26-11-2024 02:49 AM بتوقيت القدس المحتلة

هل تخرج "أحرار الشام" من كارثتها القيادية؟

هل تخرج

تحاول "حركة أحرار الشام" الإسلامية استيعاب الصدمة الكبيرة التي تعرضت لها، جراء مقتل العشرات من قادة الصف الأول فيها بتفجير غامض أمس الأول




تحاول «حركة أحرار الشام» الإسلامية استيعاب الصدمة الكبيرة التي تعرضت لها، جراء مقتل العشرات من قادة الصف الأول فيها بتفجير غامض أمس الأول.

وبينما لم تعلن الحركة عن نتائج التحقيقات الأولية التي قامت بها، يزداد الغموض حول عملية التفجير في بلدة رام حمدان في ريف إدلب، ومن يقف وراءها والمواد المستخدمة فيها والجهة المسؤولة عنها، في الوقت الذي أُعلن عن تعيين «أمير عام» وقائد عسكري خلفاً لكل من حسان عبود وأبو طلحة الغاب، في محاولة على ما يبدو لإظهار تماسك الحركة وقدرتها على امتصاص الصدمة.

وفي ظل صمت مَن تبقى من قادة الحركة، وعدم إفصاحهم عن نتائج التحقيقات الأولية التي قام بها الجهاز الأمني التابع للحركة، رغم أن بعض هؤلاء وعد بنشر نتائج التحقيقات خلال ساعات قليلة، تضاربت الروايات حول التفجير وكيفية حدوثه والجهة المسؤولة عنه، من دون أن يكون بالإمكان تأكيد أي من هذه الروايات.

غير أن الآثار التي خلفتـها العـملية ونوعية الأضـرار التي تسـببت بها يمكن أن تساعد في استـبعاد العــديد من الاحتمالات غير الصحيحة. وهنا تسقط رواية القصــف الصاروخي أو الجوي، لأن سقف المقر الذي كان يضم الاجتماع بقي سليماً ولم يتعرّض لأي ضرر. كما تسقط رواية الانتحــاري الذي فجــر نفســه داخل الاجتماع، لعدم وجود أي آثار داخل المقر تشير إلى تعرضه لتفجــير، كــما ذكر ذلك عــدد من نشطاء «أحرار الشام» الإعلاميين ممن زاروا مكان العملية. كما أن عدم وجود أي إصابات على الجثث ينفي فرضية التفجير من الداخل. لتبقى رواية الاختــراق الأمني لأحــد قادة «أحرار الشــام»، أو أحد طاقم المرافقة، وتسريب مكان وموعد الاجتماع، مع تسهيل إدخال ما قيل إنها عبوة ناسفة تحمل مواد كيميائية أدت إلى موت معظم قادة الحركة اختناقاً.

وهنا تبرز الخلافات حول الجهة المسؤولة عن الاختراق الأمني، وتتعدد الروايات بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، الذي يكن عداءً شديداً لقادة الحركة ويتهمهم بالردة والعمالة لدول خليجية وغربية، وبين الجيش السوري الذي لا تخفى مصلحته في استهداف الاجتماع، وبين تواطؤ استخباري إقليمي ودولي أراد استباق التشكيل النهائي للتحالف الدولي ضد «داعش» بخلط الأوراق في الساحة السورية، على نحو يتيح له هامشاً أكبر في صياغة تحالفات مع فصائل لا تحمل ما يدل على إصابتها بفيروس التطرف وعدوى «القاعدة».

وما يزيد الغموض أن فرضية الاختراق الأمني تتعارض مع معلومات تؤكد أن أبا أيمن رام قائد «لواء بدر» (أحد فصائل «أحرار الشام») معروف لدى أوساط «الجهاديين» بهواجسه الأمنية وحرصه على اتخاذ أعقد تدابير الحماية والتمويه، لذلك جرى تفويضه بالإعداد للاجتماع، والأمور الأمنية التي يستلزمها.

وتؤكد المعلومات أن المقر الذي ضمّ الاجتماع عائد أساساً إليه، وهو الذي بناه في منطقة بعيدة نسبياً عن المناطق السكنية. والمقر عبارة عن بناء تحت الأرض مطمور كلياً بالتراب، وبعيد عن الطرق الرئيسية والفرعية في المنطقة، له مدخل رئيسي واحد، أمامه فسحة ترابية لركن السيارات. والمبنى من الداخل يتألف من غرفة اجتماع وغرفة استقبال وليس له أي منافذ إلى الخارج غير المدخل الرئيسي، وربما هو ما أدى إلى اختناق الجميع (ما عدا أحد أشقاء حسان عبود الذي نجا وحده وموجود في العناية المشددة في أحد مستشفيات المنطقة) في حال صحة فرضية استخدام العبوة الكيميائية.

ويحاول بعض أنصار الحركة الاستدلال على صحة استخدام الكيميائي اعتماداً على «بيعة» نديم بالوش لزعيم «داعش» أبي بكر البغدادي قبل حوالي شهر. وبالوش معروف أنه أول قائد كتيبة في الساحل السوري (كتيبة «ريح صرصر») هدد باستخدام القنابل الكيميائية لإبادة خصومه، وذلك في شريط فيديو شهير نشر قبل حوالي سنتين وأثار ضجة في حينه.
ويبدو أن أوساط «أحرار الشام» تميل إلى تحميل «داعش» المسؤولية عن التفجير الذي أودى بحياة قادتها، وإن لم تعلن عن ذلك بشكل واضح. غير أن التعيينات التي جرت بعد ساعات من الحادثة تحمل في طياتها ما يشير إلى تشدد الحركة تجاه «داعش»، وأنها ذاهبة حتى النهاية في مواجهة التنظيم الذي تجتمع معه في العقيدة السلفية «الجهادية» والمنشأ «القاعدي».

فقد أعلنت الحركة عن تعيين الشيخ المهندس هاشم الشيخ (أبو جابر) «أميراً» عاماً للحركة، وأبو صالح الطحان قائداً عسكرياً عاماً، وذلك خلفاً لكل من «الأمير» العام السابق حسان عبود والقائد العسكري السابق عبد الناصر ياسين (أبي طلحة الغاب) اللذين قضيا في التفجير، من دون أن تذكر شيئاً عن آليات التعيين ومعايير الاختيار، علماً أن معظم أعضاء مجلس شورى الحركة، المسؤول عن مثل هذه التعيينات، كانوا بين قتلى التفجير!

والنقطة المهمة هي أن هاشم الشيخ يكنّ عداءً شديداً لتنظيم «داعش»، حيث كان يتولى منصب «أمير أحرار الشام» في مدينة مسكنة بريف حلب التي شهدت أواخر العام الماضي أول أحداث دموية بينها وبين «داعش»، سقط بسببها عشرات الجرحى والقتلى، بينهم «أمراء» وقادة من الطرفين، لذلك لا يستبعد أن يكون اختياره «أميراً» عاماً مؤشراً على اتجاه الحركة إلى مزيد من التشدد تجاه «داعش»، لاسيما أن تصريحات العديد من قادتها تضمّنت تهديداً واضحاً باستمرار القتال ضده حتى القضاء عليه.

أما تعيين الطحان في منصبه فهو أمر روتيني، حيث كان يشغل منصب نائب القائد العسكري العام، ويعتبر من أبرز قادة الحركة العسكريين، حيث شارك في معركة مطار تفتناز والسيطرة على الرقة في آذار العام 2013، وأصيب مرات عدة لكنه نجا.

ودعا محمد أيمن أبو التوت (أبو العباس الشامي)، باعتباره صاحب النفوذ الأقوى داخل «أحرار الشام»، أبو جابر، بالتبصر في حقيقة ما اسماه عصابة البغدادي.
ومهما يكن، فإن مناهضة «داعش» والاستمرار في قتاله لن يكون التحدي الوحيد الذي يواجه «أحرار الشام» بعد مقتل قادتها، إذ على الحركة، بعد انتهاء مراسم الدفن والعزاء، أن تنظر إلى داخل بيتها لإحصاء التشققات والأضرار التي أصابته، أو يمكن أن تصيبه، جراء الهزة العنيفة التي تعرّض لها، وهل ما زال صالحاً لاحتواء مكوناتها كافة أم سنشهد نزوحاً من الحركة باتجاهات مختلفة؟

من هو  أبو جابر؟

ولد هاشم صالح (أبو جابر) في العام 1968 في مدينة مسكنة شرق حلب.
لديه عشرة أولاد، وحائز على شهادة الهندسة الميكانيكيّة، ونال منصبًا عاليًا في البحوث العلميّة في مدينة حلب، ولديه سابقة في القتال في العراق، وكان يعمل منسّقًا لتأمين الطريق «للمقاتلين» نحو العراق عبر الأراضي السوريّة.

واعتقل في العام 2005 بتهمة الإرهاب، وسجن في صيدنايا حتى أيلول العام 2011، حيث خرج بعد صدور عفو عن ربع المدة. وبعد خروجه أسّس «كتيبة مصعب بن عمير» في مدينة مسكنة، لينضم إلى «حركة فجر الشام» الإسلامية التي اندمجت مع «أحرار الشام». وعين نائباً لـ«أمير» حلب أبو خالد السوري، ثم «أميراً» على ريف حلب الشرقي.

http://www.assafir.com/Article/1/371551

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه