لعلّ أخطر ما تواجهه طرابلس بعد ستة أشهر على انطلاق الخطة الأمنية فيها، هو ما استجد فيها مؤخرا من فلتان أمني غير مبرر، على وقع الأحداث الجارية في عرسال والتحريض الكبير على الجيش اللبناني
لعلّ أخطر ما تواجهه طرابلس بعد ستة أشهر على انطلاق الخطة الأمنية فيها، هو ما استجد فيها مؤخرا من فلتان أمني غير مبرر، على وقع الأحداث الجارية في عرسال والتحريض الكبير على الجيش اللبناني.
فبعد قيام مجموعة مسلحة بقتل المواطن فواز البزي على خلفية طائفية، وقيام ملثمين بقتل العسكري محمد الحسين أثناء وجوده في مركز للجيش في البداوي، شهدت التبانة، أمس الأول، مقتل فيصل الأسود وهو أحد كوادرها، وذلك في عملية اغتيال متكاملة. إذ قام مسلحون ملثمون يستقلون سيارة، باطلاق النار عليه في أحد أحياء التبانة وفروا الى جهة مجهولة.
وكثرت الاجتهادات على مواقع التواصل الاجتماعي حول أسباب قتل الأسود والجهة التي نفذت هذه العملية، في حين لم تُظهر التحقيقات الرسمية ما هو نوع هذه السيارة أو الجهة التي سلكتها، ومن هم الملثمون بداخلها.
هذه الحوادث هي جزء مما يحصل. وما يضاعف هذه المخاطر هو تعايش المدينة مع هذا الفلتان، بما يتضمن من تصفية حسابات واعتداءات وإشكالات مسلحة في مختلف المناطق ينتج عنها قتلى وجرحى وأضرار في الممتلكات، فضلا عن استهداف العسكريين في نقاط تمركزهم، وذلك من دون أي حسيب أمني أو رقيب سياسي، أو تحرك مدني.
وتشير الاحصاءات الأمنية في طرابلس الى أنه خلال أسبوع واحد شهدت أحياء المدينة 14 إشكالاً مسلحاً (بمعدل إشكالين في اليوم الواحد) و6 إشكالات جرى استخدام السلاح الأبيض فيها، و8 حالات إطلاق نار في مناسبات اجتماعية (هذه الظاهرة عادت بعد أن توقفت لنحو أربعة أشهر بعد انطلاق الخطة الأمنية)، ونتج عن هذه الاشكالات سقوط قتيلين وأكثر من عشرة جرحى.
كما سجل رمي 23 قنبلة يدوية في أماكن متفرقة وفي مجرى نهر أبو علي (بمعدل 3 قنابل وأكثر في اليوم الواحد) كما قطعت الطريق في طرابلس ومحيطها 7 مرات، وكتبت «شعارات داعشية» على الجدران في 3 مناطق متفرقة.
وتترك هذه الأرقام التي تعيد طرابلس الى حقبة الفوضى العارمة التي كانت سائدة تساؤلات، حول: ماذا بقي من الخطة الأمنية في المدينة؟ وأين الجيش والأجهزة الأمنية من كل ما يجري؟ ولماذا كل هذا الصمت حيال ما يجري في طرابلس؟ وهل ما يجري هو تسخين للأرضية الطرابلسية لما هو أكبر؟ وماذا عن المجموعات المسلحة التي عادت بفكر متشدد ومتطرف لتبسط نفوذها في مناطقها؟ وماذا عن السلاح الذي عاد لينتشر علنا في بعض المناطق؟
وتشير المعطيات إلى أنّ الاعتراضات السياسية والدينية على استمرار الجيش بمداهمة مخازن الأسلحة ومصادرتها، أبقى هذا السلاح بيد بعض المجموعات التي منها من عاد الى نشاطه السابق، ومنها من وجد الفرصة مؤاتية لتصفية حسابات ماضية، ومنها من انكفأ، لا سيما بعد دخول عدد كبير من قادة المحاور الى السجن.
ويبدو واضحا أن السلاح الذي فقد وظيفته بين محاور التبانة وجبل محسن، بدأ يساهم في قتل أصحابه، بفعل صراع النفوذ الكبير الذي تشهده بعض المناطق بين عدد من المجموعات ومن العائلات ويترجم بمواجهات واغتيالات وإشكالات، أو باعتداءات على المواطنين بخلفية مذهبية أو بسبب خلافات محلية.
في سياق متّصل، أعلنت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه، في بيان، أن ثلاثة مراكز عسكرية تابعة للجيش في محلة التبانة وشارع سورية والبيسار طرابلس، تعرضت، أمس، «الى إطلاق نار من قبل مسلحين، ما أدّى إلى إصابة أحد العسكريين بجرح طفيف في رجله. وقد ردّ عناصر المراكز على النار بالمثل، فيما تقوم وحدات الجيش بملاحقة المعتدين لتوقيفهم».
يذكر أن فيصل الأسود شيّع، أمس، في التبانة وسط حالة من الغضب الشديد ترجمت بإطلاق نار كثيف ورمي عدد من القنابل الصوتية طيلة فترة قبل الظهر، حيث صلي على جثمانه في مسجد حربا ووري في الثري في مدافن التبانة.
http://www.assafir.com/Article/2/374381
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه