عادت قضية الجنود اللبنانيين المخطوفين لدى الجماعات المسلحة في عرسال عند الحدود مع سوريا إلى مسارها التفاوضي، مع دخول وساطة قطرية على مجريات الاحداث. وتناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار السبت في 6-9-2014 مسألة الوساطة القطري
عادت قضية الجنود اللبنانيين المخطوفين لدى الجماعات المسلحة في عرسال عند الحدود مع سوريا إلى مسارها التفاوضي، مع دخول وساطة قطرية على مجريات الاحداث.
وتناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار السبت في 6-9-2014 مسألة الوساطة القطرية، إضافة إلى العديد من الموضوعات الأخرى.
السفير
الوساطة القطرية: مال وتسريع محاكمات.. وتجميد إعدامات
سلام لخاطفي العسكريين: نملك أوراق قوة
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس بعد المئة على التوالي.
وبرغم الظلام الدامس لبنانياً، سياسياً وأمنياً واجتماعياً وخدماتياً، أعطى الخرق السعودي ـ الإيراني جرعة للعاملين دوليا وإقليميا على خط الاستحقاق الرئاسي، فيما ينتظر أن يشكل الاجتماع الأول من نوعه بين وزيري خارجية السعودية سعود الفيصل وإيران محمد جواد ظريف، في غضون الأسبوعين المقبلين، فرصة لتنظيم جدول أعمال البلدين، بما يتضمنه من عناوين كثيرة، بينها الملف اللبناني الذي يبدو أنه لا يحتل أولوية عند الجانبين في هذه اللحظة الإقليمية!
وفيما بقيت قضية العسكريين المخطوفين «أولوية الأولويات» بحسب تعبير رئيس الحكومة تمام سلام، كشفت مصادر ديبلوماسية لبنانية لـ«السفير» أن الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي زار السعودية غداة زيارة مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية حسين أمير عبد اللهيان لجدة، واجتمع بالوزير سعود الفيصل، وذلك في إطار استكماله مهمةً كان قد بدأها في كل من نيويورك وواشنطن وباريس ويفترض أن يتوّجها بزيارة العاصمة الايرانية، في محاولة لاستكشاف فرص الاستحقاق الرئاسي اللبناني، في ضوء الخرق السعودي ـ الايراني الأخير.
وقالت المصادر ان الفيصل كان حاسما في تكرار وضع «الفيتو» السعودي على ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، ونصح بانتقال الجميع من مربع المرشحين الموارنة الأربعة (عون وسمير جعجع وسليمان فرنجية وأمين الجميل) الى مربع المرشحين التوافقيين، وأشارت المصادر الى أن فتح الأبواب بين طهران والرياض يمكن أن ينسحب إيجابا على الموضوع الرئاسي اللبناني «لكن ليس في المستقبل القريب».
سلام لـ«السفير»: نملك أوراق قوة
سياسيا، استحوذ ملف المخطوفين العسكريين على اهتمام أمني وسياسي وديبلوماسي، فيما كانت «النصرة» و«داعش» تخوضان معركة إعلامية متقنة، هدفها إشعال الفتنة في الداخل اللبناني.
وقال مصدر لبناني واسع الاطلاع في بيروت لـ«السفير» إن القطريين اجتمعوا في الساعات الأخيرة بممثلين عن «النصرة» في القلمون وعادوا من هناك بانطباع مفاده تجميد أية محاولة للمس بحياة أي من العسكريين الـ13 الذين تحتجزهم وذلك لمدة شهر على الأقل، مقابل أمرين، أولهما غير معلن (دفع مبلغ قطري معين للخاطفين) وثانيهما، أن تبادر السلطات القضائية اللبنانية إلى تسريع محاكمات الإسلاميين في سجن روميه (تخفيف ما أمكن من الأحكام بحق غير المتورطين في قضايا جنائية).
وأوضح المصدر أن القطريين تواصلوا بطريقة غير مباشرة مع ممثلين عن «داعش» (يحتجزون 15 عسكرياً ودركياً على الأقل)، وثمة احتمال بأن يحصل لقاء بين الجانبين، وسيكرر القطريون عرضهم بتجميد أية إعدامات للعسكريين، مقابل التزامات معينة من الجانب اللبناني رفض المصدر الخوض فيها.
وأكّد رئيس الحكومة تمّام سلام لـ«السفير» أنّنا كنا منذ البداية أمام خيار الذهاب للتفاوض لتحرير العسكريين، «لكن ليس لدرجة اللهاث وراء الإرهابيين. نحن ايضا نملك أوراق قوة في التفاوض، لكن المطلوب من الأهالي مساعدتنا لا التهجم علينا، فهذه المعركة مفتوحة مع الإرهاب ويمكن ان يقوموا بأي عمل ولا شيء يردعهم، المهم ألا نضعف أمامهم وعلينا أن نعزلهم وألا ننزلق الى مطالبهم وشروطهم أو أن نستدرج الى الفتنة السنية الشيعية وهي أحد أهداف المجموعات التكفيرية من وراء الخطف».
وقال سلام لـ«السفير»: «اتصلنا بالدول الصديقة والشقيقة وخصوصا قطر وتركيا، وطلبنا مسعاهم مجددا، ولكننا لن نفصح عن أي معلومات تسيء الى المسعى المستمر»، وأشار الى أن لبنان «سيتأثر إيجابا بالتقارب السعودي ـ الإيراني»، وأبدى خشيته من الوصول بعد 20 تشرين الثاني المقبل إلى حالة فراغ كاملة إذا لم تحصل الانتخابات النيابية واذا لم يحصل تدخل خارجي لإجراء الانتخابات الرئاسية اولاً. وقال: «حتى الآن لا قرار خارجيا بالتدخل في الموضوع الرئاسي، وفي الوقت نفسه، هناك قرار بأن لا ينهار لبنان، لذلك صار وضعنا أشبه بوضع مريض يُعطى المصل والحقن لكن ممنوع عليه أن يُشفى نهائيا»، وأشار الى أن لا مصلحة لأي دولة بانهيار لبنان لان تداعيات انهياره ستمتد الى كل دول المنطقة القريبة والبعيدة.
وكان سلام قد ترأس، عصر أمس، اجتماع خلية أزمة المخطوفين، وتقررت خلاله مجموعة خطوات، غير أن اللافت للانتباه هو قرار أهالي المخطوفين بعدم الاجتماع برئيس الحكومة أو خلية الأزمة، وهي قضية ستعالج في الساعات المقبلة، علماً أن أهالي بعض العسكريين من لون طائفي معين شكلوا في الساعات الأخيرة وفداً زار بلدة عرسال والتقى مصطفى الحجيري (أبو طاقية) وحاولوا الحصول منه على ضمانات معينة!
يذكر أن بلدة عرسال، تسلمت مساء أمس، جثة ابنها الشهيد كايد غدادة الذي كان قد خطفه تنظيم «داعش» منذ نحو أسبوع من داخل البلدة، وأعلن أمس الأول عن قتله. وتوعدت عائلة غدادة التي تسلمت الجثة مصابة بطلق ناري في الرأس، في وقت سابق، بقتل عناصر من «داعش» في حال تأكدها من مقتل ابنها.
النهار
تشدّد حكومي وعسكري يواكب وساطة قطر مع الخاطفين: ضمان سلامة العسكريين خطّ أحمر والمشنوق وإبرهيم الى الدوحة
اتسمت المعالجة اللبنانية الرسمية لقضية العسكريين المخطوفين غداة الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء بتطور واضح على المستويين السياسي والعسكري ضمن معادلة التشدد في رفض المقايضة واظهار التصميم على احباط محاولات التنظيمات الارهابية لاستغلال أي نقاط ضعف داخلية يمكن ان تعتري المواجهة من جهة، والافساح لأطراف اقليميين أو دوليين في التفاوض لاسترداد المخطوفين سالمين من جهة اخرى.
ولعل هذه المعادلة برزت في الساعات الاخيرة بملامح المسح الامني الوقائي الواسع الذي يقوم به الجيش في كل المناطق، والذي يشمل خصوصا مراكز تجمعات اللاجئين السوريين، بما يعكس التشدد في مراقبة الجبهة الامنية الداخلية اسوة باجراءات تعزيز انتشاره في محيط عرسال. وهي خطوات تتزامن مع مواكبة حكومية يومية لمسار الاتصالات السرية التي برزت على خطه في اليومين الاخيرين وساطة قطرية بدا انها نجحت امس في الاتصال بالجهة الخاطفة وفتح باب التفاوض معها.
وفي هذا السياق، رأس رئيس مجلس الوزراء تمام سلام امس اجتماعا لخلية الازمة المكلفة متابعة ملف العسكريين المخطوفين والمفقودين. وعلمت "النهار" من مصادر وزارية أن لبنان أبلغ الجهات المعنية أن أي أذى يلحق بالمخطوفين هو "خط أحمر" وسيرد عليه لبنان بالشكل المناسب. وأوضحت هذه المصادر المستويات التي تتم على أساسها اتصالات الخلية وهي ثلاثة:
الاول، التأكد من أعداد المخطوفين بعدما تبيّن ان رقم الـ 28 مخطوفا الذي أبلغ لمجلس الوزراء أول من أمس هو الادنى في حين ان هناك عنصرين لم يتضح مصيرهما بعد، كما يجري التأكد من مكان وجود المخطوفين وكيفية توزعهم.
الثاني، الحفاظ على سلامة المخطوفين.
الثالث، تحيّن الفرص لإعادة المخطوفين سالمين.
وأضافت ان هذه الاتصالات لم تؤد الى جلاء أي من هذه المستويات الثلاثة في ما عدا كون المخطوفين أحياء ووجودهم متنقلا. وأشارت الى ان الحكومة أبلغت الجهات المعنية بالتفاوض أن في يد الدولة اللبنانية أوراقا لعدم التعرض للمخطوفين منها تنفيذ الاحكام القضائية في حق المحكوم عليهم الذين يطالب الخاطفون بهم، كما أن هناك خلايا لـ"داعش" و"جبهة النصرة" في لبنان تحت رقابة الاجهزة الامنية وسيكون أفرادها في خطر في حال التعرض للمخطوفين.
وذكرت ان غياب وزير المال علي حسن خليل عن اجتماع خلية الازمة امس قد أستبقه الوزير خليل بابلاغ مجلس الوزراء انه مضطر الى السفر ولن يكون حاضرا في الاجتماع الاول للخلية الذي انعقد امس.
من جهة أخرى، قالت المصادر لـ"النهار" ان وفدين فرنسيين وزاريا ونيابيا سيزوران لبنان تباعا الاسبوع المقبل.
التحرك القطري
ونفى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ"النهار" ردا على سؤال علمه بوجود أي موفد رسمي أو أمني قطري على الاراضي اللبنانية، مشيرا الى ان المعلومات المتداولة تقول ان هناك موفدا غير قطري ومن المرجح أنه حصل على ضمانات لعدم إلحاق أي أذى بأي من المخطوفين من تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة".
ووصف اجتماع خلية الازمة الذي رأسه الرئيس سلام امس في السرايا بأنه كان "ممتازا" ووضعت خلاله خطة تحرّك شاملة وخصوصا في اتجاه أهالي المخطوفين والجيش والقوى الامنية. وسيكون الاجتماع التالي للخلية الاسبوع المقبل.
ومن المقرر أن يزور الوزير المشنوق قطر بعد غد الاثنين يرافقه المدير العام للامن العام اللواء عباس إبرهيم لحضور اجتماع الامانة العامة لوزراء الداخلية العرب. وستكون الزيارة فرصة لإجراء مشاورات مع الجانب القطري في شأن تطورات قضية المخطوفين. وقال المشنوق في هذا الصدد إن دولة قطر "لا يأتي من مساعيها إلا الخير على لبنان".
في غضون ذلك، عكست المعلومات التي ترددت عن الوساطة القطرية طبيعة التعقيدات التي تواجهها مع تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش" مع ان تحرك هذه الوساطة بذاته عد تطوراً ايجابياً. ولكن قبيل الـتأكد من انطلاق هذا التحرك بادرت "النصرة" الى بث شريط فيديو وزعت عبره رسائلها التهديدية في اتجاهات مختلفة محذرة "اهل السنة" كما "الشيعة" كما سائر الطوائف اللبنانية من "نصرة حزب ايران"، كما ضمنت الشريط تسجيلاً لتسعة من العسكريين اللبنانيين المحتجزين لديها يتحدثون عن رفضهم دفع ثمن تدخل "حزب الله" في سوريا.
وأفادت معلومات اعلامية ان موفداً قطرياً توجه الى منطقة القلمون السورية حيث التقى المسؤول عن "النصرة " أبو مالك، التلي فيما تحدثت معلومات أخرى عن ايفاد الجانب القطري شخصية سورية للقاء التلي . وتعثر لقاء الشخصية السورية مع "داعش " أول الامر، لكن المعلومات التي ترددت مساءً افادت ان اللقاء تمّ وان الشخصية السورية تبلغت من التنظيم رغبته في رؤية الموفد الاساسي شخصياً وانه يطالب بالمقايضة بين المخطوفين العسكريين والسجناء الاسلاميين في سجن رومية.
جعجع
على صعيد آخر، علمت "النهار" أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع سيتناول بالتفصيل أحداث عرسال وتداعياتها في كلمته لدى إحياء ذكرى "شهداء المقاومة اللبنانية" في معراب اليوم، وسيسأل لماذا يرفض فريق 8 آذار سيطرة لبنان على حدوده باستخدام ما يتيحه القرار الدولي 1701، وسيحيي الكلام عن "الربيع العربي" الذي "لا بد أن ينتصر ويرسي قيم الحرية والديموقراطية والتعددية واحترام الإنسان"، على رغم كل ما يمرّ به من صعاب اليوم.
ويعرض أيضاً نظرته إلى "داعش" باعتباره ظاهرة مشبوهة ولا يمت بصلة إلى الإسلام والعروبة، مقارناً وحشية هذا التنظيم الإرهابي في القتل علناً ووحشية من قتلوا قادة قوى 14 آذار في الخفاء، ومؤكداً أن "الأخيرين هم الأشد خطراً على لبنان، وأن النظام السوري هو أيضاً لا يقل إجراماً عن داعش".
وسيشدد جعجع على رفضه الدعوات إلى "الأمن الذاتي" والتمسك بدعم الجيش اللبناني والأجهزة والمؤسسات الرسمية، مطمئناً المسيحيين إلى دورهم وحضورهم في لبنان. كما سيحذر من محاولات بعض الجهات العبث بالدستور وتغيير مفاهيم الدولة الحديثة والمكرسة في الدستور اللبناني من خلال الأمن والسياسة والاقتصاد والمجتمع، معتبراً أن "هذا البعض يسعى إلى قطع رأس الجمهورية وأخذ لبنان رهينة". وسيصف عملية فرض الفراغ في رئاسة الجمهورية التي يتولاها مسيحي بأنها "جريمة موصوفة"، مندداً بـ"الشخصانية القاتلة" و"رفض التعاون".
الاخبار
صلبٌ وخطفٌ وقتلٌ في الجرود البقاعية المحتلة!
لا يكتفي محتلو جرود عرسال بسيطرتهم على منطقة شاسعة من الأراضي اللبنانية. بسطوا سلطانهم على البلدة اللبنانية، ليدهموا منازل ويخطفوا ويحاكموا ويقتلوا باسم تنفيذ الحكم الشرعي. آخر جرائمهم، قتل مواطن لبناني وصلب شاب سوري!
لم تعد التسميات مهمة. «جبهة النصرة» او «داعش» او «الكتيبة الخضراء» او «كتائب عبد الله عزام».... كلها تسميات لمسمّى واحد: الإرهاب الذي يحتل عرسال. عرسال كلها، البلدة والجرود، محتلة من قبل هذه الجماعات. معركة الثاني من آب وما تلاها لم يغيّرا في هذا الواقع شيئاً. على العكس من ذلك. مُنِع الجيش من استكمال المعركة، والسماح للإرهابين بمغادرة البلدة مع رهائنهم العسكريين والدركيين، أسهم في تقوية شوكة المسلحين.
ويوماً بعد آخر، تتبدى جرأتهم التي تزداد كلما تخاذلت السلطة عن القيام بواجباتها. يوم أمس، وصل إلى عرسال جثمان المواطن اللبناني كايد عمر غبابة، الذي قُتِل بطلق ناري في الرأس. الرجل أعدم في الجرود. الجريمة لا تقتصر على ذلك. فقبل 8 أيام، دهمت مجموعة مسلحة منزله داخل البلدة، وخطفته إلى الجرود. هناك، خضع للتعسف الذي يُطلق عليه هؤلاء تسمية «محاكمة شرعية»، وصدر بحقه الحكم بالقتل. نُفِّذت الجريمة، وسُلّم جثمانه إلى ذويه امس. كانت دماؤه لا تزال طرية، لكن العائلة الثكلى تلوذ بالصمت. يقول أحد أفراد العائلة: «الدولة لم تقدر على ان تفعل شيئاً، فماذا تريدوننا ان نفعل؟». لا يسمّي غريمه: «لا نعرف قاتل كايد». مصادر أمنية، قالت إنهم مقاتلون من «داعش». وأخرى قالت إنهم من «جبهة النصرة». اتهموه بالتعامل مع حزب الله. «عذبوه وانتزعوا منه «إقراراً»، ثم قتلوه». لم تعد هوية تنظيمهم مهمة. هؤلاء القتلة يحتلون جزءاً من الأراضي اللبنانية، ولا احد يحرّك ساكناً لاسترداد الأرض المحتلة في عرسال وجرودها. جريمة قتل كايد غبابة ليست الوحيدة التي ارتكبها المسلحون امس. فهم عمموا صورة الشاب السوري محمد عبده عجاج، «مصلوباً»، وفوقه صورة كتبت عليها آية قرآنية، واسمه، والتهمة: «عميل لحزب الله الإيراني». قبل أيام، نشر احد التنظيمات التي تحتل عرسال وجرودها شريط فيديو يتضمن «اعتراف» عجاج وآخرين، بالعمل لحساب حزب الله. لا يمكن التثبت من صحة الصورة، لكن الثابت ان هذه الجماعات تريد بث الرعب، على الطريقة الداعشية. وفي المقابل، الدولة اللبنانية تكتفي بالتفرج. الناس يُقتلون علانية في أرض لبنانية محتلة، والسلطة تعقد اجتماعات وتعبّر عن «ارتياحها» و«تعاطفها».
آخر هذه الاجتماعات عُقِد امس في السرايا الحكومية، برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، ضم «خلية الأزمة المكلفة متابعة ملف العسكريين المفقودين»، حضره نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، ووزير الخارجية جبران باسيل ووزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل أشرف ريفي. وتغيب وزير المال علي حسن خليل عن الاجتماع بداعي السفر. وتلا مقبل مقررات الاجتماع، فأشار الى ان «الرئيس سلام أعرب عن ارتياحه للإجماع السياسي الذي تجلى في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة».
وأكد أن «قضية المفقودين، هي الشغل الشاغل للحكومة، ويجري التعاطي معها باعتبارها قضية وطنية لا تتقدم عليها في الوقت الحاضر أية أولوية أخرى ». وأعرب المجتمعون عن «تعاطفهم مع أهالي العسكريين المفقودين»، علماً أن الأهالي قاطعوا الاجتماع.
وأشارت مصادر اللجنة لـ «الأخبار» إلى أنه «جرى الاتفاق خلال الاجتماع على استمرار التواصل مع أهالي المخطوفين برغم الجو المتوتر»، كما جرى «الاتفاق على عقد اجتماع عسكري قريب، لبحث الوضع العسكري الحالي في منطقة عرسال». وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، قد أكد في تصريح له أن «لا معلومات لديه عن الدور القطري الذي يجري الحديث عنه»، لافتاً إلى أنه «إذا كان هناك دور قطري فهو سيكون خيراً للبنان»، فيما أشار وزير العدل أشرف ريفي إلى أن الأمور «سائرة باتجاه إيجابي»، موضحاً أن «الرئيس سلام هو من يتواصل على نحو مباشر مع الوسيط»، كما أكد أن «اللجنة تقوم بكل كلّ ما يُمكن لتحرير العسكريين».
منذ صباح أمس، لم يتوقّف الحديث عن «توجه وفد قطري مؤلف من ضباط قطريين سيدخلون إلى الجرود القلمونية من أجل إجراء مفاوضات مباشرة مع الجماعات المسلحة»، وأن «الموفد القطري توّجه مع آخرين لبناني وسوري، وعُقد اجتماعان، الأول مع جبهة النصرة قيل إنه كان «إيجابياً»، فيما الاجتماع الثاني الذي عُقد مع «داعش» كان «صعباً ومعقداً». وفي ظل التكّتم الشديد من جميع الأطراف، بشأن تفاصيل اللقاءات، عُلم أن الوفد الأمني اللبناني عاد من جرود عرسال، وبقي الموفدان القطري والسوري لاستكمال المحادثات»، وأنّ الأمور لا تزال معقدة بسبب تعنت الجهات الخاطفة. بعد ذلك، أصدر تنظيم داعش بياناً له عبر «تويتر»، قال فيه إننا «وبعد قبولنا المفاوضات غير المباشرة مع الحكومة اللبنانية، بما يخصّ العسكريين المخطوفين، فوجئنا بالطرف القطري الموكل إليه التفاوض من قبل الحكومة اللبنانية، يراوغ في مقابلة الجهات المختصة بالتفاوض من قبل الدولة الإسلامية». وحمّلت «داعش» الموفد القطري «المسؤولية المباشرة عن عرقلة المفاوضات وعن دماء العسكريين».
وأصدرت «داعش» في ما بعد بياناً آخر، أشارت فيه إلى ان قيادتها في القلمون «التقت موفداً من قبل القطريين»، وانه تبين ان العرقلة «تأتي من جهات أخرى». وتحدّث البيان عن اعتماد الموفد القطري قناة وحيدة للتفاوض.
وبرغم ذلك، بقيت مصادر وزارية تنفي «صحّة كل ما يقال بشأن الوفد القطري»، مشيرة إلى أنه «ليس إلا معلومات صحافية غير مؤكّدة، وأن الدولة اللبنانية ليس لديها معطيات بشأن الوفد». من جهة أخرى، نفت هيئة العلماء المسلمين أن تكون قد تلقت اي اتصال من احدى الجهات الخاطفة، مؤكدة التزامها تعليق الوساطة لاطلاق العسكريين المخطوفين. وزار وفد من أهالي بعض العسكريين المخطوفين عرسال حيث التقى رئيس البلدية علي الحجيري والشيخ مصطفى الحجيري.
ووقع امس تطوّر امني بارز متصل بالقضية، تمثل بتوقيف الجيش اللبناني المشتبه فيه مصطفى محمد الحمد. وتبيّن انه شقيق أبو طلال الحمد، القيادي البارز في «داعش» في القلمون. وبحسب مصادر سورية معارضة، فإن الأخير هدّد بالانتقام من الرهائن إذا لم يُفرج عن شقيقه.
وكانت جبهة « النصرة» قد بثت شريطاً مصوراً بعنوان «من سيدفع الثمن»، ظهر فيه جنود مختطفون يحمّلون حزب الله مسؤولية خطفهم ومصيرهم، داعين إياه إلى الانسحاب من سوريا. وتضمّن الشريط الذي بلغت مدّته 27 دقيقة مقاطع صوتية لأبو مصعب الزرقاوي وأسامة بن لادن، واختتم بنداء إلى «أهل السنة في لبنان»، ودعتهم «الجبهة» إلى «نصرة أهلهم في سوريا»، محذرة من دعم الجيش اللبناني، كما توجّهت إلى «كافة الطوائف في لبنان طالبة عدم نصرة حزب إيران»، كذلك هدّدت «جبهة النصرة» عبر الفيديو الشيعة، قائلة: «إنّ معركتنا معكم مستمرة»، وختمته بنداء إلى «علماء المسلمين في العالم لتبيان حال الجيش اللبناني، لأن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة».
اللواء
الوساطة القطرية تبدأ ميدانياً .. وبيروت على جدول جولة كيري
الحجيري ينفي لـ«اللــواء» وجود مسلّحين في عرسال .. وانتشار في جبال صنين بحثاً عن «داعش»
اتجهت الانظار الى المفاوضات التي بدأت بالواسطة بين قطر والمجموعات الخاطفة للجنود اللبنانيين، عبر شخصية سورية من المعارضة، للوقوف على المطالب، وامكان احداث حلحلة في هذا الملف المأزوم الذي وضع على الطاولة، في وقت تحدثت فيه مصادر دبلوماسية عن ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي ترعى بلاده ائتلافاً دولياً قوامه عشر دول حتى الآن، ويهدف الى محاربة «داعش»، ادرج بيروت على جدول اعمال جولته في المنطقة، الا ان الموعد لم يتحدد بعد.
ويأتي اطلاق المفاوضات، بالتزامن مع اجتماع خلية الازمة التي ناقشت المعطيات المتعلقة بملف العسكريين المحتجزين، في ظل تماسك داخلي، لا سيما بعد توسيع الخلية الوزارية لتضم وزير المال علي حسن خليل الذي تغيب عن الاجتماع لعلة السفر الى المانيا لافتتاح مكتب لحركة «امل»، ووزير الخارجية جبران باسيل الذي تسلم دعوة من السفير السعودي في لبنان علي عواضي عسيري للمشاركة في يعقد في مؤتمر الرياض لمواجهة الارهاب، في الاسبوع المقبل.
والمهم ان القرارات التي اتخذها الاجتماع ركزت على سحب القضية من الشارع وتطمين الاهالي الى ان قضية اعادة ابنائهم الجنود الى عائلاتهم هي اولوية لدى الحكومة كقضية وطنية سامية، كما اكد الرئيس تمام سلام الذي يتوجه الاسبوع المقبل الى ابو ظبي، ومعه ملف النازحين السوريين، وملف آخر عن اسر الجنود اللبنانيين في معركة عرسال، قبل ان يتوجه نهاية الشهر الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.
وكشف مصدر مطلع ان اللجنة قيمت ما تناهى اليها من معلومات عن مهمة الوساطة القطرية مع جبهة النصرة، حيث جرت المفاوضات مع امير «النصرة» على مدى خمس ساعات في القلمون السورية، في وقت اعلنت فيه «داعش» انها لا تقبل الا قطر مفاوضاً وحيداً في هذه القضية.
واكد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري لـ«اللواء» ان المفاوض ليس قطرياً وانما سوري، مشيراً الى ان عرسال تتعرض لضغوط متعددة، وقال: «هناك الجيش اللبناني والاجهزة الامنية، وهناك «حزب الله»، وهناك المسلحون السوريون في الجرد، ونحن لا نستطيع مقاومة المسلحين، نحن مع الدولة ومع الجيش».
اضاف: «لا سلطة لدينا على المسلحين السوريين ومصالح اهل عرسال ستتضرر»، مشيراً الى ان الضغط على يبرود وقارة والقصير وعليها ادى الى تدفق النازحين الى عرسال، مؤكداً عندما يتم اخراج جميع النازحين من المدن اللبنانية الاخرى نلجأ الى اخراجهم من عرسال».
وتساءل: «لماذا لا يتم تحرير الجنود بالقوة، ولماذا العرقلة والتأخير؟ ان المسلحين السوريين متواجدون في الجبال من القاع الى نحله وبعلبك في مواجهة «حزب الله».
وقال: عرسال مستهدفة، وهي ليست محتلة، والجيش متواجد في مداخلها وعلى مداخلها بكثافة، مستغرباً ما اعلنه الوزير نهاد المشنوق حول قضية تحرير عرسال، مطالباً الرئيس سلام والوزير المشنوق ووزير الدفاع ومعهم النائب ميشال عون وقيادة حزب الله بزيارة عرسال والوقوف على الحقيقة، داعياً كل من يعنيه الامر الابتعاد عن عرسال، قائلاً: نحن لسنا سلطة على المسلحين السوريين، كما ان مصالح اهل عرسال تضررت وهي كلها في الجرد.
ومن جهته، ابدى عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب جمال الجراح، لـ«اللواء» خشيته من عامل الوقت في قضية العسكريين المخطوفين، معتبراً ان الوقت لا يصب في مصلحتنا، وواجب الحكومة ان تسرع، لان حياة هؤلاء العسكريين في خطر، مشيراً الى انه كان في امكان الحكومة الاسراع في معالجة المواضيع التي تؤدي الى حلول، وانه كان يتمنى اتخاذ الحكومة قراراً مختلفاً عما اقر امس الاول في هذا المجال.
ورداً على سؤال عما اذا كان يفضل حصول مقايضة على العسكريين؟ اجاب: القضية ليست قضية مقايضة او عدمها، انما قضايا عالقة تستدعي معالجة سريعة، وهي لا تحتمل تأخيراً في الوساطة المنشودة من الاتراك او القطريين او غيرهم لحلها، لافتاً الى انه سمع في الاعلام فقط عن موضوع المفاوضين، وان لا معلومات لديه في هذا السياق.
في المقابل، أكّد مصدر وزاري لـ «اللواء» انه تبين في جلسة مجلس الوزراء، أمس الأوّل، أن لدى لبنان عدّة أوراق يستطيع أن يستخدمها في عملية تحرير العسكريين إلى جانب إعطاء الأولوية للمفاوضات.
ومن الاقتراحات التي نوقشت امس:
1 - الطلب إلى قيادة الجيش درس نشر قوة عسكرية كافية لاقفال كل المعابر بين عرسال وجرود القلمون، بما يؤمن قطع التواصل بين المسلحين وعائلاتهم وامداداتهم الغذائية والمعيشية.
2 - تشديد القبضة الأمنية على مخيمات النازحين، خاصة التي يشتبه بوجود عناصر تابعة للتنظيمات المسلحة أو عائلاتهم في داخلها.
3 - تسريع محاكمات الموقوفين الإسلاميين وإصدار الاحكام المناسبة للتهم الموجهة إليهم.
وقال المصدر، انه كان هناك إصرار من قبل رئيس الحكومة على توسيع خلية الأزمة لتحقيق المشاركة الوطنية الشاملة في أي قرار تتخذه الخلية، وانه تم ترشيح الوزير علي حسن خليل ممثلاً عن الثنائي الشيعي في الحكومة، تفادياً لاحراجات مشاركة أحد وزراء «حزب الله»، وذلك بناء على اقتراح من الوزير محمد فنيش الذي كانت له مداخلة مطولة أكّد فيها استعداد الحزب لتقديم كل التسهيلات الممكنة التي تساعد على استرداد العسكريين، وقد أبدى الوزير خليل موافقة مبدئية على ان يعطي جواباً بعد مراجعة الرئيس نبيه بري الذي يمضى حالياً اجازة خارج لبنان.
شريط «النصرة»
وتزامناً، مع اجتماع خلية الأزمة في السراي، بثت جبهة «النصرة» شريطاً مصوراً بعنوان: «من سيدفع الثمن» مدته 27 دقيقة، يظهر فيه تسعة عسكريين من المختطفين لديها «يرفضون دفع ثمن تدخل حزب الله في سوريا»، كما يحرض الفيديو اللبنانيين ضدّ الجيش و«حزب الله».
ووجّه التسجيل أربع رسائل إلى كل من «أهلنا أهل السنة في لبنان، وكافة الطوائف في لبنان، والشيعة الروافض، وعلماء المسلمين في العالم»، بالإضافة إلى رسالة صوتية قديمة لزعيم تنظيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن بعنوان «الحرب سجال».
وحذّر الفيديو أهل السنّة من دفع «ثمن تورطكم بحرب في صف الجيش اللبناني ضد إخوانكم المجاهدين»، كما نبّه كافة الطوائف في لبنان «من أن سكوتكم عن جرائم حزب إيران، سيحسب عليكم فتدفعون أنتم الثمن».
وهدّد «الشيعة الروافض» من أن «مساندتكم للحزب المجرم ستجعلهم تدفعون الثمن مضاعفاً»، مطالباً العلماء المسلمين في العالم «تبيان حال الجيش اللبناني لأن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة».
تجدر الإشارة إلى أن المعلومات التي تحدثت عن انتشار مقاتلين لتنظيم «الدولة الاسلامية» في جبال صنين وبسكنتا، قد أثارت بلبلة في الأوساط السياسية والشعبية، وسارعت قيادة الجيش إلى نفي صحة هذه المعلومات، كما نفاها كل من نائب المتن ميشال المرّ ونائب كسروان إبراهيم كنعان، فيما اكدت قيادة الجيش أن «الاجراءات التي اتخذها الجيش والتي لمسها المواطنون في تلك المناطق» تدخل في اطار الأمن الوقائي الذي تقوم به وحدات الجيش على كافة الاراضي اللبنانية، خصوصاً في ظل الظروف التي تمر بها البلاد. ودعت القيادة وسائل الاعلام الى توخي الدقة في نقل المعلومات، خصوصاً تلك التي تتسبب باثارة الخوف غير المبرر لدى المواطنين.
نعي المبادرة
سياسياً، بدا واضحاً في ظل هذه التطورات وغيرها، أن الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة، خصوصاً وأن مبادرة قوى 14 آذار لإنقاذ هذا الاستحقاق ما زالت تنتظر رداً من «حزب الله» على مضمونها، بعد نعيها من التيار العوني، وعدم إظهار «امل» أي حماسة تجاهها، فيما كشف عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت ان اللجنة التي ستشكلها قوى 14 آذار للاتصال بالكتل النيابية لشرح مبادرتها ستبدأ لقاءاتها مع الرئيس بري فور عودته من الخارج، والمرتقبة بعد 16 أيلول الحالي، وهو موعد انتهاء تقديم الترشيحات للانتخابات النيابية، حيث أعلن فتفت أن نواب «المستقبل» سيتقدمون بترشيحاتهم الاسبوع المقبل.
غير أن الجديد على هذا الصعيد، هو نعي 8 آذار رسمياً مبادرة 14 آذار، وقالت قيادات رفيعة المستوى في هذا الفريق انه لا مجال للبحث في هذه المبادرة، أو انتظار أي موقف بالمفرق منها، سواء كان سلبياً أو ايجابياً، على اعتبار أن النائب ميشال عون حسم هذا الموقف بالجملة.
جعجع
وبطبيعة الحال، فان موضوع المبادرة سيكون أحد محطات كلمة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «القوات» بذكرى شهدائها. وبحسب مصادر قواتية فان جعجع سيحذر من العبث بالدستور، معتبراً ذلك جريمة سياسية كاملة، وسيؤكد أن إفراغ الجمهورية من رأسها المسيحي هو ايضاً جريمة سياسية موصوفة، مشيراً إلى ان الحجة القائلة بأن تعديل الدستور لإيصال رئيس قوي هو كلام ساقط، مشدداً على ان المادة 49 من الدستور ليست هي من يمنع إيصال رئيس قوي بل الشخصانية القاتلة ورفض التعاون مع الغير لايصال رئيس قوي، ويرى أن الحل ليس بتعديل هذه المادة بل العدول عن الابتزاز.
المستقبل
تدخّل قطري «رفيع المستوى» في ملف العسكريين.. وجعجع يطمئن المسيحيين «الدواعش زائلون»
جنبلاط لـ«المستقبل»: السيسي يشجّع التوافق على رئيس
بينما تترنّح الانتخابات الرئاسية على حبال التجاذب السياسي المحلي وسط تعمّد واضح وفاضح لاستمرار مسلسل التعطيل والتنكيل بأي مبادرة تلوح في أفق لبننة التسوية الرئاسية، ثمة في المقابل جهد عربي مواكب لقطار الاستحقاق الرئاسي يحرص على عدم خروجه عن جادته اللبنانية من خلال التشجيع والتحفيز على التوصّل إلى توافق لبناني بينيّ يتيح انتخاب رئيس للجمهورية.
وفي هذا السياق لفت رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى أنّ «القيادة المصرية متابعة بدقة للأوضاع العربية واللبنانية»، وقال في معرض حديثه لـ«المستقبل» عن نتائج زيارته القاهرة: «الرئيس عبد الفتاح السيسي حريص كل الحرص على أهمية أن يتفق اللبنانيون على إتمام الاستحقاق الرئاسي باعتبار أنّ انتخاب رئيس للجمهورية يشكل علامة استقرار» في البلد، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ السيسي «حريص كذلك على إجراء الانتخابات النيابية في لبنان وعلى الأمن اللبناني بوصفه جزءاً من الأمن القومي العربي».
وفي ملف العسكريين المخطوفين، جدد جنبلاط التذكير بموقفه الرافض لمبادلة العسكريين بسجناء في سجن رومية وقال: «لا للمقايضات نعم للمفاوضات، على أن يكون التفاوض عبر دول تماماً كما حصل إبان تكليف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم (في ملفي مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا) بهذه المهمة وقد نجح فيها».
جنبلاط شدد من ناحية ثانية على «وجوب الإسراع في إصدار الأحكام القضائية التي تأخر صدورها من ملف الضنية إلى ملف مخيم نهر البارد»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «تردد بعض القوى السياسية في هذه المسألة هو ما أوصلنا إلى المأزق الذي نحن فيه اليوم».
لجنة الأزمة
بدورها، تواصل الحكومة مساعيها لحلّ أزمة العسكريين المحتجزين وفق صيغة تؤمن الإفراج عنهم مع الحفاظ على هيبة الدولة، بينما برز خلال الساعات الأخيرة دخول قطري «رفيع المستوى» على خط الوساطة لإطلاق العسكريين وفق ما أكدت مصادر اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الملف لـ«المستقبل»، ناقلةً أجواء «تفاؤل حكومي بالعمل الجدي الجاري على مستوى الدور القطري لحل هذه الأزمة»، في وقت ترددت أنباء ميدانية متزامنة أمس عن تواصل قطري مباشر مع خاطفي العسكريين عبر موفد سوري من الدوحة إلى جرود عرسال للوقوف عند مطالب خاطفي العسكريين من «جبهة النصرة» و«داعش» من دون أن ترشح أي معلومات تفيد بخرق ملموس حصل على هذا الصعيد.
وفي الغضون، يواصل خاطفو العسكريين اللعب على وتر الفتنة الأهلية وتجييش عواطف أهالي العسكريين عبر بث أشرطة مصوّرة تهدف إلى النكء عميقاً في الجراح المذهبية والطائفية ودفع الدولة اللبنانية إلى الرضوخ لشرط المقايضة بين العسكريين وعدد من سجناء رومية.
ويبدو أن سياسة الإعلام الحربي التي ينتهجها الخاطفون تمكنت في مكان ما من إحداث شرخ موضعي بين بعض أهالي العسكريين من جهة والحكومة من جهة ثانية في ضوء رفض وفد من أهالي العسكريين الاجتماع مع رئيس الحكومة تمام سلام وأعضاء لجنة الأزمة الوزارية، غير أنّ ذلك لم يحل دون اجتماع اللجنة وسط «أجواء من الأسف أبداها المجتمعون لكون البعض نسي «داعش» والخاطفين وحوّل هجومه باتجاه الحكومة التي تبذل كل جهد ممكن لإطلاق سراح العسكريين وإعادتهم سالمين إلى أهلهم» وفق ما نقلت مصادر اللجنة لـ«المستقبل»، مع تأكيدها في الوقت عينه «تفهّم الحكومة لمشاعر أهالي العسكريين والألم الذي يتملكهم جراء اختطاف أبنائهم».
وكان الرئيس سلام قد شدد خلال ترؤسه اجتماع خلية الأزمة الوزارية في السرايا الحكومية أمس، بحضور كافة أعضائها ما عدا وزير المالية علي حسن خليل، على أنّ «أهمية موضوع العسكريين المخطوفين وحساسيته تحتمان تلاقي جميع المكونات الوطنية حول موقف واضح، بما لا يسمح بظهور أي تصدع داخلي قد يثير البلبلة أو الفتنة الداخلية التي هي الهدف الأول والأخير للخاطفين»، مؤكداً أنّ هذه القضية «هي الشغل الشاغل للحكومة ولا تتقدم عليها في الوقت الحاضر أي أولوية أخرى».
وإثر انتهاء اجتماع اللجنة، لفت وزير العدل أشرف ريفي إلى أهمية «توحيد الموقف الوطني حيال ملف العسكريين المخطوفين وحيال أمن البلد ككل»، وقال لـ«المستقبل»: يجب ألا يضيّع أي طرف البوصلة في هذا المجال فينجرف إلى أهداف جانبية تنسيه العدو الأساس أي الإرهاب وتنظيماته».
جعجع
واليوم يطلّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في ذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية» وسط ترقب وطني ومسيحي لمضامين الكلمة التي سيلقيها في الذكرى. وعلمت «المستقبل» أنّ جعجع سيشدد خلال كلمته على أهمية معاني المناسبة هذا العام ربطاً بما يحصل في المنطقة باعتبار أنّه «لولا التضحيات التي بُذلت لكانت رياح الشرق غيّرت معالم التاريخ في لبنان».
وفي معرض تطرقه إلى تنظيم «داعش» الذي سيلفت الانتباه إلى كونه يشكل «ظاهرة مشبوهة خرجت إلى الضوء بسحر ساحر وقدرة أسد»، سيجدد جعجع التذكير بالثورة السورية، مؤكداً أنّ جرائم نظام الأسد الذي يقتل شعبه بالأسلحة الكيميائية ويدمّر أرضه لا تقل وحشيةً عن جرائم «داعش»، كما سيجري مقارنة بين ما يفعله هذا التنظيم في العلن وبين الذين اغتالوا قيادات قوى 14 آذار في الخفاء ليؤكد أنّ كلاهما يشكلان وجهين لعملة واحدة.
جعجع سيحذر في كلمته من أنّ «دواعش القفازات المخملية أشد فتكاً وخطراً من الداعشية الغبية»، وسينبّه على المستوى الرئاسي إلى أنّ «البعض يحاول قطع رأس الجمهورية وأخذ البلد رهينة للحصول على موقع»، كما سيعرب عن رفضه تعديل المادة 49 من الدستور بحجة الاتيان برئيس قوي لاعتباره أنّ «من يمنع وصول رئيس قوي للجمهورية ليس هذه المادة الدستورية بل الشخصانية القاتلة».
وإذ سيجدد المطالبة بتوسيع نطاق القرار الدولي 1701 ليشمل بتطبيقاته الحدود اللبنانية السورية، سيبدي جعجع رفضه القاطع لكل أشكال الأمن الذاتي والتسلّح خارج إطار الدولة لأنهما يشكلان محاولة لاستكمال ضرب المؤسسات وركائز الدولة بعد تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية وشلّ المجلس النيابي.
وسيختم جعجع كلمته بتوجيه رسالة تطمينية إلى المسيحيين تحثهم على عدم الخوف لأنّ «الدواعش زائلون»، مذكراً في هذا المجال «كم مرّ تاريخياً من «الدواعش» على لبنان غير أنّ المسيحيين بقوا راسخين في أرضهم ولم ولن يبيعوا شهداءهم وتاريخهم».
الموضوعات المدرجة تعرض أبرز ما جاء في الصحف، وموقع المنار لا يتبنى مضمونها