ولا تزال الصورة موجودة في أرشيف الموقع السعودي، ما يعني إما أنه «لم ينتبه لهذا الخطأ»، أو أنه «مقتنع بأن للسعودية حدوداً مع سوريا». وذلك ما يتطابق مع الخطاب الأميركي الذي يبدو أنه يستمد معلوماته من موقع «العربيّة»!.
في شهر آب/ أغسطس من العام الماضي خرج وزير الخارجية الأميركي جون كيري معلناً للعالم أنه «يعرف أن الحكومة السوريّة استعملت الأسلحة الكيميائيّة»، مقدِّماً مجموعة من الأدلة ضمن تقارير مطولة، فندتها وسائل الإعلام الأميركيّة، في ما بدا حينها محاولةً للتمهيد لضربة أميركيّة على سوريا. حينها، كرر كيري في كلمة أمام الصحافيين (30/8/2013) جملة «نحن نعرف»، أكثر من مرّة.
اليوم، ومع تضخّم ظاهرة «الدولة الإسلامية في العراق الشام»، ومع إقدام التنظيم على إعدام صحافيين أميركيين، وبالتزامن مع الذكرى 13 لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر، خرج الرئيس الأميركي باراك أوباما معلناً أن قواته ستعمل على شن غارات ضد مواقع التنظيم.
ثمّ انطلقت المساعي الديبلوماسيّة لتأمين أكبر حشد دولي ضد التنظيم، يضمّ عدة دول خليجية. وشدّد البيت الابيض في تعليقه على خطاب أوباما على أهمية المشاركة السعوديّة، لأنّ "لديها حدود واسعة مع سوريا"، وذلك في فصل جديد من فصول "المعرفة الأميركية".
وعلى الرغم من «الخطأ» الكبير الذي ارتكبه البيت الأبيض بوضعه السعودية على الحدود السورية، إلا أن هذا الخطأ مرّ مروراً هادئاً. اقتصرت ردود أفعال وسائل الإعلام الأميركية على ذلك الخطأ، على تعليقات بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومادة نقدية بسيطة نشرها موقع «مركز السياسة الوطنية والقانونية NLPC علق متهكما: «البيت الأبيض قدم المعلومات على لسان مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لم يكشف عن هويته. على الأرجح بأن مسؤول الإدارة كان سعيداً لأن هويته لم تحدّد، فربما كان عليه أن يستعين بخريطة قبل إعطائه تلك الإجابة».
لم يختلف المشهد في وسائل الإعلام العربيّة، إذ إنّها لم تعلّق على الخطأ الجغرافي الفاضح، بالرغم من أنّه يمسّ حدود منطقة من المفترض أن تكون تلك الوسائل «تعرف أكثر» تفاصيلها، من تلك الأميركيَّة البعيدة.
واللافت في هذا «الخطأ» بالتحديد أنه لا يعتبر الأول من نوعه، إذ وقعت فيه قبل أسابيع قناة «العربية» السعودية، حين قامت بنشر خريطة على موقعها الالكتروني ، تظهر أنّ السعودية تحدّ سوريا من الجنوب، تذيلها مادة بعنوان: «داعش» على مسافة 180 كلم من حدود إيران». تحدثت المادّة المنشورة عن «تمدد الدولة الإسلامية في العراق والقلق الإيراني من هذا التمدد». ولا تزال نفس الصورة موجودة على ذات المادة في أرشيف الموقع السعودي، ما يعني أن إدارة الموقع إما أنها «لم تنتبه لهذا الخطأ»، أو أنها «مقتنعة بأن للسعودية حدوداً مع سوريا». وذلك ما يتطابق مع الخطاب الأميركي الذي يبدو أنه يستمد معلوماته من موقع قناة «العربيّة»!.
يثير الخطأ الجغرافي الأميركي الذي سبقه خطأ سعودي مطابق له تماماً، المخاوف من دقّة الأهداف التي ستستهدفها إدارة أوباما في كلّ من سوريا والعراق، وفق الخرائط التي جعلت السعودية تتمدد نحو سوريا، خصوصاً وأنَّ إدارة أوباما مقتنعة أنَّها «تعرف أكثر».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه