ويأمل اليمنيون في إحداث تغيير حقيقي في أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية التي تدهورت بشدة خلال العامين الماضيين، إذ يطاول الفقر أكثر من نصف السكان وتقدّر بطالة الشباب بـ 60 في المئة
تضمّن اتفاق «السلم والشراكة الوطنية» الذي وقّع لإنهاء الأزمة في اليمن، إصدار قرار بخفض ثانٍ لسعر المشتقات النفطية، بحيث يصبح السعر الجديد لكل 20 ليتراً من البنزين ثلاثة آلاف ريال يمني (14 دولاراً) بدلاً من 3500، و20 ليتراً من الديزل ثلاثة آلاف ريال بدلاً من 3400.
يذكر ان قرار حكومة الوفاق الوطني في 30 تموز (يوليو) الماضي رفع الدعم عن المشتقات النفطية، أثار احتجاجات شعبية واسعة قادها الحوثيون الذين طالبوا بإسقاط الحكومة وإلغاء قرار رفع الدعم الذي سمّوه «الجرعة» وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
ويأمل اليمنيون في إحداث تغيير حقيقي في أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية التي تدهورت بشدة خلال العامين الماضيين، إذ يطاول الفقر أكثر من نصف السكان وتقدّر بطالة الشباب بـ 60 في المئة، فضلاً عن تردّي الخدمات الأساسية وزيادة وتيرة الاعتداءات التي تستهدف أنابيب النفط والغاز وخطوط نقل الكهرباء.
ومن المقرّر بموجب الاتفاق تشكيل حكومة كفاءات في مدة أقصاها شهر، على أن تكلّف الحكومة الحالية تصريف الشؤون العامة العادية حتى تشكيل الحكومة الجديدة التي ستعد خلال ثلاثين يوماً من تشكيلها، برنامج عمل توافقياً متضمناً في شكل رئيس تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، على أن يرفع البرنامج إلى مجلس النوّاب لنيل الثقة.
ويناط بالحكومة الجديدة تشكيل لجنة اقتصادية تضم خبراء مؤهّلين واقتصاديين من مختلف المكونات السياسية والوزارات المعنية في الحكومة، مع خبرة في مجال التشريع والإدارة المالية والاقتصادية، على أن تكون التوصيات المتفق عليها في اللجنة ملزمة للحكومة. وتشكّل اللجنة في غضون أسبوع من تشكيل الحكومة، وتدرس الوضعين الاقتصادي والمالي في اليمن عبر مراجعة الموازنة العامة للدولة والإنفاق، وتقدّم توصيات حول كيفية استخدام الوفورات من أجل إعانة الفئات الفقيرة والمناطق التي تعرّضت للتهيمش.
وفي غضون شهرين ستعيد اللجنة الاقتصادية النظر في أسعار المشتقات النفطية، على ضوء تحرير استيرادها وتوزيعها وإصلاح قطاع الكهرباء، وبما يقود إلى إصلاحات سعرية حقيقية مبنية على أسس علمية واقتصادية ويلبي تطلّعات الشعب. كما ستضع اللجنة برنامجاً للإصلاح الاقتصادي، شاملاً ومفصّلاً وواضحاً ومحدداً في الزمن، يهدف أساساً إلى القضاء على منابع الفساد في كل القطاعات ومعالجة اختلالات الموازنة العامة وترشيد الإنفاق. وتحدّد اللجنة الاختلالات الناتجة من الفساد المستشري وسوء التدبير، وتقترح مع الحكومة الجديدة حلولاً حول الإصلاحات الشاملة المطلوبة في قطاعي النفط والطاقة، بطريقة تحقق مطالب الشعب وتطلّعاته.
ونص الاتفاق على أن «تضع اللجنة خطة مفصّلة وشاملة، تتضمن حزمة إجراءات لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية الحالية، بطريقة تصون حقوق جميع اليمنيين ومعيشتهم، وتحديداً الفئات الضعيفة والفقيرة. وتهدف الخطة إلى خلق مناخ يتيح لجميع اليمنيين تحسين فرصهم الاقتصادية وتوفير عيش كريم لأسرهم».
ويتوقّع أن تدرس اللجنة الاقتصادية أيضاً كل القضايا الاقتصادية والمالية خلال وضع هذه الخطة، على أن تشمل بالضرورة عشرة قضايا تتضمّن «فتح المنافسة والاستيراد والتصدير أمام القطاع الخاص، وأسعار السلع الأساسية، وضمان جباية عائدات الضرائب والجمارك والإصلاح الضريبي والجمركي، وتحصيل المديونية العامة لكل مؤسسات الدولة سواء كانت ضريبية أو جمركية أو خدماتية أو غيرها، من الجميع مع التركيز على فئة كبار الملاك، وإلغاء الازدواج الوظيفي والوظائف الوهمية في كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، والتوظيف في مؤسسات الدولة المدنية عبر وزارة الخدمة المدنية مع مراعاة ما نصت عليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني من معالجات استثنائية، وتطبيق نظام البصمة في كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين جرّاء قرار الإصلاحات السعرية للمشتقات النفطية، والاستثمار في البنى التحتية، والفساد المالي والإداري، وبرامج الحماية الاجتماعية».
كما تقدم اللجنة توصيات إلى وزير الخدمة المدنية والتأمينات حول إصلاح سلّم الأجور بهدف إزالة العبء عن المواطنين اليمنيين المحدودي الدخل.
ومن المقرّر أن تتطرّق اللجنة في خطتها الى رؤية لتفعيل المؤسسات الرقابية والمحاسبية، وفي مقدمها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، وتعلن تقاريرها السنوية للرأي العام. كما ستقدّم خطتها ومصفوفتها التنفيذية المزمّنة والملزمة إلى الحكومة الجديدة في غضون ثلاثة أشهر، بحيث يعمل رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة بشكل وثيق مع جميع المكونات لتنفيذ توصيات اللجنة.
وألزم الاتفاق الحكومة الجديدة اتّخاذ إجراءات تتمثّل في «زيادة دفعات صندوق الرعاية الاجتماعية بنسبة 50 في المئة وتسديدها للمستفيدين فوراً، مع مراجعة معايير أهلية المستفيدين لضمان شطب غير المؤهّلين وتسجيل المؤهّلين الفعليين، وزيادة أجور الخدمة المدنية وقطاعي الجيش والأمن، وتسريع عملية إلغاء الوظائف الوهمية والموظّفين المزدوجين، من خلال تسديد كل المدفوعات عبر المصارف أو التحويلات البريدية، وزيادة موازنة السنة المالية المقبلة المتعلقة بالتعليم والصحة من أجل استهداف الفئات الفقيرة والمناطق التي تعرّضت للتهميش، فضلاً عن التزام الحكومة الجديدة التنفيذ الكامل لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني المتعلقة بمكافحة الفساد وتوافر الموارد الضرورية لذلك.