وهذه الصورة البشعة التي يقدمونها من خلال أسلوبهم وتفكيرهم، يحاولون ربطها بتلفيق أحاديث ينسبونها إلى النبي (ص)، إذ ينسبون له حديثاً يقول : "بعثت بالضحك والذبح". وهذا افتراء على الرسول (ص) .
يتحيّر الكثيرون، سواء من المسلمين أو المسيحيين، حول حقيقة وجود أصول دينية لما تمارسه "داعش" من بطش وقتل واجرام بحق الأمنين في سوريا والعراق وإجبار الناس على اعتناق الإسلام بالقوة. آية الله الشيخ عباس الكعبي بيّن في محاضرة أقامها معهد المعارف الحكمية في مجمع الإمام المجتبى (ع) بأن ما تدعيه "داعش" والحركات التفكيرية من أقوال منسوبة إلى رسول الله تبيح الذبح وإكراه الناس لا أساس لها في الدين وهي افتراء على الله ونبيه (ص).
وقال أية الله الكعبي أن ما يجري في المنطقة العربية يأتي في ظل أهم تحدي فكري وثقافي فيما يرتبط بالصورة السيئة للدين الإسلامي والتي نشاهدها من خلال الإسلام الداعشي التكفيري، مما يخلق تساؤلات عدة على الساحة بغض النظر عن الخلفيات السياسية والاصطفاف مع عسكر المقاومة أو عسكر الالحاد ..
وتابع الكعبي موضحاً بأن هؤلاء الدواعش ينتمون إلى معسكر الكفر الذي يناقض العدالة الانسانية التي يقوم عليها الإٍسلام .. وبغض النظر عن الأبعاد الأمنية والفكرية والثقافية لهذه الظاهرة فإنها تحسب على الإسلام سواء كان يمثل السنة أو الشيعة.. الإسلام الذي يقدمونه هو الذبح والقتل والإبادة تحت شعار "الله أكبر"، ما يؤدي إلى شعور عام بالنفور والكراهية سواء بين المسيحيين والمسلمين تجاه هذا الإسلام..
وهذه الصورة البشعة التي يقدمونها من خلال أسلوبهم وتفكيرهم، يحاولون ربطها بتلفيق أحاديث ينسبونها إلى خاتم الأنبياء صاحب الخلق العظيم النبي محمد (ص)، إذ ينسبون له حديثاً يقول : "بعثت بالضحك والذبح". وهذا افتراء على الرسول (ص) .. وأوضح الكعبي مبرهناً أنه " هذا الحديث يدخل ضمن مسار الجدل الكبير وحول التوسع في مفاهيم الجهاد الإسلامي.
وهذا الجهاد في الإسلام هو نوعان : ابتدائي ودفاعي. والجهاد الذي مارسه الرسول في عهده كان دفاعياً. وللقيام بالجهاد هناك جملة شروط يجب أن تتحقق ميدانياً. القسم الثاني يتوسع في مفهوم الجهاد الابتدائي إذ تستخدم مفردات، هي مثار جدل .. مثلا مفهوم الرق في الإسلام الذي ينتج على أثر الجهاد .. كما فعل الداعشيون مع الأزيديين .. فهل صحيح في هذا الزمان أن نأخذ الجزية وهم صاغرون؟!.. وهل صحيح التخيير بين الإسلام والقتل والجزية كما تفعل داعش؟.
وقال آية الله الكعبي إنه يمكن دراسة الأمور بشكل أخر حول الرؤية التكفيرية، لنبرهن عن كونه لا تمثّل الإسلام الحقيقي والأصيل. فنحن نتحدث عن نموذجين : الأول الجمهورية الإسلامية في إيران والثاني المقاومة الإسلامية في لبنان.. إذ إن الإثنين وضعا مفهوم الجهاد الدفاعي ورسم خارطة العالم من خلال مفهوم هذا المفهوم . ومن المهم القول إن دستور الجمهورية في إيران اجتهادي منبثق من منظور مدرسة أهل البيت (ع) ..
ففي الجمهورية الإسلامية يوجد عندنا نصارى ويهود وشيوعيين وغيرهم..وأهل الكتاب لا نجبرهم على دفع ما يسمى بالجزية، وفي الأساس ليس هناك من قانون يسمى الجزية يمكن أن يفرض على أحد. هم كل أولئك مواطنون في إيران من الدرجة الأولى في الدولة الإسلامية، ولم يقم نظام الجمهورية يوماً باجبار أحد على اعتناق الإسلام أو أنه خيّر أحداً بين القتل والجزية فهذا ليس اسلاما.. وليس عندنا ما يسمى دار أهل الكفر.. بل عندنا دار الحياة والمعرفة والصلح والمحبة .. هم مواطنون بنظر الإسلام ولهم حقوق المواطنة مكفولة دستوريا..
وهي تعد بالنسبة إليهم دار العهد والعهد هو الأساس يدفعون ضرائب ويشاركون في الجندية لهم حقوق وعليهم واجبات ولهم شعارتهم الدينية الخاصة.. " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين". فهذا نص دستوري منطلق من هذه الأية الكريمة يعامل الكيانات غير الإسلامية باعتبارها واقعا موجودا ويلتزم بالعلاقات معها وفق أخلاق وأسس وقواعد .. هذه الآداب غير موجودة لدى داعش إما أن تكون مسلماً وأما أن تُقتل.. من أين جاؤوا بهذا هل فعل رسول الله (ص)ذلك؟..
الرسول (ص) في زمانه كان يرسل الوفود إلى الأمم الأخرى .. وكان أمامه عدد كبير من الأعداء، اليهود كانوا متحالفين مع المشركين وينقضون العهود، والعدو الثالث قبائل عربية صغيرة بقيت على شركها، العدو الرابع المنافقين والخامس كانوا الانتهازيين. والرسول جعل الجهود الأساسية تصب في مواجهة العدو الأساسي هم مشركو قريش في مكة إذ كانوا طغاة وظالمين وجبارين.. ولم يكن الهدف من قتالهم فقط الإطاحة بهم وفتح مكة بل مواجهة الطغاة الجبارين والحكومة السائدة على مكة لتبيان الوجه الحقيقي في الإسلام حين يجلب الطمأنينة والسلام.
تصوير : زينب الطحان