ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 7-10-2014 الحديث عن ما حصل ظهر اول من امس الاحد بعد تمكن حزب الله من صد هجوم لجهة النصرة وداعش على نقاطه
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 7-10-2014 الحديث عن ما حصل ظهر اول من امس الاحد في جرود السلسلة الشرقية حيث تمكن حزب الله من صد هجوم لجبهة النصرة وداعش على نقاطه في جرود طفيل والقرى القريبة، وتمكن الحزب من قتل وجرح العشرات.
اقليميا، تحدثت الصحف عن التطورات العسكرية والسياسية الاخيرة في الملفين السوري والعراقي، ولا سيما بعد نجاح داعش في دخول مدينة عين عرب "كوباني" الكردية شمال شرق سورية. ومن الجانب السياسي تستمر ردود الافعال حول تصريح نائب الرئيس الاميركي جو بايدن بشأن تسليح حلفائه لداعش وجبهة النصرة.
السفير
الراعي: لولا «حزب الله» لكان «داعش» في جونيه
«الغزوات» تتكرر.. ماذا بعد بريتال؟
نبدأ جولتنا مع صحيفة "السفير" التي كتبت تقول "لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السادس والثلاثين بعد المئة على التوالي.
... ولبنان صارت تتحكم بدروبه وشرايينه «النصرة» و«داعش»، سواء بتوزيع برنامج يومي لذوي العسكريين المخطوفين، يحدد الطرق الواجب قطعها تحت طائلة تهديد حياة أبنائهم من عسكريي الجيش وقوى الأمن الداخلي، أم من خلال إدارة دفة السياسة عند فريق سياسي لبناني سارع لاستثمار ما جرى من تطورات أمنية بالغة الخطورة يوم الأحد الماضي في سلسلة جبال لبنان الشرقية، عبر تحميل «حزب الله» مسؤولية ما حصل ودعوته للانسحاب فورا من سوريا، كما ردد سمير جعجع والأمانة العامة لقوى «14 آذار».
وكان لافتا للانتباه أيضا أن بعض وسائل الإعلام العربية واللبنانية تعاملت مع الشريط الذي عممته «النصرة» بما تضمنه من موسيقى تصويرية وأناشيد وصور وكأنه «غنيمة سينمائية» استوجبت ضيوفا وتعليقات!
ووسط هذا «الصدى اللبناني»، السياسي والإعلامي، مع تطورات جرود بريتال، كشف مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ«السفير» أن البطريرك الماروني بشارة الراعي، وعشية سفره إلى الفاتيكان، ردد أمام حلقة ضيقة في الصرح البطريركي في بكركي أنه «لو سئل المسيحيون في لبنان اليوم عن رأيهم بما يجري من تطورات، لرددوا جميعا أنه لولا «حزب الله» لكان «داعش» قد أصبح في جونيه».
ما حصل في جرود بريتال، أمس الأول، على مسافة نحو شهرين من «غزوة عرسال»، هو جرس إنذار، يضع البلد أمام أسئلة الحد الأدنى من التماسك الداخلي في مواجهة الخطر التكفيري، فماذا في الوقائع؟
وقائع المواجهات
تقول مصادر أمنية موثوقة لـ«السفير» إن مقاتلي «حزب الله» خاضوا، أمس الأول، مواجهات شرسة في جرود بريتال وأفشلوا هجوما شنه مسلحون ينتمون إلى «جبهة النصرة» في اتجاه مواقعهم هناك، ما أدى إلى سقوط ثمانية شهداء للحزب، فيما سقط للمجموعات الإرهابية عشرات القتلى والجرحى وبينهم أحد القادة الميدانيين.
وأشارت المصادر إلى أن مئات المسلحين التابعين لـ«النصرة» قَدِموا من جرود عسال الورد وفليطا وحام وسرغايا في منطقة القلمون، وشنوا ظهر الأحد الماضي هجوما واسعا على نحو 15 نقطة لـ«حزب الله» موزعة بين منطقة «النبي سباط» في جرد بريتال وصولا إلى جرد يونين المتصل بجرد عرسال، ممهدين لذلك بقصف تمويهي طال منطقة جرود عرسال، وفي الوقت ذاته، بقصف عنيف استهدف نقاطا عسكرية للحزب قبل الهجوم عليها.
ولفتت المصادر إلى أن الهجوم تم لحظة صلاة الظهر، ولكن العناصر التابعة لـ«حزب الله» تمكنت من صد الهجوم ووقف تقدم المسلحين في معظم النقاط باستثناء خرق أصاب مركز «عين الساعة» المؤلف من ثلاث نقاط، ويقع في نقطة متقدمة في منطقة الحدود اللبنانية السورية المتداخلة في جرد النبي سباط الذي يبعد عن بريتال نحو ثلاثين كيلومترا.
وقالت المصادر إن المسلحين تمكنوا من السيطرة لبعض الوقت على نقطة واحدة لـ«حزب الله» في «عين الساعة» وتمكنوا من قتل ستة من عناصر الحزب كانوا بداخلها، قبل أن يعيد الحزب الإمساك سريعا بزمام المبادرة عبر هجوم مضاد وسريع أمكن بنتيجته استعادة النقطة وقتل وجرح عدد من المسلحين.
وبحسب المصادر نفسها، فإن الاشتباكات استمرّت ساعات عدة، واستخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والصاروخية والمدفعية، وكان اللافت للانتباه اندفاع المئات من أبناء بريتال والقرى المحيطة بها بأسلحتهم الفردية للمشاركة في التصدي للمجموعات المهاجمة.
وأشارت المصادر إلى أن مقاتلي «حزب الله» نجحوا في الإطباق على تلك النقطة التي سيطر عليها المسلحون، بعدما استخدموا قوة نارية كبيرة بالتوازي مع استخدام «التشريك» وتكتيك العبوات الناسفة التي زرعت في بعض التلال والطرق الجبلية، إلى جانب المدفعية والراجمات الصاروخية التي استهدفت المهاجمين وأدَّت إلى قتل أعداد كبيرة منهم.
وأوضحت المصادر أن المجموعات المسلحة نفسها كانت قد شنت قبل عشرة أيام هجوما مماثلا على بعض المراكز في المنطقة نفسها، وسعت للنزول إلى بلدة عسال الورد، لكن تم إفشال الهجوم.
ولفتت المصادر الانتباه إلى أن هذا الهجوم سبقته أيضا محاولات عدة في الأسابيع الأخيرة من قبل مجموعات إرهابية متمركزة في جرود القلمون وعرسال يقدر عددها بنحو ثلاثة آلاف مسلح بقيادة أمير «النصرة» في القلمون المدعو أبو مالك التلي، وذلك في اتجاه خطوط حدودية أمامية محصنة وحساسة يسيطر عليها الجيش السوري و«حزب الله».
أهداف الهجوم
وقالت المصادر إن هجوم مسلحي «النصرة» يهدف، على الأرجح، إلى الآتي:
أولا، تحقيق هدف معنوي تكتيكي، يتمثل بتسجيل نصر عسكري على «حزب الله»، أيًّا كان شكل هذا الانتصار أو حجمه.
ثانيا، تحقيق هدف تكتيكي يتمثل في محاولة إحداث ثغرة تُمَكِّن المسلحين من إيجاد «معبر آمن» للنفاذ منه إلى «مأوى دافئ»، في مواجهة «جنرال البرد والصقيع» في جرود القلمون، خصوصا في ظل شح المحروقات ووسائل التدفئة، ناهيك عن الشح في المواد التموينية والطبية، بعدما كانوا قد رفضوا عرضا قدمه الجيش السوري لهم باستعداده لتوفير ممر آمن لهم فقط باتجاه مناطق البادية السورية!
ثالثا، توجيه رسالة مفادها أنه «برغم الحصار لسنا في حالة سكون بل لدينا قدرة على وضع الخطط وتنفيذها واختيار التوقيت والظرف المناسبين لذلك».
رابعا، محاولة تحقيق هدف استراتيجي يتمثل في الإطباق على كل النقاط التي يسيطر عليها «حزب الله» في جرود بريتال ويونين ونحلة، والتي يقطع من خلالها الحزب الطريق ما بين جرود القلمون شمالا وبين الزبداني جنوبا داخل الأراضي السورية.
خامسا، إذا تعذر تحقيق البعد الميداني السوري من المعركة نتيجة الكماشة السورية التي تمنع تمدد المسلحين في العمق السوري، خصوصا وأنهم يسجلون تراجعا تلو الآخر، يوما بعد يوم، فإن البعد اللبناني (خصوصا السياسي) صار حاضرا في حسابات المجموعات المسلحة ورعاتها الإقليميين.
وتقول المصادر إن سيطرة المجموعات المسلحة على النقاط بين جرود القلمون والزبداني من شأنها أن تقدم نصرا معنويا وعسكريا، ويتيح لها إعادة تعديل لا بل تغيير قواعد الميدان الدمشقي، فضلا عن تأمين عمق استراتيجي يمتد من جرود القلمون إلى الزبداني وصولا إلى منطقة المصنع الحدودية ومنها إلى بعض قرى البقاع الغربي الحدودية، وفي الوقت ذاته، جعل منطقة بريتال وجوارها مشرعة على احتمالات شتى، تماما كما كان المسلحون يخططون في «ليلة القدر»، لاقتحام بلدات بقاعية وخطف وقتل كل من يعترض طريقهم من المدنيين والمسلحين اللبنانيين على حد سواء.
ولفتت المصادر الانتباه إلى أن «حزب الله» كان مستعدا لاحتمالات وسيناريوهات عسكرية خطيرة، وهذا العنصر أدى إلى إفشال معظم أهداف المهاجمين التكتيكية والاستراتيجية، وقالت إن الحزب يدرك أبعاد المشروع الخطير الذي يسعى له هؤلاء التكفيريون والذي يريدون من خلاله إدخال لبنان في أتون فتنة قاتلة وشر مستطير.
خيارات أمام المسلحين
ماذا بعد فشل «النصرة» في تحقيق أهداف «غزوة بريتال»؟
تقول المصادر نفسها إن المسلحين لن يتوقفوا عن محاولة اختراق الطوق المفروض عليهم في جرود القلمون وعرسال، وبالتالي أمامهم خيارات متعددة:
أولا، الذهاب في اتجاه القلمون السوري، وهذا خيار فاشل بسبب إغلاق الجيش السوري و«حزب الله» كل المنافذ أمامهم.
ثانيا، إعادة تكرار محاولة اقتحام جرود بريتال، وهذا الخيار سيكون مكلفا أكثر من المرات السابقة، خصوصا محاولة الأحد الماضي في ضوء الإجراءات التي اتخذها «حزب الله» وبينها الاستعانة بـ«قوات النخبة» في المواقع المتقدمة.
ثالثا، القيام بـ«محاولات إشغال» في أماكن متعددة بدءًا من شبعا والعرقوب والبقاع الغربي (مجدل عنجر) عبر بعض الخلايا، وصولا إلى الشمال لا سيما في طرابلس، وكذلك إلى الداخل وخط الساحل جنوبا، وهذا ما يوجب رفع مستوى اليقظة والتنبه.
رابعا، محاولة التركيز على بعض النقاط الرخوة والضعيفة، لا سيما في القاع ورأس بعلبك لتوجيه ضربات، وشن هجمات على قرى تلك المنطقة، وربما ارتكاب مجازر إذا استطاع المهاجمون الوصول اليها.
خامسا، وهذا الأخطر والأرجح، وهو محاولة تكرار «غزوة عرسال» خصوصا أن قائد الجيش العماد جان قهوجي توقع صراحة قبل أيام قليلة عودة المواجهات مع المجموعات المسلحة في عرسال .
صالح مسلم لـ«السفير»: العالم يتحمل مسؤولية المجزرة
عين العرب تتساقط أمام «داعش» .. والتخاذل
محمد بلوط
المذبحة في عين العرب (كوباني) بحق الآلاف ممن قرروا البقاء في المدينة والدفاع عنها أمام تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» تبدو قريبة أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يمكن اعتباره أول هزيمة فعلية، يلحقها «داعش» بما يفترض انه «تحالف ضد الإرهاب»، الذي يزعم التدخل لإنقاذ الأقليات والأكراد من مجازر «دولة الخلافة»، وفضيحة إنسانية لأربعين دولة وقعت على بيان احتواء «داعش» وقتال الإرهاب، الذي لم تمنعه غارات التحالف من مواصلة التقدم نحو عين العرب، وقريبا من الحدود التركية، وبحماية دبابات الجيش التركي، ما يجعل ما بعد سقوط المدينة الكردية السورية، منعطفا لمرحلة تنفتح على عمليات تطهير عرقي واسع في الشمال السوري.
وقال زعيم «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي صالح مسلم محمد، في لقاء معه في باريس بالأمس، «إننا قد اعتقدنا، نحن الأكراد، أن المجازر وعمليات التطهير العرقي قد انتهت بانتهاء القرن العشرين، وإذا ما حدثت مجازر غدا في كوباني لا نريد أن يتباكى احد علينا، لان الجميع يعرف ما يجري في المدينة، خصوصا الدول الكبرى».
وابتعدت مسألة عين العرب من احتمالات وضعها على أي أجندة أممية، إذ افشل الأميركيون، بحسب مصدر ديبلوماسي غربي، مشروع بيان رئاسي كانت تعد له الأمم المتحدة، لإدانة حصار المدينة، والتحذير من احتمالات ارتكاب مجازر فيها.
وتتضافر مؤشرات سياسية وميدانية، أميركية وكردية وتركية، لدفع المدينة الكردية السورية نحو سكاكين جنود زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، في غضون أيام، في حين يحاول الأكراد إشاعة أجواء من التفاؤل القسري، والاستناد إلى المقاومة الصلبة التي تبديها وحدات حماية الشعب، والتضحيات التي يقدم عليها المقاتلون والمقاتلات على خطوط القتال، وفي بعض الأحياء التي وصلتها قوات «داعش» بالأمس. وذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان عناصر «داعش» سيطروا على احياء المدينة الصناعية ومقتل الجديدة وكاني عربان شرق عين العرب.
إلا أن عدم تكافؤ القوى مع «داعش»، والحقائق الميدانية الصعبة، باتت تفرض نفسها، إذ يواجه ما يقارب ثلاثة آلاف مقاتل في المدينة، موجات من ستة آلاف من السلفية الوهابية، استولت، كما قال صالح مسلم محمد، لـ«السفير»، «في الشهرين الأخيرين على أسلحة أربع فرق من الجيش العراقي، ومخازن للفرقة 17 السورية في الرقة وفي مطار الطبقة، وعشرات دبابات أبرامز الاميركية، ومخازن أسلحة الجيش الحر في باب الهوى، فيما نقاتلها نحن بمعدات بسيطة من بنادق واربي جي».
وقامت قيادية في وحدات حماية المرأة التابعة لوحدات حماية الشعب باقتحام تجمع لعناصر «الدولة الإسلامية»، واشتبكت مع عناصر التنظيم وفجرت بهم قنابل كانت بحوزتها قبل أن تفجر نفسها بقنبلة. وهي المرة الأولى التي تنفذ فيها مقاتلة كردية مثل هذه العملية.
وقال رئيس هيئة الدفاع في عين العرب عصمت الشيخ «إذا دخلوا كوباني ستكون مقبرة لنا ولهم، ولن نسمح لهم بالدخول ونحن أحياء. فإما أن ننتصر أو نموت. وسنقاوم حتى النهاية».
فميدانيا أولا، احدث المهاجمون من «داعش»، خلال الساعات الماضية، سلسلة اختراقات في المدينة، التي رأت راية البغدادي السوداء ترفرف للمرة الأولى، فوق مبنى من احد أحيائها الشرقية، فيما قال الأكراد إنهم أوقعوا المجموعة التي رفعتها في كمين، وقتلوا 25 مقاتلا منها، فيما كانت هضبة مشتة نور، التي تؤمن سيطرة بالنيران على المدينة، تتداعى أمام هجوم انتحاريين «داعشيين» بشاحنتي متفجرات.
ويبدو السؤال عن سقوط المدينة الكردية السورية مفارقا، باعتبار أن أرياف المدينة الواسعة، قد فرغت من الآلاف من سكانها، وان أكثر من 180 ألفا منهم قد عبروا الحدود التركية - السورية نازحين إلى منازل الأقرباء، على المقلب التركي الكردي، وفي حمى العصبيات العائلية والعشائرية الكردية الواحدة التي فرقتها سايكس - بيكو، وان أكثر من 350 قرية، أي مجمل الأرياف، قد أضحت في قبضة «داعش» منذ أيام. وليس ما يجري الدفاع عنه في عين العرب، سوى جزء يسير وأخير، من قلب منطقة الإدارة الذاتية الكردية، التي سقطت بيد «الدولة الإسلامية».
وانكشفت محدودية ضربات التحالف، وعدم وجود كوباني أو المشروع الكردي على لائحة أولويات التحالف. فرغم تنفيذ بعض الغارات على أرتال «داعش» حول عين العرب، سلم صالح مسلم «بأنها لم تكن ذات فائدة كبيرة، لغياب القوى البرية الضرورية لقتال داعش ومن حق كوباني أن تطلب المساعدة، من أي كان لوقف هؤلاء الهمج، وإذا قارنا الوعود والتعهدات بما يحدث، وضربات التحالف غير المفيدة، فنحن نعتقد أنهم يفعلون ذلك من باب رفع العتب لا أكثر، وان هناك مساومات سرية كبيرة تجري علينا».
ولم تستطع التهديدات بمجزرة في عين العرب إغلاق ملف الخلافات الكردية، خصوصا بين «رئيس» إقليم كردستان مسعود البرزاني و«الاتحاد الديموقراطي». إذ لا ينتظر مقاتلو كوباني أي مساعدة عسكرية من كردستان العراق، الذي تلقى كميات كبيرة من الأسلحة والصواريخ المضادة للدروع في الأسابيع الأخيرة «لأننا نرى أن التزاماتهم وعلاقاتهم الدولية، والإقليمية لا تسمح لهم بتزويدنا بها».
وتهاوت الآمال المعقودة على الوعود التركية الأخيرة بمنع سقوط عين العرب، وتعهدات قدمت إلى صالح مسلم الذي تقود قواته في وحدات حماية الشعب، معركة الدفاع عن المدينة. ويقول مصدر كردي إن الأتراك وعدوا بعد الزيارة التي قام بها مسلم إلى اسطنبول الجمعة الماضي، بترك ممر آمن، داخل الأراضي التركية، لتعزيزات من مقاتلي «الاتحاد الديموقراطي»، وتسهيل مرورها من عفرين والقامشلي إلى عين العرب، بدلا من مواصلة إرسال مقاتلين أكراد من «حزب العمال الكردستاني» إلى المدينة، عبر الحدود التي قام الجيش التركي بإغلاقها فور انتهاء زيارة مسلم، ونشر المزيد من الدبابات بالقرب منها.
ونفى صالح مسلم محمد لـ«السفير» أن يكون الأتراك قد تقدموا بشروط للمساعدة على إنقاذ كوباني، لكن مقربين من زعيم «حزب الشعب الديموقراطي» الكردي صلاح الدين دميرطاش، الذي اعد الزيارة، قالوا إن المطالب التركية لمنع سقوط عين العرب، تتجسد في تخلي «الاتحاد الديموقراطي» عن مشروع الإدارة الذاتية، والانضمام إلى «الجيش الحر»، والتخلي عن أي علاقة مع النظام السوري. وهي كلها مطالب تعد انتحارا سياسيا بالنسبة إلى «الاتحاد الديموقراطي» الذي يقود مشروعا استقلاليا على مراحل، إذ بنى هيكلية إدارية منتخبة في الشمال السوري، قبل أن تشن عليه تركيا حربها، عبر الجماعات «الجهادية» السورية المعارضة، التي مولتها وسلحتها، بدءا من معارك رأس العين، مع «جبهة النصرة» قبل عام ونصف العام، وصولا إلى حرب «داعش»، المستمرة منذ أكثر من عام، في تل ابيض، وحصار عفرين.
وقال صالح مسلم، بشأن المطالبة التركية باستضافة «الجيش الحر» في المناطق الكردية، «قلنا لهم لا مانع في استضافة أي قوة علمانية تؤمن بالتعددية، معتدلة، لكنها غير موجودة». ونعى الثورة السورية برمتها، وقال «كان هناك ذات يوم ثورة بهدف محاربة النظام، لكنها انحرفت عن مسارها، وتحولت سوريا إلى ساحة اقتتال للجميع. وقد وقفنا إلى جانبها في البداية ثم تبين لنا أن هناك قوى تدير اللعبة من خلف الستار، ورفضنا أن نكون أداة بيد النظام، وقررنا أن نخلق الإدارة الذاتية».
ولا يبدو الموقف التركي واضحا لصالح مسلم محمد بعد ساعتين من الاجتماع مع مسؤولين في الاستخبارات في اسطنبول. وقال لـ«السفير»، «نحن لا نفهم، لا موقفهم ولا دوافعهم، وقلنا لهم إن امن الحدود يهمنا، وقلنا لهم إذا كانوا يلوموننا على علاقتنا بحزب العمال الكردستاني فهم يفاوضونه. وأبلغناهم أن مسار السلام في تركيا لا علاقة له بالمشكلة الكردية في سوريا، حيث نعمل على نيل حقوقنا ضمن سوريا موحدة ديموقراطية تعددية، لا تنال من المصالح التركية».
وتراجعت مؤشرات التدخل التركية، مع إتمام «داعش» المهمة المطلوبة بضرب المشروع الكردي في الشمال السوري، وانتزاع عين العرب من الإدارة الذاتية وتدميرها. وجاء مؤشر إضافي من حلف شمال الأطلسي ليغلق باب أي تورط في عملية إنقاذ أو تدخل يتعدى الحدود التركية، كما أغلق احتمال التدخل التركي، بإعلان أمين عام «الأطلسي» ايان سولتنبرغ أن «الحلف سيحمي حدود تركيا من أي تهديد»، وهو إعلان يسحب من التداول أي مشاركة أو تغطية أطلسية لأي عملية عسكرية تركية في الشمال، ويغسل يد أنقرة من تصريح رئيس وزرائها احمد داود اوغلو قبل يومين من أن «أنقرة لن تسمح بسقوط كوباني»، من دون أن تتضح لا الوسائل ولا الإمكانيات ولا الإستراتيجية، ولا الدوافع التي تجعل أنقرة تهب لنجدة عدوها اللدود، «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي السوري، في حصار احد معاقله الأساسية، فيما يكمن هدفها وطموحها في تصفية قلب الإدارة الذاتية الكردية، ومنع قيام ظهير جديد للحركة القومية الكردية المسلحة في سوريا، وذراعها الأساسي «حزب العمال الكردستاني»، يوازي بخطر تهديده، خطر جبل قنديل في شمال العراق، الذي تحول إلى معقل لآلاف المسلحين الأكراد.
ويبدو أن «داعش» بدأ التحضير لما بعد عين العرب، بالحشد حول الحسكة، منطقة الإدارة الذاتية الكردية الثانية. وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «30 مقاتلا كرديا على الأقل قتلوا في انفجار شاحنتين يقودهما انتحاريان ينتميان إلى الدولة الإسلامية عند المدخل الغربي لمدينة الحسكة». وقال مديره رامي عبد الرحمن «قتل 30 من عناصر وحدات حماية الشعب وقوات الاسايش (عناصر الأمن الكردي) في انفجار شاحنتين يقودهما انتحاريان عند المدخل الغربي لمدينة الحسكة»."
النهار
أين ومتى بعد بريتال على "الجبهة الشرقية"؟
تحرّك رسمي لاستدراك تمدّد قطع الطرق
ومن جهتها، كتبت صحيفة "النهار" تقول "من 2 آب في جرود عرسال الى 5 تشرين الاول في جرود بريتال، فمتى واين الموقعة الثالثة وربما ما يليها من مواجهات متنقلة على امتداد الحدود الشرقية للبنان مع سوريا؟
لم يعد السؤال نابعاً من مخاوف مضخمة بقدر ما تمليه الوقائع الميدانية والامنية الطارئة التي حصلت في معركة جرود بريتال بعد ظهر الاحد، ثاني ايام عيد الاضحى، والتي تعتبر احدى اشرس المواجهات التي حصلت بين "جبهة النصرة" و"حزب الله" منذ انخراط الاخير في القتال في سوريا. ولم تكن الدلالات الخطيرة لهذه المعركة مجرد اجتهادات ووجهات نظر هذه المرة بل ان الحصيلة البشرية الكبيرة للمعركة لدى الطرفين بالاضافة الى الدلالات العسكرية والجغرافية للمواجهة بدت كفيلة وحدها بتحديد مكامن الخطورة الفائقة التي باتت تتهدد خط جبهة م