شائعات مكان اختفاء معمر القذافي غدت اليوم الشغل الشاغل لليبيين.. منهم من يقول انه هرب الى الجزائر فيما يجزم آخرون أنه قابع في سرت، فيما يعتقد
كتب: د. فرنكلين لامب
ترجمة: زينب عبدالله
طرابلس/ ليبيا
ترددت الشائعات وأصداؤها هذا الصباح كأصوات الأصداف ترتطم بالجدران الاسمنتية، وإذا ما استندنا إلى ما يميل المرء إلى التصديق به، فإن: الزعيم الليبي السابق العقيد معمّر القذافي يعيش بأمان إما في الجزائر، أو في مدينة سرت مسقط رأسه، أو في الصحراء الليبية الجنوبية الواسعة، أو في إحدى متاهات الأنفاق العميقة الموجودة تحت ثكنة باب العزيزية العسكرية، أو مع أبنائه في شقة تقع جنوب طرابلس.
أما الآن، فإن الذين يعلمون بمكان وجود القذافي لا يتكلمون في حين يفكر حلف (الناتو) بتفويض قيادة الثوار لعرض مكافأة بحجم صدّام حسين وأسامة بن لادن على أمل أن تكون كفيلة بطرد "الزعيم".
وكان للمتحدث السابق باسم النظام موسى إبراهيم ظهور هاتفي هذا الصباح قال فيه إن مقاومة "معتدي (الناتو) والإستعماريين والكفار" على وشك البدء، وإن منح (الناتو) فرصة جديدة يهدف إلى وقف إطلاق النار والبدء بالحوار لتجنب حمّام دم وحرب أهلية لا نهائية مهدد بها. وأيضا صباح اليوم، وكما هو الحال منذ 19 آذار/ مارس 2011، رفض حلف (الناتو) ووكيله فريق المجلس الوطني الانتقالي العرض، ويعتقد الكثيرون هنا من الصحافيين والدبلوماسيين المتبقين بالحاجة إلى إنجاز واحد فوري فقط. ويمكن أن يكون هذا الإنجاز هو أن يظهر القذافي وأبناءه من عرينهم، والمفضّل هو أن يظهروا جميعهم قتلى.
ولقد عقد المجلس الوطني الانتقالي مؤتمرا إخباريا الليلة الماضية قدّم فيه مادة بسيطة ليعرض قبولا بحجة تحرير الأموال بشكل مباشر، ومن المتوقع أن يتولى إدارة المكاتب الحكومية سرعان ما تصبح آمنة.
وخلال الحديث عن تحرير الأموال، وفّرت وثائق الحكومة الليبية لأحد الباحثين الأميركيين في وثيقة قدمها، وفّرت معلومات حول الأموال الليبية المسروقة خلال السنين من قبل قادة في المجلس الانتقالي البارز فضلا عن ملفات تفصيلية في قضية هدر دماء الليبيين على أيديهم. وتتم مطالبة هؤلاء القادة بإعادة الأموال قبل أن يوافق جنوب أفريقيا بكامله على تحرير جميع الأموال الليبية المحتجزة من قبل أفراد (الناتو). أما وزير العدل السابق عبد الجليل، والذي هو حاليا أحد أبرز قادة المجلس الانتقالي، فقد عرض عليه أن يخضع لمحاكمة على الجرائم المتّهم بارتكابها والتي تتضمن عددا كبيرا من أحكام الإعدام التي أصدرها بحق الخارجين على النظام خلال فترة عمله في وزارة العدل الليبية والتي تبدو خطوة إيجابية أولى إذا ما تبعتها خطوات مماثلة بحق أفراد آخرين في المجلس نفسه. وكوزير دامت فترة تنصيبه ما بين عامي 2007 و 2011، أعلن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة "الجليل" مسؤولا عن "عناد" محكمة الإستئناف الليبية في التصديق على أحكام الإعدام التي صدرت بحق الممرضات البلغاريات في قضية فيروس "الأيدز"، وتجدر الإشارة إلى أن الجليل خدم كقاض رئيس في المحكمة نفسها. وعندما تم حثّه على إصدار أوامر بإجراء تحقيقات حول أعمال القتل القضائي الإضافية بين 2007 و 2011، رفض زاعما أنه لم يتمكن من إصدار أمر التحقيق بفساد موظفي وكالة الأمن الداخلي بحجة أن لديهم "حصانة من الدولة".
وفي تطور جديد آخر، طلب عدد من الأصدقاء لبعض أفراد عائلة القذافي من أحد المحامين الدوليين وهو أميركي الجنسية، طلبوا الإسراع في تشكيل فريق قانوني دولي بالتعاون مع محامين أميركيين ودوليين في حال نتج عن مذكرات التوقيف الصادرة عن محكمة الجرائم الدولية قرار يقضي بنقل الأفراد إلى لاهاي. ويعتبر الكثيرون من الداعمين للحكومة السابقة أنه إذا تم إجراء محاكمة في ليبيا فسينقلب الحال إلى "محكمة كانغارو" أخرى وتزييف للعدالة كما حصل في محاكمة صدّام حسين.
وخلال اليومين الماضيين انتشر الكثير من الشائعات حول مصير الإمام موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا منذ 33 عاما عندما كان يزور البلد لإجراء محادثات تدعم مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وللمشاركة بحضور الاحتفال السنوي لثورة الفاتح الكبرى بتاريخ 1 أيلول/ سبتمبر آنذاك. ويقول شخصان يزعمان أنهما كانا موجودين في ذلك الوقت، يقولان إن موسى الصدر قد قتل، ويعرض أحدهما البقايا المدفونة من أجساد السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين! ويزعم أحد أقرباء "الزعيم الثاني في ليبيا" وصديق القذافي من زمن الصبا عبد السلام جلّود أن بقايا الأجساد موجودة في الصحراء الليبية الجنوبية. ولماذا قتل موسى الصدر؟ إذا كانت قصة موته حقيقية، فسيكون موضوع "المعلومات الداخلية" الكثيرة الموجودة لدى المسؤولين الحكوميين وغيرهم حقيقي أيضا. ويقول أحد المسؤولين الليبيين رفيعي المستوى، والذي قد مثل بلده في عدد من البلدان خلال الربع قرن الأخير، يقول إنه عندما تظهر حقيقة من طلب من نظام القذافي تصفية الإمام الصدر سيدان بعض المسؤولين اللبنانيين وغير اللبنانيين. ويبدو من إيلاء أهمية كبرى لقضية الإمام موسى الصدر ورفيقيه، فضلا عن عدد المسؤولين والشهود الأحياء الذين يزعمون أنهم على علم بالأحداث المحيطة بموت الإمام غير المؤكد حتى الآن، يبدو أن حقيقة اختفائه يمكن أن تظهر أخيرا في وقت قريب.
وخلال لقاء هذا الصباح مع ضابط رفيع المستوى في لواء طرابلس، والذي تدرّب خلال شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل على أيدي القوات الخاصة في الجيش الأميركي على الجبال المجاورة للحدود التونسية جنوب غرب طرابلس، علمنا أن بعض حلفاء القوات الأميركية المتمركزين في طرابلس "بدأوا إطلاق النار قبل الوقت المحدد" واستهدفوا مجمع القذافي في طرابلس السبت الماضي. ولذلك انطلق لواء طرابلس مسرعا لمساعدة أولئك الذين ثاروا في طرابلس قبل أن تعطيهم قوات (الناتو) الضوء الأخضر فعليا. وبحسب ما صرح به أحد الضباط في اللواء نفسه، فإن قوات (الناتو) تعتقد بأن القذافي خدعها في طرابلس المكان الذي لديه فيه 8000 فريق مختبئ جنوب العاصمة ويتحضر لإراقة دماء هذه الميليشيا من خلال قتال مدني. ويعتقد أن قوات (الناتو) وغيرها هنا في ليبيا، تصدق بأن القذافي يحاول استدراج الثوار لدخول مناطق قبيلة ورفلّة، وتجدر الإشارة إلى أن معظم شبه القبائل أو العشائر البالغ عددها 54 لا تزال تتعاون مع القذافي في هذه المناطق نفسها.
وقبيلة ورفلّة هي أكبر القبائل الليبية وقد اضطلعت بالدور الرئيسي في طرد المستعمرين الإيطاليين بعد أن كانت على الحياد أوليا عندما دخل الإيطاليون بلدهم.
ويظهر أيضا أن (الناتو) مهتم بميليشيات الثوار المتنوعة، والانتساب المتفاوت جدا، ذلك أن الثوار باتوا في الأيام الأخيرة أكثر انخراطا في السيطرة على بعض المناطق. فعلى سبيل المثال، وعلى طول الميناء المجاور للفندق الذي نقيم فيه، سيستخدمون مناطقهم كقوة للمساومة سياسيا في الأيام المقبلة ذلك أنهم يقولون: "حسنا، نسيطر على هذه المنطقة، ولكن ما هو المقابل سياسيا؟". ويقول المصدر نفسه، والذي يتولى التنسيق مع (الناتو)، يقول أن (الناتو) يتوقع أن يكون القذافي قادرا على القتال لأشهر وأنه لا يمكن الوصول إليه حاليا. وتحاول قوات (الناتو) بغضب تحديد مكان القذافي وقتله في حين يريد المجلس الانتقالي محاكمته.
وفي هذه الأثناء، انضمت السفارة الروسية إلى الصليب الأحمر الدولي ووزارة خارجية مالطا هنا وقيل إنها أعلنت منذ ساعة أن القوارب ستجلي جميع من يرغب بمغادرة ليبيا بدء من هذا المساء ويستمر ذلك إلى يوم الغد. وككثير من المعلومات المتداولة، فإن كل حديث عن هذا الموضوع هو من قبيل الشائعات، أما العنف المستمر فواقع حقا.
لقراءة المقالة باللغة الإنكليزية إضغط هنا
فرنكلين لامب موجود في ليبيا ويمكنكم التواصل معه عبر بريده الالكتروني
fplamb@gmail.com