25-11-2024 06:06 AM بتوقيت القدس المحتلة

ما الذي تخشاه تركيا من الحرب الأمريكية على تنظيم "داعش"؟

ما الذي تخشاه تركيا  من الحرب الأمريكية على تنظيم

تشير مصادر كردية في فرنسا ان وزير الخارجية التركي اشار في مؤتمر باريس الى ان الدور السعودي في الحشد ضد داعش يثير ريبة الاتراك


نضال حمادة



في خطاب القاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم 10 أيلول/سبتمبر الحالي أعلن خطة أمريكية لشن حملة عسكرية ضد تنظيم (داعش) في العراق وفي سوريا.

بعد الخطاب بخمسة ايام عُقد مؤتمر باريس حول العراق الذي جمع حوالي 28 دولة تحت راية الولايات المتحدة الامريكية لمنحها الغطاء لشن حرب أخرى في المنطقة بذريعة تنظيم (داعش) ، بعدما تمدد هذا التنظيم في العراق وسوريا ، وأصبح يمتلك جيشا كبيرا ومصادر ثروة تمكنه من الاكتفاء الذاتي ماليا. انطلاقا من هذا الواقع ، كيف يمكن فهم الاستراتيجية التركية حيال الحرب الأمريكية المعلنة؟ وكيف يمكن فهم الاستراتيجية الأمريكية الباحثة عن إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة والتي تثير قلق تركيا بتوريطها بصراع عسكري ينهكها؟

لم يخرج مؤتمر باريس لدعم العراق بما يشير الى توافق جدي على الخطة الامريكية لقتال داعش ، وكان الشيء المميز في هذا المؤتمر هو كلمة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فضلا عن كلامه في الجلسة المغلقة والتي أشارت مصادر فرنسية الى أنها وضعت حدا لكل الاوهام بجعل هذا المؤتمر مشابها لمؤتمر باريس حول ليبيا عشية القصف الأطلسي لقوات معمر القذافي عام 2011.
كان هناك وزير خارجية آخر غير معني بكل الكلام عن حرب داعش وإن كان على النقيض من الوزير الروسي هو وزير الخارجية التركي مولود تشاووش اوغلو ، وكان له في الجلسة المغلقة كلام معترض على شن حرب على داعش، ونُسب الى الوزير التركي قوله (كان يجب على المجتمع الدولي وعلى الحاضرين شن هذه الحرب على الرئيس بشار الاسد وجيشه منذ أربع سنوات).

في هذا الموضوع يقول العقيد السابق في الجيش الفرنسي "الان كورفيس" ان الاتراك اكثر المستفيدين من ظهور  تنظيم داعش وتمدده، مضيفا ان داعش حلت مشكلة تركية عمرها اربعون عاما اسمها حزب العمال الكردستاني، الذي اضطر لاسال خيرة مقاتليه من جبال قنديل الى العراق وسوريا للدفاع عن اربيل ودعم صمود قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا ، في صد هجوم قوات داعش على مدينة عين عرب (كوباني)  ومحيطها ، الذي يعد 400 قرية كردية، وقال الخبير الاستراتيجي الفرنسي ان الاتراك أبلغوا واشنطن وباريس صراحة رفضهم المطلق لشن ضربات جوية ضد داعش لأنها  سوف تقوي الرئيس السوري وتريح ايران.

ولا يبدو أن تركيا سعيدة جدا بالتغيير الحكومي في العراق، بعد خروج خصمها الكبير رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ، فرئيس الوزراء الحالي حليف لايران.

وتشير مصادر كردية في فرنسا في حديث لموقع المنار ان وزير الخارجية التركي اشار في مؤتمر باريس الى ان الدور السعودي في الحشد ضد داعش يثير ريبة الاتراك ،لأن الاخيرين يعتبرون وجود داعش حيويا لإشغال المنافس الإيراني وإضعاف حليفيه في دمشق وبغداد التي تمر علاقة تركيا معهما بظروف سيئة، وتشير المصادر الكردية الى أن تقدم داعش نحو بغداد في تموز/يوليو الماضي أسقط خصم تركيا في العراق (نوري المالكي) ، لكنه لم يصل الى بغداد ليسقطَ الحكم المؤيد لايران مضيفةً ان وجود تركيا المحاذي للعراق يلعب دورا في هذا الرفض التركي، حيث تعتمد داعش في تجارتها على  شبكات التهريب التركية العاملة على جانبي الحدود  والتي تسيطر على جزء كبير منها مافيا التهريب القريبة من الحزب الحاكم وهي نفسها تقوم بعمليات تهريب النفط والسلاح والمقاتلين عبر تركيا،  وتقول المصادر الكردية في حديثها لموقع المنار ان المناطق التي تسيطر عليها داعش في العراق وسوريا محاطة بالأعداء وليس لها منفذ بحري وبالتالي تظهر الخريطة الجغرافية أن المنفذ الوحيد لمناطق داعش في العراق هي الأناضول التركي ، وهذه المنطقة التي تسيطر عليها داعش غنية بالنفط العراقي والسوري، الذي تبحث عنه انقرة.

 في نفس السياق وتزامنا مع مؤتمر باريس واللغط الذي حصل حول كلام وزير الخارجية التركي اثناء النقاشات المغلقة ، كان هناك حديث للدبلوماسي الهندي السفير السابق لبلاده في تركيا وفي روسيا بهادرا كهومار تناقلته وسائل الاعلام الفرنسية عن الفخ الذي تنصبه امريكا لتركيا ويثير قلق انقرة التي ترفضه، وقال الدبلوماسي الهندي ( ان تفكيك سوريا والعراق الحاليين قد يكون هدف الولايات المتحدة ، إن الدبلوماسيين والباشوات الاتراك لديهم من الذكاء ما يجعلهم يقدرون الدور الذي يحضره لهم اوباما في هذا التحالف والذي سوف يكون مختلفا عن دور السعودية وقطر والبحرين ، والخلاصة انه إذا كان هناك دولة في الشرق الاوسط لديها القدرة حاليا على الدخول في حرب في العراق وسوريا فهذه الدولة هي تركيا ، وفي حال طلبت الاستراتيجية الامريكية في هذه الحرب "بوطا عسكريا" على الارض في وقت معين كما يتوقع بعض المحللين ، فإنها سوف تكون تركيا لسبب بسيط هو أن جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدة لن ترسل جنديا واحدا الى الميدان بينما السعودية وقطر ليس بمقدورهم خوض حرب شوارع، وهذا ما يضع الحمل على تركيا، بينما الاخيرة لا يمكنها لعب هذا الدور  بسهولة لأن الذاكرة الجماعية في المنطقة ما زالت محملة بالتاريخ العثماني . وتعرف تركيا اننا ما زلنا في الايام الأولى ، وان مخيلة اوباما دائما مفتوحة على افكار غريبة، ما الذي يمنع ان يقرر اوباما اشراك الدولة السورية في الحرب ضد داعش ، وان يكون لها الكلمة الاخيرة ؟ انقرة تعلم ان ما يسمى الجيش السوري الحر ليس سوى مزحة ، لقد طلبت تركيا من امريكا ان يكون دورها في استراتيجية اوباما لقتال داعش محدودا بالمساعدات الانسانية والتزويد بالمعلومات، هل يمكن لتركيا الافلات بهذا الدور المتواضع؟ لن تسمح الولايات المتحدة ان يتم هذا الامر بسهولة ).