودية لتسليح الجيش اللبناني، قبل احتمال العودة إلى إبرامها في تشرين الثاني المقبل.
قرار التمديد «الذي لم يُعلن عنه رسمياً» بحسب مصدر فرنسي مطلع، اتخذ في لقاء عُقد، أمس الأول، وضم ولي العهد وزير الدفاع السعودي سلمان بن عبد العزيز، ونظيره الفرنسي إيف لودريان، وممثلين عن الشركات الفرنسية المصنّعة والهيئة العامة الفرنسية للتسلح وممثلين عن الأركان الفرنسية.
وبدلاً من بيان منتظر، وعد به قصر الإليزيه الاثنين الماضي، في ختام الزيارة الأميرية السعودية، اختفت الهبة السعودية وتسليح لبنان، من البيان السعودي الفرنسي المشترك. تناول سطران وبعمومية بليغة وعبارات تقليدية، دعم فرنسا والسعودية للبنان ومؤسساته وجيشه، وتشديد على ضرورة انتخاب رئيس يتجاوز به الصعاب، من دون أية إشارة إلى التسليح. وخيّب بذلك البيان آمال مَن استمعوا إلى المسؤولين الفرنسيين، خلال الزيارة الأميرية، وهم يرددون أن الصفقة، شارفت على الانتهاء، و«أن اللمسات الأخيرة» ستوضع عليها قبل عودة سلمان إلى الرياض، وأن ما تبقى من المفاوضات، قبل إبرام الصفقة، «لا يتعدى الصعوبات التقنية».
ويتفق السعوديون والفرنسيون، على تقديم تفسير لتمديد مهلة التوقيع على الصفقة وإبرامها، بأسباب بعيدة عن الواقع، كغياب وزير المال السعودي إبراهيم العساف عن الوفد، أو مرضه الذي منعه من تذييل الصفقة بتوقيعه، فيما ذهب مسؤول فرنسي أبعد من ذلك بقوله إن التجربة بيّنت أن ملف صفقة التسلح ليس بيد ولي العهد وفريقه بل بيد الإدارة الملكية وتحديداً رئيس الديوان خالد التويجري الذي كان قد عنّف الفرنسيين في وقت سابق بسبب محاولتهم فتح قنوات مع وزارة الدفاع السعودية للاستفسار عن الصفقة.
وتبدو محاولة الربط بين الانتخابات الرئاسية اللبنانية وبين تأجيل الصفقة، إذا كانت صحيحة، مفتعلة للغاية، خصوصاً وأن المفاوضات حول لائحة المشتريات اللبنانية، لم تتوقف برغم انقضاء المهل الانتخابية الرئاسية، كما أن استخدام ورقة التسليح، كعنصر ضاغط لتسريع الاستحقاق الرئاسي، لا معنى له داخلياً، لأن جميع الأطراف اللبنانية، تؤيّد دون تحفظ تسليح الجيش.
وقد يكون تسليح الجيش اللبناني، وإبرام الصفقة برمتها، ضحية ربطها بحزمة من صفقات التسليح السعودية تشمل الدفاع الجوي، وست فرقاطات جديدة، تبلغ قيمتها مجتمعة 25 مليار يورو، إذ تحوم شكوك كبيرة حول احتمالات إبرام صفقة الدفاع الجوي، التي لم ينجح الرئيس فرانسوا هولاند بانتزاع موافقة ملكية عليها، خلال زيارته للرياض في نهاية العام الفائت، برغم أشهر المفاوضات الطويلة.
وتخضع كل هذه الصفقات، لتجاذب بين مراكز القوى في السعودية، وداخل العائلة المالكة نفسها، بسبب التنافس الواسع على العمولات، التي حدّد تسهيل الوصول إليها، جزءاً كبيراً من عقود تسلّح ماضية، أُبرمت مع بريطانيا والولايات المتحدة.
وعدّد مصدر فرنسي لـ«السفير» عوامل عدة ساهمت في تأخير إبرام الصفقة. وقال إن الفرنسيين امتعضوا من محاولة مسؤولين لبنانيين التدخل في المفاوضات، لإدخال أحد الصناعيين المقربين منهم في فرنسا شريكاً، وفرضه على هيئة التسليح الفرنسية وهيئة الأركان.
وقال المصدر إن مسؤولين لبنانيين اقترحوا الاستعانة، بشركة يملكها صناعي فرنسي من أصل لبناني، متخصصة في بناء الزوارق البحرية، لكن هيئتي التسليح والأركان رفضتا الاقتراح، وفضلتا عليه «شركة الإدارة العامة للتصنيع البحري» لبناء أربعة زوارق (طول الواحد 40 متراً) مزودة بصواريخ «ميسترال».
ويقول المصدر الفرنسي إن الإسرائيليين مارسوا ضغوطاً ناجحة في مفاوضات الصفقة، لمنع تسليم لبنان أية صواريخ فرنسية أو أوروبية مضادة للدبابات، أو صواريخ مضادة للطائرات، محمولة على الكتف يمكن لـ«حزب الله» أن يستولي عليها، أو أية أسلحة كاسرة للتوازن أو تخل بالمعادلة القائمة مع إسرائيل.
ويقول المصدر إن مسؤولاً في إدارة الشؤون الاستراتيجية في وزارة الدفاع الفرنسية، تولى الدفاع عن هذه الوجهة، أمام الإليزيه والمسؤولين العسكريين عن المفاوضات. واستقرت المفاوضات على لائحة تتضمن صواريخ «هوت» مضادة للدبابات، محمولة حصراً على عربات، أو على قواعد في مروحيات «الغازيل»، بحيث لا يمكن لـ«حزب الله» استخدامها إذا وقعت في أيدي مقاتليه.
ويأخذ الفرنسيون على قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي بعض تصريحاته، خلال أزمة عرسال، وتحميله الجانب الفرنسي مسؤولية التأخير في إبرام الصفقة وتسليم الأسلحة، التي يحتاجها لمواجهة التهديدات الإرهابية. ولكن أهم ما يأخذه الفرنسيون على الجانب اللبناني، هو فصل الحكومة اللبنانية مبلغ المليار دولار السعودي الإضافي الذي حمله الرئيس سعد الحريري، عن هبة الثلاثة مليارات دولار السابقة.
ويقول مصدر فرنسي إن قائد الجيش اللبناني طلب من عدد من الملحقين العسكريين اللبنانيين في السفارات اللبنانية، استطلاع إمكانية شراء أسلحة بأسرع وقت ممكن، من دون الاهتمام بالعروض الفرنسية. ويبدي المصدر الفرنسي قلقاً من دخول أطراف أخرى، أميركية أو أوروبية، أو روسية على خط التسليح من ضمن المليار دولار، فضلاً عن اطمئنانهم إلى أن الحكومة اللبنانية ستدير ظهرها لكل العروض الإيرانية للحصول على أسلحة من دون أي مقابل.
ووفق معلومات حصلت عليها «السفير»، فإن هبة المليار دولار التي حملها سعد الحريري أخيراً أحيت الاتجاه لبنانياً إلى محاولة الحصول على أسلحة روسية، بعد ستة أعوام، على انصياع اللبنانيين لضغوط أميركية، أطاحت بعرض روسي بتزويد لبنان مجاناً دبابات روسية من طراز «ت 72» وسربا من عشر طائرات «ميغ 29»، تذرّع اللبنانيون وقتذاك، بعدم قدرة الموازنة اللبنانية على تحمّل أعبائها.
ويعد طلب الرئيس الحريري أسلحة روسية خطوة تمهيدية، لزيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق قبل نهاية هذا الشهر إلى موسكو بدعوة من نظيره الروسي كولوكوسييف لتأكيد نية الحكومة اللبنانية تخصيص جزء من المليار السعودي الأخير، بدل شراء أسلحة وذخائر روسية أو تجهيز بعض القطع المنوي تقديمها للبنان.
وتفيد معلومات غربية متابعة لتسليح الجيش أن موسكو تفكر بتقديم أسلحة مستخدمة كهبات للجيش اللبناني، تمكّنه من الحصول على كميات كبيرة، وبالسرعة التي تساعده على مواجهة المستجدات ميدانيا، لكن ينبغي أن يخصص اللبنانيون مبلغ 200 مليون دولار، من هبة المليار دولار التي حملها الحريري لتجديد وصيانة المعدات الروسية التي ستقدم مجاناً، لكن هذا الأمر خاضع كله للتفاوض ويتوقف على نوع المعدات المطلوبة، علماً أن الأميركيين فازوا حتى الآن بنحو ربع مليار دولار على الأقل من عقود المليار دولار التي وُضعت في حساب سعد الحريري الشخصي.
http://www.assafir.com/Article/1/370393
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه