22-11-2024 10:26 PM بتوقيت القدس المحتلة

الحرب على «داعش» طويلة... تقول «العربيّة» و«الجزيرة»

الحرب على «داعش» طويلة... تقول «العربيّة» و«الجزيرة»

يرى محللون سياسيون أن التهويل الإعلامي القائم على التركيز على ضخامة وتطور الأسلحة المستخدمة في الغارات، يأتي ضمن سياق تضخيم خطر «داعش»، وإظهار أوباما بموقف الحازم في مواجهة الإرهاب.

زفّت «الجزيرة» و«العربية» أنباء الغارات الأميركية على مناطق مختلفة من سوريا أوّلاً بأوّل. مع ذلك، لا تريد القناتان اللتان مهّدتا للضربات وهللتا لها، إشعار المشاهد بأن هناك حدثاً جللاً أو انقلاباً في مجرى الأحداث. بالرغم من كثافتها، حوّلت التغطية الإخباريَّة الحدث إلى حلقة لا تحمل قدراً كبيراً من التشويق، ضمن المسلسل اليومي للحرب السورية المستمرة منذ أعوامٍ ثلاثة. لا يُشار إلى ما يجري اليوم في قواميس القناتين باسم «حرب». بل هي مجرد غارات، ضربات، أو قصف لمقار «داعش». تبدو الضربات خارج الجغرافيا السوريّة. لا شيء يذكر بالبلاد سوى أسماء المحافظات السورية، لكن المستهدف حقاً هو «دولة الإسلام في العراق والشام».

نور أبو فرّاج/ جريدة السفير

الحرب على «داعش» طويلة... تقول «العربيّة» و«الجزيرة»بالتزامن مع الخبر الأساسي حول المناطق المستهدفة وأعداد الغارات وخسائر التنظيم، تحاول «الجزيرة» و«العربيَّة» إيصال رسالة مفادها أنّ «الطريق لا يزال طويلاً»، و«المهمّة صعبة»، بالرغم من انتصارات الحلفاء.

بالتزامن مع بثّ تصريحات لأوباما تؤكّد بأنّ الحملة ستستمر ثلاث سنوات أو أكثر، يعرّج مذيع «العربية» صهيب شرارير (26/9) على خبر قتل القوات الأميركية لقيادي في «داعش»، بينما كان يقود دراجته، من دون ذكر اسمه، أو أيّ معلومة تشي بأنّ موته يحدث فرقاً. فالمهم الآن استعارة حبكة «المسلسلات المكسيكية»، وتطعيم نشرات الأخبار بانتصارات صغيرة تزيد من جرعة «الأكشن»، مع ترك النهاية السعيدة «للحلقة الأخيرة» التي يبدو توقيت بثّها بعيداً جدّاً.

إلى جانب التهليل للانتصار العسكري، تكمل «العربية» ما بدأته بالفصل بين «داعش» وجبهة «النصرة»، مكرسةً الانقسامات الوهمية بين الاثنتين. وأظهرت القناة السعوديّة اهتماماً بأخبار إخلاء «النصرة» لبعض المواقع خوفاً من ضربات تستهدفها، أكبر من اهتمامها بالحدث الجلل المتعلق بالتحالف الدولي ضدّ «دولة الموت».

ذهبت «الجزيرة» أبعد من ذلك، لتبث تقريراً أعده صهيب الخلف عن تظاهرات في سوريا تندد بغارات التحالف الدولي (26/9). يبدو العنوان للوهلة الأولى خارجاً عن توجّه «الجزيرة»، لكن سوء التفاهم سرعان ما يتضح. فالتظاهرات التي تتحدث عنها القناة، ترفع شعارات من قبيل «كلنا جبهة النصرة»، إلى جانب رايات الدولة الإسلامية السوداء.

يلتقي مراسل القناة متظاهرين يرون أن مقاتلات بعض الدول العربية جاءت لتقصف المدنيين، بدلاً من الدفاعات الجوية للنظام السوري. وبذلك لا يخرج التقرير عن استراتيجية قناتي «العربية» و«الجزيرة» التي ركزت في الأيام الماضية على «ممارسات النظام السوري» ودعمت تقاريرها بشهادات أو تحليلات لخبراء سياسيين وناطقين باسم «الجيش الحرّ». حيث تعيد كل تلك التغطيات الترويج لمطلب «الحظر الجوي»، وتقنع الرأي العام العربي والعالمي أن الغارات الجوية غير كافية، و«لا بد من التحرك على الأرض».

قناة العربيةهذا ويتحدّث تقرير لماريا شحاذة على العربية (26/9) أن الحملة ضدّ «داعش» ستكلف الولايات المتحدة 3 مليارات دولار، بكلفة 5 آلاف دولار في الثانية. يعرض التقرير بالأرقام تكلفة صواريخ توماهوك وطائرات «أف 22» التي «دشنتها» الولايات المتحدة للمرة الأولى، وغيرها من الأسلحة المتطورة.

كما لو أن «العربية» تريد من المشاهد أن يشفق على أميركا التي تتحمّل كلّ التكاليف، من أجل حربها ضدّ الإرهاب. فيما يرى محللون سياسيون أن التهويل الإعلامي القائم على التركيز على ضخامة وتطور الأسلحة المستخدمة في الغارات، يأتي ضمن سياق تضخيم خطر «داعش»، وإظهار أوباما بموقف الحازم في مواجهة الإرهاب.

عندما سقطت بغداد، أجمع العالم كلّه على أنّه يشهد لحظة انقلاب تاريخية. ذلك ما لم يحصل في الحالة السورية التي أرادت لها قنوات الإعلام أن تتداعى بالتدريج، وأن تكون مجرّد حلقة ضمن مسلسلٍ مفتوح. حقّقت «الجزيرة» و«العربيّة» غاياتهما باستنزاف المشاهد، وتسطيح الأخبار والخسارات والأعداء، ووضعهم في سلة واحدة.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه