25-11-2024 09:34 AM بتوقيت القدس المحتلة

ناشطون إعلاميّون في حضرة «داعش»

ناشطون إعلاميّون في حضرة «داعش»

«أرسلوا لي طالبين منّي أن أبايعهم في حال أردت استكمال عملي، ولكني رفضت بحجة رغبتي في إكمال دراستي فقالوا إذا عليك أن تسلم كل معداتك بما فيها الحاسوب الشخصي والكاميرات

شكّل الناشطون بمختلف انتماءاتهم مصدراً أساسياً للأخبار في مناطق كثيرة في سوريا، يصعب وصول وسائل الإعلام إليها. لكنّ الحال تغير مع سيطرة «داعش» على بعض المناطق، وقمع كل من يحاول تصوير وإرسال ما يحدث من انتهاكات فيها، ما حوّل حياة هؤلاء إلى جحيم اضطروا معه للهرب، فيما قرر البعض منهم ممارسة «لعبة الموت».

طارق العبد/ جريدة السفير

ناشطون إعلاميّون في حضرة «داعش»بين الرقة وريف حلب ودير الزور شكل الناشطون الإعلاميون مصدراً للأخبار عن المواجهات بين «داعش» وفصائل المعارضة المسلحة، ولاحقاً عن انتشار تنظيم الدولة تدريجياً في تلك المناطق. وتمكّن بعضهم من نقل الأخبار، بالرغم من المضايقات التي تعرّضوا لها، ووصلت حدَّ الإعدام في بعض الحالات مع عشرات التهم الجاهزة بالنسبة لتنظيم يصمم على بث ما يشاء مهما كان مبالغاً به.

ففي الرقة مثلاً، أطلق عدد من الناشطين حملة على «فايسبوك» بعنوان «الرقة تذبح بصمت»، لتتحول لاحقاً إلى موقع ينشر يوميات المدينة المحكومة بقبضة الدولة الإسلامية، ويصبح القائمون عليه مصدراً مهمّاً لعشرات وسائل الإعلام.

وانفرد الموقع ببث تفاصيل المعارك التي يشنّها التنظيم وعمليات الإعدام وقطع الرؤوس والرجم، وصولاً إلى عملية الإنزال الأميركية التي أخفقت في تحرير رهائن واشنطن لدى «الدولة»... لكنّ كلّ ذلك لم يكن بالأمر السهـل، في ظلّ سلطة تلاحق القائمين على الصفحة بشدة.

يعلق «أبو ورد الرقاوي»، وهو الاسم الحركي لأحد القائمين على الحملة، أنهم ومع خروج الرقة من سلطة الحكومة السورية، عمدوا إلى كشف شخصياتهم الحقيقية على مواقع التواصل الاجتماعي. لكنّ الأمر ما لبث أن تغير مع بدء تمدد دولة البغدادي في المدينة، فبدأت المضايقات تتصاعد تدريجياً قبل أن تعمَّم أسماؤهم وتصدر بحقهم أحكام الإعدام بتهمة العلمانية.

ويضيف: «خبرتنا في التخفي والعمل بسرية خلال حكم النظام السوري، نستعملها اليوم ضد «داعش». هم حتى الآن لا يعرفون هويتي ولكن حساباتي مراقبة من قبلهم، ومؤخراً اكتشفوا احد أعضاء الحملة، وتم إعدامه علناً ومن يدري ربما أكون أنا التالي».

http://www.assafir.com/Article/17/376099ويصف الشاب عملية توثيق ونشر ممارسات «داعش» بـ«اللعب مع الموت»، إذ تتم مراقبة النقطة المرجو تصويرها عدة مرات قبل البدء بذلك، مع اختيار التوقيت المناسب لكي لا تتكرّر العمليّة مرّة ثانية، ويخسروا الوقت الثمين.

ويقول «أبو ورد» إنّهم يعتمدون أيضاً على مصادر خاصة تزودهم بالأخبار من داخل التنظيم نفسه، لتزداد اليوم الاتهامات للصفحة بإعطاء قوات التحالف معلومات عن أماكن تواجدهم، فيما يعمد عناصر التنظيم للتخفي وتفتيش الهواتف المحمولة.

ينشط محمد خليق من جهته من ريف دير الزور. يقول لـ«السفير» إنّ اسمه كان على لوائح المطلوبين من التنظيم الذي أرسل له عدة تهديدات، خلال تواجده في بلدة الشحيل (معقل جبهة النصرة)، ونقله لتفاصيل المواجهات بين الفصائل في المنطقة.

ومع سيطرتهم على المكان، عمد الشاب العشريني إلى إيقاف عمله بشكل كامل، والتخفي لمدة شهر بعدما بدأ التفتيش عنه في المنطقة. «أرسلوا لي طالبين منّي أن أبايعهم في حال أردت استكمال عملي، ولكني رفضت بحجة رغبتي في إكمال دراستي فقالوا إذا عليك أن تسلم كل معداتك بما فيها الحاسوب الشخصي والكاميرات، كما أعطوني تعهداً بعدم الاعتقال». ولكنّ كل شيء تغير مع احتجازهم لقائد عسكري تربطه بخليق علاقة قوية، ليقرر طالب الهندسة المغادرة باتجاه الأراضي التركية.

ويقول الشاب إن حالة عشرات الناشطين في دير الزور تماثل حالته، فكثيرون غادروا مع احتدام المعارك وجزء قليل قرّر مبايعة التنظيم والعمل معه، فيما فضّل آخرون اعتزال مهمة نقل الأخبار... ذلك أن حمل كاميرا والتصوير جريمة، قد تتسبّب بالإعدام.

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه