يسلط التقرير الضوء على التناقض الذي وقع به بلمار بين التقرير الذي رفعه عام 2008 إلى الأمم المتحدة وتقريره الإتهامي اليوم، كاشفاً الأحرف الأولى من اسم أحد أفراد "الشبكة الحمراء" الذي أغفله بلمار
نصل إلى الجزء الثالث من تقريرنا، وفيه نكشف التناقض الذي وقع به بلمار بين التقرير المرحلي العاشر الذي رفعه عام 2008 إلى الأمم المتحدة وتقريره الإتهامي اليوم، كما نكشف فيه عن الأحرف الأولى من اسم أحد أفراد "الشبكة الحمراء" الذي يسعى بلمار إلى حمايته، كما نتحدث عن الهدف الذي يكمن وراء تغطية أرقام الهواتف المستخدمة في العملية.
بلمار يحمي من اغتال الحريري
عندما كان رئيس لجنة تحقيق، رفع دانيال بلمار التقرير المرحلي العاشر إلى مجلس الأمن الدولي في 28 آذار 2008، والذي يعتبر تقريره الأول بعد تسلّمه لمهامه خلفاً للقاضي البلجيكي سيرج براميرتس، قال فيه أنه تمكن من تحديد هوية المنفذين وأسماهم "شبكة الحريري" (The Hariri Network)، بيد أن التقرير المؤلف من تسع صفحات ابتعد يومها عن ذكر أي أسماء "لأسباب أمنية" كما ادعى، مشدداً على أنه سيتم نشر الأسماء كاملة في البيانات الاتهامية المقبلة التي سيضعها المدعي العام عندما يتم الحصول على أدلة كافية.
"اليوم صدر البيان الإتهامي ولم يف بلمار بوعده، لا بل تراجع عما قاله في التقرير المرحلي العاشر بشكل جذري، حيث ذكر في قراره الإتهامي أنه لم يتمكن بعد من تحديد هوية المنفذين (الشبكة الحمراء)! أيعقل أنه كشف هويتهم منذ 3 أعوام واليوم لم يعد يعلم من هم؟!! هذا استخفاف بعقول الناس! وهل جرى تجهيلهم لأنهم لا ينتمون إلى حزب الله وبالتالي من الممكن أن يؤدي الكشف عن أسمائهم إلى اغتيالهم بسهولة؟" يتساءل خبير الإتصالات الدولي رياض بحسون.
ف. س. يتصل بالمجرمين: الحريري في طريقه إليكم
وكنا قد تكلمنا في الجزء الثاني من التقرير عن إخفاء بلمار لتسجيلات الإتصالات لأنها تعود إلى متهمين آخرين، وبعد التناقض الواضح بين تقريري المدعي العام، نستنتج أن بلمار بدّل أقواله بشأن كشفه عن هوية من نفذ العملية أي "شبكة الحريري"، لأن الأسماء لو كشفت فمن المستحيل ربطها بالمتهمين الأربعة، وبمعنى آخر، إن من ارتكب الجريمة لا علاقة له بحزب الله لا من قريب ولا من بعيد والكشف عن أسماء الشبكة الحمراء سينسف الإتهام بشكل تام لا بل سيحوّله إلى جهة أخرى بعيدة جداً عن المتهمين اليوم.
ويعلّق بحسون قائلاً "من الممكن أن يكون ما قاله بلمار حول الهواتف صحيح في جزء كبير منه إنما السؤال هل أن الأعمال التي قال المدعي العام إن المتهمين الأربعة قاموا بها هم فعلاً من نفذوها أم هناك أشخاص آخرون؟ .. إن كانت نيتنا سليمة سنعتبر أن تبديل الأشخاص هو خطأ، إنما لو سلّمنا بوجود مؤامرة وأن تبديل الأشخاص مقصود، سنستنتج أن المدعي العام يعلم من نفذ العملية ولكنه يركّب قيادتها إلى أشخاص أبرياء، وهذا لا يحصل فقط في لبنان، بل حدث في أميركا عندما اغتيل جون كينيدي مثلاً، وهذا ما يسمونه الهويّة الخاطئة".
ولحرص موقع قناة المنار على كشف الحقيقة ومساعدة بلمار في إنعاش ذاكرته، سيكتفي الموقع في هذا التقرير بتذكير بلمار بشهادة شخصية لبنانية بارزة، حقق معها سلفه براميرتس، حيث قالت له بوضوح: كنت في باحة مجلس النواب عند انطلاق موكب رفيق الحريري من هناك، وكان ف. س. يقف مراقباً قبل أن يلتقط هاتفه ويتصل بالمجرمين ليبلغهم النبأ: الحريري في طريقه إليكم !!!
بلمار يخفي الأرقام خوفاً على تقريره
قبل صدور القرار الإتهامي بأشهر، كشفت محطة الـ CBC وغيرها من وسائل الإعلام بعض الأرقام التي يقول بلمار إنها مستخدمة في عملية اغتيال الحريري، فما هو المانع اليوم بأن تكشف جميعها في قرار بلمار خاصة وأنه ذكر بأن هذه الأرقام أوقفت ولم تستخدم منذ ذلك الحين. لقد حجبت الأرقام بحسب بحسون "بسبب كشف مخابرات الجيش اللبناني عن ثلاثة أرقام زرعتها إسرائيل في هواتف لعناصر من حزب الله دون درايتهم، وقد قام رئيس لجنة الإتصالات النيابية النائب حسن فضل الله ووزير الإتصالات السابق شربل نحاس ورئيس الهيئة الناظمة للإتصالات عماد حب الله بشرح هذا الموضوع تفصيلياً في مؤتمر صحافي (23 تشرين الثاني 2010)".
ويوضح بحسون "لنفترض أنهم كشفوا اليوم عن الأرقام وتبيّن أن أحدها هو من ضمن الأرقام الثلاثة المخترقة، ماذا سيحصل عندها؟ سيدمّر كل التقرير الإتهامي بشكل كامل. لذلك يجب أن يحصل مكتب الدفاع فوراً على داتا الإتصالات التي حصل عليها بلمار ويقارن الأرقام، كما يجب أن تدرس البيانات وتقارن بالثانية لتحديد جدية الإتهام وإذا لم تؤدِ المقارنة إلى تثبيت هويتهم فلا يحق للمدعي العام الادعاء حتى بأن الشخص المتهم هو مصطفى بدر الدين (مثلاً) بل عليه القول: الشخص الذي أظن أنه مصطفى بدر الدين".
إذاً السؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هنا: ألم يسمع فرانسين وبلمار أن هناك سيطرة شبه كاملة لإسرائيل على شبكة الإتصالات في لبنان؟ بالإضافة إلى جواسيسها الذين زرعتهم في شركات الإتصالات والذين أقروا بذلك بعد إيقافهم؟ فلماذا لم يحقق بلمار مع هؤلاء؟
الجزء الثاني: قرار بلمار .. المخابرات البريطانية صاغت ملف الإتصالات
الجزء الأول: قرار بلمار.. فرانسين يشكك بملف الإتصالات ويوافق مع التحفظ
في الجزء الرابع والأخير
لماذا كان عناصر حزب الله "يراقبون رفيق الحريري"؟