تعتبر قمة رؤساء دول بحر قزوين بحد ذاتها حدثا إيجابيا
احمد الحاج علي
تعتبر قمة رؤساء دول بحر قزوين بحد ذاتها حدثا إيجابيا، و مسألة إعتياد رؤساء دول حوض البحر على اللقاء بشكل دوري لمناقشة إشكاليات المنطقة من خلال مفاوضات هو تطور إيجابي على صعيد العلاقات بين تلك الدول.
فالقمة تنعقد بشكل متكرر بعد تعذر إلتآمها طيلة سنوات عديدة، أما ما يتعلق بالمواضيع المطروحة على جدول الأعمال فهي أولا: الوضع القانوني لبحر قزوين. وفي هذا الاطار الباحث الإستراتيجي الروسي سيرغي ميخييف يقول للمنار أن إبقاء حرية حق الملاحة للدول المشاركة مفتوحا يعتبر أمرا بالغ الأهمية على المستى الجيوسياسي بالرغم من وجود مواقف متباينة في هذا الصدد، فتقسيم البحر إلى قطاعات قد يفصل روسيا عن إيران إذ ستحل قطاعات بحرية تابعة للدول الثلاث المتبقية حاجزا يمنع التواصل المباشر بينهما. و يرى ميخييف أن العلاقات الروسية الإيرانية مع تلك الدول الثلاث جيدة لكن لا توجد ضمانة مستقبلية ان يستمر الحال كذلك مستقبلا. فقد يأتي الأميركي ليملي على أذربيجان أو تركمانيا أوامره بإقفال الملاحة في بحر قزوين بحجة ضرورات أمنية أو ديموقراطية.
ثانيا التفاعل و التعاون الإقتصادي بين دول حوض البحر. و في هذه النقطة توجد مجالات متعددة للتعاون الإقتصادي على أساس إما ثنائي و إما مشترك بين الدول الخمس المشاطئة و في سبيل تعزيز مثل هذا التعاون و التفاعل لا بد من تكثيف اللقاءات الثنائية و الخماسية على حد سواء. فدول حوض بحر قزوين تنقصها المشاريع الإقتصادية المشتركة التي تربط مصالحا المتبادلة. و بالرغم من توفر الأرضية الملائمة لتلك المشاريع إلا أن آلية تنفيذها تبقى غائبة. و للتوصل إلى آلية تنفيذ لا بد من ضخ ما يجمع من أموال لقاء إستخراج النفط و الغاز من قبل دول المنطقة في إستثمارات مجالات تطوير الإقتصاد. فالنفط و الغاز سلعة تنضب عاجلا أم آجلا في قزوين و يبقى الأمل البعيد الأمد في تطوير المنطقة رهنا بإيجاد مجالات تكنولوجيات متطورة.
النقطة الثالثة تتمحور حول حزمة المشاكل البيئية المرافقة لعمليات إستخراج النفط و الغاز و تمديد أنابيب نقلها عبر البحر.
و في هذا المجال ما تزال إشكاليات متعددة لم تجد طريقها إلى الحل. و المباشرة بمد خطود الأنابيب ستزيد دون أدنى شك من تفاقم تلك الإشكاليات البيئية.
و تتخذ روسيا موقفا مبدئيا في هذا الصدد يتمثل بضرورة موافقة جميع الدول المشاطئة على عملية مد أية خطوط نفط أو غاز.
و أخيرا ياتي دور مناقشة الجانب الأمني من علاقة الدول الخمس، فالوضع اليوم هادئ حول حوض البحر إلا أن تلك المنطقة مرشحة لتصبح نقطة توتر مرتقبة بسبب وجود عوامل النفط و الغاز إضافة لمواقع الدول المشاطئة الجيوياسية.
كل هذه العوامل تجذب إهتمام لاعبين خارجيين اولها دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة و الناتو الساعيين لولوج مياه بحر قزوين الأمر الذي يمكن أن ينتهي بشكل مؤسف للغاية.
قد يكون التدخل الغربي عبر الوجود العسكري المباشر أو عن طريق تنظيم سلسلة ثورات ملونة. و تطرق الخبراء الذين أعدوا التقارير الممهدة لعقد القمة إلى هذا الجانب ناصحين رؤساء الدول المشاطئة بالقيام ببحث جدي للموضوع. يعتبر الخبير الاستراتيجي ان دول حوض بحر قزوين الخمس مرشحة من قبل الغرب لتلك المخاطر و يجب أن لا تغفل هذه المسألة عن تفكير قادة تلك الدول التي عليها التكاتف فيما بينها لتشكيل مناعة تقيها الوقوع في حبال المخططات الأميركية الغربية.