الكتائب ضد التمديد، ولكن من دون نقطة على السطر. كعادتهم، يعارض الكتائبيون، من باب المزايدة المسيحية، ويلوّحون بمقاطعة جلسة التمديد، ولكن عندما يجدّ الجد، لن يعدموا ـــ كعادتهم أيضاً
ميسم رزق
الكتائب ضد التمديد، ولكن من دون نقطة على السطر. كعادتهم، يعارض الكتائبيون، من باب المزايدة المسيحية، ويلوّحون بمقاطعة جلسة التمديد، ولكن عندما يجدّ الجد، لن يعدموا ـــ كعادتهم أيضاً ـــ اختراع الذريعة التي تبرّر تغيير موقفهم.
يحار أحد النواب الكتائبيين في إيجاد إجابة مُقنعة لدى سؤاله عن الموقف الحقيقي لحزبه من ملف التمديد للمجلس النيابي. حيرة تشي بأن التمديد دخل مرحلة الجدّ، وأن ما يبحثه الحزب حالياً، هو تنظيم الخلاف حول الملف مع حلفائه في فريق 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل. يقرّ بأنه في حال «عدم حصول أي تطوّر يُعيد خلط الأوراق في المنطقة، فإن جلسة التمديد آتية لا محالة»، وأن «غالبية الزملاء سلّموا بفكرة التجديد لأنفسهم».
لا يقول النائب ما يُعارض بيانات الحزب والمكتب السياسي الرافضة للتمديد.
يؤكّد أن «موقفنا مبدئي فيما مواقف الآخرين لا تعدو كونها مزايدات أو مناورات». مع ذلك، باعتراف النائب نفسه، «لم يباشر الحزب حتى الآن أي خطوات عملانية تشير الى أنه بدأ الإعداد للانتخابات النيابية كما لو أنها حاصلة»، مبرّراً ذلك بأنه «قد يكون اقتناعاً منه بأن الانتخابات، إذا حصلت، فلن تحتاج إلى حملات ترويجية وشدّ عصب القاعدة الشعبية كما في السابق»!
في التمديد الأول الذي تنتهي مدّته في تشرين الثاني المقبل، كان الحزب أيضاً معارضاً شرساً، لينتهي الأمر بمشاركة نوابه في التصويت مع... التمديد. فهل يكرّر الكتائبيون فعلتهم؟ يجيب قيادي كتائبي بأن «ملف الانتخابات النيابية لم يُفتح إلا في الاجتماع الأخير للمكتب السياسي. وقد أكدّنا موقفنا الرافض نهائياً للتمديد، مع نقاش بسيط في الإعداد لبدء عمل الماكينة الانتخابية وتقديم ترشيحات النواب، وإمكانية طرح أسماء جديدة». وما دام الموقف كذلك، لماذا لم يطلب المكتب السياسي، حتى الآن، من النواب تقديم ترشيحاتهم؟
عين الكتائب على عدم السماح لعون بتسجيل نقاط في الشارع المسيحي
يبرّر القيادي بأن «تأخير تقديم الترشيحات أسلوب لطالما مارسناه، ولا علاقة له بالموقف من الانتخابات، بل بأمور حزبية مرتبطة بأسماء وآلية محددة يجري اعتمادها خلال الإعداد للانتخابات، وفور الاتفاق داخل المكتب السياسي بشأنها يُطلب إلى النواب تقديم ترشيحاتهم».
بحسب القيادي الكتائبي، هناك إشكاليتان يستفيد منهما الحزب في موقفه من التمديد، هذه المرة، الأولى «تشتّت القوى السياسية وعدم اتفاقها على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، ولا على تأجيلها ومدة هذا التأجيل»، وثانياً «عدم وجود رأي موحّد داخل فريق 14 آذار». ويضيف: «هناك توجّه واضح داخل 14 آذار نحو احترام التمايز بين مكوناته السياسية، ما يعني أن الضغط على الكتائب سياسياً سيكون أقل مما كان عليه في التمديد السابق». وبالتالي، يعني ذلك «تنظيم الخلاف بين الآذاريين، بحيث لا يهدّد الخلاف بشأن التمديد وحدة الصف، ويقطع الطريق أمام تسجيل النائب ميشال عون نقاطاً في الشارع المسيحي كما حصل سابقاً».
هل يعني ذلك أن الكتائب قد تذهب الى حدّ التصويت ضد التمديد؟ انطلاقاً من كون محطة التمديد، كما يراها الكتائب، «معركة لإثبات الوجود والحضور»، يرجّح القيادي أن «يذهب الحزب إلى أبعد من ذلك، بل وإلى مقاطعة الجلسة العامة من أساسها». وهو يكاد يجزم بأن القوات اللبنانية، وحتى التيار الوطني الحر، سيحضران الجلسة، وبذلك «فإن فرصة المزايدة على الخصم المسيحي، وحتى على الحليف (القوات)، ستكون أكبر»!
يقرّ القيادي الكتائبي بحصول «تبدّل في مزاج الشارع المسيحي، وارتفاع الأسهم العونية بعد الهجمة التكفيرية والتعدّي على المؤسسة العسكرية، التي يعدّها المسيحيون الضمانة لأمنهم، بالتزامن مع تراجع رصيد 14 آذار في هذا الشارع».
أمام هذه المعطيات، ما الذي يدفع 14 آذار، وحزب الكتائب ركن أساسي فيها، الى المخاطرة بإجراء انتخابات يمكن لعون أن يكتسح فيها المقاعد المسيحية؟ لا يملك الكتائبيون جواباً واضحاً. وعدم الوضوح هذا قد يكون مؤشراً الى أن موقف الكتائب مرجّح، مرة أخرى، لأن يتغيّر في أي وقت، وبالتالي تكرار السيناريو السابق نفسه: معارضة للتمديد، فمشاركة في الجلسة، والتصويت معه! وحتى يحين ذلك، لن يعدم الكتائب إيجاد الذريعة، سواء الأمنية أو غيرها، لإخراج نفسه من الحرج الذي يكرر وضع نفسه فيه!
http://www.al-akhbar.com/node/215465
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه