رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف اكد أمس ان روسيا ستراقب الوضع بدقة لضمان «عدم تطبيق خفي لأي من قواعد التجارة الحرة».
يواجه الرئيس الاُوكراني بترو بوروشنكو انتقادات شديدة من عدد من أقرب أنصاره بسبب رضوخه للضغوط الروسية وتأجيله تطبيق اتفاق للتجارة الحرة مع الإتحاد الأوروبي الذي كان من المقرر المصادقة عليه اليوم الثلاثاء.
وحذر العديد منهم من ان قرار تأجيل توجه الجمهورية السوفييتية السابقة اقتصاديا نحو الغرب يمكن ان يدفع الى تكرار الاحتجاجات التي ادت الى الإطاحة بالرئيس السابق المدعوم من الكرملين فكتور يانوكوفيتش بعد ان رفض اتفاقا مماثلا.
وكتب سفياتوسلاف اُولينيك، نائب حاكم منطقة دنيبروبيتروفسك، على صفحته على فيسبوك «لا أدري ما أقول .. أخر مرة حدث فيها ذلك، حصلت التظاهرات».
وقدم دانيلو لوبكيفسكي، نائب وزير الخارجية استقالته احتجاجا، وقال إن بوروشينكو يبعث «مؤشرات خاطئة للجميع: الجهة المعتدية (روسيا)، وحلفائنا، والأهم من ذلك مواطني اُوكرانيا». إلا إن معظم المحللين يتفقون على ان تهديد روسيا بفرض قيود قاسية جدا على التجارة مع اُوكرانيا يمكن ان تغرق اقتصادها وتؤدي الى تدهوره بشكل اكبر، لم تترك امام الرئيس الموالي للغرب الكثير من الخيارات. ويعتبر اتفاق التجارة الحرة، الذي لن يسري حتى العام 2016، جزءا من اتفاقية شراكة اوسع يتوقع ان يصادق البرلمانان الأوروبي والاُوكراني عليها اليوم، بعد سنوات من المفاوضات التي اوشكت في الكثير من المرات على الانهيار.
وحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا نسف تلك المفاوضات خشية ان تخرج اُوكرانيا من مدار روسيا وتدمر حلمه بإقامة كتلة ما بعد الاتحاد السوفياتي تنافس الإتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي.وعقب رفض يانوكوفيتش الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قبل ايام من توقيه المفترضن قدم بوتين لاُوكرانيا مساعدة قيمتها 15 مليار دولار، وخفض سعر الغاز الروسي المباع لها.
ومؤخرا حذرت روسيا من إقامة سد منيع بينها وبين معظم السلع الاُوكرانية عندما يدخل الجزء المصادق عليه من اتفاقية التجارة حيز التنفيذ في تشرين الثاني/نوفمبر.ويبدو ان ذلك التهديد كان العامل الحاسم في قرار اُوكرانيا الطلب من الاتحاد الاوروبي يوم الجمعة الماضي تأجيل اتفاق التجارة الحرة، وهو ما وافق عليه الاتحاد.وسارع وزير الاقتصاد الروسي، اليكسي اوليوكاييف، الى الإعلان عن ان موسكو تتعهد الان «بعدم تبني اية اجراءات حمائية» حتى نهاية 2015.
غير ان رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف اكد أمس ان روسيا ستراقب الوضع بدقة لضمان «عدم تطبيق خفي لأي من قواعد التجارة الحرة». ويعتقد محللون ان روسيا كانت لها دائما الكلمة الفصل في مسألة التجارة لان اي قيود كان يمكن ان تفرضها كانت ستوجع اُوكرانيا بشدة وفورا. فربع الصادرات الاُوكرانية تذهب الى الشرق، كما تذهب نسبة اُخرى الى دول الإتحاد الأوروبي الـ28.
إلا إن أوكرانيا لن تشعر بفوائد التجارة الحرة مع أوروبا قبل عشر سنوات على الاقل، لان الاتفاق يحدد «فترة انتقالية مدتها عشر سنوات كحد اقصى». كما يلزم الاتفاق اُوكرانيا بانهاء برنامجها للمعونات الزراعية ويزيل الحواجز على الواردات التي تساعد عمال الصلب في شرق اُوكرانيا المضطرب.وحذر بوتين بوروشينكو الاُسبوع الماضي من ان انتقال اُوكرانيا للعمل بموجب معايير التجارة الأوروبية سيكلف بلاده 165 مليار يورو، وهو الرقم الذي يزيد كثيرا عن إجمالي الناتج المحلي الذي حققته اوكرانيا في 2013.
وحاول الإتحاد الأوروبي تخفيف تلك الضربة فقام بالغاء معظم التعرفات الجمركية وتقديم صفقة مساعدات اقتصادية بقيمة 1.6 مليار يورو لكييف. ورغم ذلك فان بروكسل اعترفت بان تخفيف التعرفات الجمركية لن يوفر على المصدرين الاُوكرانيين سوى 500 مليون يورو في العام. وأدت القيود التجارية المحدودة التي فرضتها روسيا على بعض السلع الغذائية الاُوكرانية الى تقلص هذه الصادرات بمقدار الثلث في الاشهر الستة الاُولى، وهي خسارة تصل الى 775 مليون يورو على الاقل خلال العام.
وصرح نائب رئيس المفوضية الاْوروبية، فالديس دومبروفسكيس، لموقع إخباري اُوكراني ان «وضع الاقتصاد الاُوكراني حاليا صعب حيث ان الضربات التي وجهتها العقوبات التجارية الروسية لبعض القطاعات مثل الهندسة ستكون كبيرة بحيث لا يمكن للبلاد ان تحتملها».