«كتائب عبدالله عزام»، التنظيم السرّي الأبرز لبنانياً يحاول النهوض مجدداً. هدّته الضربات الأمنية التي تلقّاها في الأشهر الأخيرة فتراجع خطره حتى حين. خسره أميره بالموت، و«عبقريه» بالانشقاق ثم التوقيف
رضوان مرتضى
"كتائب عبدالله عزام"، التنظيم السرّي الأبرز لبنانياً يحاول النهوض مجدداً. هدّته الضربات الأمنية التي تلقّاها في الأشهر الأخيرة فتراجع خطره حتى حين. خسره أميره بالموت، و«عبقريه» بالانشقاق ثم التوقيف، وطاولت كوادرَ أساسية فيه حملة اعتقالات. كل ذلك أوجب التغيير، فصار سراج الدين زريقات أميره الجديد.
وحدَه تنظيم «كتائب عبدالله عزام» نفّذ عمليات تفجيرية ضخمة في لبنان خلال السنتين الأخيرتين. من تفجير السيارتين المفخختين في بئر العبد والرويس، إلى الانتحاريين الذين نفّذوا هجمات مزدوجة ضد السفارة الإيرانية ومستشاريتها ظهرت بصمات التنظيم القاعدي واضحة، علماً بأنّ بيانات التنظيم منذ نشأته أشهرت العداء لـ«الدولة اللبنانية الخاضعة لحزب الله». ومنذ بدء الأحداث في سوريا، استفاد التنظيم المتشدد من حركة الشيخ أحمد الأسير.
تكشف المعلومات أن عدداً كبيراً من عناصره اخترقوا جماعة الأسير والتحقوا بها لتوفير غطاء لحركتهم. وهذا ما يُفسّر ارتباط أسماء الشبّان الذين نفّذوا هجمات انتحارية داخل لبنان بالأسير في وقت سابق. وبحسب معلومات خاصة، كانت «الكتائب» أوّل تنظيم تكلّفه قيادة «القاعدة» تنفيذ عمليات أمنية وتفجيرات داخل لبنان. وعندما كانت «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» تنفّذان تفجيرات في بيروت تحت عنوان «رسائل تحذيرية إلى حزب الله» (تفجيري الشارع العريض)، كانت قيادة «عبد الله عزام» وعناصره تجهد في التخطيط لتوجيه ضربات موجعة إلى أهداف تقع ضمن بيئة حزب الله. وقد أُفشلت بعض هذه المخططات، وأبرزها كشف خلية الناعمة التي كانت تُعدّ سيارة مفخخة لتفجيرها في الضاحية الجنوبية. لم يدم الوضع على حاله. وبعون من الاستخبارات الألمانية والأميركية، تمكنت استخبارات الجيش من توجيه ضربات قاسية إلى التنظيم. آزرها في أكثر من قضية فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وجهاز أمن حزب الله. هكذا تلقّى التنظيم الجهادي الضربات واحدة تلو الأخرى. بدأت بتوقيف أميره الشيخ السعودي ماجد الماجد الذي ما لبث أن توفي في المستشفى. ثم أُتبعت بسسلسة توقيفات أنهكت بنية التنظيم الأساسية. فأوقف بعد الماجد المسؤول الشرعي جمال الدفتردار ثم بلال كايد الذي تنقل المعلومات أنه كان خبير متفجرات. وكانت إحدى أبرز النكسات انشقاق نعيم عباس عن«الكتائب» قبل أن يوقَف بعدة أشهر، علماً بأن الأخير ترك صفوف التنظيم بسبب خلاف مع الشيخ توفيق طه و«اعتراضه على تولية الشيخ سراج الدين زريقات مركزاً قيادياً في التنظيم، وهو بنظره لا يستحق».
فضل شاكر تقرّب من «كتائب عبدالله عزام» قبل أن يبتعد عنها أخيراً
كذلك تعرّض التنظيم لضربة قوية في معركة عرسال الأخيرة، وتحديداً في ثكنة الـ٨٣، فقد خسر التنظيم اثنين من أبرز كوادره، أحدهما يدعى «أبو الياس العرسالي» والثاني من آل حميد. وبحسب المعلومات، كان هذان الكادران مكلّفين من زريقات شخصياً في مجال التخطيط الأمني وإعداد كوادر التنظيم عسكرياً.
إضافة إلى ما سبق، أصيب التنظيم بنزف داخلي تمثّل بهجرة عناصر منه إلى «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية». أما سبب ترك «الكتائب» بحسب المصادر، فسببه أن معظم الشباب أُعجبوا بأسلوب «الدولة» و«النصرة» اللذين حققا تقدمات سريعة، في حين أنهم ملّوا من «نَفَس الكتائب الطويل في العمل». وكان من أبرز هؤلاء، نعيم عباس ويوسف شبايطة وأحمد طه ووسيم نعيم. وهؤلاء، بحسب المصادر، تركوا «الكتائب» والتحقوا بـ«الدولة»، علماً أن مصادر أخرى ذكرت أن عباس كان متعهّداً يعمل لدى كلا التنظيمين (النصرة والدولة) من دون أن يبايع أياً منهما. وقد ذاع صيت أحمد طه الذي كان يحمل لقب «أبو الوليد» قبل أن يستبدله بلقب «أبو حسن الفلسطيني» بعد تولّيه إمارة «الدولة» في القلمون، علماً بأن هؤلاء يستبدلون ألقابهم لاعتبارات أمنية بسبب شكّهم في أنّها أصبحت «محروقة» وللحؤول دون تتبعهم. وقد كان طه في بداياته ناشطاً مع «كتائب عبد الله عزام»، إلى جانب صديقه نعيم عباس قبل أن يتركا التنظيم سوياً. قُتل أحمد طه في بداية أحداث عرسال، أما يوسف شبايطة فلا يزال ناشطاً في مخيم عين الحلوة، علماً بأنه رفيق درب نعيم عباس وقد عملا معاً. ويبرز إلى جانب شبايطة في مخيم عين الحلوة، رامي ورد وأحمد العابد وعبد الرحمن حيدر. وتكشف المعلومات أن فضل شاكر تقرّب كثيراً من تنظيم «كتائب عبد الله عزام»، مشيرة إلى أنّه التحق بهم، قبل أن يبتعد أخيراً عنهم. وتشير إلى أن شقيقه عبد الرحمن شمندور يؤدي دوراً محورياً داخل «الكتائب».
تذكر المصادر أن «تشتتاً أصاب كوادر التنظيم في إحدى الفترات»، كاشفة أن «الشيخ توفيق طه (المعروف بـ«أبو محمد») فوجئ بالعملية التي استهدفت السفارة الإيرانية، لأنها نُفّذت من دون علمه»، مشيرة إلى أن «زريقات تجاوزه في كثير من الأمور لاحقاً»، علماً بأن الأخير كان له دور رئيسي في التخطيط لهذه العملية. وبعد نأي طه بنفسه في ما يتعلّق بالمهمات التي تُنفّذ على الساحة اللبنانية، انكفأ دوره ليقتصر على تولّي قيادة «سرايا زياد الجراح» التابعة لـ«الكتائب». هكذا، تقول المصادر، إن «قلة القادة وتوالي الضربات أجبرت التنظيم على اختيار قائد جديد، فاختير الشيخ زريقات أميراً عاماً لكتائب عبد الله عزام». وبعدما برز الأخير بوصفه المتحدث الإعلامي لـ«سرايا الحسين بن علي» الناشطة على الساحة اللبنانية، بات في الفترة الأخيرة الأمير العام للتنظيم. وهذه المعلومة التي لم يُكشف النقاب عنها بعد، شكّلت مفاجأة في أوساط جهاديين ينقسمون في موقفهم من التنظيم بين قائل إنّ «فيه أصحاب علم ووعي» وآخر يرى «في ممارسات قياداته ارتكابات خاطئة». زريقات، الشاب البيروتي العشريني الذي يتنقل بين الزبداني والقلمون، سبق أن أوقفته استخبارات الجيش في بيروت عام 2011، ثم أطلقت سراحه بعدما توسط له الشيخ شادي المصري، أحد مساعدي المفتي السابق للجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. اليوم تتوجّه أنظار «جهاديي لبنان» إلى الأمير الصاعد الذي اعتاد مهاجمة حزب الله والجيش اللبناني عبر «تويتر». أبرز ظهور له في الآونة الأخيرة كان في جرود عرسال قبل أسبوعين. حينذاك، خطب في الجنود المخطوفين في جرود عرسال، رافعاً نبرة تهديداته: «المجاهدون اخذوا العراق خلال أيام، وفي أيام يكونون في بيروت».
http://www.al-akhbar.com/node/217009
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه