26-11-2024 12:43 AM بتوقيت القدس المحتلة

القاعدة تهدد بيروت

القاعدة تهدد بيروت

لا أمل يلوح في الأُفق. العسكريون المخطوفون بحُكم الشهداء بالنسبة إلى الحكومة. الأمر بات واقعاً لدى القيادة السياسية التي تعلم يقيناً بأن تحقيق شروط الخاطفين مُحرّم

 

 

زريقات يهدّد باحتلال بيروت

 

رضوان مرتضى

لا أمل يلوح في الأُفق. العسكريون المخطوفون بحُكم الشهداء بالنسبة إلى الحكومة. الأمر بات واقعاً لدى القيادة السياسية التي تعلم يقيناً بأن تحقيق شروط الخاطفين مُحرّم. وعلى وقع قرع طبول الحرب، تمرّ الساعات المقبلة بطيئة على أهالي المخطوفين الذين ينتظرون معجزة يبدو أنها بعيدة المنال.

لم تعد «جبهة النصرة» وحدها في الواجهة. بعد ظهور «الدولة الإسلامية» في القلمون، انضمّ إليهما أمس تنظيم «كتائب عبد الله عزام»، عبر تسجيل صوتي للمتحدث باسم «سرايا الحسين بن علي» الشيخ سراج الدين زريقات، لتكتمل الصورة. أفرع الجهاد العالمي، بجناحيها الظواهري والبغدادي، اتّحدت في جرود القلمون، ضد الدولة اللبنانية وحزب الله والعسكريين المخطوفين.

زريقات خرج بالصوت لمدة 16 دقيقة في كلمة ألقاها أمام العسكريين المخطوفين، موبّخاً إياهم على انتسابهم إلى الجيش. واتّهم «حزب الله» بعمليات الاغتيال التي وقعت في لبنان، محمّلاً العسكريين رسالة إن خرجوا، أبلغوا طوائفكم «إن قاتلتم أهل السنّة ليس بيننا وبينكم إلا السيف». وهدّد قائلاً: «المجاهدون أخذوا العراق خلال أيام، وفي أيام يكونون في وسط بيروت».

هكذا تتبدّى غرفة العمليات المشتركة التي يقودها أمراء «النصرة» و»الكتائب» و»الدولة الإسلامية»، ليؤكد هذا الواقع ما كان سائداً عن توزيع الأدوار في التفجيرات التي استهدفت لبنان، والتي تعاقب التنظيمات الثلاثة على تبنّيها. وبعدما كانت المعلومات تفيد بأن زريقات موجود في جرود الزبداني، خرج أمس من جرود عرسال متحدثاً في كلمة انفعالية. هاجم الجيش وحزب الله «والطوائف التي تحوّلت درعاً للدفاع عنهما»، بحسب تعبيره. وأضاف قائلاً: «الجيش اللبناني هذا مش جيش. خمس شباب اقتحموا ثكنتكم يا أبطال وأخذوها. إنتو ما عندكن رجال». ثم أردف: «لم نُرِد المعركة في عرسال، لكننا دخلنا مكرهين». وسأل قائلاً: «هل تظنّون أنه بسيارة مفخخة في الضاحية انتهى الأمر؟ المسألة بدأت الآن».

وعلى خط المفاوضات، لم تكن تنوي «جبهة النصرة» في القلمون تصفية أيٍّ من العسكريين المخطوفين لديها. هذا ما يُجمع عليه المفاوضون الذين التقوا أمير التنظيم «أبو مالك التلّي» في المراحل الأولى للمفاوضات. غير أن مسار المفاوضات الذي جرى بعكس توقعاتها، أدخل تعديلاً على الخطة. «سياسة سدّد وقارب» أوجبت ذلك، بحسب تعبير أحد عناصر «النصرة». ورغم المعلومات التي ترددت عن قيام عناصر «النصرة» بتصفية العسكري المخطوف محمد حمية انتقاماً لمقتل عدد من مسلّحيها في الجرود القلمونية، تؤكد مصادر «النصرة» لـ»الأخبار» أن «قتل حمية سببه ما حصل في عرسال بعد التفجير (يوم الجمعة الماضي) بحق أهل عرسال والنازحين السوريين». وإذ تتحدث المصادر عن «قناعة الثوار بأن التفجير من صنع الحزب»، تشير إلى أن أمير «النصرة» في القلمون «أبو مالك اتّخذ قرار إعدام العسكري حمية للقول إننا لسنا نمزح وإننا جادّون... استجيبوا أو هؤلاء أسراكم الذين يمكنكم تحريرهم إن أردتم، أنتم تقتلونهم بأيدينا».

مونة الشيخ مصطفى الحجيري المشهور بـ»أبو طاقية» على قيادة «النصرة» كانت تكفي أن تكون ضمانة للحؤول دون قتل أي من العكسريين، لكن «الظروف كانت غالبة». يقول الشيخ مصطفى الحجيري لـ»الأخبار»: «ﻻ أدري إن كنت قادراً على إيقاف تنفيذ الحكم بحق حمية، لكن للأسف لم يكن بالإمكان بذل الجهود المطلوبة نتيجة الظروف القاهرة». وهذه الظروف، بحسب الحجيري، تتمثّل بـ»محاولة اغتيالي من قبل الجيش أثناء نقلي عائلة العسكري جورج خوري ومساعدتها للقائه في الجرود». هل تعتقد أن الجيش يريد قتلك؟ تساؤل يجيب عنه الحجيري بالقول: «إطلاق النار علي بالطريقة التي حصلت يدل على نية أكيدة بالقتل، وما التهديدات التي أُطلقت في الأيام والأسابيع الماضية إﻻ أدلة إضافية على ذلك». أما من يتحمّل مسؤولية ما جرى، فيرد الحجيري بأنّه «يُلقى على عاتق الخاطف الحقيقي للبنان، وهو من يملك السلاح». يقول الحجيري إن حادثة تعرضه لإطلاق نار في المرة الأخيرة حالت دون استمرار انتقاله إلى الجرود لمقابلة أمير النصرة. أما من أوصل زوجة العسكري المخطوف علي بزال، المُدرج ثانياً على لائحة القتل، لمقابلة قادة «جبهة النصرة» في الجرود أمس، فتؤكد المعلومات أنه ليس «أبو طاقية»، مرجحة أن يكون قد تمّ ذلك عبر عائلة زوجة المخطوف، باعتبارها ابنة عرسال. وقد نقلت زوجة العسكري المخطوف أن قيادة «النصرة» أرجأت إعدام زوجها أسبوعاً «إفساحاً في المجال أمام الحكومة اللبنانية للاستجابة لمطالب الخاطفين».

لماذا قتل عناصر «النصرة» حمية رمياً بالرصاص وليس ذبحاً؟ ولماذا لم تُعدم «جبهة النصرة» باقي العسكريين المخطوفين؟ ما هي استراتيجيتها في المناورة، وما صحة ما تردد عن تخيير العسكري الشهيد بين القتل ذبحاً أو بالرصاص يتوقف على موافقته على إيصال رسالة «النصرة» أمام الكاميرا؟

تكثر الشائعات التي ترد من كل حدب وصوب عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في ملف العسكريين المخطوفين. أما الحقيقة فواحدة. تنفي مصادر «النصرة» ما يتردد عن تخيير حمية بطريقة القتل، كاشفة أن «الجبهة توقفت عن الذبح أخذاً بفتوى الشيخ أبي محمد المقدسي». وتشير المصادر إلى أن سياسة التنظيم التي يعتمدها منذ ما يقارب السنة، «تقتضي عدم تصوير عمليات الإعدام التي تُنفّذ، وإن كانت جائزة شرعاً، لما يترتب عليها من مفسدة تفوق المصلحة في عرضها».

ميدانياً لا حقيقة واضحة. لمصلحة من تميل الكفة؟ حزب الله أم جبهة النصرة؟ معسكرا القتال يحكيان عن بشائر نصر آتية. وينشغل كلا الطرفان بتعداد نكسات «العدو». وفيما تُتناقل معلومات عن سقوط عشرات القتلى في صفوف مسلّحي «النصرة» في الاشتباكات الدائرة في جرود فليطة ونحلة، بينهم قيادات قريبة من «أبو مالك التلّي»، يتحدث عناصر «النصرة» عن «ضربات موجعة ومتتالية تلقّاها الحزب على جبهات جرد فليطة ونحلة والجبة وعسال الورد وقارة والجراجير».

وبصرف النظر عن هوية الطرف الذي سيرجح الميدان كفته، يبقى السؤال المركزي: هل سيخرج العسكريون المخطوفون أحياء أم لا؟ سؤال تملك السلطة السياسة الإجابة عنه بعدما خبرت خاطفي عسكرييها جيداً. هؤلاء الذين يتوزعون بين تنظيمين، يفاخر أحدهما بذبح أبنائها واحداً تلو الآخر بدمٍ بارد غير آبه لشيء، فيما يفاوض الآخر لتحقيق ما استطاع من مكاسب، علّه يستثمر ذلك في «بيئة حاضنة»، رغم أنه يعلم حتى الآن أنّ أفق تحقق مطالبه مسدود.


http://www.al-akhbar.com/node/216216

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه