تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الإثنين في 8-9-2014 الغضب العارم الذي عم الوسط اللبناني بعد إقدام المجموعات الإرهابية على ذبج الجندي الشهيد عباس
تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الإثنين في 8-9-2014 الغضب العارم الذي عم الوسط اللبناني بعد إقدام المجموعات الإرهابية على ذبح الجندي الشهيد عباس مدلج تزامناً مع إستمرار المساعي القطرية للإفراج عن باقي العسكريين المخطوفين، في وقت قرر وزراء الخارجية العرب محاربة التنظيمات الإرهابية كما جاء في إجتماعهم الذي عقد في القاهرة كما ولم يغب عن صفحات الصحف اللبنانية ملف إنتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان و تقدّم الجيش السوري في الريف الدمشقي.
السفير
تفاوض على حدّ السكين والثمن يرتفع.. وسلام يحذّر من الفتنة
لبنان «ينجو»: الإرهاب يوحّد ضحاياه
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع بعد المئة على التوالي.
ولبنان تحت «سكين» خاطفي العسكريين، يحاول مع كل بيان او فيديو يصدر عنهم، ان يتفادى الفتنة او يؤجلها على الأقل.
بعد استشهاد علي السيد الذي كاد يهدد بتداعيات وخيمة العواقب، جاء استشهاد عباس مدلج على يد «داعش» ليضع البلد، للمرة الثانية خلال ايام قليلة، امام اختبار صعب وخطير، تطلَّب تجاوزه جهداً كبيراً، بعدما سُجل العديد من حوادث الخطف وقطع الطرق في البقاع والضاحية والجنوب، بالتزامن مع التضييق على النازحين السوريين في أكثر من منطقة.
مرة أخرى، وجد اللبنانيون أنفسهم على حافة هاوية الفتنة، قبل ان ينجح العقلاء في استدراك الموقف، وأولهم ذوو الشهيدين العسكريين، على قاعدة ان الارهاب يستهدف الجميع، وبالتالي فإن المواجهة يجب ان تكون ضده حصراً، بشراكة الكل، ولا يجوز تحويرها لتصبح بين السنَّة والشيعة، او بين المسلمين والمسيحيين، او بين الحكومة وأهالي المخطوفين.
وفيما كانت مظاهر الغضب والاحتجاج تعم الشارع بأشكال مختلفة في أعقاب شيوع نبأ استشهاد مدلج، كانت قنوات الاتصال تُفتح على أكثر من خط، سعياً إلى محاصرة الفتنة المتسربة من جرود عرسال.
وعلمت «السفير» ان اتصالات جرت بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق من جهة ومعاون الأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل ومسؤول «وحدة الارتباط والتنسيق» وفيق صفا من جهة أخرى، لضبط ردود الفعل بعد إعلان «داعش» عن ذبح الجندي الشهيد مدلج.
وفي المعلومات، انه كان هناك توافق على ان مخطط «داعش» يرمي الى إيقاع الفتنة بين الشيعة والسنة، وبالتالي لا بد من إجهاض هذا المخطط. وقد تبلغت قيادة «حزب الله» ان الحكومة بكل أطيافها واعية لهذا المشروع الخطير الذي لن يُسمح له بالمرور.
وعُلم ان «حزب الله» تدخل بقوة في المناطق التي تتأثر بنفوذه لمنع تطور ردود الفعل الشعبية الغاضبة على نبأ استشهاد مدلج، وهو بذل جهداً على الارض لضبط النفوس المحتقنة وإطلاق سراح مخطوفي لحظات الغضب، وحماية النازحين السوريين.
وقد تواصل الحزب مع عائلة الشهيد مدلج ومع العائلات في البقاع لتهدئة الوضع والحؤول دون تطوره نحو الأسوأ.
وكما كان والد الشهيد السيد نموذجاً للحكمة والوعي وسط براكين الغضب، هكذا كان والد الشهيد مدلج الذي عض على الجرح وأظهر قدراً عالياً من العقلانية والمسؤولية في أصعب الأوقات وأقساها، ما ساهم في تبريد الانفعالات.
ولأن خطر الارهاب لا يميز بين ضحاياه، سُجل في العديد من المناطق الشمالية، لا سيما في القلمون، تعاطف عابر للجغرافيا والمذهب مع الشهيد مدلج وعائلته، إذ أقيم مجلس عزاء عن روحه وقُطعت الطرق في القلمون لبعض الوقت تعبيراً عن هذا التعاطف الذي بلغ صداه والد الشهيد في المقلب الآخر من الوطن، فاتصل ببعض فعاليات المنطقة شاكراً تضامنها ومؤكداً ان الجميع واحد في مواجهة الإرهاب.
لقد اتحدت دماء علي السيد وعباس مدلج اللذين أصرَّا على ان يترافقا في الشهادة كما ترافقا في المؤسسة العسكرية، فأعطيا كل من يهمه الأمر درساً تطبيقياً في الوحدة، لعله أبلغ من كثير من الكلام السياسي المتدفق.
ومع ذبح مدلج، تُطرح الأسئلة الآتية:
كيف يقتل «داعش» مخطوفاً جديداً، في وقت تستمر وساطة الموفد القطري، السوري الجنسية؟
هل يصح التفاوض على حد السكين، وأين مصداقية الوسيط الذي تربطه بـ«داعش» و«النصرة» صلة، تؤهله للدور الذي يؤديه؟
هل المقصود هو التفاوض بالدم، كما قال رئيس الحكومة أمس، في محاولة لفرض التنازلات على الدولة؟
ومتى ستُستخدم أوراق القوة التي أكد تمام سلام أن الدولة تملكها، وهل يجب انتظار سقوط المزيد من الشهداء ذبحاً قبل البدء باستعمالها؟
وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطلعة لـ«السفير» إن من بين أوراق القوة التي يجري التلويح باستعمالها في حال استمر إعدام العسكريين، عزل جرد عرسال عن البلدة بشكل نهائي وقطع الإمدادات عن المسلحين، وتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق موقوفي «فتح الإسلام».
ونقل متصلون بالرئيس سلام عنه قوله إن هناك شيئاً جدِّياً على مستوى التحرك القطري لمعالجة ملف المخطوفين، لافتاً الانتباه الى ان الدوحة أبدت استعداداً للتعاون والمساعدة، لكن الموضوع شائك وطويل، وهو لا يتعلق فقط بعسكريين بل ببلدة لبنانية تحولت الى رهينة.
المشنوق «قلق»
وأبلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق «السفير» ان هناك موفداً من قطر يتولى إدارة التفاوض مع الخاطفين، لكن جنسيته غير قطرية.
وعما إذا كانت الدولة اللبنانية قد تلقت مطالب واضحة من الخاطفين، أوضح أن المطالب قيد التبلور، متوقعاً أن تطول هذه القضية بعض الشيء.
وأكد ان الاتصالات مفتوحة مع قيادة «حزب الله»، وفي كل الاتجاهات، لضبط التوترات والانفعالات في الشارع، مشيراً إلى اتصالات حصلت في هذا السياق مع معاون الأمين العام للحزب حسين الخليل، ومسؤول «الارتباط والتنسيق» وفيق صفا، ما ساهم في تهدئة النفوس وضبط الارض.
وأوضح انه جرى خلال المشاورات مع «حزب الله» التشديد على ضرورة منع الفتنة، لأن الخاطفين لا يريدون سوى الفتنة.
وحول ما إذا كان خائفاً من الآتي، قال: لست خائفاً، لكنني قلق، وسنظل نبذل كل المساعي لمنع الانزلاق الى المحظور.
جنبلاط يرفض
التصنيف المذهبي
وقال النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» إنه لا يتخوف من انزلاق الى الفتنة، تحت وطأة جرائم الذبح التي ينفذها «داعش» بحق الجنود اللبنانيين المخطوفين، لافتاً الانتباه الى ان «هؤلاء الجنود هم أبناء المؤسسة العسكرية قبل الانتماء المذهبي، وهم معرضون للخطر أثناء قيامهم بواجبهم، ونحن حريصون عليهم ويجب بذل كل المساعي لاستعادتهم، إنما على قاعدة المفاوضة لا المقايضة».
وأوضح ان زيارته الى مصر كانت مفيدة وغنية، لافتاً الانتباه الى انه عقد جلسة فكرية عميقة مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بحضور العديد من الشخصيات المصرية، «وقد خرجتُ من هذه الجلسة بأفكار جديدة سأعكسها في مقالتي اليوم في جريدة الأنباء».
سلام: المعركة طويلة
ووجه الرئيس سلام كلمة الى اللبنانيين مساء أمس، اعتبر فيها ان «المعركة طويلة، ويجب ألا تكونَ لدينا أي أوهام في أنها ستنتهي سريعاً، لذلك، فإن المطلوب الثقةُ بالحكومة وبإدارتها لهذا الملف، بعيداً عن المزايدات».
وقال: نعرفُ أنّ النفوسَ مشحونةٌ والغضبَ كبير، لكنّنا يجب أن نعرفَ أنّ الفتنة، التي يسعى إليها الإرهابيون، وقد يَسْتَسْهِلُها الجَهَلَةُ وأصحابُ النفوسِ الضعيفة، هي المدخلُ الى خرابِ السّلم الوطنيّ.
واعتبر أن اللجوءَ الى إقفالِ الطرق وتعطيلِ الحركةِ لن يعيدَ الينا عسكريينا، فالمواجهةُ هي مع العدوِّ الارهابي وليسَ في الداخل مع بعضنا البعض.
وأضاف: لسنا في موقف ضَعْف، خياراُتنا عديدة وهناك عناصرُ قوة متعددة بين أيدينا، وإننا ننظُرُ في كل السبل الكفيلة بتحرير أسرانا، كما نواصلُ الاتصالات والمساعي في كل اتجاه للوصول الى هذه الغاية، استناداً الى القرار الجامع الأخير لمجلس الوزراء الذي حدّد القواعد التي يجري على أساسها التفاوض.
المجلس الحالي لا ينتج إلا رئيس تسوية
حراك ديبلوماسي للتفاهم على الرئاسة والحكومة
تطوّق الحلقة المفرغة المسار السياسي للاستحقاقات اللبنانية التي لم تحقق أي تقدم يذكر، وتحديدا في ملف الاستحقاق الرئاسي.
فالمبادرة الاخيرة لقوى «14 آذار» التي تمسّكت بمرشحها الرئاسي مع إبداء الاستعداد للحوار حول رئيس يحقق تلاقيا بين جميع الفرقاء اللبنانيين، يمكن وصفها بأنها «ربع خطوة مسيّجة بالألغام»، لان المطلوب إعلان التخلي عن مرشحها لكي يمسك الطرف المقابل برأس الخيط الأبيض، الأمر الذي كان سيضع الكرة في ملعب «8 آذار».
إلا أن الحراك الديبلوماسي يتكثف، داخلياً وعلى المستوى الاقليمي والدولي، في محاولة لإمرار الاستحقاق الرئاسي في الاسابيع المقبلة الفاصلة من انتهاء ولاية المجلس النيابي المددة، حيث يتركّز البحث حول سبل رسم إطار لخريطة طريق توصل الى الاتفاق على رئيس تسوية، وذلك من ضمن سلة متكاملة يتفق عليها سلفاً تشمل الحكومة المقبلة والتعيينات الامنية والادارية، والاهم هو الاتفاق على الخطوط العريضة لقانون الانتخاب الجديد الذي يضمن عدالة التمثيل والتوازن بين مكوّنات المجتمع اللبناني.
وتشير المعلومات إلى أن هذا الحراك الديبلوماسي يقوده سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان وعميد السلك الديبلوماسي السفير البابوي غبريالي كاتشا، ويهدف الى إقناع الافرقاء المعنيين مباشرة بالاستحقاق الرئاسي، بمغادرة حالة الجمود والتصلب في المواقف والبدء بمقاربة مسارات جديدة في هذا الملف عبر الانفتاح على طروحات عملية. ويتركز هذا الضغط الايجابي على القوى المسيحية بحيث يجري رصد كيفية تعاطيه ومدى تجاوبه مع هذه الجهود، خصوصاً أن الضغوط التي تواجه لبنان، أمنيا واقتصاديا، لم تعد تسمح بمزيد من هدر الوقت أو المراهنة على عامل الزمن لحصول تبدل في المعطيات الخارجية. لأنه مهما كانت التطورات المحيطة، فإن لبنان محكوم بمعالجة ملفاته العالقة وفق منطق التسوية، وهذا ما يدفع في اتجاه الدخول المبكر بالتسوية لإنجازها «على البارد» بدل الانتظار والاضطرار لاحقا الى إنجازها «على الساخن».
ومع الإقرار بصعوبة إقناع الافرقاء في البدء بعملية تفاوض جدي حول كل الملفات، فإن الرهان المعقود على التقارب السعودي الايراني أمر جيد وفي محله، إلا أنه من الخطأ الاعتقاد انه قابل للترجمة سريعا في لبنان، لان ملف انتخابات الرئاسة صار شديد التعقيد في ظل لجوء المعنيين بهذا الملف إلى قياس الامور من واقع داخلي مختلف كليا عن الاعتبارات الاقليمية والدولية.
كل ذلك يزيد المخاوف من مغبة دخول لبنان في فوضى دستورية نتيجة تداخل المهل الدستورية، الرئاسية منها والنيابية، بحيث تصبح البلاد أمام واقع جديد تلزمه مقاربة تتصل بإعادة بناء المؤسسات والسلطات السياسية، لان الشغور في كل المواقع يعني أزمة نظام تفترض الجلوس الى طاولة التفاوض للبحث في صيغة نظام جديد، من منطلق إزالة العقبات التي تمنع إنجاز الاستحقاقات في مواعيدها كل مرة، واستنادا الى قاعدة سياسية تقول بوجوب التوازن في الصلاحيات والمسؤوليات. لأن عدم التمديد للمجلس النيابي الحالي مع احتمال عدم التمكن من إجراء الانتخابات النيابية وفي ظل شغور رئاسي، يعني أزمة نظام ستؤدي حكماً إلى البحث عن صيغة جديدة لإدارة شؤون البلاد تعيد رسم الادوار بتوازن ووضوح دقيقين.
وفي ظل هذا الواقع، يبدو كل الكلام عن قرب إنجاز الاستحقاق الرئاسي مجرّد تكهنات وتمنيات ما دامت قوى «14 آذار» لم تقتنع