22-11-2024 10:39 PM بتوقيت القدس المحتلة

حرص على الوطن أم وصاية على الإعلام؟

حرص على الوطن أم وصاية على الإعلام؟

كما هو التخبط في السلطة، كذلك هو بين الشاشات التي سبق أن اتفقت في ما بينها على عدم نشر الأشرطة المسيئة إلى المؤسسة العسكرية وبث المهانة التي يتعرض لها العسكريون المختطفون.

فرضت معركة عرسال وقضية المخطوفين العسكريين واقعاً جديداً على الساحة اللبنانية على مختلف الصعد. لم نعد نتكلم عن «داعش» في الموصل العراقية أو في الرّقة السورية، بل بات هذا التنظيم متغلغلاً في الجسم اللبناني. بالتالي، كانت وسائل الإعلام المحلية أمام استحقاق وتحديات جمّة، أبرزها إشكالية نشر الفيديوات التي يبثها التنظيم الإرهابي عن الجنود المخطوفين، وتعمّد إظهارهم بمظهر مذل لكسر هيبة المؤسسة العسكرية وتحطيم معنويات ذوي العسكريين.

زينب حاوي/ جريدة الأخبار

حرص على الوطن أم وصاية على الإعلام؟والاستحقاق الأبرز للإعلام في هذا المجال كان التعامل المباشر مع كينونة التنظيم وعدم الوقوع في فخ أنسنته، بل الحرص على تعرية وحشيته كما هو في الواقع.

بدعوة من وزير الإعلام رمزي جريج وبحضور «المجلس الوطني للإعلام»، سيقام لقاء تشاوري اليوم في وزارة الإعلام في الصنائع، يجمع رؤساء تحرير النشرات في القنوات اللبنانية بناء على توصية من مجلس الوزراء، للبحث في «السياسة الإعلامية» على ضوء قضية الجنود المختطفين وأحداث عرسال وسبل مواجهة الوحش الداعشي. وزير الإعلام رمزي جريج لفت في حديث مع «الأخبار» إلى أنّ هدف اجتماع اليوم هو «وضع وسائل الإعلام أمام مسؤولياتها وضرورة توخي المصلحة العامة على حساب السبق الصحافي».

ومن النقاط المحورية الأكثر طرحاً على طاولة النقاش، كما يقول جريج، العمل على «الوحدة الوطنية» وتكوين فريق واحد في مواجهة الإرهاب. واستشهد بذوي الجنديين الشهيدين عباس مدلج وعلي السيد، الذين خرجوا «بخطاب عقلاني»، داعياً وسائل الإعلام المرئية إلى مساندة الدولة وعدم تصوير الأمور على أنّها مواجهة بين «الأهالي والسلطة».

القاء المسؤولية على وسائل الإعلام قد يبدو مجحفاً في ظل دولة تتخبط في مواقفها إزاء مواجهة الخطر الداعشي. كلام يؤكده رئيس «المجلس الوطني للإعلام» عبد الهادي محفوظ لـ «الأخبار»، مشيراً إلى أنّ المجلس اجتمع أخيراً برؤساء تحرير المواقع الإلكترونية (الأخبار6/9/2014) واتفق على خطوط تحريرية أساسية في كيفية التعامل مع الإرهاب.

بدوره، أعاد محفوظ تصويب البوصلة في وضع المسؤولية على تعامل السلطة مع قضية المختطفين العسكريين، إذ يسود «ارتباك حكومي بين تقايض وتفاوض»، وليس الإعلام في رأيه سوى «مرآة تعكس هذا الواقع». وفي اقتراح سيقدمه محفوظ اليوم، سيخرج من العباءة الإعلامية ويتوجه الى المراجع الروحية طلباً «لتفسير إسلامي» يقطع الشك باليقين بشأن الآيات القرآنية التي يستند اليها «داعش لتنفيذ إرهابه».

دعوة إلى وضع سياسة إعلامية واضحة إزاء التعامل مع «داعش»

إذاً، تفكيك صناعة هذا التنظيم يمثل أولوية لرئيس «المجلس الوطني للإعلام»، وكذلك الوصول الى «رؤية مشتركة إعلامية للواقع» من خلال ممارسة وسائل الإعلام لدورها «التثقيفي والتربوي» ووجوب توحيد المصطلحات المتعلقة بـ»داعش»، فهو ليس «جهادياً ولا «معارضة سورية» ولا «ثواراً» بل لا يمكن وضعه الا في خانة الإرهاب والتكفير .

وسائل الإعلام المرئية المعنية والممثلة برؤساء تحريرها تفاوتت مواقفها إزاء التعاطي مع هذا الاجتماع وما سيتمخض عنه. منهم من دعا الى وثيقة شرف إعلامية تتضمن صيغة مشتركة حول التعاطي مع القضايا المذكورة، فيما رأى آخرون في هذا اللقاء التشاوري مجرد «مضيعة للوقت»، فالضبط ــ برأي البعض ـ يجب أن يكون على مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل الإخبارية العاجلة.

مدير الأخبار في قناة «المنار» ابراهيم الموسوي أعاد التأكيد على ثوابت القناة وممارستها للضبط الذاتي، وخصوصاً لناحية كل ما من شأنه إثارة الفتنة وتأجيج النفوس. وفي المرحلة الحالية، يؤكد الموسوي ممارسة القناة أعلى «مستوى من الرقابة»، داعياً الى توحيد الأداء الإعلامي منعاً للانزلاق وتوقيع ميثاق وطني وعدم الوقوع في فخ الحرب النفسية التي يشنها «داعش». يوافق على كلامه المدير العام لـnbn قاسم سويد، الذي كرر انفتاح المحطة على فكرة توحيد المصطلحات، واقترح خلق غرفة مشتركة بين الإعلام والجيش للتنسيق ووضع شعار مشترك رفضاً للإرهاب على جميع الشاشات.

ابراهيم الموسوي مدير الأخبار والبرامج السياسية ي تلفزيون المنارالمقاطعة الشاملة لأخبار وبيانات «داعش»، دعوة أطلقها مدير الأخبار في otv طوني شامية، مطالباً أيضاً بمقاطعة كل التصريحات السياسية المشبوهة الداعمة له. أما بالنسبة إلى مدير أخبار mtv غياث يزبك، فإن هذا الاجتماع «مضيعة للوقت»، لأنّ «الإعلام يقوم بدوره، وقناة «أم. تي. في» تمارس دورها تبعاً للاعتبارات المهنية وبضمير حيّ».

"مش وقت سكوب"

كما هو التخبط في مفاصل السلطة، كذلك هو بين الشاشات التي سبق أن اتفقت في ما بينها على عدم نشر الأشرطة المسيئة إلى المؤسسة العسكرية وبث المهانة التي يتعرض لها العسكريون المختطفون. منهم من التزم هذا الطرح، والبعض الآخر نشر الأشرطة كي لا يفوته قطار «السبق الصحافي». في هذا الإطار، توضح مديرة الأخبار في lbci لارا زلعوم أن المحطة نشرت بداية فيديو العسكريين كي «تطمئن ذويهم» إلى أنهم على قيد الحياة. وبعدها اتخذت القرار بالامتناع عن النشر، أو بثت أشرطة صامتة «حفاظاً على كرامة المؤسسة العسكرية». وكشفت أنّ القناة كان تملك أخيراً شريط اللحظات الأولى للاختطاف، لكنها امتنعت عن نشره لأن الوقت «مش وقت سكوب».

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه