«فوكس نيوز» تجاهلت تماماً مقالاً نشر قبل أيام في صحيفة "نيويورك تايمز"، ويشير إلى احتمال وجود علاقة مباشرة بين ماكين والبغدادي بالاعتماد على صور نشرت بعد زيارته إلى شمال سوريا في أيار 2013.
لم يكد الرئيس الأميركي باراك أوباما يعلن خطته لضرب «داعش»، حتى بدأت وسائل الإعلام الأميركية حرباً شعواء ضدّه، وخصوصاً قناة «فوكس نيوز»، العدوّة التاريخيّة المحافظة للرئيس الديموقراطي. وراحت تفنّد كل كلمة في الخطاب، وتقف عند مكامن الضعف فيه. لم تخض وسائل الإعلام الأميركية حربها وحيدة، بل فوّضت السيناتور الجمهوري المتطرّف جون ماكين ليخوضها بالنيابة عنها.
يتنقّل ماكين بين قناة وأخرى بكثافة تثير الاهتمام والقلق، هو المعروف بتأييده الشديد لبقاء الاحتلال الأميركي في العراق، وصلاته مع المقاتلين المسلحين على الأرض السورية.
لم يكد خبر كشف أوباما عن خطّته لـ«مواجهة الإرهاب» يظهر في شريط الأخبار العاجلة على قناة «سي أن أن» بعد، حتى ظهر ماكين على شاشتها، مرتاحاً على كرسيه، ومستعداً لمناظرة جاي كارني المتحدَّث السابق باسم البيت الأبيض لم يُخف ماكين فرحه بانتصارات «داعش»، لأن ذلك يمّده بالحجة ليثبت أن أوباما «تأخّر باتخاذ خطوات جديّة لإيقاف خطر الإرهاب».
وسارع مذيع «فوكس نيوز» شون هانيتي لاستضافة ماكين بعد يوم واحد على خطبة أوباما (10/9) ليقدّم هذه المرة أمثلة توضح خطر «داعش» بلغة «يفهمها الأميركيون».هذا ويمكن ملاحظة نوع من الاستخفاف في الطريقة التي يشير بها ماكين لأوباما، إذ أنّه كثيراً ما يتجنب ذكر اسمه الكامل مكتفياً بالقول «هو أشار» أو «في خطته»، فيما يردّ بابتسامة ساخرة حينما يقرأ هانتي مقتطفات من الخطبة.
في نهاية اللقاء يهدّد ماكين قائلاً: «إنهم قادمون لمهاجمة الولايات المتحدة. هل تعرف أن السيد بغدادي، زعيمهم، حينما غادر معسكر بوكا، السجن الأميركي في العراق، قال أراكم في نيويورك؟». هنا يعلق هانتي آسفاً: «نراه في نيويورك ليرفع راية الإسلام فوق البيت الأبيض ويقطع المزيد من رؤوس الأميركيين».
لم يتأخر ماكين في معاودة الظهور ضيفاً على برنامج "العدالة مع القاضية جانين" (13/9) على القناة ذاتها مؤكِّداً امتلاك معلومات تشير إلى أنَّ تنظيم «داعش» يزداد اتساعاً، ويستقطب المزيد من الأتباع. يعلق ماكين بأنّه يجب فهم صعوبة هذا التحدي الذي سيحتاج المزيد من «الجِزَم العسكرية» على الأرض.
وهنا ترفق «فوكس نيوز» كلامه بصور لشبان يتسلقون الجدران الحدودية، وطرقاً جبلية مهجورة على الحدود مع المكسيك قد «يتسلل منها الإرهاب». يضيف السيناتور متظاهراً بنفاد الصبر «أنا بدأت أسأم هذا النقاش، لأن «داعش» تشجع الناس على «تويتر» و«فايسبوك» للقدوم وتنفيذ عمليات في أميركا».
إلّا أنّ تغطية الأيام اللاحقة أثبتت أنّ بال ماكين طويل جداً، لأنه كرر استشهاده بنشاط «داعش» على مواقع التواصل الاجتماعي على منابر إعلامية متنوعة. كما أعاد الاستشهاد بعبارة البغدادي «أراكم في نيويورك» في ثلاثة لقاءات مختلفة، كما لو أنَّه يريد أن يضمن أن تصل تهديداته إلى أكبر عدد من الأميركيين. فمن لم يتسن له سماع ماكين على «سي أن أن»، لن يستطيع تفويته على «فوكس نيوز».
في الوقت الذي حجزت «فوكس نيوز» مقعداً دائماً للسيناتور العجوز الذي نافس أوباما خلال الانتخابات الرئاسيّة العام 2008، تجاهلت تماماً مقالاً نشر قبل أيام في صحيفة "نيويورك تايمز"، ويشير إلى احتمال وجود علاقة مباشرة بين ماكين والبغدادي بالاعتماد على صور نشرت بعد زيارته إلى شمال سوريا في أيار/ مايو العام 2013.
لا ترى «فوكس نيوز» اليوم فائدة من نبش دفاتر الماضي أو الحاضر، والسؤال عن العلاقة التي قد تجمع بين السيد ماكين والسيد البغدادي. فهي باهتمامها في تصدير خطاب ماكين اليوم سلمت كوادرها واستوديوهاتها بالكامل للتيار اليميني الأكثر تطرفاً في الولايات المتحدة، والذي لم يعد يرضى حتى بخطاب أوباما وتهديداته. فالإرهاب أمسى على «مضارب الولايات المتحدة»، ولا بدّ من التحرك سريعاً لمواجهته!.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه